بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 22 يناير 2010

الإمبراطورية الأميركية بداية النهاية (الفصل الخامس 1)

الفصل الخامس
يوميات المقاومة العراقية

أولاً: قراءة عسكرية في يوميات المقاومة العراقية
إن دخول جيوش التحالف إلى العراق واحتلال بغداد وفي فترة زمنية لا تتجاوز الشهر مسألة لم تكن مفاجئة لقوات الاحتلال رغم المواجهات البطولية التي خاضتها تشكيلات الجيش العراقي كافة، بدءاً من الملحمة البطولية في منطقة أم القصر وصولاً إلى المعركة التاريخية في مطار صدام الدولي.
ليست مفاجأة لقوات الاحتلال لأن هدف الحرب هو احتلال العراق بأسرع وقت ممكن وبكافة الأسلحة التي تفرضها طبيعة المواجهات حتى استخدام الأسلحة المحرمة دولياً كما حصل في معركة مطار صدام إضافة إلى المراهنة على بعض المتجاوبين مع مصلحة الاحتلال الذين لهم تأثير في بعض المناطق والتي استطاعت قوات الاحتلال دخولها بسهولة باعتبارها ثغرات.
المفاجأة للاحتلال كانت المقاومة التي بدأت في اليوم التالي لسقوط بغداد وفي هذه اللحظة بالتحديد بدأت هزيمة الأمريكان في العراق وبالتالي إسقاط مشروعهم في المنطقة لأن حساباته عن الواقع العراقي والشعب العراقي لم تكن دقيقة فهي كانت مبنية على أن العراق سيكون تحت سيطرتهم التامة فور سقوط الرئيس صدام حسين والنظام العراقي وأنه سيكون بمقدوره جعل العراق منطقة آمنة لجنوده ومصالحه. وقد وقعت الولايات المتحدة الأمريكية ومن يساندها بخطأ الحسابات والأوهام أمام حزب حاكم طيلة ما يزيد عن ثلاثة عقود ويبلغ عدد أعضائه الملايين. ان المعلومات المضللة والواهمة والخاطئة الواردة مما يسمى بالمعارضة العراقية المرتبطة بأجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية أو بعض المعارضة، التي بطريقة أو بأخرى، قدمت خدماتها لتلك الأجهزة فساهمت إلى حد كبير بوقوع الاحتلال في الحسابات الخاطئة.
أما بالنسبة لحسابات القيادة العراقية من المؤكد والواضح من خلال ما يجري الآن لم تكن واقعة تحت أي وهم من أوهام القدرات الخارقة على مواجهة جيوش الاحتلال بالأشكال التقليدية في حرب نظامية.
فكانت تمتلك وضوح رؤية في التباين العسكري بقدرات الجيش العراقي أمام قدرات جيوش التحالف. لذلك كانت القيادة العراقية تدرك بأن قوانين قيادة الحرب تختلف وفقاً لظروفها وزمانها ومكانها وطابعها. ووفقاً لقوانين الحرب الكلاسيكية يستحيل الدفاع والثبات في خطوط المواجهة لخاصية الوضع الجغرافي بحكم أن معظم المناطق العراقية هي أراض صحراوية ولعدم امتلاك العراق لسلاح الجو وتفوق جيوش الاحتلال بسلاحها الجوي هو الأساس في حسم المعركة. إذاً لا بد للقيادة العراقية من الانسحاب من المواجهة النظامية المباشرة انسحاباً نستطيع أن نسميه انسحاباً استراتيجياً تمهيداً لخوض حرب تحرير شعبية متميزة عن كثير من تجارب الشعوب التي خاضت حرب تحرير وطنية مستفيدة من عدة عوامل أساسية:
1-العنصر البشري بسبب وجود الملايين من الحزبيين الذين اكتسبوا ثقافة وعقيدة الانتماء للعروبة والعداء لقوى الإمبريالية والاستعمارية والصهيونية.
2-توفر الخبرة العسكرية والأمنية.
3-التسلح.
كانت عمليات المقاومة العراقية -منذ اليوم الأول- منظمة ومتنوعة بين عمل عسكري وأمني، حيث استطاعت في الأيام الأولى للاحتلال من تنفيذ عمليات استشهادية في بغداد نفذها المجاهد خليل عمر وتلتها عمليتان استشهاديتان في الموصل والرمادي، والقيام بضربات لدوريات العدو ومراكزه واستطاعت المقاومة اعتقال أحد رموز العملاء المدعو كاظم جبر خميس.
إن قدرة المقاومة على تنفيذ هذه العمليات واختراق الإجراءات الأمنية المكثفة لقوات الاحتلال جعل انتشارها بسرعة قياسية ليشهد شهر أيار تطوراً نوعياً على عدة مستويات:
1-رصد قافلة رامسفيلد ومهاجمتها.
2-رصد قافلة أحمد الشلبي ومهاجمتها.
استطاعت المقاومة توسيع رقعة عملياتها لتشعل بغداد بمعظم أحياءها الفلوجة ، السماوة، شمال العراق، كربلاء، ديالى، النجف، الديوانية، كركوك، الأنبار، بعقوبة، حديثة.
على الرغم من أن هذه المرحلة تعتبر مرحلة تنظيم صفوف المقاومة ورصد واستطلاع تجمعات العدو ومراكزه وتحديد خطوط إمداداته إلا أن المقاومة استطاعت إنجاز بعض العمل العسكري النوعي بإسقاط عدد من الطائرات المروحية ومهاجمة عدد من المواقع الثابتة والمحصنة والدوريات المؤللة والراجلة.
في شهر حزيران بدا عمل المقاومة أكثر تنظيماً وفعالية وانتشاراً حيث زادت إلى جغرافية عملها بعض المناطق مثل الفاو، تكريت، الرمادي، الحبانية، هيت، الدحيل، الكوفة وبدأت تتبع تكتيكات أنصارية بشن عمليات عسكرية مركبة كما حصل بتاريخ 10/ 6/ 2003م، حيث قامت بعض مجموعات المقاومة بالإغارة على مواقع قوات الاحتلال في بغداد. ومنها عمليات استشهادية استهدفت مخازن ذخيرة تابعة للقوات الأمريكية، ومحاصرة فرقة المظليين البريطانيين، إضافة للخسائر التي ألحقت بالعدو، أدت إلى إرباك العدو وتشتيت تركيزه مما سهل تحرك إحدى المجموعات الخاصة للمقاومة واختراق حصون العدو في مطار صدام الدولي لتنفيذ المهمة الأساسية بإطلاق صواريخ من نوع ميسترال الفرنسية على طائرة نقل لحظة هبوطها فأصابتها إصابة مباشرة مما أدى إلى انفجارها.
إذاً لا بد من أن نقول أن هذه العملية المركبة هي عملية عسكرية أمنية بالغة الدقة من حيث المعلومات التي توفرت للمقاومة عن موعد وصول الطائرة وعن اختيار الأهداف والتجهيز لها والتنفيذ.
كما بدأت المقاومة باستهداف خطوط الإمداد والتنقل للعدو بضرب قوافله ودورياته وكذلك استهداف بعض المقرات وتفجير أنابيب نفط وإسقاط طائرة أباتشي في بغداد وإسقاط طائرة نقل عسكرية في مطار الموصل وعلى متنها (80) من ضباط ورتباء وجنود قوات الاحتلال الأمريكي وتدمير باخرة في مينا أم قصر تحمل مؤناً ومعدات للقوات الأمريكية.
في هذا الشهر، ومن مجمل نشاط المقاومة إن كان على صعيد الانتشار الجغرافي، أو من حيث التنويع بالأهداف، أو من حيث اتباع تكتيكات حرب العصابات، بات كل شبر من أرض العراق غير آمن لقوات الاحتلال.
الاحتلال في شهره الرابع والمقاومة تؤكد أن انطلاقتها لم تكن بناءً على ردات فعل غير منظمة، أو بناءً على قرار اتخذ ما بعد الاحتلال، بل كان قراراً معداً مسبقاً عندما أخذت القيادة العراقية قرارها بالانسحاب الإستراتيجي لجعل العدو يتمركز بمئات النقاط والمراكز، لأنه بتوزيع قواه تصبح وحداته المبعثرة فرائس سهلة لرجال المقاومة الذين يؤكدون يومياً -من خلال خوضهم لحرب العصابات- قدرتهم على الإبداع والمهارة في التنفيذ بتصاعد وتيرة عملياتهم وتحولها الكمي والنوعي خلال هذا الشه، باستخدام مدافع الهاون والأسلحة الصاروخية بشكل كثيف ومركز. وهذا ما يؤكد أيضاً بأنه لم يعد هناك من صعوبات على المقاومة بالوصول وضرب أي هدف من أهداف العدو. أصبح لدى المقاومة القدرة على خوض معارك حرب الشوارع لساعات، كما حصل في الموصل بتاريخ 4/ 7/ 2003م، حيث دارت معركة دامت حوالي ثلاث ساعات. وبهذه التكتيكات العسكرية التي بدأت تستخدمها المقاومة إنما تريد منها الوصول لمرحلة حرب الشعب الطويلة الأمد، بحيث تتصاعد فيها نوعية الأعمال العسكرية لتصبح عمليات واسعة النطاق تستطيع فيها الإغارة على ثكنات وتجمعات العدو وإبادته.
هذا الشهر محطة تاريخية في مسيرة المقاومة العراقية باستشهاد نجلي الرئيس العراقي وحفيده: عدي وقصي ومصطفى بعد معركة شرسة مع قوات الاحتلال لساعات لم يستطع العدو خلالها من دخول المنزل الذي كانوا بداخله. ولم يحسم المعركة لصالحه إلا بعد استخدام الطيران الحربي والمروحي على الرغم من أنه كان يهاجم بمئات من نخبة ضباطه وجنوده مدّعمين بالآليات والمدفعية. ومن خلال مقارنة الإمكانيات العسكرية التي استخدمها العدو في تلك المعركة والإمكانيات التي بحوزة عدي وقصي ومصطفى ورفيقهم الرابع التي لم تكن أكثر من بنادق خفيفة ومسدسات وبعض القنابل اليدوية ومحاصرين داخل منزل غير محصن فلا بد لنا من أن نستخلص:
1-إن هذا الجيش الذي يعتبر الأقوى في العالم: بتجهيزه التسليحي، وإعداده النوعي، وبقدراته العسكرية من ناحية الإمكانيات التكنولوجية التي تملكها الولايات المتحدة: فضاءً، جواً، براً وبحراً. وتكون بخدمته كافة دوائر البيت الأبيض الاستخبارية والاقتصادية والمتخصصين في علوم النفس والاجتماع. وبخدمته أيضاً صنائع الولايات المتحدة والعملاء والخونة المحليين أفراداً وأحزاباً ومأجورين.
2-إن هذا الجيش وبناءً على معلومات تؤكد وجود عدي وقصي في المنزل المهاجم كان يستهدف أحد العناوين الرئيسية للحرب، وباعتقاده أن الخلاص منهما سيؤثر تأثيراً مباشراً على عمل المقاومة، وبالتالي خلق حالة من الإحباط بصفوفها. وتعزيز حالة الإحباط التي سيطرت على الغالبية من الشعب العراقي بسبب الاحتلال وتوجيه ضربة معنوية ونفسية قاسمة للرئيس العراقي مما يؤثر على قدرته في قيادة وإدارة المقاومة.
لذلك نقول إنها محطة تاريخية في مسار المقاومة. فما حصل هو عكس ما أراده الاحتلال، وما راهن عليه. فباستشهادهم تأكد ما سبق وذكرناه بأن المقاومة الوطنية العراقية هي مقاومة تخوض حرب شعب بتوجيه من قيادة سياسية وعسكرية متماسكة. وتجلى ذلك في البيان الذي صدر عن الرئيس صدام حسين عندما نعى فيه استشهاد عدي وقصي ومصطفى والرابع معهما.
وبتزايد نشاط المقاومة العسكري والأمني والسياسي والإعلامي تحولت إلى محطة تاريخية تأكد فيها بأنه مهما بلغت قوة الاحتلال فهو مهزوم أمام إرادة وتصميم المقاومة التي تخوض معركتها التحريرية الوطنية بحرب شعب طويلة الأمد وبإيمان ثابت وراسخ بعدالة قضيتها.
ولقد أثبتت تجارب الشعوب التي خاضت حروباً تحريرية وطنية من وجهة النظر العسكرية أن جيشاً شعبياً غير مسلح بشكل جيد، لكنه يقاتل في سبيل قضية عادلة يستطيع باستراتيجية وتكتيك مناسبين أن يجمع الظروف المطلوبة للانتصار على جيش حديث كالجيش الأمريكي وحلفائه.
إذاً ومن جديد سقطت الحسابات الأمريكية وانهزمت بإحدى المعارك التاريخية أمام عظمة المقاومة التي أثبتت أنها بُنيت وجُهزت بفعل قيادة جماعية.
فإذا كان شهر حزيران قد شهد إعلان بعض الفصائل الانضمام للمقاومة بينها الناصريون العراقيون، سرايا المقاومة العراقية، كتائب العودة، جبهة الفدائيين الوطنية العراقية. وترحيب قيادة المقاومة بظهور منظمات مقاومة جديدة فأضيف لانتصارات المقاومة في شهر تموز انتصار كبير بإعلان كتائب صلاح الدين الأيوبي، تنظيم سرايا الجهاد، تنظيم فدائيي صدام، الجماعة الجهادية السلفية انضمامهم للمقاومة. لذا ومن الضروري في عملية التحرير الوطني حشد كل القوى الوطنية والدينية في سبيل إنجازها بنجاح وبكل الوسائل. فتكون من استراتيجية المقاومة هو إحراز آلا ف الانتصارات الصغيرة لتحويلها إلى نصر كبير لأن النصر على عدو قوي ممكن عن طريق توحيد الشعب بكامله في قلب جبهة وطنية متحدة واسعة وحازمة.
واستناداً للبيانات التي يصدرها حزب البعث في عملية قيادة وإدارة المقاومة فقد أخذ على عاتقه -من أجل حشد كل القوى ضد الاحتلال- سياسة توحيد جميع العناصر التي يمكن أن تتحد في إطار المقاومة تحضيراً للانتفاضة الشعبية الواسعة. فليست الانتفاضة بالمعنى الواسع للكلمة مجرد عملية عسكرية بحتة. إنها حركة ثورية قومية ولا بد أن تكون العمليات العسكرية التي تشنها مجموعات المقاومة منطبقة كل الانطباق على ذروة حركة الجماهير ويجب أن تنضج ظروف القتال الثورية الحاسمة بصورة متوازية مع نمو الوعي لدى الجماهير التي ستساهم في حسم المعركة من خلال مشاركتها الفاعلة في كافة الميادين وصولاً إلى الانتفاضة المسلحة.
في شهر آب بدأت ميادين العمليات تتسع وتتطور أكثر. ومن الطبيعي أن تمر المقاومة بعدة مراحل: فمن مرحلة الانطلاقة إلى مرحلة تحويل كافة قطاعات الشعب إلى جيش تحرير شعبي، هو مسار بالغ التعقيد لكن المقاومة تحاول الاستفادة من جميع العوامل المحيطة والميدانية لتحويل ضعفها أمام قدرات العدو إلى قوة، لذلك تحاول المحافظة على قواتها من خلال شن عمليات يكون النصر فيها مؤكداً وتتجنب المعارك والمواجهات التي تجرها إلى تكبد خسائر كبيرة. وعلى الرغم من أن بعض العمليات العسكرية التي تنفذها المقاومة لا تحقق إصابات مباشرة في صفوف العدو إلا أنها ناجحة جداً ومحققة لأهدافها في إطار الجهد العام إن كان على صعيد الدعاية المسلحة التي تلعب دوراً تحريضياً مهماً للإسهام في تكوين حالة الوعي المقاوم لدى الجماهير أو على صعيد نتائج هذه العمليات على الصعيد النفسي في صفوف العدو. وتسعى المقاومة لتفعيل جهد جميع القوى والأحزاب والفئات الوطنية والثورية والدينية في جميع المناطق ليصل كل الشعب العراقي إلى مرحلة غير قادر فيها على الاستمرار في العيش تحت نير الاحتلال وصنائعه وتكون الجماهير مستعدة للتضحية بنفسها للاندفاع في الانتفاضة.
وعلى الرغم من أن الاحتلال يستخدم صنائعه أداة رئيسية لتنفيذ سياسته بإنشاء مجلس الحكم المحلي، النظام – الألعوبة، وتشكيل أجهزة أمنية ومنها الشرطة لتحويلها إلى دروع بشرية لتتلقى الضربات وتقوم بمهام قمع أية تحركات من قبل الشعب العراقي ولتسهل على قوات الاحتلال ملاحقة المقاومين واعتقالهم كما كانت تجربة ما سمي بجيش لبنان الجنوبي بقيادة سعد حداد ثم خلفه أنطوان لحد الذي شكله العدو الصهيوني في جنوب لبنان.
ولأن المقاومة تدرك بأن أعداداً كبيرة من هذا التشكيل اضطرت للالتحاق به تحت وطأة الحاجة والخوف، وآخرون قد غرر بهم. لذلك توجهت المقاومة لهؤلاء ببيانات تدعوهم لعدم المشاركة مع قوات الاحتلال بأية أعمال أمنية أو عسكرية ضد أي مواطن عراقي، والانسحاب الفوري من هذا التشكيل. كما دعت المقاومة أبناء الشعب العراقي إلى عدم الالتحاق بأي تشكيل من التشكيلات التي ينشئها الاحتلال. لذلك بات من الضروري توجيه ضربات عسكرية تطال تجمعات ومعسكرات الشرطة ومراكز التدريب كما حصل في 16/ 8/ 2003م، عندما قامت المقاومة بمهاجمة مراكز تدريب بيجي واستهداف مدير شرطة نينوى وقتل نائب مدير شرطة السليمانية في 28/ 8/ 2003م، وهو متعاون فاعل مع الاحتلال.
ولم ينفصل عمل المقاومة المسلح عن عملها السياسي والإعلامي ويقوم جهاز الإعلام السياسي والنشر في قيادة المقاومة بالتوجه عبر بياناته المتلاحقة إلى شعب العراق ليبيِّن فيها مخاطر الاحتلال وإفرازاته. كما يخاطب في بياناته الشرفاء من العراقيين والعرب والأحرار في العالم. ومن العادل بعد أن ناشدت وحذرت المقاومة مراراً وتكراراً شتى الدول من المشاركة العسكرية أو أي شكل من أشكال المشاركة والتعاون مع الاحتلال. وفي حال مشاركة أي من الدول إن كان من خلال إرسال وحدات عسكرية تحت أي عنوان أو من خلال إرسال دبلوماسيين أو رجال أعمال فأنها ستكون جميعها أهدافاً للمقاومة لأن هذه المشاركة هي تكريس للاحتلال ومكملة لدوره.
وقد ترجمت المقاومة إعلان موقفها السياسي باستهداف بعض المراكز والقوافل العسكرية التابعة لعدد من الدول التي تشارك، ومنها القوات البولندية في منطقة الحلة، والإسبانية في منطقة الحبانية. وكما حصل في 26/ 8/ 2003م للقوات الأوكرانية في اليوم الأول لوصولها.
إن فعالية المقاومة وإنجازاتها بفعل الانتصارات التي تحققها ظهرت جلياً بالهزيمة النفسية والانكسار المعنوي في صفوف جنود العدو الذين بدأوا يبحثون عمن يسهل لهم عمليات الفرار مقابل دفعهم مبالغ من المال تصل إلى ألف دولار عن كل جندي. وقد قامت قوات الاحتلال باعتقال المدعو حميد عتوي بسبب تهريبه لبعض الجنود إلى خارج العراق.
وهذه الانتصارات أيضاً جعلت الجماهير في بعض المناطق تستعيد زمام المبادرة وتعبِّر عن رفضها لقوات الاحتلال من خلال التظاهرات والتحركات الشعبية كما حصل، بتاريخ 9/ 8/ 2003م، في البصرة. و10/ 8/ 2003م، في ميسان، وفي 13/ 8/ 2003م، في الديوانية. وفي 15/ 8/ 2003م، في الناصرية والدورة وبعقوبة. حول ذلك يقول الجنرال جياب: إن حرب المقاومة التي تخوضها يجب أن تكون من صنع الشعب كله( ).
ومما لا شك فيه أن تطور حرب العصابات التي تخوضها المقاومة العراقية على شتى الأصعدة جعل العدو يعترف بحقيقة المقاومة من خلال التصاريح التي أدلى بها بعض المسؤولين الأميركيين في موقع القرار وعلى لسان بريمر بتاريخ 26/ 10/ 2003م، أن عمليات المقاومة تبلغ 30 عملية يومياً بعد أن كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يقللون من أهمية المقاومة بالتكتم عن حجم العمليات وخسائرهم، ويصورون عملها بأعمال فردية. إلا أن الانتصارات التي تتحقق يومياً في الميادين العسكرية وفقاً لتوجهات وتوجيهات قيادة المقاومة جعلت الولايات المتحدة تعترف بحجم المأزق وجاء ذلك على لسان رئيسها بوش في 12/ 9/ 2003م، من خلال نداء الاستغاثة الذي وجهه للدول الحرة لمساعدته في الخروج من المأزق العراقي.
فإذا كانت نشاطات المقاومة -خلال فترة لا تتجاوز الخمسة أشهر- جعلت رئيس الغطرسة العالمية يعترف بالمأزق الذي وقع فيه في العراق فهو دليل كافٍ لنوعية التصاعد في عملياتها.
جاءت نشاطات المقاومة، في شهري أيلول وتشرين الأول، ليس لتزيد من حجم المأزق فحسب، بل لتؤكد بأن مشروع الاحتلال للعراق قد هزم أيضاً، وليس في العراق وحسب إنما المشروع الأميركي في العالم. وهذه هي الهزيمة التي سيحققها الانتصار الكبير للشعب العراقي، في أول معركة تحريرية ضد الأمريكان بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وقد أصبحت الولايات المتحدة القطب الأوحد في العالم وهنا الأهمية التاريخية للمقاومة الوطنية العراقية.
أيلول وتشرين أول لم تعد هناك أهداف صعبة ومستحيلة أمام أبطال المقاومة ففي 6/ 9/ 2003م، استهدفت المقاومة طائرة رامسفيلد. وفي 7/ 9/ 2003م استهدفت طائرة وهي مقلعة من مطار بغداد. وفي 14/ 9/ 2003م استقبلت المقاومة كولن باول بحفاوة، فأتحفته بسلسلة من العمليات تجاوزت ال40 عملية ليكون يوماً دامياً ودرساً للإدارة الأمريكية بأن العراق تحت سيطرة المقاومة رغم وجود جيشكم المحتل.
وأصبحت المقاومة قادرة على مخاطبة المحتل من موقعها المنتصر كما جاء في رسالة الرئيس صدام حسين في 17/ 9/ 2003م، عندما دعا بوش للانسحاب دون قيد أو شرط.
وفي سياق العمل العسكري المتصاعد للمقاومة تجدر الإشارة إلى ميزتين الأولى بأن معظم عمليات المقاومة ونشاطها العسكري يحصل في النهار. والثانية في عدم قدرة الاحتلال على اختراق مجموعات المقاومة. وبات بإمكانها توجيه ضربات يجب الإشارة إليها لما تمثله من أهمية عسكرية وفق تكتيكات حرب العصابات وللظروف الخاصة لطبيعة الأرض المكشوفة في العراق فعندما تستطيع المقاومة استخدام الأسلحة الصاروخية ومدافع الهاون فهذا ليس بالعمل العسكري السهل كما حصل بتاريخ 17/ 9/ 2003م عندما قامت المقاومة بقصف مطار صدام لأكثر من عشرة دقائق، واستخدام هذه الأسلحة يختلف تماماً عن القيام بعمليات إغارة ومباغتة على بعض المراكز والانسحاب السريع أو القيام بنصب كمائن تستهدف قوافل عسكرية أو شخصيات أهداف. فالعمل المدفعي يلزم موقع لتربيض المدافع وتصفيرها ثم وضع الإحداثيات ومن ثم إطلاق قذيفة أو أكثر للتأكد من إصابة الهدف، وبوجود ضابط ملاحظة للتصويب إذا كانت الأهداف غير مرئية وبعد التأكد تقوم مجموعة الرمي برماية ما تريد من قذائف وبعد تنفيذ مهمتها عليها سحب المدافع والانسحاب إلى منطقتها الآمنة. وهذا ما يدل على أن للمقاومة نقاط ارتكاز تنطلق منها، لكنها ليست شبيهة بنقاط الارتكاز التي تتخذها عادة المجموعات الأنصارية التي تخوض حرب تحرير وطنية في المناطق الجبلية أو في مناطق تعتبر محررة وتكون نقاط انطلاق لها..
فنقاط ارتكاز المقاومة العراقية هي بين الشعب العراقي في أحيائه وبيوته وهذا ما يؤكد لنا بأن للمقاومة عمقاً شعبياً بات يحتضنها ويحميها، وهذا ما زاد من نشاط المقاومة ضد بعض مراكز الشرطة التي تتجاوب مع المحتل والقيام بتنفيذ حكم الشعب بعدد من ضباطها المتعاونين مع سلطة المحتل. وقد نفذت حكم الإعدام بتاريخ 15/ 9/ 2003م، بالعميل قائد شرطة الفلوجة، ومحاولة قتل العميل قائد شرطة كركوك بتاريخ 18/ 10/ 2003م. وتنفيذ حكم الإعدام بالعميل قائد شرطة العمارة بتاريخ 24/ 10/ 2003م.
كما شهدت هذه الفترة استهدافاً واضحاً لعملاء الاحتلال من داخل »المجلس - الألعوبة« وخارجه كقتل عقيلة الهاشمي في 20/ 9/ 2003م، والدكتور أحمد الجلبي الذي نجا من ثلاث محاولات اغتيال، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية ونجاة وزير النفط من محاولة اغتيال.
وإعدام عملاء في مدينة الصدر وكركوك وبعقوبة والرمادي وسامراء وفي عدد من المناطق الأخرى. وما هذه العمليات التي طالت العملاء في مختلف المناطق إلا تأكيداً واضحاً من المقاومة بعد بياناتها التحذيرية بأن كل من لم يستجب لنداءات المقاومة بعدم التعامل، أو التجاوب مع المحتل، فهو بمثابة عدو للعراق وشعبه، وهو بالتالي هدف من أهداف للمقاومة. ونلاحظ بوضوح أن المقاومة كانت دقيقة باختيار أهدافها من مراكز الشرطة وضباطها. وأن الكثير من أبناء الشعب العراقي داخل تشكيلات الشرطة قد استجابوا لنداءات المقاومة وترجموا انحيازهم لها. وقد أدى هذا الموقف في بعض المناطق للمواجهة المسلحة بين الشرطة وقوات الاحتلال كما حصل في الرمادي بتاريخ 30/ 9/ 2003م، والذي دفع بقوات الاحتلال إلى اعتقال حوالي 200 ضابط شرطة.
وترتقي المقاومة بعملها لتستهدف رأس سلطة الاحتلال بريمر بعملية استهدفت قافلته في 8/ 9/ 2003م، وتقتل رئيس جهاز الاستخبارات الإسبانية في 9/ 9/ 2003م، بعد أن حاصرت منزله وجعلته يفر منه بملابسه الداخلية فيلاحقه المقاومون ويقتلونه رمياً بالرصاص.
منذ انطلاقتها -ولغاية هذه الفترة- نجد أن المقاومة من خلال أدائها المتقن وتوزيع عملها على كافة الأراضي العراقية، واستخدامها المتنوع لتكتيكات حرب العصابات، جعلت العدو يفكر بإعادة انتشار لقواته، واعتماد توزيعات لقطاعاته العسكرية تقيه من ضربات المقاومة. إلا أن المقاومة لم تتح له الفرصة وأسقطت إمكانية تنفيذ أي من خططه العسكرية التي تمكنه من مسك الأوضاع الميدانية، لأنه لو اعتمد تكثيف الدوريات »مؤللة« ، أو »راجلة«، وإقامة حواجز التفتيش ضمن مناطق يعتبرها وفق خطته مغلقة عسكرياً فإنها بالنسبة للمقاومة باتت أهدافاً من السهل اصطيادها. أو إذا اعتمد التمركز ضمن تجمعاته ومراكزه بالنسبة للمقاومة أنها أهداف سهل التعامل معها وتدميرها باستخدام مدافع الهاون والأسلحة الصاروخية، أو بتنفيذ العمليات الاستشهادية باستخدام السيارات المفخخة، أو قيام بعض المقاومين بتفجير أنفسهم. وهذا النوع من العمليات، الذي استخدمته المقاومة منذ اليوم الأول لانطلاقتها، هو عمل متقدم في مسيرة حركات التحرر التي تخوض حرب تحرير وطنية. وكما ستبقى خطوط مواصلاته وإمداداته تحت سيطرة المقاومة إذاً مهما اتبع العدو من خطط عسكرية فهو واقع في قبضة المقاومة التي يتزايد عملها يوماً بعد يوم نوعاً وكماً ويتنامى الالتفاف الشعبي حولها.
وبفعل التجاوب الشعبي لنداءاتها قامت معظم قطاعات الشعب العراقي بمقاطعة المؤسسات العامة التي تتعامل مع المحتلين في 1/ 11/ 2003م وعزف الطلاب عن الذهاب إلى المدارس والجامعات والتزام أغلبية المواطنين بيوتهم تعبيراً عن رفض شعب العراق للمحتل.
وتستمر المقاومة بمحاسبة الخونة والمتعاملين بقتلها رئيس بلدية الكرخ العميل في 2/ 11/ 2003م، وتلحق المقاومة كارثة في صفوف القوات الأمريكية بإسقاط طائرة مروحية من نوع شينوك وعلى متنها حوالي خمسين من ضباط ورتباء وجنود العدو. وباعتراف رامسفيلد كان مقتل وجرح هذا العدد من العسكريين الأمريكيين يوماً حزيناً لأمريكا.
وبهذا تكون المقاومة قد حولت أرض العراق إلى منطقة غير آمنة للعدو. كذلك حولت الجو العراقي إلى فضاء غير آمن لطائراته، بعد أن أسقطت ما يزيد على ثلاثين طائرة مروحية من مختلف الأنواع، وعدد من طائرات الشحن والنقل العسكرية وتحويل مراكز إقلاع الطائرات وكافة المطارات إلى أهداف تتعرض يومياً لهجمات من المقاومة.
المقاومة تسيطر على ميادين المعارك والمحتل، بكافة انتشاراته، أصبح أهدافاً سهلة للمقاومة وحصلت على مزيد من الالتفاف الشعبي بحيث تصاعدت التحركات الشعبية المعبرة عن رفضها للاحتلال. وهناك انخراط المزيد من الفصائل وأبناء العراق في إطار المقاومة. تزايد التأييد الشعبي والإعلامي في العالم وخاصة في الدول التي تشارك بقوات عسكرية ولديها رأي عام معارض للحرب جعل قيادة المقاومة تنتقل إلى مرحلة متقدمة من القتال لتعلن بتاريخ 3/ 11/ 2003م، في بيان الرئيس صدام حسين تهديداً للدول المشاركة بنقل المعركة إلى أراضيها.
يزداد مأزق العدو ويحاول السيطرة على الوضع من خلال ممارسات قمعية وتعسفية بحق المواطنين وقيامه بمداهمات لمعظم المدن والقرى واعتقال الآلاف وزجهم في السجون والمعتقلات. إلا أن كل هذه الممارسات لم تقلل من فعالية المقاومة فانتقل العدو إلى القتل الجماعي والتدمير باستخدامه لسلاح الطيران وقصف عدد من المناطق في تكريت والمقدادية، بتاريخ 7 و8 و15/ 11/ 2003م، حيث استخدم قذائف تزن نصف طن لقصف مدينة الفلوجة ومناطق مجاورة لها بتاريخ 10/ 11/ 2003م.
بعد سلسلة العمليات التي استهدفت جنود بعض الدول التي جاءت لمساعدة الأمريكان في احتلال العراق تأتي العملية الاستشهادية النوعية في الناصرية بتاريخ 12/ 11/ 2003م، وسقط فيها حوالي الخمسين جندياً بين قتيل وجريح من القوات الإيطالية لتسارع من وتيرة ردات الفعل بأوساط الرأي العام الإيطالي كما عبر عنه المعلقون الإيطاليون بأن هذا العدد من الضحايا الإيطاليين هو الأعلى منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. كما دفع حلفاء واشنطن بإعادة النظر في المشاركة العسكرية في العراق.
إذا كانت المقاومة الوطنية العراقية في الأشهر الأولى لانطلاقتها قد حققت هذا الحجم من الانتصارات العسكرية وجعلت البنتاغون يعلن في 29/ 11/ 2003م، عن الخسائر في صفوفه التي وصلت ما يقارب العشرة آلاف بين قتيل وجريح. هذه الانتصارات التي تحققت بفعل مجموعات المقاومة التي تشن حرب عصابات فكيف إذا هبت الجماهير بإطار انتفاضة مسلحة وبشتى قطاعاته وقواه الوطنية والدينية؟
وحول ذلك يقول جياب: لقد كان علينا حمل السلاح بقسط أكبر من الحزم والفاعلية والروح الهجومية وكان علينا أن نُفهم الجماهير استحالة الاكتفاء بالإضراب السلمي وضرورة الصراع المسلح العنيف بلا خوف. وعلينا اليوم أن نقوم بأكبر تحريض ممكن لصالح الانتفاضة المسلحة دون أن نخفي هذه المسألة تحت أية درجة تحضيرية ودون أن نلقي عليها أي غطاء.

ثانياً: الوسائل العسكرية وبعض ابتكارات المقاومة العراقية:
تكمن أهمية بعض التحضيرات المسبقة للمقاومة هو إعداد عدد من الفنيين الذين يقومون بابتكارات على صعيد التكتيك العسكري والأمني، أي أن المقاومة تمتلك العنصر البشري الفني الذي يقوم بتصنيع بعض الأسلحة، كما يقوم بتطوير البعض الآخر بما تفرضه أعمال المقاومة وتكتيكاتها على أرض الواقع. وقد اضطرَّت قيادة الاحتلال على الاعتراف بأن أساليب المقاومة العراقية تتميَّز بأنها »بارعة وخلاَّقة«، وبأنهم يواجهون »عدواً ذكياً«. وحول هذا تطابقت تقويمات عدد من الضباط الأمريكيين في العراق بشأن تطورات الهجمات ضد قوات الاحتلال في العراق، ووصفوا الأساليب الهجومية الحديثة بـ»البارعة والخلاقة« التي تستغل نقاط ضعف القوات الأمريكية، وتستخدم في الهجمات أساليب حرب العصابات التي تدرس في الكتب.. من قذيفة صاروخية أو لغم ينفجر تحت مركبة أو قنبلة تزرع على طريق أو عبوة ناسفة مرتجلة( ).
وعلى العموم فقد أعدَّت قيادة حزب البعث في العراق مستلزمات المقاومة الشعبية التسليحية بالنوع والكمية. وقامت القوات العراقية بتوزيع كميات كبيرة من الأسلحة التقليدية في آلاف المستودعات (معظمها مدفون تحت الأرض) في كافة أنحاء العراق. ولهذا السبب لا يحتاج المقاوم للذهاب بعيداً لإحضار السلاح. كل مستودع يحتوي متفجرات عالية التفجير، صواعق راديوية، أجهزة التحكم عن بعد للسيارات والشاحنات الصغيرة، قنابل صاروخية، قنابل يدوية، قنابل الهاون، أسلحة رشاشة خفيفة، بنادق اغتيالات ورصاص. (لاحظ أن كل قطعة في مخابئ الأسلحة لا تحتاج أكثر من ثلاثة أفراد لاستعمالها). وهناك في العراق 2 مليون قنبلة صاروخية وكل الشعب العراق لديه الكثير من الحقد على الأمريكان الغزاة.
إن معظم المقاومين العراقيين قوات منضبطة ومحترفة وكلهم أذكياء. وخضعوا لتدريبات ال SPETSNAZ المرهقة. هؤلاء الرجال لن يكشفوا أنفسهم إلا إذا كانوا متأكدين من الهدف ولن يطلقوا إلا إذا تأكدوا من إصابة المقتل( ). إنها »حرب عصابات ذات طبيعة وفعالية غير متوقعة«، وتختلف عما يحدث من أعمال تمرد في أي دولة في العالم عندما يكون التمرد هناك من فعل عناصر غير منتظمة، تعوزهم الخبرة ويفتقرون إلى السلاح ولا تتوفر لديهم الإمكانات المالية، تعتمد هذه العمليات علي نواة صلبة للدولة السابقة، وهي نواة تتألف من رجال المخابرات، سابقاً، بالإضافة إلي فدائيي صدام وعدد من أفراد القوات الخاصة. وهؤلاء كلهم لا يعوزهم السلاح ولا المال ولا يفتقرون إلى البني التحتية السياسية( ).
لقد تفوقت المقاومة العراقية في أساليب عملها على كل الأساليب القتالية والعسكرية التي اتبعتها مثيلاتها في العصر الحديث في مواجهة الاحتلال. وتستند إلى الابتكار في نشاطها العسكري جامعاً بين الأسلوب التقليدي في أعمال مغاوير المدن ورجال حرب العصابات في الأدغال وأسلوب المواجهة العسكرية التقليدية بين القوات. ومن أهم تلك المميزات، ما يلي:
تعمل المقاومة في بيئة بشرية وجغرافية تعرفها بشكل جيَّد، أما الجندي الأميركي فهو معزول تماماً وعاجز عن معرفة تلك البيئة، لذا يتخبَّط كالأعمى. ولهذا السبب خططت قيادة الاحتلال من أجل سد هذا النقص بتجنيد عراقيين كي يشكلوا الواسطة التي تجعل الجندي الأميركي بصيراً في البيئة التي يقاتل في دائرتها.
في هذا النزاع الذي لا تستخدم فيه تكنولوجيا متطورة فان صعوبة العمل في مناطق مدنية لا يتكلم فيها الجنود الأميركيون لغة السكان تشكل بحد ذاتها تحدياً للتفوق التكنولوجي الأميركي. ولمواجهة ذلك سارع البنتاغون إلى تدريب وتجنيد عراقيين في قوات الأمن والشرطة ووحدات الدفاع المدني وحرس محطات الكهرباء وخطوط الأنابيب وغير ذلك من البنى التحتية وحرس الحدود وقوات الجيش الجديد. وقال رامسفلد إنه تم نشر أكثر من 100 آلف عنصر عراقي. ويسعى الجنرال جون أبي زيد رئيس القيادة الأميركية الوسطى إلى الحصول على المزيد من الخبراء في الاستخبارات واللغة والمحققين لمواجهة عدو أظهر قدرة على المراوغة والعناد ( ).
-نصب الكمائن للأرتال العسكرية على الطرق السريعة والطرق الفرعية في العراق بحيث تم تدمير مئات العربات المدرعة وسيارات النقل العسكرية والآليات المختلفة والدبابات.
-كما أثبتت المقاومة العراقية تفوقها في المجال الاستخباري في مسرح العمليات. وطورت أساليب القتال في المدن والأرياف على حد سواء، ونسقت جهدها العسكري لشل العدو. وطبقت أسلوب إضرب واهرب, وإذا تقدم العدو تراجع , ومبدأ إشغاله وإرهاقه ليل نهار، وعدم منحه الوقت للراحة والهدوء والاستقرار، وجعله متوتراً مستنفراً بشكل دائم، وإفقاده السيطرة ونزع زمام المبادرة منه, وهي مهام أساسية لعمل المقاومة وحرب العصابات.
-كما أن ضرب خطوط مواصلاته البرية وتفجير القطارات ومنع الطيران المدني من الهبوط في كل المطارات العراقية هي من مهمات المقاومة التي طبَّقتها بنجاح( ).
والأهم من كل ذلك، لم تستطع قيادة الاحتلال أن تكوِّن صورة واضحة عن أساليب القتال التي تتَّبعها المقاومة العراقية، فهي تتغيَّر وتتبدَّل وتتطوَّر بما لا يدع لها فرصة لتكوين مثل تلك الصورة. إن التكتيكات التي تستخدم ضد القوات الأميركية أصبحت أكثر فعالية إذ تحولت من هجمات مباشرة يسهل ردها إلى عمليات تفجير للدوريات والقوافل على الطرق يتبعها عادة وابل من القذائف الصاروخية التي تطلق على الجنود المحاصرين داخل الآليات المصابة، طبقا لما أفاد به مسؤولون في الجيش الأميركي( ).
بغداد مدينة قديمة ولها شبكة واسعة ومعقدة من الأنفاق والمجاري التي تمَّ تلغيمها، وبذلك فإن عالمها التحت أرضي كان ولا يزال كلياً تحت سيطرة المقاومة. فالحالات النادرة التي يتم فيها استخدام سيارة أو شاحنة متفجرة هي الحالات التي لا يمكن الوصول إليها عن طريق الأنفاق.
في السياق ذاته يأتي تعبير (القنابل الجانبية على الطرق) في غير موقعه، ففي مفاضات نهريْ الفرات ودجلة عدة عبارات تسمح بمرور الماء من طرف لآخر، لذلك من وجهة نظر السائقين الأمريكان فإن أطراف الطريق أمامهم تبدو فعلياً آمنة حتى يصلوا إلى نقطة تتفجر الطريق تحت إحدى العربات باستخدام وحدة تحكم عن بعد من مخبأ على بعد 3 أميال من موقع التفجير( ).
-يغيّر المهاجمون أساليبهم ولا يعتمدون على الأساليب التقليدية.
-استخدام الأطفال لزرع العبوات الناسفة المغناطيسية أسفل السيارات العسكرية الأمريكية.
-كان المقاتلون العراقيون يستخدمون الأسلاك على جانبي الطريق لتفجير القنابل بينما أصبحوا يفجرون القنابل عبر ذبذبات الهاتف الجوال.
-اصبح المهاجمون يضعون قذيفة أو اثنتين في مدفع الهاون ثم يفرون على الدراجات النارية في وقت تكون القذيفة في طريقها إلى هدفها.
-استخدام الكلاب المفخخة، بجانب المتفجرات التي تزرع على جوانب الطرق، والتي تعد أكثر الأساليب المستخدمة فتكاً بالقوات الأمريكية في العراق.
-والحمير المفخخة بواسطة قارورة غاز موصولة بمتفجرات. والفكرة تكمن في تفجير القارورة؛ الأمر الذي سيؤدي إلى انفجار أضخم للتأثير على أعصاب الجنود.
-والمواد المتفجرة التي تستخلص من قذائف المدفعية والألغام الأرضية ( ).
-إن العمليات الأخيرة ضد القوات الأمريكية كانت ذات تكنيك مختلف، حيث تم الاستعانة بالقناصة من رجال المقاومة، الذين استطاعوا أن يصطادوا الجنود الأمريكيين بشكل أذهل قوات الاحتلال، بالإضافة إلى استخدام رجال المقاومة مختلف صنوف الأسلحة في المواجهات( ).
أ-قدرة المقاومة على رصد الأهداف ومراقبتها: تؤكد تقارير القوات المحتلة أن رصد المقاومة يتابع كبار الضباط وتحديدهم كأهداف لهجمات. فهم ليسوا بحاجة إلى وسائل متطورة لمراقبة نشاطات المسؤولين الأميركيين. فنظراً لحجم وجودهم، يمكن جمع المعلومات بمجرد المراقبة عند زاوية طريق( ). وفي المقابل هناك مخاطر توظيف عناصر الأمن السابقين بين آلاف عناصر الشرطة والموظفين العاملين مع الاحتلال( ).
أصبحت عمليات المقاومة تستهدف أرتال العدو أثناء مرورها على الطرق الرئيسة أو من خلال تحديد تحركاتها: إما عبر رجال متعاونين مع المقاومة ومع الاحتلال في الوقت نفسه، وإما عن طريق الملاحظات العادية، وخاصة حينما يتخذون إجراءات أمن غير عادية مما يدل على وجود شخصية مهمة عندهم كما حدث حينما استهدفت المقاومة جون أبي زيد( ).
ب-تحطيم أسطورة دبابة »إبرامز« الأميركية:
أفادت قوات الاحتلال الأمريكية في العراق أن بعض دورياتها تعرضت لهجمات بقذائف صاروخية وعبوات ناسفة استخدمت فيها أجهزة تفجير متطورة لم تكن قد استخدمت من قبل. وتحاول معرفة أسرار تلك الأسلحة. ويذكر أن عمليات تفجير وعبوات ناسفة تم اكتشافها تتعامل بنظام التفجير عن بعد وسببت خسائر كبيرة للقوات الأمريكية ( ).
أشارت المصادر العسكرية الأمريكية إلى أن الآربي جي العراقية استهدفت الجزء الذي يربط البرج بهيكل الدبابة من الخلف. ولكن التطور النوعي، ومنذ 26 تشرين الأول هو عندما اخترقت القذيفة درع الدبابة ودخلت إلى مقصورة القيادة ثم نفذت إلى درعها من الجانب الآخر واخترقته. وعندما فصلت عبوة ناسفة محلية الصنع برج الدبابة عن هيكلها. كان ذلك مصدر قلق لدى قيادة الاحتلال لما يمثله ذلك من انتكاسة للدبابة التي يفخر بها الجيش الأمريكي ويصفها بالوحش الذي لا يقهر. ومعروف أن سمك درع الدبابة القادر على تأمين الحماية إلى طاقمها 600 ملم من الفولاذ والسيراميك( ). لذا راحت آلة التكنولوجيا الأميركية تعمل من أجل إعادة تطوير وسائل حمايتها، بطرح جهاز ليزر مصمم لتحديد مصدر نيران القناصة وأجهزة حساسة تستطيع التقاط الانبعاثات الألكترو مغناطيسية من قنبلة يتم تفجيرها عن بعد ( ).
ج-إسقاط الطائرات الأميركية بسلاح مجهول لم تكتشفه أجهزة البنتاغون:
ضاعف من قلق الأمريكان عدم تمكنهم من الكشف عن مواقع الصواريخ المضادة للطائرات، وهذا ما ينذرهم بتطور أسلوب المقاومة على إسقاطها. وقد زاد من قلقهم قيام المقاومة بتكثيف عملياتها على مطار صدام الدولي مما أثر تأثيراً سلبياً كبيراً على الحركة فيه، ودعا القيادة الأمريكية إلى إلغاء فتحه لاستقبال الرحلات الجوية المدنية وطائرات المساعدات( ).
وتفادياً لاصطيادهم، يقوم سائقو الحوامات الأميركية بين اللحظة والأخرى بإطلاق شحنات المغنيسيوم لتضليل الصواريخ متتبعة الحرارة. ولكن المقاومون العراقيون استخدموا بعض صواريخ SA-7 و SA-16 المحمولة على الكتف والتي تم تعديلها للدور المزدوج: تحصيل الهدف وتتبعه. هذه الصواريخ تتحصل على الهدف أولاً عن طريق الحرارة الصادرة من الحوامات أو من قنابل المغنيسيوم ولكن بعد الإطلاق تنتقل إلى حالة تتبع فوق البنفسجي والتي لا تستطيع الحوامات الأمريكية فعل شيء مقابلها( ).
د-إستخدام طريقة التفجير عن بًعد، واستخدام مدافع الهاون:
إن استخدام قوات الاحتلال للجدران الكونكريتية والأسلاك الشائكة لحماية مقرات قواتها، ومراكز الشرطة العراقية والدوائر الأخرى التابعة، لم يحد من فاعلية المقاومة، ولم يمنعها من استخدام المدفعية والصواريخ والسيارات المفخخة ضدها، ومن اصطياد الدوريات الآلية في الشوارع العامة ومفاصل الطرق بالألغام التي يتم تفجيرها عن بعد بنظام »الريموت الكونترول«. واتقاءً لخطرها ينتشر آلاف من أفراد القوات المحتلة والشرطة العراقية عند مفترق الطرق والجسور لمنع عناصر المقاومة من زرع الألغام إضافة إلى تكثيف عمليات الكشف عنها من قبل فرق مكافحة المتفجرات في المناطق التي تمر فيها قوات الاحتلال .. ويعد المراقبون استخدام هذه الأنواع الجديدة من الألغام أسلوباً جديداً للمقاومة العراقية نجح في تصعيد عملياتها وتكبيد القوات الأمريكية خسائر فادحة. ويرى المراقبون أن هذا التحول في عمليات المقاومة هو تطور ملحوظ في تقنيات عملها وتجديد في أسلوبها، وهذا مما يضاعف من حجم الدوريات الأمريكية الساعية للبحث عنها مما يشكل جهداً إضافياً مضنياً لها( ).

هـ-تشتيت انتباه القوات الأميركية وتفتيت جهودها:
أخذت المقاومة تستخدم أسلوب تشتيت اهتمام قوات الاحتلال بعد أن قامت بنقل عملياتها بين مدينة وأخرى خلال أيام قلائل كي لا تتركز في مكان واحد، مما جعل من العبث للقوات الأمريكية أن تتعقبها بسهولة فتشتت اهتمامها، بل أتعبها وأنهك قواها( ).
و-المرأة العراقية تنخرط في الكفاح الشعبي المسلَّح:
لم تقتصر أعمال المقاومة على الرجال فقط، بل انتقلت إلى النساء، حيث قامت إحدى الأمهات في بعقوبة بإلقاء قنبلة يدوية على الجنود الأمريكان لدى قيامهم بتفتيش دارها بحثاً عن أسلحة بعد اعتقال أبنائها، فقتلت عدداً منهم وجرحت آخرين. وفي حادث آخر قامت إحدى الفتيات العراقيات بوضع قنبلة موقوتة في حقيبة يدها، وحاولت تفجيرها ضد الجنود الأمريكان الذين كانوا يقومون بحراسة البنك المركزي العراقي، لكنها وقعت في يدهم قبل أن تنفجر إضافة إلى محاولات أخرى لفتيات عراقيات ضد قوات الاحتلال لم يعلن عنها حتى الآن( ). وكشفت القوات الأمريكية عن اشتباك مع امرأتين في مدينة الرمادي. فقد ذكرت أن امرأة مسلحة ببندقية قتال اي كي 47 حاولت اقتحام مخزن للذخيرة ولكنها أصيبت في الاشتباك مع قوات الحراسة ونقلت إلى المستشفي في حين اعتقلت القوات الأمريكية الأخرى( ).

ثالثاً: يوميات المقاومة
الموقف الأميركي حيال فرنسا الممانعة للحرب في 23/ 4/ 2003م:
صعَّدت أمريكا من هجومها على فرنسا لرفضها التراجع عن موقفها المطالب بضرورة عودة الملف العراقي إلى الأمم المتحدة رغم اقتراح باريس في مجلس الأمن بتعليق العقوبات المفروضة على العراق فوراً وهو ما رفضته واشنطن مؤكدة ضرورة رفعها بالكامل وليس تعليقها فقط:
من ناحيته أكد وزير الخارجية الأمريكي كولين باول أن فرنسا ستتحمل نتائج معارضتها لأمريكا في الحرب على العراق. مكتفياً بالقول إن ذلك لن يمر دون متابعة، وأنه ينبغي علينا أن ننظر إلى علاقاتنا مع فرنسا على ضوء هذا الأمر. واتهمها بأنها كانت وراء رفض الأمم المتحدة لضرب العراق بسبب تهديدها باستخدام حق الفيتو، إضافة إلى الضغوط التي بذلها وزير خارجيتها على الأعضاء غير الدائمين من أجل منع أمريكا من الحصول على الأغلبية البسيطة لاستصدار قرار بضرب العراق.
وتصر الولايات المتحدة على تصعيد هجومها ضد فرنسا، لأن العقوبات التي مازالت مفروضة على العراق تعطي الحق للأمم المتحدة سلطة السيطرة على تصدير البترول العراقي.
ويعنى تعليق العقوبات، كما تطالب فرنسا، السماح بتصدير البترول العراقي لفترة مؤقتة تحت سلطة الأمم المتحدة. في حين أن إلغاء العقوبات نهائياً ،كما تطالب أمريكا، يعنى تجريد الأمم المتحدة من تلك الصلاحية.
وأمام إصرار فرنسا على إبقاء الملف العراقي بالأمم المتحدة، واصلت الإدارة الأمريكية التفكير في طريقة معاقبة فرنسا لرفضها الحرب على العراق وإصرارها على إعطاء دور مركزي للأمم المتحدة في مرحلة ما بعد الحرب.
وقد هدَّد صقور الإدارة باتخاذ عقوبات ضد فرنسا، كمثل استبعادها عن الندوات واللقاءات التي تنظمها واشنطن مع حلفائها الأوروبيين. أو تهميش دورها في حلف الأطلنطي بأكبر قدر ممكن. أو استبعادها من عقود إعادة إعمار العراق التي تريد أمريكا السيطرة عليها بالكامل.
واستكملت الإدارة الأميركية مواقفها المتشددة من فرنسا، من خلال تصريحات وزير خارجيتها قائلاً: إن فرنسا ستواجه عواقب معارضتها للحرب وإن أميركا ستنظر في جميع جوانب علاقاتها بفرنسا.
إنقلاب الصورة بعد سبعة أشهر من الاحتلال:
تحول في الاستراتيجية الأميركية بشأن العراق
كشف مسؤولون أميركيون وأوروبيون ودبلوماسيون في الأمم المتحدة النقاب عن أن الولايات المتحدة تسعى لاستصدار قرار دولي جديد يدعم خطتها الجديدة بشأن العراق ولضمان عدم انهيار أول حكومة عراقية بعد الحرب بسبب افتقارها للاعتراف الدولي بها. ونقلت صحيفة »الواشنطن بوست« عن هؤلاء المسؤولين أن القرار الجديد سيساعد على الفوز بتعهدات من جانب الدول الأخرى لتقديم المزيد من القوات ومساعدات إضافية لإعادة البناء لم تستطع واشنطن الحصول عليها في القرارات الثلاثة السابقة. وأوضح مسؤولون أميركيون آن القرار ¬ علاوة إلى ذلك، سيؤدي إلى تجديد دور الأمم المتحدة في العراق للمساعدة على الإشراف على عملية انتقاء حكومة مؤقتة جديدة.
وقال مسؤول أميركي كبير إننا نرغب في تمهيد الطريق لقبول دولي لأي حكومة جديدة وضمان حصولها على الشرعية الدولية. وأضاف مسؤول آخر قائلاً: »في النهاية نحن نحتاج إلى قرار جديد يبارك استراتيجيتنا للخروج من العراق. لقد استطعنا دخول العراق بدون الأمم المتحدة ولكنه سيكون أمراً بالغ الصعوبة أن نخرج منه، ونترك خلفنا حكومة لا تتمتع بالقدرة على البقاء إ ذا لم تحصل على قبول دولي بها«. و»اعتقد أن لدينا رغبة في مناقشة ما نحتاج إليه بالنسبة للأمم المتحدة ولمهامها ولقدرتها على دعم عملية التحول السياسي التي ستدور عجلتها اعتباراً من الآن. ومن ثم يمكننا القول بأن أي قرار جديد من مجلس الأمن سيكون أمراً طيباً«.
***
أولاً: يوميات شهر نيسان من العام 2003م( )
البيان الأول بتاريخ 22/ 4/ 2003م( ): يقدِّم إحصاءً عاماً منذ العاشر من نيسان من العام 2003م، تاريخ انتهاء العمليات العسكرية النظامية، حتى 22 منه: »ا- قتل 2 من الجنود البريطانيين في البصرة، وتمَّ دفنهم في منطقة ما، وتدمير دبابة وجرح 7 من الغزاة.
2- قتل وجرح 87 جندياً أمريكياً، وتدمير 4 دبابات و3 آليات أخرى، منذ 10/4. وتأكد قتل 35 منهم في كافة قواطع الجهاد. فيما استشهد المجاهد خليل عمر في عملية استشهادية في بغداد العروبة والإسلام.
3- كما تم أسر 3 جنود من القوات الأمريكية الغازية.
إن صعوبة العمل الجهادي حالياً يحتم علينا عدم نشر صور الأسرى لاعتبـارات أمنية ولكن ذلك سيتم إن شاء القوي العزيز خلال الأيام المقبلة«.
ووجَّهت القيادة في البيان نداءً إلى الشعب العراقي الواحد جاء فيه: »جاهدوا وقاتلوا حتى يخرج المحتل. وقاطعوه، واصبروا، فرضا الله والوطن أهم من كل الحاجات. وقاطعوا الخونة ومن سهَّل للعدو الدخول للعراق. تصدوا -كل من موقعه- لهذا العدوان الهمجي الذي قتل وسرق وسلب ونهب الناس والآثار والخيرات. وإن المجاهدين الذين يخوضون عمليات قتالية صعبة -وبإمكانيات ذاتية- بحاجة لموقف واحد منكم جميعاً ضد هذا الغزو الهمجي«.
وعاهدت قيادة المقاومة أبناء الشعب العراقي على استمرار المقاومة قائلة: إن »العمليات الجهادية في عراق العروبة والإسلام مستمرة يومياً. والله، والله، والله، سيندم الغزاة الكفرة والقتلة واللصوص وكل من تعاون معهم«.
وهدَّدت القيادة كل المتعاونين، مع قوات الاحتلال، قائلة: »وبخصوص المعارضة ونشاطاتهم في بغداد فإننا نؤكد أن الشعب الأصيل، والمعتز بدينه، وبلده سيركلهم إلى المزبلة. ولن يكون للعراق حكومة توافق على الغزو والاحتلال، بل حكومة مقاومة وتحرير من أجل عراق عروبي إسلامي واحد وديمقراطي«.
البيان الثاني، بتاريخ 25/ 4/ 2003م: يتضمن معلومات عن بعض العمليات العسكرية، وعدداً من التوجيهات الأمنية، وبعض المواقف السياسية:
1-العمليات العسكرية: نفذت مجموعة عملية خاصة. قتلت فيها جندياً أمريكياً، وجرحت 2 جراحهما خطيرة، قرب منطقة الضلوعية. وأعلنت عن عمليتين استشهاديتين -ضد الغزاة المحتلين الأمريكان والبريطانيين- في كل من الموصل والرمادي( ). وحذَّر البيان من استخدام مطار صدام الدولي لأية أغراض تجارية، سواء من قبل العدو الصهيوني أو أي طيران آخر( ).
2-التوجيهات الأمنية: »اعتقلت المدعو كاظم جبر خميس، الذي تأكد تعاونه مع العدو الأمريكي قبل العدوان الهمجي وبعده، وقد ساهم في تقديم معلومات حول القوات المسلحة والأمن القومي والإرشاد. وقد اعترف المذكور بأسماء عملاء قدموا مع القوات الغازية، ورتَّب معهم حرق وزارتي التربية والتعليم والتجارة«.
وحذَّرت القيادة »من مغبة تسليم أي معلومات عن الوطنيين ، مهما كان اتجاههم السياسي، للقوات الغازية«. كما دعت »كل عراقي شريف عدم التعامل مع المحتل المجرم، وتقديم الوطن على الحاجات التي لا قيمة لها في وطن محتل«. كما حذَّر البيان من بعض عملاء المخابرات الذين يمارسون مهامهم بتغطية صحفية( ).
3-المواقف السياسية:دعا البيان إلى أن الوحدة الوطنية »تحت شعار مقاومة الغزاة القتلة ومقاطعتهم الطريق الأمثل لبناء عراق ديمقراطي حر مسلم وعربي« . كما دعا »رجال الدين سنة وشيعة لإصدار فتوى مشتركة بتكفير كل من تعاون مع المحتل الغازي المجرم، ورفع شعار (مقاومة الغزاة القتلة ومقاطعتهم الطريق الأمثل لبناء عراق ديمقراطي حر مسلم وعربي) «.
-البيان الثالث، بتاريخ 29/ 4/ 2003م: أشار إلى التعتيم الإعلامي الذي تمارسه مجموعة كبيرة من وسائل الإعلام العربية على أعمال المقاومة( ).
وأشار البيان إلى أول إحصائية عن الخسائر بالأرواح لقوات الغزو الكبيرة، منذ بدايته حتى تاريخ 28/ 4/ 2003م( ).
وجاء في البيان الثالث أول إشارة تدل على انخراط المزيد من القوى والتنظيمات العراقية في المقاومة العراقية. كما أشار البيان إلى أن الرئيس صدام حسين ما زال حياً، وجاءت هذه الإشارة لتنفي كل الإشاعات التي حاولت أن تشوِّه موقفه( ).
ووجَّه الرئيس صدام حسين رسالته الأولى، بعد الغموض الذي لفَّ مصيره بعد التاسع من نيسان، معلناً استمرار القتال ضد الاحتلال داعياً العراقيين إلى الالتفاف حول المقاومة. كما دعا إلى اعتبار طرد المحتل من الأولويات( ). ومبشِّراً بالنصر وببناء عراق جديد، مذكِّراً بخطورة المؤامرة الصهيونية الأميركية على الوطن العربي، وضرورة مواجهتها على أسس قومية( ).

الخسائر
بيان 22/ 4/ 2003م: آليات: 8 ، أسرى: 3، قتيل أميركي: 35، جريح أميركي: 52، قتيل بريطاني: 2، جريح بريطاني: 7.
بيان 25/ 4/ 2003م: آليات: 2، قتيل أميركي واحد، 20إصابة بعضها خطير، جريح بريطاني: 2.
ثانياً: يوميات شهر أيار/ مايو 2003م( )
باول يتجاهل »أوروبا العجوز«، ويصعد لهجته ضد سورية عشية وصوله إليها
في أول زيارة له إلى منطقة الشرق الأوسط، بعد احتلال العراق، لم تشمل جولته الدول الأوروبية التي عارضت الغزو مثل فرنسا وألمانيا، وهذا إيذان بتهديد مبطَّن موجَّه لها. أما سبب زيارته إلى سوريا فهو لتبليغ السوريين أن التغيير الذي شهده العراق يجب أن يدفعهم لمراجعة سياساتهم المتعلقة بمساندة حزب الله في جنوب لبنان، وللتفكير في الإصلاح السياسي في سورية.
أما الموضوع الأكثر حساسية فهي التوترات التي حصلت بين الولايات المتحدة وسورية بسبب مزاعم أمريكية بسماح سورية بدخول متطوعين عرب إلى العراق لقتال القوات الأمريكية. وعبَّر عن أهداف زيارته إلى سوريا أمام لجنة فرعية تابعة لمجلس الشيوخ قائلاً: إن الأسابيع الأخيرة يجب أن تكون قد علمت السوريين أن العالم ضاق ذرعاً بالدول التي تطور أسلحة للدمار الشامل »وتضمر الشر لجيرانها«.
وبدوره أعلن وزير الدفاع الأمريكي عن البدء في تقليص عدد القوات الأميركية في العراق قائلاً: إن الولايات المتحدة بصدد إعادة ترتيب قواتها في المنطقة وتقليص عددها بعد انهيار نظام الرئيس العراقي صدام حسين. وأكد في خطاب وجهه إلى الشعب العراقي أن القوات الأميركية لن تبقى يوماً واحداً أكثر بعد تشكيل الحكومة العراقية الحرة( ).
وبوش يعلن انتهاء العمليات العسكرية في العراق، ويتوعَّد بمتابعة الحرب على الإرهاب، قائلاً: إن »الجزء الأكبر من المعارك قد انتهى في العراق«. وأضاف »في هذه المعركة، حاربنا من أجل الحرية ومن أجل السلام في العالم. وإن الولايات المتحدة وحلفاءنا فازوا في معركة العراق«. وأضاف: إن التدخل في العراق مكَّن من تحقيق »انتصار في الحرب على الإرهاب«. وأضاف: »بات مؤكداً أنه لن تحصل شبكة إرهابية على أسلحة دمار شامل من النظام العراقي لأن هذا النظام لم يعد له وجود«. لكن »الحملة على الإرهاب لم تنته بالإطاحة بصدام في العراق وطالبان في أفغانستان ... بتلك الهجمات أعلن الإرهابيون وأنصارهم الحرب على الولايات المتحدة والحرب هي ما حصلوا عليه. معركة العراق مجرد نصر واحد في حرب على الإرهاب بدأت في 11من سبتمبر عام 2001م وما زالت دائرة« ( ).
رسالة الرئيس صدام حسين بتاريخ 7/ 5/ 2003م()
طلب من الشعب العراقي دعم المقاومة، قائلاً: »لقد بدأ جهاد إخوانكم ليلحقوا كل يوم خسائر متلاحقة بالعدو المجرم الأمريكي والبريطاني، فكونوا معهم، لأن الله معهم«.
وأماط اللثام عن أهداف الاحتلال، ووجَّه الأنظار إلى أن المحتل بدأ بسرقة المصارف والآثار: »وأقول إن الغزاة الأمريكان والبريطانيين قد سرقوا من ثروتكم الآثار ونفطكم، بل سرقوا من المصارف أموالاً تفوق ما يعلنون، وليعلم الجميع أن مصارفكم كانت مليئة بالأموال بمختلف العملات، لمودعين وللدولة، وقد سرقها الغزاة الذين سيسرقون نفطكم وثروتكم«. لذا دعا إلى مقاومة الاحتلال، بكتلة وطنية واحدة، مذهبها وقوميتها طرد المحتل: »وحدهم من يقاومون الاحتلال هم من يفكرون بعراق واحد، أما من يمد يده للغزاة فهو لا يفكر بعراق واحد. اتحدوا وتراحموا وتعاونوا… وتذكروا أنكم، عرباً وأكراداً وتركماناً وباقي المواطنين، إخوة في الدين والوطن. وإنكم سنة وشيعة مسلمون وإخوة في الوطن«.
ودعا إلى مقاومة عملاء المحتل: »حافظوا جميعاً على الوطن واسعوا جميعا للمقاومة، وإياكم ثم إياكم ثم إياكم أن تمكنوهم من نفطكم وثرواتكم، قاوموا، قاوموا، قاوموا، وقاطعوا المحتل وأعوانه، هذا واجب ديني ووطني«. ووصف من سمَّت نفسها معارضة، قائلاً: »تصوروا أن من يطلقون على أنفسهم معارضة عراقية جاءوا يقدمون الدعم لمحتل ليسرقهم ويحتل بلدهم …، ويعترف بالعدو الصهيوني. كلهم سواء كانوا قد لبسوا العمامة أو القبعة الأمريكية لا فرق بينهم طالما سببوا لشعبهم هذا الألم والاحتلال«.
وعلى الرغم من الجراح التي تركتها معظم الأنظمة الرسمية العربية، وبعض الأنظمة الإسلامية، في الجسد العراقي، دعا العراقيين إلى القتال إلى جانب شعوب تلك الدول ضد كل الغزاة: »وإن رأيتم العدو يريد النيل من سورية أو الأردن أو السعودية أو إيران، فساعدوا في مقاومته، فهم ورغم الأنظمة إخوتكم في الدين أو العروبة. وساعدوا الكويت وبقية دول الخليج العربي ومصر والأردن وتركيا ليتخلصوا من العدو الأمريكي«.
رسالة الرئيس صدام حسين بتاريخ 9/ 5/ 2003م()
كشف في رسالته عن أنه كان يودِّع كوكبة من أبطال المقاومة، وأعلن أنه لن يرضى بأقل من الشهادة في سبيل تحرير العراق، قائلاً: »لقد عاهدت الله أن أموت شهيداً ولا أسلم للعدو الأمريكي والبريطاني الجبان والقاتل. وإذا كانت الجولة الأولى حفلت بالخيانة من قبل أناس باعوا دينهم وأمتهم ووطنهم وعرضهم، فان النهاية لا يكتبها إلا المؤمنون بالله والذين سيطردون الغزاة القتلة اللصوص. .. فالمستقبل يصنعه مثل هؤلاء، كما سيصنعه أبناء الشعب الفلسطيني المجاهد والعظيم«. ويدعو الشعب العربي، إلى مساندة المقاومة العراقية كل حسب مقدرته واستطاعته ودرجة إيمانه. ويبدأ هذا الجهاد بمقاطعة العدو الأمريكي والبريطاني والصهيوني. وعدم تقديم أية تسهيلات لأي من أفرادهم أو مؤسساتهم. وعدم عقد مباحثات مع أي جهة منهم. و مقاطعة بضائع الدول هذه وكل من يؤيد العدوان. وعدم التعامل مع أي عراقي فرداً أو حزباً أو جهة إذا كان موافقاً أو مؤيداً للاحتلال. وإيصال صوت الشعب إلى الحكومات ليتذكروا أننا أبناء بلد واحد وأمة واحدة.
ويناشد كل عربي، في أي موقع كان، إلى القيام بواجبه القومي، قائلاً: »أنت مطالب أخي العربي مثقفاً كنت أو أديباً أو صحافياً أو مصوراً أو رساماً بفضح المحتل الجبان وجرائمه. ولا تسمحوا لمن يؤيد المحتل أو يبرره أن يكون بينكم. وارفضوا يا من الرياضة مجالكم المحتل وقاطعوه وقاطعوا فرقه وكل من يؤيده«.

بيان »قيادة المقاومة والتحرير«: أواخر شهر أيار / مايو 2003م:
-قالت القيادة العامة في بيانها إن »فيتنام جديدة، بل ما هو أقسى من فيتنام بدأ في العراق«. وتوعَّد البيان بأن تستمر عمليات المقاومة حتى تحرير العراق الواحد كله وإقامة دولة القانون والعدل والديمقراطية لعراق مسلم وعربي.
-دعا نائب القائد العام للقوات المسلحة والمقاومة والتحرير العراقيين بعدم التعامل مع القوات الغازية. وحثهم على تكوين جماعات لشن حرب عصابات ترهق العدو وتكلفه خسائر بشرية ومادية كبيرة. ودعا إلى تسليم قيادة المجموعات إلى أعلى رتبة عسكرية في منطقة تواجدهم، وضرورة مراعاة الحذر والأمن العسكري أثناء تنفيذ العمليات.
-وتوعَّدت »القيادة العامة للمقاومة العراقية أنها ستمنع قوات الاحتلال من الاستفادة من النفط العراقي ولو كلف ذلك إحراق القوات الغازية بهذا النفط«.
وعدَّد البيان مجموعة من العمليات التي قامت بها المجاميع التابعة للقيادة( ): وحول مصير اثنين من الصحافيين المرافقين لفريق (أي تي في) التلفزيوني قال بيان المقاومة العراقية إنه لا يستبعد أن »يكونا قد قتلا على أيدي القوات البريطانية في الزبير بعد أن شاهدا عملية إعدام عدد من العراقيين الأسرى على أيدي القوات البريطانية«. وقال البيان: أرسلت معلومات عبر الفاكس حول (فدنيراك) واللبناني حسين عثمان للسفارة البريطانية في القاهرة.

بيان »قيادة المقاومة والتحرير« بتاريخ 30/ 5/ 2003م:
-مجموعة خاصة من رجال الحرس الجمهوري، والفدائيين والجيش العراقي نفذت عمليات ضد قافلة عسكرية على طريق بغداد- بعقوبة فدمرت دبابة وعجلة عسكرية وقتلت 3 أفراد وجرحت ما لا يقل عن 11 شخصاً، واستشهد أحد أفرادها وهو برتبة نقيب.
-مجموعة أخرى نصبت كميناً للقوات الأميركية شمال بغداد. فقتلت جندياً وجرحت 3، وتمَّ تدمير عجلة جيب وعطب أخرى.
-نفَّذت »كتائب الفاروق«، الجناح الاستشهادي في تنظيم الحركة الإسلامية في العراق، هجوماً في منطقة الصويرة أدى إلى مقتل جنديين، وإصابة 6 آخرين.

بيان »قيادة المقاومة والتحرير« بتاريخ 31/ 5/ 2003م:
-هجوم على طائرة نقل عسكرية كبيرة كانت تهم بالهبوط في مطار بغداد. وأكَّدت المقاومة أنها أصابتها بشكل مباشر مما منعها من الهبوط. وسقطت لاحقاً في مناطق غرب بغداد وأن دوي انفجارها سمع في العاصمة العراقية.
-هاجمت مجموعة من الجيش العراقي قوة أميركية شرق بغداد مما أدى إلى تدمير دبابتين، ومقتل 4 جنود أميركيين. وعملية ثانية نفذتها قوات الفاروق والفدائيين وأعضاء حزب البعث في منطقة ديالى مما أدى إلى مقتل جنديين أحدهما ضابط برتبة ملازم.
ملاحظة: متحدث أميركي يعترف بمقتل 20 عسكرياً أميركياً في سلسلة هجمات في شهر أيار، منذ أن أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش انتهاء القسم الأكبر من المعارك، مما أبرز ضرورة بقاء وحدات كبيرة في العراق لفترة أطول مما كان مقرراً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق