بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 22 يناير 2010

الجريمة الأميركية المنظمة في العراق (الكتاب الأول)

الجريمة الأميركية المنظمة في العراق
الكتاب الأول
الإهـــــــداء

إلى ذلك العراقي المجهول
هانس فون سبونك، منسق الأنشطة الإنسانية للأمم المتحدة في العراق (1998-2000). middle-east-online 2003-06-12م. شبكة البصرة

ما فعلناه بك باسم الحرية والديمقراطية ليس له مثيل في التاريخ. لقد دسنا على حقائق معاناتك، وسعينا بكل الوسائل، حتى الرشاوى، لكي نفوز بالحلفاء، ودفعنا جانباً أولئك الذين عارضوا طموحاتنا الإمبراطورية. والقوة السافرة أصبحت البديل عن ذلك الوعد الذي أطلق في العام 1945 عن "إنقاذ الأجيال القادمة من كارثة الحرب". إنك أنت من دفع الثمن.

هل ستسامحنا يوماً؟
زدنا العذاب بسيف العقوبات الذي سلطناه على رقبتك. كنت تتلقى لعنة العقاب المزدوج على شيء لم تكن لك يد فيه. مات مليونان من أهلك خلال تلك السنوات العجاف، وربما اكثر. لكن هل يعني هذا الرقم الكثير؟ لم يكن لأحد منهم أن يموت بسببنا، فالجميع لديهم حق في الحياة بسلام، مثلنا نحن.دعنا لا ننسى أولئك الذين ما زالوا أحياء، والذين لن يستطيعوا العيش كما كانوا ثانية. لقد أصبحوا كالصدف الأجوف الخالي من الروح.لم نكن نريد أن نشركك معنا في حريتنا وديمقراطيتنا. كل ما كنا نريد هو أن نمرر لك نفاقنا.

هل ستسامحنا يوماً؟
كاميرا الحياة تأخذ صوراً حية. دعنا لا نستخدم تلك العدسات التي تظهر لنا الحقيقة. لا يمكننا الزعم بأننا لم نكن نحس بمعاناتك؟ ولا يمكننا إنكار عدم المشاركة في تعميق آلامك، وبحماس قل نظيره. كنا نعلم بجوع أطفالك. كنا نعلم بموتهم بالآلاف. لكننا لم نكن نحس بالذنب. رؤيتنا لك كانت محسوبة بدقة. لم نكن نتردد في منع الطعام عنك، حتى لو كان في ذلك تهديداً لحياتك.جادلنا بأن قوافل الغذاء تلك كانت تستخدم كأسلحة دمار شامل. لكننا في نهاية الأمر اعترفنا أن الحصار هو اكثر أسلحة الدمار الشامل فتكاً.

هل ستسامحنا يوماً؟
لوقت طويل قيدنا بيعك النفط، بل وحرصنا أن نأخذ من تلك الأموال القليلة لنملأ خزائن حكوماتنا وشركاتنا الثرية للتعويض عن الخسائر التي قالوا إنهم خسروها عندما اعتدت حكومتك على الكويت. كنا نعلم أن الكثير من أطفالك ما كان لهم أن يموتوا لو أن تلك الأموال وصلت إليك بدلاً منهم. حرمناك من كل المصادر التي تديم مدارسك ومستشفياتك وطرقات بلدك وجسوره، وحرمناك من الأموال التي كان يمكن دفعها لمدرسي أبنائك وأطبائهم وموظفي خدماتهم. بل لم نخجل حتى من حرمانك من تلك القروش البسيطة التي طلبتها لكي تنفقها في الحج وزيارة مكة.

هل ستسامحنا يوماً؟
كان واجبنا أن نتابع ماذا تفعل سياساتنا بك. لكننا أهملنا، عمداً، هذه المسؤولية. فقد رضخنا للقوة التي تحكم عالمنا اليوم، وأغلقنا أعيننا وصممنا آذاننا عن مشاهدة آلامك وسماع صراخك. لقد قررنا أن برنامج النفط مقابل الغذاء، ورقة التين التي تستر عورة ضميرنا، كان كافياً لمنحك ما تحتاجه. وكذبنا وقلنا إن ألمك، إذاً، ليس لنا دخل فيه. أما (رئيسكم السابق)، فاتهمناه بأنه السبب في كل ما يجري لك. وكل من اعترض على ذلك منا، اعتبرناه خائناً، أو عزلناه، أو صغَّرنا من شأنه، أو وصفناه بالخبث، أو حتى اعتقلناه. هذه هي الديمقراطية.

هل ستسامحنا يوماً؟
بالطبع لم يغب عن ذهننا أن اكثر الضحايا براءة وأكثرهم تعرضا للأذى، أطفالك، قادة الغد، قد نالهم القسط الأكبر من عقابنا. فلم يتعلموا كما تعلمت وتعلمنا. تقصدنا منع إصلاح مطابعك، بل حتى الرسائل التي تحمل كل ما يمكن أن يعلمك وأطفالك شيئاً. منعناها من الوصول إليك. منعنا عنك حتى نوطات الموسيقى. وكما قال واحد منكم، لقد دمرنا اقتصادكم وواصلنا تدمير عقولكم. ومرة بعد أخرى، منعنا عنك ما يجعل مياه شربك نقية، أو مياه نهرك نظيفة. دعني أذكرك بأن تلك المياه الملوثة هي قاتلة أطفالك الكبرى. لم نكن نبالي، فهؤلاء لم يكونوا أولادنا...

هل ستسامحنا يوماً؟
حقاً كان هناك «محور الشر». ذلك الحلف من الحكومات ومعاهد البحوث وصنع القرار ومؤسسات الإعلام والشركات الكبرى ممن أقاموا حائطاً كبيراً من الخداع بينك وبين العالم. العراق؛ القاعدة؛ أسلحة الدمار الشامل؛ والإرهاب: قلنا للعالم إنها توليفة خطيرة. قلنا للجميع: ثمة مئات الأطنان من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، والكثير من الصواريخ والقنابل والآلاف من الإرهابيين يستعدون للانقضاض علينا. ثمة خطر ماحق ينتظرنا، وليس لدينا سوى استباقه وتدميره لتجنبه. كل أولئك المعارضين، ممن دعوا إلى السلم وتحكيم المنطق والقانون، عوقبوا عقاب «الصدمة والترويع» قبل أن تصب حممها على رأسك. بكل سخرية، أعلنا أن 170 من مفتشي الأمم المتحدة وتلك الطائرات المروحية البيضاء، لم تكن كافية لأداء مهمة نزع سلاح العراق. وساعدنا في ذلك فيض متواصل من الوثائق المزورة والتقارير المفبركة والاستخبارات المفتعلة لإقناع الناس بجدوى الحرب عن طريق زرع الخوف في قلوبهم. ولكي نقنع برلماناتنا بالموافقة على الحرب. تظاهرنا بالقلق على سيادة دولتك، لكننا، وبكل ما يحمله فعلنا من تناقض، قررنا إقامة مناطق حظر الطيران، بل وأعلنا أن طيارينا هناك في مهام خطرة، ويجازفون بحياتهم دفاعاً عنك. لكن ما حصل أنهم كانوا يفتون في عضدك ويجازفون بحياتك، وليس حياتهم، قبل أن يشنوا الحرب عليك.

هل ستسامحنا يوماً؟
لوقت طويل حاول دجالونا الإبقاء علينا أسرى ونحن نشاهد مأساة الحرب والتقدم خطوة خطوة نحو حدودك. كان ثمة انقسام كبير بيننا. الكثير منا كان فعلاً يخاف عليك، في حين كان الآخرون لا يستطيعون تمالك رغباتهم بشن الحرب التي خططوا لها منذ زمن طويل. كان على قادتنا أن يشوشوا على كل تلك المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الملحة التي تعصف بمجتمعاتنا. فدون نفطك تنهار استراتيجيتنا في السيادة على مقدرات العالم.

هل ستسامحنا يوماً؟
قلنا لجنودنا إنهم يحاربون الشر ويدافعون عن الخير. وزودتنا تلك السنوات الطويلة من تحسين تكنولوجيا الموت التي أنفقنا عليها المليارات الطائلة، زودتنا بالثقة بأن الخسائر ستكون على جهتك أنت وليست بين جنودنا. وتأكدنا من أن تقارير الحرب تصورنا كأبطال، وتمسخك شريراً ونصيراً لطاغية. وكما كان متوقعا لأقل الحروب عدلاً في التاريخ، فان هذه الحرب لم تدم طويلاً. فأسلحتنا كانت أكثر من جيدة. وفيما كنا نواصل حياتنا في نعمة السلام، كنا نشاهد معاناتك أمام رعب الحرب. وأي تقرير موضوعي عن الحرب، تلك التي تقتل أبناءك وبناتك، بل حتى جنودنا، كان يعني نهاية الطريق لذلك الصحفي.

هل ستسامحنا يوماً؟
كان هناك القليل من الزهور والأعلام والوجوه الباسمة ممن استقبلتنا عندما دخلنا العراق. أين ذهبت تلك الأسلحة الفتاكة التي وعدونا بالعثور عليها؟ لم نحس بالذنب، ولم تكن لنا رغبة في الاعتذار. ولسوء حظك، لم تكن هناك خطة لشفائك. المنتصرون هم المنتصرون. والفوضى لاءمت ما كنا نريده لك. لكننا كنا حريصين على آبار النفط. فأنت لم تكن تهمنا، بل العكس. لقد كان ممتعاً مشاهدة غضبك وحقدك. وكان الطمع، طمعنا وطمعك، اغتصب تراثنا المشترك. فمتاحفك أضحت فارغة، ومكتباتك محروقة، وجامعاتك مدمرة.
لم يبق إلاَّ اعتزازك بنفسك.. وذنبنا.
فهل ستسامحنا يوماً؟

المـقـدمـــــــة
تتسابق الكلمات والصور في التعبير عن الجريمة الأميركية في العراق. وكثيرون من الغيورين، سواءٌ أكانوا من العاملين في مواقع الأنترنت، أم من الكتَّاب والمفكرين، أم من الباحثين والمحامين، قد لاحقوا موضوع الجريمة وسلَّطوا الأضواء على أكثر جوانبها.
وكان الكثير من أصحاب الضمير العالمي قد أسهموا في كشف الكثير من الوقائع والتحاليل والأخبار والصور والمعلومات، ولجهودهم ندين بالجميل، فهم حياديون وموضوعيون ويرون ما يجري في العراق بعين العدالة، ورؤية المـتأكد من خطورة المشروع الأميركي على العالم بأسره.
وبسبب من غزارة المادة واتساعها وقفنا حائرين، ونحن نعد لهذا البحث، أمام حقيقة بحثية نلخصها للقارئ الكريم بما يلي:
من مهام الباحث أن يكشف استنتاجات وتحاليل يسبق الآخرين في الوصول إليها. ولكننا في بحثنا هذا، وجدنا أنه لم تقفز فكرة إلى ذهننا إلاَّ ووجدنا من سبقنا إليها. ولم تخطر عبارة في بالنا إلاَّ ووجدنا من عبَّر عنها بأجمل مما كنا نريد أن نعبِّر.
فأمام هذا الواقع واجهتنا مشكلة أي جديد من الممكن أن نضيفه في إطار الجريمة الأميركية في العراق؟
أمام غزارة المادة وكثرة من لاحقوها لم نجد هناك من اهتم بتأليفها لتكون في متناول القارئ العادي أولاً ليطَّلع على هول ما يجري، كما أن تكون في متناول المختص لتساعده في مراجعة ما يستفيد منه في مجال اختصاصه ثانياً، وأن تكون ملفاً مرجعياً للقانونيين لكي يبنوا عليه الآن وفي المستقبل مرافعاتهم، ويكوِّنون ملفهم الاتهامي ضد الذين أسهموا في قتل العراق والتمثيل به ثالثاً.
دفعنا هذا الواقع إلى سلوك منهج تأليفي توثيقي ومصوَّر نعتبر فيه كل من أسهم، بشكل أو بآخر في تسليط الضوء على الجريمة الكبرى، مشاركاً في تصنيف هذا المرجع، ويعود له الفضل في إظهار هذا الكتاب ونشره. ولهذا ترانا أحياناً ننقل النصوص، أو أي أجزاء منها، نقلاً حرفياً أسهمنا فيه بتصحيح أخطاء وردت هنا أو هناك. أو أننا قمنا بتكثيف النص كلما وجدنا ذلك مناسباً.
كما أنه لا يسعنا إلاَّ الاعتذار، من كل الذين استفدنا منهم، عن أي نقل حرفي لأننا اعتبرناهم مشاركين أساسيين، ومن الذين اجتزأنا نصوصهم بحيث نتحمل وحدنا مسؤولية أي خطأ قد نكون وقعنا فيه.
كما أننا نعتذر ممن أسهموا ولم نستطع الوصول إلى إسهاماتهم وعذرنا في ذلك أن العمل قام بناء على جهد فردي خلا من أية مساعدة إلاَّ تلك التي قدَّمها لنا بعض الأصدقاء المهتمين بالموضوع أولاً، والمهتمين بمتابعة ما يتم نشره في مواقع الأنترنت. ولا يسعني، هنا، إلاَّ أن أتوجه إليهم بجزيل الشكر والامتنان من دون أن أسميهم إلاَّ في الوقت المناسب.
نتيجة للنقص الذي سيبدو واضحاً أمام المتابعين، خاصة من رجال القانون واللجان الحقوقية المهتمة بالدفاع عن العراق، نتوجَّه إليهم بالاعتذار أولاً لأننا لم نستطع أن نتابع كل نشاطاتهم وإسهاماتهم بجهودنا الفردية، وندعوهم إلى استكمال ما بدا نقصاً في عملنا، وأن يعتبروه كرة صغيرة يضيفون إليها كل ما هو مفيد للعراق، سواْءٌ أكان تحت الاحتلال أم بعد التحرير، لتكوين ملفات اتهامية ضد مجرمي الحرب.
بعد الملاحظات أعلاه، لم أجد عناءً كبيراً في صياغة مقدمة لكتاب يسهم في تسليط الأضواء على أكبر جرائم العصر التي ظهرت في أوضح صورة لها في العراق الواقع تحت الاحتلال الأميركي.
فخلال مراحل البحث، في ملاحقة الوثائق وتجميعها، وجدت أن الكثيرين من المخلصين والصادقين في كشف الحقيقة وإظهارها إلى النور، قد صاغوا الكثير من المقالات التي تصلح لأن تكون مقدمة لهذا الكتاب.
بستان المقالات، التي كُتبت في وصف وحشية ما جرى في العراق على أيدي «إدارة الشر الأميركية»، زاهر إلى الدرجة التي دفعتني إلى التساؤل: ماذا ترك لي الآخرون من معاني لأعبِّر عنها في مقدمة هذا الكتاب. ولكي أُشرك في عملي التوثيقي التحليلي –بما أحسبه أسلوباً جديداً- من اهتموا بهذه القضية الإنسانية الكبرى، اتَّخذت منهجاً في نقل النصوص التي تعبِّر عنها، نقلاً حرفياً. ولأن المقدمة عادة تكون قصيرة لكي لا تثير الملل، قمت باختيار مادة لتقديم كتابي. وهي رسالة لشاهدة أميركية، قُتل ابنها في العراق، وجَّهتها إلى منفِّذي مخططات مهندسي الجريمة الأميركية المنظمة. ونحن نعتذر لها عن مقتل ابنها الذي ظلَّلت عقله وسائل الخداع والكذب الصفة الأساسية لأركان الإدارة الأميركية. لقد قُتل في العراق على أيدي المدافعين عن «كرامتهم الوطنية وأعراضهم وشرفهم»، ولم نتكبَّد الكثير من العناء في إقناعها، لأنها هي مقتنعة أصلاً بأن ابنها زُجَّ في حرب عدوانية غير عادلة مخاطبة كل من جورج بوش وتوني بلير قائلة: « كان ولدي واحداً من عشرات الآلاف من الجنود الذين قتلتهم سياستكما الاستباقية والإمبريالية الرعناء».
كما أننا لن نبذل الكثير من العناء في إقناع أصحاب الضمائر من الأميركيين، خاصة وأن أحد أهم مفكريهم، هانس فون سبونك، قدَّم اعتذاراً من الشعب العراقي باسم أولئك الأميركيين الذين وقعوا ضحايا إيديولوجيا الرأسمال الأميركي. ولهذا السبب وضعنا «اعتذاره» كإهداء توَّج الصفحة الأولى من كتابنا هذا.
فعذراً ممن قدمنا عنهم لكتابنا هذا، حيث إننا نقلنا نصهم كاملاً، وأحسب أنهم لن يكونوا من المعترضين.
كما أننا نقدِّم اعتذارنا إلى من قرأنا لهم ولم ننقل ما كتبوه، وكان ما كتبوه من أدقِّ ما يمكن التعبير فيه عن تلك الجرائم الفظيعة التي تُرتكب في العراق.

رسالة سندي شيهان
العزيزان جورج بوش ودك تشيني أنتما تثيران اشمئزازي إلى حد لا يصدق
أرسلا أولادكما للحرب في العراق أو أعيدوا لنا ما تبقى من أولادنا
اغفرا لي رفع الكلفة ولكنني عادة لا أخاطب الأشخاص المسؤولين عن موت ولدي بلقب «السيد» أو «سيدي» حتى إنني لا أحترم المكتبين اللذين دنستماهما. فالشيء الوحيد الذي تمثلانه بالنسبة لي هو الألم الممزوج بالإحباط. إنكما شخصان مخزيان وتعملان على إرسال شبابنا الشجعان إلى الموت من أجل زيادة ثرواتكما وثروات أصدقائكما. ولكن أياً منكما لا يمتلك أدنى فكرة عن التكلفة الإنسانية للحرب ولا يهمه إزهاق الآلاف من الأرواح.
فأنتما تثيران اشمئزازي إلى حد لا يصدق. ولن تكونا بالنسبة لي أبداً رئيساً ونائباً للرئيس. هذا ما أوصلتني إليه سياستكما الرعناء وغير المسؤولة. فقبل عام وأربعة أيام ذهب ولدي «كاسي شيهان» ضحية الأكاذيب التي أطلقتموها والخيانات التي مارستموها. كان ولدي واحداً من عشرات الآلاف من الجنود الذين قتلتهم سياستكما الاستباقية والإمبريالية الرعناء. ولا أعرف كيف يمكن أن تغمض له عين فأنا لا تغمض لي عين.
لقد رغبت في كتابة هذا الرسالة منذ أكثر من عام. كلنا يعلم أن المعلومات الاستخباراتية التي قادت إلى شن الحرب كانت خاطئة لفقها كاذب معروف. إدارتكما تحب الكاذبين.. ورفع الكلفة وكل هذه الأشياء، ولذلك لديَّ سؤال أوجهه إليكما:
لماذا لا يزال الأمريكيون والعراقيون يتعرضون للقتل بشكل يومي إلى الآن؟ ومع ذلك، فإنكما مصران على مواصلة التشدق بكذبة قذرة، وتقولان إن «الحرية تسير في طريقها إلى العراق».
حسناً أنا أتحداكما. إذا كنتما مؤمنيْن بالحرية إلى هذه الدرجة، فلماذا لا ترسلا أبناءكما إلى الحرب ليقاتلوا، وقد يقتلوا في الأرض التي تحتلانها، من دون تدريب جيد وسلاح وطعام وماء ومؤن ودروع أو حتى حماية. وإذا كنتما لا تنويان إرسال أولادكما إلى الموت في هذا المستنقع، فأعيدوا الآن ما تبقى من أولادنا إلى الوطن.
فالحرب العادلة هي تلك التي تكون مستعداً أن تزج بأبنائك فيها ليموتوا في سبيلها. طبِّقوا هذا التعريف للحرب العادلة وأرسلوا أولادكما إذا كنتما تعتقدان أن هذا العدوان عادل، وإن لم تفعلا فأعيدا ما تبقى من أبنائنا إلى أرض الوطن الآن. قوما بالعمل الصائب، وأعيدا جنودنا إلى الوطن، الآن! فكفى دماً وهدراً للأموال في هذه المسخرة، ولا تدعوا بقية أطفالنا يموتون. وقد يصبح لموت ولدي معنى إذا ما غدا ذلك في سبيل السلام، وإذا ما تم سحب جنودنا فوراً من العراق وإنهاء هذا العمل المخزي.
وأنا أتحداكما أن تقوما بشيء مشرف وتقرآ عن ولدي، عن مولودي الأول، عن مصدر فخري، عن مصدر سعادتي، عن حبي.. أتمنى أن تتمكنا من قراءة هذه الرسالة وتبكيا، ولكنني أعلم أنكما لا تكترثان بي ولا بعائلتي أو حتى بولدي كاسي أو سواه. وأصلي كي يستيقظ ضميركما المعطل لتصليا لله كي يغفر لكما عما ارتكبتما من قتل ودمار بسبب جهلكما وغطرستكما. لقد دهست في إحدى المرات هرة دون قصد فأمضيت أياماً أشعر بالحزن والأسى، فكيف لأي منكما أن ينظر إلى وجهه في المرآة؟ وكيف تستطيعان التعايش مع مقتل العديد من الناس الأبرياء الذين فقدوا حياتهم بسبب معتقداتكما وأفعالكما؟ إنني آمل فعلا أن يتحلى شخص ما في مجلس النواب بالشجاعة الكافية للمطالبة بمثولكما أمام المحكمة في القريب العاجل.
ترى هل أبدو حانقة؟ نعم أنا فعلا هكذا. لقد سرقوا مستقبل ولدي ومستقبلي، حتى أنه لم يتسن لي أن أقول له وداعاً.
سندي شيهان
والدة الجندي كاسي أوستن شيهان الذي قتل في الميدان في الرابع من إبريل/ نيسان 2004 وهي عضو مؤسس في جمعية «عائلات النجمة الذهبية للسلام».
جريدة الخليج: الأحد 17 نيسان (أبريل) 2005
ـــــــــ









الكتاب الأول

تكوين الجريمة الأميركية الإيديولوجي والنهج السياسي


محتويات الكتاب الأول
تكوين الجريمة الأميركية الإيديولوجي والنهج السياسي
الفصل الأول
التكوين الإيديولوجي تغليب مصلحة النخب الرأسمالية
أولاً: الجريمة الأميركية مثال للاستعمار الاستيطاني....................................................19
ثانياً: العالم يواجه الجريمة الأميركية المنظمة بتأسيس «المحكمة الجنائية الدولية»..............21
ثالثاً:الولايات المتحدة الأميركية توقِّع ثم تلغي توقيعها على المعاهدة، والكيان
الصهيوني يرفض التوقيع عليها.....................................................................23
رابعاً: جريمة الحرب نهج إيديولوجي قبل أن تكون مسؤولية فردية..............................25
خامساً: التهمة جنائية بحق المجرم، وأخلاقية بحق محامي الدفاع، وإنسانية بحق الجهاز
الطبي وتشريعات وزارة العدل الأميركية......................................................39
سادساً: تزوير الوقائع وسيلة الإدارة الأميركية في حماية نفسها من جريمة الحرب.......................42
سابعاً: كيف يمكن الاستفادة من وظيفة المحكمة الجنائية الدولية؟.................................45
ثامناً: الجرائم التي تقع ضمن صلاحية المحكمة الجنائية الدولية....................................46

الفصل الثاني
الاحتلال وإفرازاته نقائض للشرعية الدولية والإنسانية
البند الأول: في لا شرعية الاحتلال
أولاً: الاحتلال غير شرعي بمقاييس القانون الدولي، وشرعي بمقاييس القوة الأميركية........49
ثانياً: دول كبرى ثلاث ترفض اتخاذ قرار دولي يُشرِّع الحرب ضد العراق......................59
ثالثاً:كذلك الشارع العالمي......................................................................................59
رابعاً:كيف تحمي حكومتا أميركا وبريطانيا جنودهما من المحكمة الجنائية الدولية؟.........60
خامساً:لا شرعية الاحتلال ترتبط بأدوات تنفيذها: المرتزقة من أهم تلك الأدوات.......62
سادساً: الإدارة الأميركية تُحدث انقلاباً في المؤسسات الرسمية العراقية لتشرِّع احتلالها.68
سابعاً: المؤسسات الأممية ضالعة في تزوير القانون الدولي...........................................69
ثامناً: المهمات التي على عملاء أميركا أن ينفذوها استكمالاً لدور مجلس الأمن
الدولي في تغليف الخديعة القانونية الأميركية...................................................71
1- تعيين مؤسسات سياسية تستجيب لإملاءاته.............................................72
2- وسائل الخداع في شرعنة برلمان عراقي......................................................79
3- التخبط في وسائل الخداع الأميركي لتشريع بقاء الاحتلال في العراق:
أساليب «الحرباء القانونية» هي سيدة الموقف............................................83
4-الأميركيون مُلحُّون على انسحاب أبنائهم من العراق..................................87
5-ولا تفوت الرأي العام البريطاني فرصة رفض الحروب الأمبريالية.................87
6-كوفي عنان يعترف بالانعكاسات السلبية لحرب العراق على المنظمة الدولية....88
البند الثاني: في شرعية المقاومة .......................................................................88

الفصل الثالث
الاحتيال والخداع من وسائل الجريمة المنظَّمة
أولاً: أسلحة الدمار الشامل:..........................................................................94
1-محاولات الإدارة من أجل الحصول على أدلة تعطي لذرائعها بعض المصداقية.
2-ردود الأفعال الأميركية وغير الأميركية حول كذب الإدارة في ذرائعها.
3-النتائج القانونية المترتبة على إثبات عدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق.
ثانياً: التعاون مع القاعدة: ..........................................................................101
ثالثاً:الذرائع الاحتياط وأهدافها التعتيم على الذرائع الأساسية
ومسحها من الذاكرة:.........................................................................102
1-حالة حلبجة واستخدام الأسلحة الكيماوية.
2-المقابر الجماعية.

الكتاب الأول
الملاحق الوثائقية

ملاحق الفصل الأول
1- المحكمة الجنائية الدولية: د. نافع الحسن.............................................................109
2- المحكمة الجنائية الدولية: دانا ضبيط.................................................................116

3- كتب بوش في إحدى المذكرات : من حقي تجاهل اتفاقيات جنيف!...............................120
4- محقق بـCIA: الإدارة الأمريكية أقرت استخدام الوحشية مع الأسرى الأفغان..............122
5- التعذيب سياسة أمريكية تستهين بالقوانين الدولية...................................................123
6- سياسة امريكية أم ممارسات شاذة؟....................................................................124
7- محامي الدفاع: صور أبو غريب لا تثبت الإساءة......................................................126
8- تقرير شليزينجر: فوضى في سجن أبو غريب........................................................127
9- ضباط أميركيون: تعرية السجناء في أبو غريب ممارسة يومية وليست أحداثا منعزلة......128
10- هيومان ريتس تؤكد تورط قادة أمريكيين في فضيحة أبوغريب..................................129
11- دور المرتزقة في العراق................................................................................130

ملاحق الفصل الثاني
1- الانتخابـات فـي العـراق بيـن المقاومة المشروعة والاحتلال غير الشرعي........................135
2- اللجنة العليا للقوى الوطنية الرافضة للاحتلال «وهج العراق»: بيان حول
الانتخابات العراقية........................................................................................137
3- أسباب قانونية لإصرار المحتل على الانتخابات الآن. ثم ماذا بعد الانتخابات؟
د. عبد الحق العاني.........................................................................................143
4- ما هو دور البيشمركة في تزوير الانتخابات؟ شهادة من لندن: د. أيوب البزّاز...............150
5- مراسل صحيفة معاريف جاكي حوجي يدلي بصوته في مركز انتخابي في عمان...............153
6- نتائج الانتخابات العراقية من وجهة نظر قانونية: إبراهيم الأوسي.............................154
7- الدستور المؤقت غير الشرعي للعراق!! ترجمة أ.د. محمد العبيدي............................155
8-النص الحرفي للدستور العراقي المؤقت (قانون إدارة الدولة العراقية للفترة الانتقالية).....157
9- ملحق قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية..............................................162
10- صناعة الدستور بين المشروعية والعبث: بقلم: د. عبد الحق العاني...........................163
11- قانون إدارة العراق وأهداف أمريكا منه: صباح المختار...........................................167
12- نص مسودة الدستور العراقي الدائم................................................................171
13- الاضافات والتعديلات على مسودة الدستور..........................................................197
14- بعض الملاحظات حول نص الدستور المطروح للمناقشة .........................................198

ملاحق الفصل الثالث
1- تقرير باتلر عن أسلحة الدمار الشامل العراقية.....................................................201
2- حقيقة المقابر الجماعية والتضليل الأمريكي..........................................................205
3- براءة صدام من مذبحة حلبجة..........................................................................210

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق