بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 22 يناير 2010

المقاومة الوطنية العراقية (معركة الحسم ضد الأمركة) (2)

الفصل السادس
رؤية في صياغة أسس جبهوية وطنية وقومية في تجربة المقاومة العراقية
تمهيــــد:
للمقاومة الوطنية العراقية ميزاتها غير المسبوقة في تاريخ الثورات في العالم، وتلك من المسائل الطبيعية في أن تتميز كل ثورة عن الأخرى، استناداً إلى خصوصيات الشعوب والإيديولوجيات.
من أهم ميزات تلك المقاومة، أنها انتقلت –بواسطة إيديولوجيا حزب البعث العربي الاشتراكي- مباشرة من مرحلة موقعها في السلطة إلى مرحلة الثورة عبر الكفاح الشعبي المسلَّح. وهذا من أهم الدلائل على أن الحزب كان في الوقت الذي يمارس فيه السلطة كانت يده –باستمرار- على زناد الثورة.
وعلى العكس من ذلك كان قادراً على أن يمالئ دول العدوان ويتواطأ معها على سرقة ثروة العراق وحقوق العرب، خاصة في فلسطين؛ وهذا ما كان يضمن له البقاء في السلطة. ولكنه لم يفعل، فكان الاحتلال العسكري هو أهم ذيول الممانعة التي رفعها حزب البعث وأمينه العام في وجه المشاريع الاستعمارية( ).
احتفل الغزاة بإسقاط تمثال الأمين العام للحزب في ساحة الفردوس في بغداد، في التاسع من نيسان من العام 2003م، إعلاناً منهم بانتهاء الحرب، وكأنهم بذلك يؤكدون أن حزب البعث انتهى بانتهاء سلطته السياسية في الحكم.
ترافق الإعلان الأميركي، عن احتلال بغداد، بموجة همجية منظَّمَة من السرقة والنهب والفوضى، قادها وأشرف على تفاصيلها عملاء المخابرات الأميركية، من العراقيين الذين عادوا إلى العراق على دبابات الاحتلال. وكان من أهم أهدافها ما يلي:
-أن يستفيد العملاء من سرقات البنوك والمؤسسات العراقية لتعزيز رصيدهم، وهم الذين عادوا –بمثل تلك الطريقة- من أجل نهب ثروات وطنهم واقتسامها مع قوات الاحتلال.
-إحراق كل مؤسسات الدولة، بأمر وتوجيه من المؤسسات التابعة للشركات الكبرى، من أجل التزام إعادة إعمارها على حساب ثروات العراقيين الوطنية.
-سرقة الآثار من المتاحف، بالتنسيق مع عملاء للمافيات العالمية، للاستفادة من عائدات أثمانها. كما تؤدي إلى غرض آخر، وهو تدمير كل مظاهر الحضارة العراقية عبر التاريخ.
-إحراق المكتبات وما تحتويه من مخطوطات نادرة تؤرخ للحضارة العراقية، والحضارة العربية والإسلامية. وهو ما يؤدي إلى أهداف لها علاقة بتجهيل الأجيال القادمة بتاريخهم الحضاري.
-إحراق تجهيزات المعاهد العليا والجامعات ومراكز الأبحاث من أجل إعادة العراق إلى مرحلة من التخلف العلمي، وهو الذي أثبت جدارته ببناء أنظومة علمية متقدمة، أثارت الخوف والرعب في نفوس أصحاب الشركات الكبرى.
في غمرة الفوضى العارمة، التي أشاعتها قوات الاحتلال وسمحت بها، بالتعاون مع عملائها. وما كاد الإعلام الأميركي، إعلام الغزاة الذين لا يريدون ما ينغِّص عليهم انتصارهم العسكري النظامي، يعلن انتصار القوات الأميركية في العراق، حتى كانت في الجهة الأخرى ترتفع زنود الأبطال العراقيين، بقيادة الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، منذ العاشر من نيسان من العام 2003م( )، تاركة مواقع السلطة، منخرطة في فعاليات الثورة، لتصلي جنود الغزاة لهباً وناراً حامية. وفعاليات الثورة تقوم على الإيمان بالكرامة الوطنية التي هي الوحيدة التي تعيد التوازن بين إمكانيات المتصارعين غير المتكافئين بقواهما العسكرية( ).
كانت المفاجأة هي العامل الذي ميَّز ظهور المقاومة الوطنية العراقية. وجاءت من أن مراهنات المراقبين المتفائلين-بعد دخول الغزاة إلى بغداد- كانت تحسب بضعة شهور، على أقل تقدير، للتأسيس لمقاومة شعبية. وظلَّت المفاجأة مفاجأة عند الأكثرية الساحقة من المراقبين من دون أن تجد لها تفسيراً عندهم.
ولهذا سنقوم بدراسة موضوعية لاتجاهات حزب البعث الاستراتيجية، فكرياً وسياسياً ونضالياً، حول مسألة الصراع مع الاستعمار أو أي احتلال آخر، لنبيِّن فيها ما يجلي الصورة تماماً وينفي عامل المفاجأة لتحل مكانه الرؤية الاستراتيجية للمقاومة الوطنية العراقية في هذه المرحلة بالذات.
عندما كان نظام الحزب في العراق داخلاً في مواجهة سياسية ضد التحالف الأميركي الصهيوني، كان يعرف -تمام المعرفة- مضامين المشروع الإمبراطوري الأميركي، وكانت قيادة الحزب والثورة في العراق تدرك أن أهم أهداف هذا المشروع تُبنى على أساس احتلال العراق للسيطرة على ثروته النفطية من جهة، واستئصال فكر الثورة العربية التي يعمل حزب البعث على هديه من جهة أخرى.
كانت خطورة فكر حزب البعث واضحة على مستقبل الاستعمار في الوطن العربي، وهذا ما دلَّت عليه مضامين المشاريع الأميركية المتتالية –منذ الخمسينيات-وأصبحت الرؤية حول خطورة فكر الحزب أكثر وضوحاً لعقود خلت، منذ بداية الحملة المنظَّمة على الحزب وثورته في العراق، عندما بدأت أجهزة المخابرات المرتبطة بالحلف الصهيوني الاستعماري الأميركي تستقصي قوة الحزب وانتشاره في الوطن العربي والعالم، وطروحات الحزب التنفيذية في العراق، وصولاً إلى المشروع الذي وضعه الحاكم الأميركي في العراق، أمام مجلس الحكم الانتقالي لتنفيذ مضمونه( ).
لكل تلك الأسباب كانت القيادة في العراق تُعد لمترتبات الثورة لمرحلة ما بعد الاحتلال الأميركي للعراق. ومن بديهيات الاستراتيجيا الحزبية هو اعتماد حرب التحرير الشعبية كأحد الأساليب المتاحة لإحداث توازن بين قوة الاستعمار العسكرية النظامية وإمكانيات الشعوب التي تتعرض أراضيها للاحتلال.
كان الإعداد المسبق لمترتبات حرب التحرير الشعبية هو العامل الغائب عن رؤية المراقبين. وقد دلَّت وقائع المعارك العسكرية صحة ومصداقية ووجود ترابط في رؤية قيادة الحزب بين مرحلتيْ الصدام العسكري بين العراق وقوى العدوان. وأخذت نتائج الجدال حول عفوية المقاومة العراقية وتنظيمها المسبق تدل على أن الإعداد لها -برجالها وسلاحها وإمكانياتها- كان إعداداً مسبقاً. وإذا ما انكشفت تلك الخصوصية الاستراتيجية للمقاومة الوطنية العراقية -الآن- يزول عامل المفاجأة مما حصل في 9/ 4/ 2003م، وهو ما يُعرَف بسقوط بغداد تحت الاحتلال.
وعلى خلاف ما يحاول البعض أن يثير الخوف منه، وهو إمكانية أن يمارس حزب البعث العربي الاشتراكي أسلوب الفئوية في العمل المقاوم، يرشح على ساحة المقاومة الكثير من وقائع الميدان، ومما تتضمنه بيانات كل فصائل المقاومة العراقية، بما يعيد الاطمئنان إلى النفوس من أن واقعها الآن يسير في اتجاهات وطنية واضحة، سواء من المنظار الفكري والسياسي أو من منظار الواقع العملي على الأرض. وهذا ما سوف نقوم بتوضيحه بطريقة توثيقية في مراحل قادمة من هذه الدراسة.

أولاً-تأثيرات المقاومة العراقية في وقف تنفيذ أهداف الاحتلال
1-المشهد العام في ظل غياب المقاومة
لو لم تولد المقاومة الشعبية العراقية، لكانت صورة المشهد على الساحة العراقية، والعربية، والدولية، على الشكل التالي:
أ-سيطرة عسكرية أميركية كاملة وهادئة وهانئة، يتجول فيها جنود الاحتلال في شوارع المدن العراقية بزهو يتوِّجه الانتصار العسكري. ولعاد الجنود إلى بلادهم يروون قصص البطولات الخيالية التي تتسابق شركات السينما الأميركية لشراء مذكرات وقصص من هذا أو ذاك من الجنود الأميركيين الذين شاركوا في العدوان على العراق.
ب-يفسح استتباب الأمن مناخاً أمنياً مناسباً وأساسياً لانتشار سيطرة الرساميل الأميركية الكبرى، وخاصة تلك التي يشارك برأسمالها أو بمجالس إدارتها أعضاء في الإدارة الأميركية الحاكمة، من حيث احتكار حق التصنيع وحق توزيع وبيع إنتاج تلك المصانع؛ أو من حيث احتكار مشاريع إعادة الإعمار، أو استثمار النفط في العراق( ).
ج-سيطرة كاملة على كل مخزون النفط في الوطن العربي، بحيث تمول الحروب نفسها بنفسها أولاً، وتفتح آفاقاً واسعة من أبواب العمل أمام رأسمال الشركات الأميركية الكبرى( ).
د-كان اللوبي الرأسمالي، الداعم لإدارة الرئيس بوش الابن، يعد نفسه بإعادة انتخابه لولاية ثانية في العام 2004م، ليبقى تحت سيطرة ابتزازه، لمتابعة تنفيذ حلمه في السيطرة على العالم، بعد أن تستقر له الأوضاع في العراق.
هـ-سلطات عراقية يقودها العراقيون القادمون على دبابة الاحتلال، ذات دور مرسوم ومخطط ومأمور بتوجيهات وقرارات الشركات الرأسمالية الأميركية الكبرى.
و-شعب عراقي، بتياراته الحزبية والسياسية والثقافية والفكرية، يتمتع –شكلاً- بحق القول والتظاهر والاحتجاج، على أن لا تشمل التحريض ضد قوات الاحتلال تحت طائلة منعها بالقوة؛ وعلى أن يلتزم بموجبات حرية رأس المال، التي لا تقبل الجدل حول أولوية مصالح الدول الكبرى، حتى لو سرقت –وهي حتماً سوف تسرق- كل ثروات الشعب العراقي، لو تمكَّنت الولايات المتحدة الأميركية من تنفيذ مخططاتها.
ز-أنظمة عربية تخشى أن تواجه سيد العولمة الأميركية، تضع كل أجهزتها السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية في خدمة السيد الرأسمالي ومصالحه، على أن تنال جوائز ترضية من فتات ما سوف تسرقه الشركات من ثروات الشعب العربي، وتنال –أيضاً- حماية تضمن بقاء المتواطئين مع المشاريع المعادية لأمتهم في السلطة السياسية.
ح-تراجع المقاومة الفلسطينية، وتنامي فرص تحقيق المشروع الصهيوني في فلسطين والأقطار العربية الأخرى.
ط-دول العالم الأخرى –حتى تلك المنتمية إلى نادي رأس المال الدولي- تقف على أعتاب القيصر الأميركي، تطلب رضاه وموافقته على ما يجود به عليها بالمشاركة ببعض المشاريع الاقتصادية؛ ولكن هذا الرضا لن يبقيها بعيدة عن أوامره، وبما يبقيه المسيطر الوحيد على قرار دول العالم السياسي والأمني. ذلك القرار الذي يضمن سيطرته على اقتصاديات الدول الأخرى، ويأتي على رأسها الثروة النفطية التي حافظت على أهميتها في أولويات الاقتصاد العالمي من حيث أنها الطاقة الوحيدة المحركة للمصانع ووسائل النقل والآلة العسكرية.

2- المشهد الراهن في ظل وجود المقاومة
من ضمن ذلك المشهد المفترَض لنتائج الهيمنة الأميركية على العراق فيما لو لم تنطلق المقاومة الوطنية العراقية، يمكننا أن نرسم المشهد الواقعي –في المرحلة الراهنة- على صعيد واقع حال قوات الاحتلال وعلى واقع حال الإدارة الأميركية، وواقع الحال الذي نفترض تناميه على الصعيدين العربي والدولي:
أ-استناداً إلى كل التقارير الميدانية على الساحة العراقية، أي إلى كل ما له علاقة بوضع جنود الاحتلال، وما له علاقة بشريحة سياسية واسعة في الولايات المتحدة الأميركية، وإلى كل ما له علاقة بالشارع الأميركي وبشكل خاص كل ما له علاقة بأهالي الجنود الأميركيين المشاركين باحتلال العراق. لكل تلك الوقائع يمكننا القول إن ما توهَّمت الإدارة الأميركية، بدعم من مؤسسات الدراسات التابعة للشركات الرأسمالية الكبرى، أنه نصر، قد تحوَّل إلى هزيمة تكابر الإدارة الأميركية عندما لا تعترف بها( )، وهي لا تزال تراهن على القضاء على المقاومة العراقية، وتحشد لذلك كل الإمكانيات والسُبل.
ب-من أهم السُبُل التي تعمل من أجل تحقيقها هي عودتها –ولكن بمكابرة وعنجهية- إلى الضغط على كل دول العالم –ومنها بعض الأنظمة العربية والإقليمية( )، المستسلمة لإرادة السيد الأميركي- في سبيل تقديم الدعم العسكري والمالي، للتخفيف من وطأة المأزق الواقعة فيه( ).
بعد أن أخفت الإدارة الأميركية حاجتها الماسة إلى مساعدة دولية تنقذها من المأزق الذي وضعتها فيه المقاومة الوطنية العراقية، وبعد إلحاح من المعارضين، وحتى من دوائر الإدارة الحاكمة ذاتها، أخذت الإدارة الأميركية تعمل من أجل أن تتنازل عن الكثير من عنجهيتها، فدخلت في مساومة سياسية تعتمد المنطق التجاري مع الأطراف الدولية الكبرى في الأمم المتحدة من أجل الحصول منهم على الدعم المالي والعسكري. و على الرغم من أن تلك المساومة قد تطول إلاَّ أن الإدارة الأميركية لن تجد مخرجاً آخر لتجاوز المأزق إلاَّ من خلاله( ).
تحت تأثير ضربات المقاومة العراقية، انتقل خطاب الغرور الأميركي من تهديد الدول الأخرى بأن أميركا تستطيع خوض الحرب بمفردها، إلى حافة طلب النجدة من تلك الدول. وتتمظهر حالات التراجع الأميركي الحاد من خلال استنجاد أعضاء الإدارة الأميركية بالدول الأخرى، وأكثرهم تعبيراً عن شدة المأزق الأميركي هو الرئيس جورج بوش الابن. وكان خطابه أمام شلَّة من الجنود الأميركيين العائدين من العراق بتاريخ 12/ 9/ 203م، هو الأكثر تعبيراً( ).
ج-وضعت المقاومة العراقية قوات الاحتلال أمام عدد من المآزق، ومنها:
-الاستنزاف البشري بين الجنود الأميركيين بحيث تحصد المقاومة العراقية –يومياً- عدداً منهم، والذي قد يصل إلى حدود لا تستطيع الإدارة إخفاءه أو التستر عليه، كما تفعل الآن. ويزداد مأزقها لأنها لن تستطيع أن تعيد هؤلاء الجنود إلى بلادهم بسبب عدم توفر البدائل( )، وهذا المأزق سوف يضعها أمام حقيقة مخيفة من أن تتمرد بعض القطعات العسكرية الأميركية على أوامر القيادة السياسية في العراق. وهذا بالتالي سوف يعقِّد مهماتها ويبطل مفاعيل ضغوطاتها على دول العالم الأخرى من أجل مشاركتها، في ما تسميه تضليلاً، إعادة إعمار العراق.
-أبطلت مفاعيل ضغوط الشركات الأميركية الكبرى على أعضاء مجلسي الشيوخ والكونغرس من أجل تجديد موازنة عسكرية تسمح بتمويل الحملة العسكرية في العراق( ) قد تطول إلى أمد غير محدود. وحتى تلك الشركات سوف تحجم عن تغطية نفقات عمل عسكري لن يدر عليها أية فوائد أو أرباح، أو على الأقل لن يوفر لها عامل الأمن المناسب لتشغيل رساميلها في أية مشاريع في العراق.
-منعت قوات الاحتلال من استغلال مرفقين مهمين يشكلان أساس الأهداف العدوانية للإدارة الأميركية، وهما إنتاج النفط وفتح مطار صدام الدولي. وبدون السيطرة على هذين المرفقين، سوف تتواجه الإدارة الأميركية بأهم العوائق، وسوف تُثار في وجهها أهم الاعتراضات والممانعات من داخل البيت الأميركي، واستغلال هذا الفشل لإسقاط الإدارة الحالية( ).
-زال حلم لوبي الإدارة الأميركية من الفوز بترحيب الشعب الأميركي بما أقدموا عليه، وحلَّ بدلاً منه تحميلهم مسؤولية المغامرة ومحاسبتهم عليها( ).
-أبعدت الرئيس بوش، الذي تحمَّل جريمة شن العدوان على العراق، عن حلم التجديد له لولاية ثانية. فهو كان يحلم بأن احتلال العراق سوف يمهِّد الطريق أمامه للبيت الأبيض، لكن الاحتلال –نفسه- أصبح العائق الأساسي الذي يحول دون التجديد له( ).
-عرقلت تشكيل مجلس حكم انتقالي في العراق، وفرضت تأجيل تشكيله إلى فترات زمنية أكثر مما كان مخططاً له. وبعد إعلان ذلك التشكيل، فرضت على كل المرجعيات العربية والدولية الرسمية أن تفلت من ضغوطات الإدارة الأميركية للاعتراف الصريح والواضح بذلك المجلس.
ـ-أعادت الثقة إلى نفوس أوسع الجماهير العربية، كما أعطتها مفاهيم جديدة لمعاني النصر والهزيمة، وقلبت موازينهما ومكاييلهما التقليدية.
-فرضت نفسها على قرارات عدد من الأنظمة الرسمية العربية، وهي تُظهِر –في هذه المرحلة- التردد عن اتخاذ قرارات على مقاييس المصلحة الأمنية والسياسية للقوات المحتلة في العراق. وهي وإن لم تصل إلى حدود الممانعة المؤثرة على قرارات الإدارة الأميركية –وهي لن تصل- إلاَّ أنها تميَّزت برفض الرضوخ التام لضغوطها.
-أعاد ثبات جهد المقاومة العراقية الوعي -من جديد- إلى بعض الدول الكبرى، وشدَّ من أزرها، في العودة إلى إحياء حلمها في إنشاء عالم متعدد القطبيات، وتجلَّت تلك المواقف في عودة التشدد النسبي إلى مواقف بعض الدول. وأخذت تتحصَّن وراء المأزق الأميركي، وحاجة الإدارة الأميركية إلى الدعم والمؤازرة، لكي تفرض عليها بعض الشروط التي تقلل من جموحها نحو الهيمنة على العالم( ). لكن يبقى الخوف من أن تتَّخذ تلك الدول قرارات تتَّسم بالميوعة لأن الزئبقية في مواقفها سوف تبقى السمة الملازمة لها، فهي لا تريد أن تقطع كل خيوط ارتباطها مع الإدارة الأميركية قبل أن يلوح في الأفق ما يدل على أن المقاومة العراقية أصبحت من التأثير على قاب قوسين أو أدنى من طرد قوات الاحتلال.
لكن –وحيث إن قرارات الدول الرسمية تستند إلى مصالح خاصة- يُخشى من أن تتواطأ مع الاحتلال الأميركي –باتخاذ قرارات في غير صالح العراق- إذا اعترفت لها الإدارة الأميركية بالمحافظة على بعض مصالحها. وكأسلوب للضغط على حكومات تلك الدول، لا بُدَّ من أن تعمل الحركة الداعمة للمقاومة العراقية من أجل خلق احتضان إنساني عالمي لها، تكون الغاية من ورائه إعادة الضمير الإنساني إلى حالة متوثِّبة من الوعي، فيشكل ضغطاً على الحكومات الرسمية، بحيث يعيد التوازن بين المصالح الخاصة للدول وبين المحافظة على القيم الإنسانية المتعلقة بمنع تشريع العدوان أياً تكن اتجاهاته. ونحن نعتقد أن الشارع العالمي بما فيه من مؤسسات ذات أهداف إنسانية وأخلاقية واجتماعية، فكرية وثقافية وسياسية وحزبية، هو الذي سوف يُجبر الأنظمة الرسمية للدول الكبرى، التي كانت ممانعة للعدوان على العراق، إلى الامتناع عن الانزلاق باتجاه المصالح المادية على حساب القيم الإنسانية.
ثانياً: قراءة فكرية سياسية في وطنية المقاومة عند حزب البعث
لا تنفصل مقاييس الوطنية في المقاومة الشعبية المسلَّحة عن المضامين الفكرية للتيارات المنخرطة فيها. وحيث إن التيار الرئيسي الذي يُسهم في مقاومة الاحتلال في العراق هو حزب البعث العربي الاشتراكي، نرى من المفيد أن نلقي بعض الأضواء حول رؤيته للعمل الجبهوي المقاوم. فما هي المضامين الفكرية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول الوحدة الوطنية؟
تنص الفقرة الثانية من المبدأ الثاني من دستور الحزب على أن: »قيمة المواطنين تقدَّر –بعد منحهم فرصاً متكافئة- بحسب العمل الذي يقومون به في سبيل تقدم الأمة العربية وازدهارها دون النظر إلى أي اعتبار آخر«( ). ولهذا يرفض الحزب أية رابطة غير الرابطة القومية بين أبناء الأمة، وأكَّدت المادة الخامسة عشرة من الدستور على أن: »الرابطة القومية هي الرابطة الوحيدة القائمة في الدولة العربية، التي تكفل الانسجام بين المواطنين، وانصهارهم في بوتقة واحدة. وتكافح سائر العصبيات المذهبية والطائفية والقبلية والعرقية والإقليمية«( )، على أن ترتبط بعلاقات إنسانية مع سائر الدول بحيث » ترمي إلى المساهمة مع الأمم الأخرى في إيجاد عالم منسجم حر آمن، يسير في سبيل التقدم الدائم«( ). ولا يمكن أن يتحقق الانسجام في ظل عوائق الاستغلال الاقتصادي الذي تمارسه الدول الاستعمارية على دول العالم الثالث. فلن تتأمَّن شروط إيجاد الانسجام بين الأمم وتيسير خطوات التقدم إلاَّ بأن »يناضل العرب، بكل قواهم، لتقويض دعائم الاستعمار والاحتلال وكل نفوذ سياسي أو اقتصادي أجنبي في بلادهم«( )، ولهذا السبب قرَّر الحزب في الفقرة (أ) من المادة السادسة من مبادئ الدستور العامة »النضال ضد الاستعمار الأجنبي لتحرير الوطن العربي تحريراً مطلقاً كاملاً«( ).
ولأن الاستغلال الاستعماري لا يستثني، في تطبيق أهدافه، هذا الدين أو ذلك المذهب، هذه القومية أو تلك، يرى حزب البعث أن عبء طرد الاحتلال لا يمكن أن يتم إلاَّ بناءً على أسس وطنية جامعة، تشترك فيها كل طبقات الشعب الاجتماعية واتجاهاته الدينية والمذهبية.
وما ينطبق على الجبهة الوطنية في القطر الواحد ينطبق على الجبهة القومية على كامل الساحة العربية، وقد أكَّدت مؤتمرات الحزب في العراق على أن علاقات المواطنين العرب تنبني على أساس الرابطة الوطنية في إطار القطر الواحد، وعلى أساس القومية في إطار الوطن العربي الكبير ( ).
أما حول التنوعات الطبقية والسياسية والدينية، فلا يجوز أن تشكل عوائق في طريق أية جبهوية لتحرير الأرض؛ فالدفاع عن الوطن ملزم للجميع وليس خاضعاً للحرية الفردية. أما حول المعتقد الديني فهو اختيار ذاتي وحر وليس للدولة أي تدخل فيه، لكن على قاعدة رفض الأمراض »التي تنطوي عليها الخصوصية المحلية أو الدينية أو القومية«، ورفض كل تناحر »بين دين ودين، وبين طائفة وأخرى، أو فرقة وأخرى«( ). ويقيِّم الحزب »الإنسان على أساس عمله«. أما حول طريقته في اختيار المذهب الديني فهي ليست من اهتماماته( ).
واستناداً إلى استراتيجية الحزب الفكرية، أسَّس النظام السياسي للحزب في العراق لبناء عدد من الجوامع الوطنية، ورفض كل نزعة عرقية أو دينية مذهبية تعمل على تخريب اللحمة الوطنية بين شتى التعدديات الدينية والمذهبية والعرقية. وهو يمارس دوره في المقاومة على أساس هذه المفاهيم( ).
إن الثقافة الوطنية، التي أسس لها حزب البعث في العراق، لم تلق قبولاً عند التيارات السياسية التي تقوم أهدافها على أساس الثقافة الدينية أو المذهبية أو العرقية؛ ولذلك ظهرت على الساحة العراقية، بعد الاحتلال، تلاوين تلك التيارات، التي غلَّبت انتماءاتها الطائفية، أو العرقية، على الانتماء للوطن. وهي عندما أضاعت البوصلة الوطنية خلطت بين الدفاع عن المذهب والدفاع عن الوطن، وهذا الخلط ألغى المسافة الفاصلة بين الكرامة الوطنية والخيانة الوطنية. لكن هذا لا يعني على الإطلاق أن مبادئ الدين في الأخلاق والقيم الإنسانية تتضمن ذلك الالتباس لأنها واضحة تماماً ولا تحتاج حتى إلى فتوى دينية بالجهاد عندما تتعرض أرض المسلمين إلى الاحتلال( )،إنما الأهداف السياسية لبعض التيارات الدينية السياسية هي التي أوقعت بعض المسلمين في الالتباس والغموض.
أصبح من غير المستغرَب –في العراق اليوم- رؤية التيارات السياسية، التي لا تتوافق أهدافها الفئوية مع الأهداف الوطنية الجامعة، تنخرط في صف قوات الاحتلال، وراحت تتعاون معه بشكل ملفت للنظر ومثير للاستهجان، وهي لم تتورَّع عن إعلان أهدافها الأساسية –قبل الاحتلال وبعده- المتمثلة باجتثاث الجذور الفكرية الوطنية الجامعة تحت ذريعة أن تلك الجذور مبنية على أساس الفكر الوضعي، الذي لم يُوجَد –كما تحسب تلك التيارات- الا لمحاربة الإسلام؛ وقد مارست بعض الفصائل ذلك فعلاً من خلال ملاحقة ومحاربة واعتقال أعضاء أي تيار سياسي يمارس المقاومة ضد الاحتلال، وبشكل خاص المقاومين البعثيين( ).
إن ما يظهر في العراق –في هذه المرحلة- من انقسامات مذهبية ودينية وعرقية، هي من صناعة وتنفيذ واستهلاك التيارات الدينية والمذهبية السياسية التي تعمل تحت ستار الدين أو المذهب، والتيارات العرقية المدفوعة لتخريب اللحمة الوطنية العراقية. وتجد قوات الاحتلال الأميركي، في تلك الانقسامات، ما يخدم تكتيكاتها في زرع الفرقة والتفتت في الجسد الوطني العراق. ولهذا السبب تستغل الانقسامات المذهبية والعرقية، فتغذيها من خلال تضخيم متعمَّد لدور هذا المذهب أو ذاك، أو دور هذا العرق أو ذاك، بحيث تتم ممارسة هذا الأسلوب على حساب الوطنية العراقية، والقومية العربية( ).
أما واقع الحال الفعلي لاتجاهات الشعب العراقي، فبرزت من خلال نضالاته التاريخية ضد كل قوة محتلة، وتعمَّقت خلال مرحلة حكم حزب البعث، فلم يعتمد القسر، إنما الاقناع والتوجيه، القائمان على عمق التربية الوطنية والقومية، من خلال تحويل اتجاهات الشعب من المذهبيات الضيقة إلى رحاب الجوامع الوطنية( ).
لم تكن الدعوات التي تتستَّر بالدين تعبِّر عن مبادئ الدين الأخلاقية والإنسانية، لأن مبادئ الدين تدعو إلى إعلان الموقف العقائدي الصحيح ضد الاحتلال الأميركي في العراق، والمتمثل بالجهاد (المقاومة العسكرية) إذا احتُّلَّت أرض المسلمين، وليس في مفاهيم الجهاد ما يُعرَف»المقاومة السلمية«( )، ولم تكن الدعوات إلى اعتماد أسلوب »المقاومة السلمية« محصورة بمذهب من دون المذاهب الأخرى، بل كانت أسلوباً دعت إليه تيارات مذهبية عدة( ).
كانت الدعوة إلى المقاومة السلمية، في العراق، تعبِّر عن أهداف سياسية تتستر بالدين من أجل تمرير تلك الأهداف، بل كانت الأهداف السياسية لتلك التيارات يتم تغليفها بلباس ديني أو مذهبي. وإذا كان ذلك ليس صحيحاً، فكيف نفسِّر التناقض الحاصل بين تجربتين –على صعيد المقاومة- في كل من لبنان والعراق؟
في جنوب لبنان –قبل تحريره- كان لا يجوز الحوار مع العدو الصهيوني المحتل ومع المتعاونين معه، بل لا يجوز إلا القتال ضدهما بكل الوسائل والأساليب. بينما تنقلب الآية في العراق، فيصبح المسموح هو الحوار مع العدو الأميركي – البريطاني المحتل، ويتحول الموقف من عملائه إلى مؤيد ومدافع عنهم.
على الرغم من أن عدداً كبير من اللبنانيين قد استقبلوا الاحتلال الصهيوني، في العام 1982م، بنثر الأرز، إلاَّ أنهم انخرطوا –بعد تصاعد المقاومة الوطنية اللبنانية- في صفوف المؤيدين لها، بل وأحياناً في المشاركة فيها. ومن بعدها أصبحت تهمة الخيانة هي التهمة الفعلية التي حُوكِم كل الذين استمروا في التعاون مع العدو الصهيوني. وأصبح ما يصح على قتال العدو الصهيوني يصح على عملائه؛ وهذا الوصف والموقف هو صحيح بالمقاييس الوطنية. بينما أن تنسج بعض شرائح من العراقيين علاقات مع العدو الأميركي والبريطاني المحتل وتتعاون معه، في الوقت الذي انطلقت فيه المقاومة العراقية مباشرة بعد الاحتلال الأميركي، فكيف يتحول موقفهم وتعاونهم إلى نوع من الحوار المشروع، أو كما ينسبه بعض رجال الدين، أو بعض التيارات السياسية الدينية في لبنان إلى نوع من الاجتهاد( )؟
فما يجوز هنا، يجب أن يكون جائزاً هناك، وما هو مرفوض هنا يجب أن يكون مرفوضاً هناك. وإن ازدواجية المعايير تعود إلى أن بعض التيارات أو الشخصيات، التي تعاملت مع الغزاة –قبل الاحتلال وبعده- شوَّهت عدداً من القيم الدينية أو المذهبية؛ تلك القيم التي ترفض –علىالإطلاق- كل احتلال، وتدعو إلى قتاله أياً تكن الظروف التي تمَّ الاحتلال في ظلها.
ليس هناك خوف من انعكاس ازدواجية المكاييل التي تمارسها الحركات الدينية السياسية في العراق، وليس هناك خوف من أن تنعكس على اتجاهات الشارع العراقي بشكل تمايز مذهبي من الاحتلال، وهي المخاوف التي يبديها الكثيرون من المراقبين استناداً إلى إعطاء شهادات بالوطنية لمذهب دون الآخر، لأن واقع الأمر هو غير ذلك تماماً. فالتمييز بين مواقف القيادات المذهبية السياسية وبين القواعد التي تنتمي إلى هذا المذهب أو ذاك أمر واقع وحقيقي، كما تدل عليه بعض التحليلات السياسية لأكثر من مراقب( ).
بالإجمال، لا بُدَّ للمقاومة العراقية من أن تعمِّق اتجاهاتها ووسائلها من أجل أن تصبح وطنية، بالفعل، على الأسس التالية:
أ-من ثوابت الوطنية الإيمان بحق الشعب الذي احتُلَّت أرضه أن يحررها بشتى الوسائل، ويأتي على رأسها المقاومة الشعبية المسلَّحة( ).
ب-اعتبار كل مواطن، وكل تيار سياسي، يقوم بالتعاون مع الاحتلال، بمثابة احتلال؛ وتنطبق أحكام مقاومة الاحتلال على كل المتعاونين معه، أفراداً وجماعات( ). واعتبار التعاون مع الاحتلال خارج عن دائرة الحق الديموقراطي، بحيث تنتفي أية علاقة بين الحق الديموقراطي والخيانة الوطنية.
ج-من المرفوض أن تربط أية شريحة تنتمي إلى الوطن المحتل، بين ما يسميه البعض حقوقاً، دينية أو مذهبية أو عرقية، وبين أولوية قتال كل أشكال الاحتلال. فأولوية التحرير تسبق أية شروط أخرى.
د-أن تشمل المقاومة –جغرافياً- كل الأرض الوطنية، وأن تشمل ديموغرافياً كل شرائح المجتمع الوطني العراقي( ) –على شتى تعددياتها الدينية والمذهبية والعرقية- والشمولية تلزم الجميع بمقاومة الاحتلال بشتى الوسائل والسبل، ومن أهمها المقاومة العسكرية، والمدنية –بما فيها- العصيان المدني. واعتبار كل دعوات الحوار القائمة على ما يعده البعض مقاومة سلمية باطلة وغير ذات مضمون أو جدوى، لأنها تشكل التفافاً على المقاومة الحقيقية، لأنه مع الاحتلال لا حوار إلاَّ على قاعدة خروج كل قواته بدون قيد أو شرط.
ثالثاً: رؤية مستقبلية حول اتجاهات المقاومة العراقية
إذا كانت الأرض الوطنية والسيادة والثروة ملكاً لكل المواطنين. وإذا كان الاحتلال هو اغتصاب لكل معالم السيادة الوطنية، يصبح من واجب كل المواطنين أن ينخرطوا في مقاومة الاحتلال( ).
وإذا كان من حق كل تيار سياسي أن يتميَّز بخصوصياته الفكرية والسياسية والتنظيمية. وإذا كان عبء طرد الاحتلال من واجب الجميع. وإذا كانت الأحجام الفعلية لتلك التيارات متفاوتة في الحجم البشري والإمكانيات المادية، فإن ذلك لا يبرر لأي تيار مهما بلغ حجمه وقدراته أن يستأثِر بالعمل المقاوم لوحده، وعليه أن لا يكون فئوياً بنسب كل الفضل لنفسه، أو أن يعرقل جهد الآخرين. بل من واجباته الوطنية أن يكون جامعاً ومساعداً لكل التيارات في أن تأخذ دورها ببذل ما يجب أن تبذله من جهود وتضحيات.
إن ما تعلنه كل التيارات المشاركة في المقاومة الوطنية العراقية من أهداف تدعو إلى تجميع كل الإمكانيات الوطنية العراقية ووضعها في خدمة مقاومة الاحتلال، لهو دليل صحة وعافية. وإن في ما تمارسه تلك التيارات المقاتلة من أسس للتنسيق ما يدعو إلى الاطمئنان( ).
وإن في الدعوات لرفض كل مظاهر التفتيت المذهبي ما يعبِّر تعبيراً صحيحاً عن مبادئ كل الأديان والمذاهب في مواجهة كل مظهر من مظاهر الاحتلال الأجنبي للأرض العربية.
وفي سرعة قياسية، انطلق المقاومون العراقيون –وفي القلب منهم مناضلو حزب البعث العربي الاشتراكي- ضد قوات الاحتلال، بما يعني أن المقاومة العراقية قد شقت الطريق لمقاومة الاحتلال. وقد لحقت بها فصائل أخرى، ذات اتجاهات سياسية خاصة بها، منها عدد من المجاميع الإسلامية، والمجاميع القومية، كمثل اللجنة القيادية للتنظيم الناصري في العراق، التي تعتبر أن الطريق إلى الديموقراطية يمر عبر تحرير الأرض من الاحتلال، ولهذا قامت بالمشاركة مع أطراف المقاومة الأخرى في عمليات ضد قوات الاحتلال الأميركي( ). وما يصدر عنها من بيانات يؤكد اتجاهاتها الوطنية العراقية، بما يؤكد سلامة سلوكها الوطني.
وإذا كان من المتوقع أن يلجأ الاحتلال إلى محاولات، لا يزال يراهن عليها، ومن أهمها محاولات إثارة حالة من التنافس المذهبي بما يؤدي إلى اقتتال مذهبي – مذهبي يريحه من عبء إنهاك المقاومة العراقية ، وزرع الحواجز والعراقيل التي تحول دون اكتمال العقد الجبهوي الوطني، فإن ما نراه الآن وما نراهن عليه هو وعي جميع فئات الشعب العراقي لخطورة ما يتم التخطيط له لن يكون مصيره إلاَّ الفشل.
فكيف تظهر معالم الوطنية في ممارسات المقاومة العراقية في هذه المرحلة؟
أول الإشارات حول وحدة التيارات التي تقاتل الاحتلال جاءت لتؤكد ضرورة الوحدة الجبهوية بين الفصائل العسكرية، على أرض الواقع، هي تلك التي ألمح إليها صدام حسين في إحدى رسائله التي توجَّه بها إلى الشعب العراقي( ). ومن خلالها دعا الشعب بكل فئاته إلى الالتفاف حول المقاومين، سواء من حيث المحافظة على أمنهم( )، أو من حيث قيام كل فرد من أفراد الشعب بواجب –سواء كان صغيراً أو كبيراً- لأنه يسهم في ورشة المقاومة على شتى مستوياتها، وبها يكمل بعضها بعضاً( ). وإذ يتعهَّد الحزب في العراق أن تستمر المقاومة، فهو يبدي حرصه على شموليتها ووطنيتها( ). فإذا دعا –مثلاً- للمحافظة على أمن المقاومين، فالدعوة موجَّهة إلى حفظ أمن كل من يقاوم مهما كان طيفه السياسي( ). وتتلاقى تلك الدعوة مع كل المجاميع التي تقوم بواجب الكفاح المسلح ضد الاحتلال على أرض العراق، ومن تلك المجاميع التنظيمات الناصرية في العراق( ).

رابعاً: رؤية حول مبدئية قومية دعم المقاومة الوطنية العراقية
إذا كان من الطبيعي أن نركِّز على وطنية المقاومة العراقية الجامعة لكل جهود التيارات السياسية والفكرية على صعيد القطر العراقي، فإن هذا يجب –أن يكون متلازماً مع اعتبار المقاومة الوطنية جزءًا من جهد على كل القوميين العرب أن يبذلوه، لا سيما وأن حزب البعث ذو منطلقات قومية: فكرية وسياسية ونضالية.
إن ترابط الوطني والقومي ترابط ضروري وواجب على العرب جميعاً. لأنه إذا كانت مستلزمات وموجبات العمل المقاوم–بالدرجة الأولى- من واجبات الذين احتُلَّت أرضهم؛ وإذا كان احتلال أي جزء من الأرض العربية مقدمة لاحتلال جزء آخر، يعني كل ذلك أن تتوحَّد كل الجهود العربية على الصعيد القومي، بالمساندة والدعم والمشاركة، للدفاع عن كل جزء محتل من الأرض العربية. فتكون مقاومة الاحتلال على أي جزء من الأرض العربية هو دفاع مسبق عن الأجزاء الأخرى، لأنها معرَّضة كلها للاحتلال جزءاً وراء الآخر.
فمن شروط نجاح كل جهد مقاوم، بشتى أشكاله ومن أهمها الجهد العسكري، أن يكون جامعاً لجهود كل الوطنيين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والعرقية والدينية، ويكون من أسباب نجاحها، أيضاً، أن تكون ذات أعماق قومية تحررية وحدوية.
يراهن حزب البعث في أثناء قيامه بعبء مقاومة الاحتلال الأميركي – البريطاني، على أن من أهم قواعد انتصار العمل المقاوم ضد الاستعمار، هو أن تتلقى أية مقاومة وطنية، في أي قطر عربي يتعرَّض للاحتلال، مساندة قومية شعبية أو رسمية لإعطائها الزخم والقوة في رفد طريق النضال العسكري، بعوامل سياسية ومعنوية ومادية، ومشاركة تطوعية في القتال على الأرض التي تتعرض لاحتلال، لتكريس أهمية المساندة القومية واجباً على كل المناضلين العرب( ).
وتأتي أهمية تعزيز المشاركة القومية من أن أهداف الاستعمار هو احتلال كل الأرض العربية وسرقة ثرواتها والسيطرة على قرارها السياسي، وتكبيل حريتها. واستناداً إلى وحدة المصير القومي العربي( )، يصبح إسناد المقاومة العراقية ( )، من واجبات كل تيارات الحركة العربية الثورية، من قوى وجماهير وحركات حزبية وأوساط فكرية وإعلامية وثقافية ودينية،. ومن أهم وسائل القيام بها، ما يلي:
1-أن يكون أسلوب المقاومة المسلحة للاحتلال من ثوابت الأمة( ). وأن تعمل التيارات المؤيدة لهذا الثابت من أجل فرض شرعية المقاومة على شتى المستويات( ). تأتي هذه المسألة في مواجهة التزوير الإعلامي الذي تمارسه الإدارة الأميركية ضد المقاومة الوطنية العراقية. وتقوم بالترويج له من أجل منع الاعتراف بشرعية أعمالها، ومن أهم وجوه التزوير الإعلامي، المسألتين التاليتين:
الأولى: وصف ما تقوم به المقاومة العراقية بالإرهاب، وكأن من يدافع عن أرضه هو إرهابي، وهذا خطأ تُبرزه وسائل إعلام الإدارة الأميركية من أجل تبرير العدوان والاغتصاب اللذين تمارسهما على العراق( ).
أما الثانية: فتتعلق بالتزوير المقصود لمضامين الاتفاقات الدولية التي تنص على حق الشعوب في تقرير مصيرها( ).
2-مساندة شعبية عربية بالتظاهر ضد كل أنواع الاحتلال الأجنبي لأية أرض عربية، ومقاطعة البضائع الأميركية والبريطانية( )، والضغط على ما تبقَّى –حتى ولو بالشكل من هياكل المؤسسات الرسمية العربية.
3-إعادة إحياء مكتب مقاطعة البضائع الأجنبية التي تدعم شركاتها الاحتلال الصهيوني، وتوسيع نشاطه ليشمل الاحتلال الأميركي للعراق. ولأن الأنظمة الرسمية لن تقوم بمثل تلك المهمة، فإن واجب المتابعة والنشاط يقع على المنظمات الشعبية، التي تشكلت في معظم الأقطار العربية.
4ـ تنشيط لجان مقاطعة بضائع دول الاحتلال وتفعيل دورها على المستوى العربي، كما على المستوى العالمي. والعمل من أجل تطبيق إجراءات المقاطعة على بضائع الدول التي تؤيد الاحتلال وتعمل على مساعدته بأية وسيلة من الوسائل.
5-إصدار الفتاوى التي تلزم المسلمين بمقاومة قوى الاحتلال لأية أرض عربية، وإعادة التذكير بها من وقت إلى آخر، بما يضمن استمرار الحالة التعبوية الشعبية العربية. وبما تمثل من إدامة مواجهة الهجمة الإمبريالية على مقدسات المسلمين وأرواحهم( ).
تبقى هذه المسألة بحاجة إلى توحيد آراء فقهاء المسلمين حولها، لأنها لا تزال تشكِّل مدار خلافات بينهم تغذيها الأغراض السياسية تارة، والمذهبية تارة أخرى. وتدور تلك الخلافات وتستمر بينما الاحتلال، وعملاؤه، جاثمون على صدور الجميع، ولا يستثنون من عبئه أحداً( ).
6-مساندة الشعب العراقي، من القوى والحركات والأحزاب العربية، والأوساط الفكرية والثقافية. والعمل على فضح المشاريع الاستعمارية الخبيثة التي تنفذها الإدارة الأميركية والحكومة البريطانية في العراق. والعمل على كشف كل القوى والأوساط، العربية والعراقية، التي تدعم الاحتلال( ).
7-إعادة إحياء لجان مناصرة الشعب العراقي؛ وتحريك منظمات حقوق الإنسان العربية والعالمية للتحقيق بما ترتكبه قوات الاحتلال الأميركي والبريطاني من مجازر وتجاوزات على حقوق الشعب العراقي. ودعوتها إلى عدم عقد مباحثات مع أي جهة ما لم يكن شعارها لا للاحتلال الأمريكي والبريطاني والصهيوني.
8-دعوة الصليب الأحمر الدولي للقيام بواجبه الإنساني من أجل حماية الأسرى العراقيين في سجون الاحتلال الأميركي، ومن بينهم قيادة الحزب والدولة، الذين يعيشون في ظروف لا تراعي أدنى الشروط الإنسانية والأخلاقية. وأن تقوم بالضغط على قوات الاحتلال من أجل تحسين شروط اعتقالهم، وتأمين حقوقهم في الدفاع عن أنفسهم.
9-دعوة كل الأوساط العلمية والفكرية والثقافية من أجل تأمين حماية للعلماء العراقيين من الاعتقال والتصفية والضغوط اللا إنسانية التي يتعرضون لها، وخاصة من عملاء الموساد الصهيوني.
10-الضغط على الحكومات العربية من أجل إيقاف نزيف التنازلات العربية لصالح أميركا. وإدانة التواطؤ المكشوف والمستور، من قبل بعض الأنظمة العربية،.في مساعدتها للعدوان والاحتلال( ).
11-تفعيل دور المقاومة الشعبية في كل الدول العربية، وإعادة التظاهرات للحياة السياسية، وإعلان مظاهر الغضب. وإجبار الأنظمة على الاعتراف بحرية الجماهير والتنظيمات وبحقها في التعبير والتظاهر من أجل دعم المقاومة العراقية. والعمل من أجل قيام جبهة قومية تكون حاضنة للمقاومة العراقية( ).
12-الضغط على وسائل الإعلام العربية من أجل فك الحصار عن المقاومة الوطنية العراقية، والامتناع عن الترويج للإعلام الأميركي – الصهيوني المشبوه.
13-العمل من أجل إمداد المقاومة العراقية بالمتطوعين العرب، ومن أجل فتح كل الحدود العربية المحيطة بالعراق أمامهم( ).
14-دعوة المنظمات الإنسانية، والعربية، إلى فضح لا إنسانية الاحتلال، وأهدافه المشبوهة، والعمل من أجل تقديم المسؤولين عنه أمام محاكم الجرائم الدولية؛ وإلى حماية الأسرى في سجون الاحتلال الأميركي؛ وإدانة كل الصيغ السياسية التي يركِّبها الاحتلال لإدامة وجوده، والدعوة إلى منع التعامل معها؛ وإلى رفض كل الاتفاقيات التي يعقدها الاحتلال أو صنائعه سواء كانت سياسية أو أمنية أو اقتصادية…( ).
15-من أهم مظاهر حركة الضمير العربي والعالمي أن تنشط شتى الهيئات الإنسانية والثقافية والفكرية من أجل الضغط –بشتى المستويات النضالية- لإضفاء شرعية سياسية وقانونية على المقاومة الوطنية العراقية –بعد أن فرضت بنفسها شرعيتها القتالية- بما يجعلها صاحبة القرار والتأثير في أية ترتيبات مستقبلية قد يفرزها تطور الأوضاع على الصعيد العربي كما على الصعيد الأممي العالمي.

خامساً: رؤية مستقبلية حول اتجاهات النظام السياسي بعد مرحلة التحرير
من المشروع أن تضع أية دراسة رؤية مستقبلية مستندة إلى النتائج التي توصَّلت إليها. لهذا السبب سنقدِّم بعض الآراء، ذات العلاقة بمستقبل بناء اتجاهات النظام السياسي الذي سوف تنتجه حركة المقاومة العراقية، وسنبدأها بتشخيص مظاهر العلاقة السابقة لنظام حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق مع ما تُسمَّى بالمعارضة العراقية سابقاً.
من نتائج العدوان على العراق واحتلاله انكشاف صفحات كثيرة من تاريخ العلاقة بين النظام والمعارضين له. ومن أهم تلك الصفحات هو أن الكثير من أدعياء المعارضة السابقين، كانوا على ارتباط مع قوى دولية، وغالباً ما كانت العلاقة مع أجهزة استخبارات تلك الدول؛ وجزء منها كان على ارتباط مع نظام الشاه في إيران، وأخذ نظام الثورة الإسلامية –بعد إسقاط نظام الشاه- حصته أيضاً..
لكل من سلطات الدول، التي تحتل العراق حالياً ومن المتعاونين معها من دول الجوار، أغراض من احتضان تيار أو أكثر من تيارات المعارضة العراقية السابقة.
أما دول الاحتلال، فكانت تعمل من أجل تثبيت أسس لها كاستعمار جديد. ومن أهمها السيطرة على العالم، سياسياً واقتصادياً وثقافياً وفكرياً وعسكرياً. وتأتي السيطرة على الثروة النفطية العربية، ومحاصرة الحركة العربية الثورية، في القلب من تلك الأهداف. وهذا الأمر يقتضي تغيير كل ما له علاقة بمعاداة النظام الاستعماري الجديد –الذي تتزعَّمه الولايات المتحدة الأميركية- أو كل من يقف في وجهه وممانعته. لهذا السبب –تمهيداً لتنفيذ مشاريعها العدوانية، المعدَّة سلفاً- أصبحت كل أنواع المعارضات التي تنشأ في هذه الدولة أو تلك، من الدول الممانعة -بشكل أو بآخر- عرضة للاحتواء من قبل أجهزة السياسة والاستخبارات والأمن لسلطات أعضاء النظام الاستعماري الجديد. ولهذا السبب –أيضاً- تمتلك دول الاستعمار الجديد –أميركا وبريطانيا- احتياطات كبيرة من أنواع المعارضات التي تستطيع أن تشهرها في وجه هذه الدولة الممانعة أو تلك، وفي وجه هذا التيار السياسي والثقافي أو ذاك. وقد أولت الإدارات الأميركية المتعاقبة، التي أشرفت على وضع لمسات مخطط العدوان على العراق، كل أنواع المعارضة العراقية لنظام حزب البعث العربي الاشتراكي اهتماماً استثنائياً، لكي تستفيد من خدماتها في الوقت المناسب الذي ترى فيه ظرفاً مناسباً للبدء في عدوانها على العراق.
وإذا عدنا بالذاكرة إلى الوراء، لوجدنا أن الإدارة الأميركية، بالتنسيق مع الحكومة البريطانية، قد استحضرت الاحتياط العراقي المعارض لنظام حزب البعث في العراق. ودفعت بتياراته، منذ العام 1992م، لكي يمهِّد للعدوان الأميركي. وقد ظهرت أهمية ذلك التمهيد من خلال مساعدة أجهزة المخابرات والإعلام التابعة للإدارة الأميركية، على تكبير وتضخيم سلبيات النظام السياسي السابق. وازدادت أهمية الاحتياط المعارض، في أثناء العدوان، وبعد الاحتلال، إذ استطاعت قوات الاحتلال أن تجد في خدمتها »عكازات« و»عيوناً مخابراتية« داخلية، تشكِّل لها غطاء شرعياً لاحتلالها، ومساعداً أمنياً لحركة قواتها العسكرية، وغطاءً سياسياً لحركتها الدبلوماسية الخارجية.
أما حول دول الجوار، واستناداً إلى مبدأ »تصدير الثورة« الذي رفعته قيادة السلطة الثيوقراطية في إيران، عملت أجهزة السلطة المختصة من أجل احتواء مجموعات من المعارضة العراقية، ممن يؤيدون قيام نظام ثيوقراطي مذهبي في العراق، وقد نجحت في ذلك. وشكَّلت تلك المجموعات المعارضة موطئ قدم، للسلطة الثيوقراطية في إيران، على الساحة الشعبية – الشيعية العراقية، واحتفظت بها إلى الوقت المناسب. وقد وجدته –للأسف- في الاحتلال الأميركي للعراق. فدخلت السلطة الإيرانية، من بوابة الاحتلال، وأخذت حصتها السياسية من خلال مشاركة تيارات المعارضة السابقة –وهي حصة إيران- في مجلس الحكم الانتقالي الذي شكَّله الحاكم المدني الأميركي للعراق.
وعلى العموم، ومن خلال مراجعة ملفات رموز ما تُسمَّى بتيارات المعارضة العراقية السابقة للاحتلال، وبعد انكشاف تواطؤها معه، اتَّضحت أسباب مواقف نظام حزب البعث السلبية السابقة منها وبرزت معالمها وأسبابها إذ لم تكن أهدافها ووسائلها في المعارضة مشروعة، لأنها لم تكن ذات أهداف وطنية وإنما كانت تخدم الأهداف الخارجية.
أخذت المعارضة تفقد مشروعيتها بسبب علاقتها مع الخارج الأجنبي، وما ظهر بعد الاحتلال لم يكن كشفه ميسوراً أمام كثيرين قبل الاحتلال الأميركي للعراق، بل كان الرأي العام ميَّالاً إلى تصديق ادِّعاءات المعارضة وأكاذيبها. أما بعد أن انكشفت علاقة المعارضة العراقية مع الاحتلال على حقيقتها فتبيَّن لجميع المراقبين أنها لعبت –في السابق- وتلعب –الآن- دوراً متواطئاً وخيانياً ضد وطنها.
وهنا يمكننا أن نضع سيناريو لما كانت عليه العلاقة بين النظام السياسي لحزب البعث في العراق وبين أوساط تلك المعارضة، على الشكل التالي:
عندما شكَّل نظام الحزب في العراق حاجزاً يحول دون تنفيذ مشروع النظام الاستعماري الجديد، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، لفت أنظار أجهزة استخباراته ومراكز الدراسات التابعة لشركاته الرأسمالية العملاقة؛ فراحت تلك المراكز تخطط لاحتواء النظام السياسي في العراق، وتدجينه، من خلال إجباره على الرضوخ لمتطلبات المصلحة الاستعمارية. فلو رضخ النظام السياسي في العراق –حينذاك- لتلك التهديدات، لكان قد حافظ على » الحكم«، ولأصبح »تحت سيطرتهم الاستعمارية« مثل معظم الحكام العرب الآخرين الذين يعرفهم كل العرب( ). وبدلاً من قبول العروض الاستعمارية أو الرضوخ للتهديد، أعلن النظام السياسي في العراق رفضه لها، كما رفض كل التهديدات التي وجهتها مختلف الإدارات الأميركية، التي تعاقبت منذ السبعينيات حتى تاريخ العدوان في العشرين من آذار من العام 2003م.
إلى ماذا استندت أسس الرفض العراقي للضغوطات الأميركية المتواصلة؟
يوضِّح صدام حسين –الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي- ذلك قائلاً بأنه اختار طريق الدفاع عن سيادة العراق، أو الشهادة( ). أما موقفه من المشاريع المعادية لدول الجوار، وأهمها مشروع السلطة الثيوقراطية في إيران، فلم يكن أمام خيارات كثيرة، بل كان مأسوراً بين خيارين:
-إما تسليم السلطة للثيوقراطيين العراقيين المؤيدين لإيران لبناء سلطة ثيوقراطية شبيهة بالسلطة الإيرانية.
-أو مواجهة التهديد الإيراني بتنفيذ مبدأ »تصدير الثورة« بالقوة، سواء من خلال خلخلة البناء الداخلي للسلطة العراقية بأدوات عراقية محلية، بوسائل تخريب أمني وخلافها؛ أو أن تقوم السلطة الإيرانية بعدوان عسكري انطلاقاً من الحدود الإيرانية – العراقية، أو من خلال تسخين الجبهة الحدودية لإلهاء القوات العراقية وإضعاف تأثيرها في حفظ الأمن في الداخل العراقي.
في مراحل الصراع السياسي بين نظام الحزب في العراق، والطامعين من الإمبرياليين وبعض دول الجوار، استُخْدِمت -ما كانت تُسمى بالمعارضة- في تنفيذ مؤامرات الانقلاب على النظام الحاكم لربط العراق بالمشاريع المعادية للأمة العربية، أو القيام بكل الوسائل التي تهدد أمن العراق الداخلي والخارجي. وتلك هي الأسباب التي دفعت بالنظام إلى النظر بعين الريبة لنوايا تلك التلاوين من المعارضة، التي زيَّنتها وسائل الإعلام المعادية وصوَّرتها وكأنها كانت من ضحايا اللا ديموقراطية في العراق.
ولهذا لم تكن أهداف المعارضة –التي تنسق مع أصحاب المشاريع المعادية للأمة العربية- تسمح للنظام بالتقاط أنفاسه لصياغة علاقات سليمة بين النظام الحاكم وبينها، لأنها كانت مصرَّة على أن تلعب الدور الخياني المرسوم لها من قبل الدول الطامعة بالسيطرة على العراق.
استناداً إلى ما سبق، نوجز مشهد العلاقة بين نظام البعث وتيارات المعارضة –قبل الاحتلال- على الشكل التالي:
1-كان النظام السياسي في العراق عرضة لكثير من أطماع القوى الخارجية. ويأتي الدليل الواضح من أن مراكز دراسات الفكر والسياسة والاقتصاد -الخادمة لأهداف وأغراض قوى الرأسمال العالمي- كانت تضع نظام حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق على لائحة الاستهداف والتصفية منذ السبعينيات من القرن العشرين. أي بعد أن بدأ يؤسس لمشروع نهضوي عربي أثار قلق الاستعمار.
2-كانت كثرة المؤامرات الداخلية من أهم المخاطر التي واجهها نظام الحزب الحاكم في العراق، قبل الاحتلال؛ خاصة أنها كانت مرتبطة بخيوط مع الخارج، هذا إذا لم تكن من تخطيط الخارج نفسه. فالمعارضون للنظام كانوا لا يستخدمون وسائل التغيير، كما هو متعارف عليه في أساليب حركات التغيير في المجتمعات والأنظمة السياسية، بل كان ارتباطهم مع مراكز قوى خارجية قاعدة يتبعونها.
3-كانت طبيعة أسلوب المعارضة في التغيير، التعاون مع الأجنبي مثلاً، تفرض على النظام السياسي الحاكم طبيعة الأسلوب في التصدي. وقد أثبتت المرحلة الراهنة، والوقائع التي سبقتها()، منذ العام 1992م حتى العدوان الأميركي في 20 آذار / مارس من العام 2003م، أن سلوكات المعارضة لا صلة لها على الإطلاق بالحقوق الديموقراطية التي هي من الحقوق الشعبية. وقد تأكدت -بعد الاحتلال-أهداف بعض تيارات المعارضة الخيانية لوطنها، وهم –كما وصفهم صدام حسين- قدَّموا الدعم للاحتلال، ليسرق ثروات وطنهم، ويدفعهم للاعتراف بالعدو الصهيوني، ولا تمييز بينهم سواء كانوا من العلمانيين، أو من رجال الدين( ).
كانت هواجس النظام السياسي –إذاً- مسكونة بمخططات المؤامرة التي عمل الخارج على تنفيذها للاستيلاء على العراق، وسلك شتى الوسائل والسبل من أجل إسقاط النظام –فكراً وسياسة- ليس حباً بتعويض المعارضة العراقية حقوقها الديموقراطية، بل تحقيقاً لمآربه العدوانية. فالمعارضة التي وقفت-بسلوكها الشاذ ضد سيادة بلدها الوطنية- لم تكن جديرة بالحق الديموقراطي، لأن الوطني لا يساوم على سيادة وطنه من أجل الحق بالديموقراطية، إذ لا ديموقراطية في ظل الاحتلال.
ولما كانت تلك أسباب هواجس النظام، ولما كانت المؤامرات بالتعاون مع الخارج متواصلة، كان من غير المنطقي أن يتفاوض النظام مع أطراف في المعارضة حسمت خياراتها إلى جانب العمالة للخارج؛ وكان من الخطأ أن يُسمَح لها بالمشاركة في أية صيغة للحكم، لأنها كانت مصرَّة على أن تفتح أبواب العراق وتشرِّعها للتدخل الأجنبي. أما أطراف المعارضة، التي لم تنغمس في المؤامرة على سيادة العراق، فكان على النظام السياسي الحاكم أن يفتش عن أفضل الوسائل وأسرعها لإشراكهم في شتى المؤسسات السياسية الرسمية والشعبية.
وهنا، يطرح البعض إشكالية مسكونة بهاجس يقوم على أن جزءاً من العراقيين قد يستنكف عن المشاركة في المقاومة العراقية ضد الاحتلال بذريعة الخوف من أن يعود النظام السابق إلى الحكم مرة أخرى( ). وإذا كان هذا الفريق يرى أن الحل يبدأ بأن يقوم النظام السابق، قيادة الدولة وحزب البعث، بنقد تجربته في الحكم، إلاَّ أنه لا يقترح آلية للحل: هل يتمَّ بمؤتمرات داخل الخنادق السرية؟ أم هل يقوم به شخص واحد من النظام أو من الحزب؟ أم أن آلية التنفيذ مؤجَّلة إلى ما بعد التحرير؟
أما على أرض الواقع، فنرى –من خلال متابعة معظم ما وصل إلينا من بيانات صدَّرتها الفصائل المشاركة، أو القوى المؤيدة لها، ما يتناقض مع طرح الإشكالية التي تخشى من انكفاء بعض القوى الوطنية العراقية عن المشاركة في المقاومة أو تأييدها، تحت حجة خوفها من عودة النظام السابق().
وحول هذا الجانب، ليس هناك أولويات غير طرد المحتل، يخاطب صدام حسين العراقيين في الرسالة الأولى التي وجهها إليهم بعد احتلال بغداد( )، فالعراق للجميع وليس لفرد، وهو للأمة سنداً وجزءاً منها لا يتجزأ عنها. أما عن نقد التجربة السابقة، يتابع صدام حسين، في رسالته الثانية: »وحين يكون هناك وقت ومكان لمراجعة التجربة (أي تجربة حزب البعث قبل احتلال العراق) سنفعل بروح ديمقراطية لا تخضع لأجنبي أو صهيوني«( ).
وفي السياق ذاته، أكَّدت التنظيمات الناصرية المشاركة في المقاومة على أن قيام نظام ديموقراطي يتعارض مع وجود الاحتلال، فلذلك دعت إلى إتمام التحرير أولاً( ). كما أعلن الحزب الشيوعي العراقي – الكادر إلى تأييد المقاومة العراقية من دون النظر إلى اتجاهاتها الفكرية( )، ولم تشذَّ »الجبهة الوطنية لتحرير العراق « عن الاتجاه نفسه( )…..
أما بعد دحر الاحتلال، وبعد أن يتم تحرير العراق فكيف يمكننا تصوَّر السيناريو الممكن أن يشكل موقفاً لحزب البعث من المسألة الديموقراطية والتعددية السياسية؟ وكيف تنظر التيارات المشاركة في مقاومة الاحتلال، إلى بناء علاقة واضحة وديموقراطية بين الحاكم والمحكوم؟
أما نحن فلا نحسب أنه من المنطق والعدل أن يكون لمن كانوا مطية للاحتلال أي دور في النظام السياسي الذي ستنتجه المقاومة الوطنية العراقية. ولن يكون لمثل أولئك موقع في المجتمع العراقي، لأن محاكمتهم على أساس القوانين ذات العلاقة بمحاكمة من ينغمسون بالخيانة الوطنية هي المحاكمة العادلة لأمثالهم.
وبعد أن تحرز المقاومة في العراق نجاحاً في طرد الاحتلال، مهما طالت تلك المرحلة؛ وسوف تفرض، مرحلة ما بعد زوال الاحتلال، متغيرات جديدة في طريقة بناء نظام سياسي تعددي، فسوف يكون لكل من دفع دماً وجهداً، في معارك تحرير العراق، دور في تأسيس النظام المستقبلي. وهذا يقتضي إعطاء المسألة الديموقراطية حيِّزاً أساسياً في نظام ما بعد التحرير تعود أسبابه إلى أن هواجس النظام السياسي في المستقبل، سوف تزول، ولن تعيقها وسائل الترهيب الأمني للمعارضة ضده، خاصة تلك القائمة على التعاون مع الخارج والاستقواء به. فهي سوف تصبح أقل فعالية من مرحلة ما قبل الاحتلال، لأن العراقيين الذين دخلوا على دباباته سوف يغادرون معها مع أساليبهم ووسائلهم الغريبة في معارضة الأنظمة الوطنية، أو أن يعودوا إلى رشدهم ويستلهموا تاريخ أجدادهم العظيم في الأمة العربية وفي العراق، فيصبحوا –حينئذٍ- جزءاً من مستقبل العراق. وسوف تحسب قوى الاستعمار الخارجي أكثر من حساب إذا ما فكرت في أن تنتج أساليب جديدة في تغيير الأنظمة المقاومة لمخططاتها، أثبتت التجربة أنها غير صالحة أو مجدية.
فإذا كانت متغيرات ما بعد التحرير، في العراق، سوف تدفع بأي نظام يأتي إلى تغيير وسائل وأساليب العلاقة مع المعارضة الداخلية فإنها من جانب آخر سوف تدفع بحركات المعارضة الداخلية إلى ترتيب أوضاعها حسب آليات جديدة تستوحي مصير المعارضات التي تعاونت مع الخارج بعين الاستفادة والتبصر، وسوف تسلك الطريق الديموقراطي الداخلي في التغيير، وهذا هو مفهوم المعارضة الحقيقية.
استناداً إليه نرى أن مسؤولية إنضاج مفاهيم جديدة للمسألة الديموقراطية في العراق، بعد التحرير، تقع على كل الفصائل المقاومة ومنها حزب البعث. ويأتي قطع كل علاقة للمعارضة مع الخارج الإقليمي والدولي، على رأس التوجهات المطلوب تنفيذها من جانبها. ويقع على عاتق أي نظام سياسي سوف تنتجه المقاومة العراقية –بعد دحر الاحتلال- عبء بذل كل الجهود من أجل وضع تشريعات تضمن حرية العمل السياسي لشتى الاتجاهات الفكرية والقوى والأحزاب السياسية.
وختاماً، نرى في أفق العراق المقاوم ما يُبشِّر بوضع أسس نظرية وتطبيقية للمفاهيم الديموقراطية بشكل يتجاوز الأخطاء التفصيلية السابقة؛ والتي سترتكز على أن الديموقراطية هي حق شعبي مقدَّس، وواجب يحرص النظام السياسي القادم على تطبيقه.

في نتائج البحث
من خلال نتائج البحث، لا بُدَّ من أن نتوقف عند بُعدين أساسيين من الأبعاد التي ثبتَّتهما المقاومة الوطنية العراقية، وهما:
البُعد الأول: بالإضافة إلى أن تاريخ الشعب العراقي، وتربيته، ذو صلة عميقة مع الانتماء الوطني والقومي، والتي وظَّفها في مقاومته للاحتلال، وضع حزب البعث العربي الاشتراكي معادلة جديدة في العلاقة بين السلطوي والثوري، فمن خلاله تجربته في إرساء أسس ثابتة للمشروع العربي النهضوي، جعل السلطة في خدمة الثورة. ولهذا استفاد من وجوده في السلطة، في العراق، من أجل إعداد مستلزمات الثورة وموجباتها، فوظَّفها على أفضل ما يمكن في مقاومة الاحتلال الأميركي للعراق، وكانت الأعمال النضالية الباهرة للمقاومة الوطنية العراقية أفضل برهان على صدقية هذا البُعد. أوَ ليس من اللافت أن ينخرط البعثيون، بقيادة أمينهم العام، بعد انتهاء سلطتهم السياسية، في المواقع المتقدِّمة والصفوف الأمامية للمقاومة العراقية؟
أما البُعد الثاني: فهو بُعد المقاومة الوطنية العراقية القومي، والإنساني والعالمي؛ وتأكَّدت صحته نتيجة للاختبار المهم الذي ظهر في شكل جلي وواضح من خلال حركة الشارع الإنساني الأخلاقي، والشارع السياسي العالمي، ومواقف واتجاهات نادي الدول الكبرى في إعادة بناء عالم متعدد الأقطاب. أوَ ليس من اللافت أن تستقوي الدول الكبرى، الطامحة لبناء عالم متعدد القطبيات، بالمقاومة العراقية؟
إن المقاومة الوطنية العراقية، بالإضافة إلى أهدافها الوطنية العراقية، ذات أبعاد قومية عربية وإنسانية عامة. وتستند إلى عمق فكري وسياسي قومي عربي، وإلى تجربة نضالية ميدانية، ابتدأت منذ أن احتلَّت الصهيونية فلسطين في العام 1948م. وكانت تستند النظرية السياسية والفكرية لحزب البعث إلى تلازم الأهداف الصهيونية مع أهداف الاستعمار. ولهذا عدَّ الحزب أن منع الصهيونية من الاستقرار في فلسطين يعني منع الاستعمار من بناء قواعد أمامية له على الأرض العربية. ولما كان الحزب يعرف تماماً عجز الأنظمة الرسمية العربية عن تحرير فلسطين، فقد استنتج أنها عاجزة –أيضاً- عن الوقوف في وجه الاستعمار. ولما كان الصراع مع وجهيْ العملة: الاستعمار والصهيونية، ضرورياً كمدخل للتحرر على شتى الصعد، يصبح من الواجب على الثورة العربية أن يكون لها استراتيجية في المقاومة تشكِّل بديلاً لحرب الأنظمة النظامية. أما الحل فكان في الاستفادة من طاقات الجماهير الشعبية في ما يُسمَّى »استراتيجية الكفاح الشعبي المسلَّح«.
أما عمق المقاومة الوطنية العراقية الفكري والسياسي فذو علاقة مع النظرية في القومية العربية، وفي مظهرها السياسي المتمثل بالوحدة العربية. ذلك العمق يتناقض مع المخططات الاستعمارية الرأسمالية والصهيونية العالمية، السبب الذي أثار مخاوف النظام الاستعماري بوجهيه القديم والجديد، فأصبح حزب البعث –أينما كان- هدفاً لمؤامرات الصهيونية والاستعمار.
أما النظام الاستعماري الجديد، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية –في هذه المرحلة- فتوسَّعت أهدافه كثيراً، وانقلب على حلفائه في النظام الرأسمالي العالمي، وراح يبني إمبراطورية تحكم العالم من دون أي شريك. وبهذا يكون النظام الاستعماري الجديد قد أثار مخاوف أعضاء النادي الرأسمالي العالمي وحفيظتهم، فراحوا يُعدُّون لاستراتيجية تمنع التفرد الأميركي من تحقيق أهدافه، على طريق إعادة بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب.
ولما كانت المقاومة الوطنية العراقية، تشكِّل إحدى الوسائل التي تقاوم المخطط الأميركي بأهداف وطنية عراقية، وأهداف قومية عربية، فهي تقاوم –أيضاً- بأهداف إنسانية وسياسية عالمية.
لتلك الأسباب مجتمعة، أصبح من واجب المجتمع الدولي، وبشكل خاص المؤسسات الإنسانية والفكرية والثقافية –ذات الأهداف الإنسانية- أن تقف إلى جانب المقاومة العراقية وتعتبرها من الوسائل الأساسية في النضال الأممي ضد النظام العالمي الاستعماري الرأسمالي الجديد الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأميركية. ففي إحباط تلك المقاومة إحباط لأهداف كل الشعوب، وفي نجاحها نجاح لها.

الملاحـــــــــق
1-رسائل الرئيس صدام حسين

رقم الملحق مضمونه وتاريخه
1 رسالة صدام حسين الأولى في 28/ 4/ 2003م
2 رسالة صدام حسين الثانية في 7 / 5/ 2003م
3 رسالة صدام حسين الخطية الثالثة في 9 / 5/ 2003م
4 رسالة صدام حسين الرابعة في 14 / 6/ 2003م
5 رسالة صدام حسين الخامسة في 12 / 6 / 2003
6 رسالة صدام حسين في 25 / 7/ 2003م
7 رسالة صدام حسين السادسة في 27 / 7/ 2003م
8 رسالة صدام حسين السابعة في 14/ 8/ 2003م
9 رسالة صدام حسين الثامنة في 1/ 9/ 2003م
10 رسالة صدام حسين التاسعة في 17/ 9/ 2003م


الملحق (1)
رسالة صدام حسين الأولى تاريخ 28/ 4/ 2003م
بسم الله الرحمن الرحيم
وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً
من صدام حسين
إلى الشعب العراقي العظيم وأبناء الأمة العربية والإسلامية والشرفاء في كل مكان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مثلما دخل هولاكو بغداد دخلها المجرم بوش بعلقمي، بل وأكثر من علقمي.
لم ينتصروا عليكم، يا من ترفضون الاحتلال والذل ويا من في قلوبكم وعقولكم العروبة والإسلام، إلا بالخيانة. ووالله إنه ليس انتصاراً طالما بقيت المقاومة في نفوسكم. وأصبح الآن ما كنا نقوله حقيقة، فلسنا نعيش بسلام وأمن طالما الكيان الصهيوني المسخ على أرضنا العربية، لهذا لا انفصال بين وحدة النضال العربي.
يا أبناء شعبنا العظيم
انتفضوا ضد المحتل، ولا تثقوا بمن يتحدث عن السنة والشيعة فالقضية الوحيدة التي يعيشها الوطن عراقكم العظيم الآن هي الاحتلال. وليس هناك أولويات غير طرد المحتل الكافر المجرم القاتل الجبان، الذي لم تمتد يد أي شريف لمصافحته، بل يد الخونة والعملاء.
أقول لكم إن كافة الدول المحيطة بكم ضد مقاومتكم، لكن الله معكم، لأنكم تقاتلون الكفر وتدافعون عن حقوقكم. لقد سمح الخونة لأنفسهم الجهر بخيانتهم، رغم كونها عاراً، فاجهروا برفضكم للمحتل من أجل العراق العظيم والأمة والإسلام والبشرية.
وسينتصر العراق ومعه أبناء الأمة والشرفاء وسنستعيد ما سرقوه من آثار ونعيد بناء العراق الذي يريدون تجزئته إلى أجزاء، أخزاهم الله.
لم يكن لصدام ملك باسمه الشخصي، وأتحدى أن يثبت أي شخص أن تكون القصور إلا باسم الدولة العراقية، وقد تركتها منذ زمن طويل لأعيش في منزل صغير.
انسوا كل شيء، وقاوموا الاحتلال، فالخطيئة تبدأ عندما تكون هناك أولويات غير المحتل وطرده، وتذكروا أنهم يطمحون لإدخال المتصارعين من أجل أن يبقي عراقكم ضعيفاً ينهبوه كيفما شاؤوا.
ويكفي فخراً حزبكم حزب البعث العربي الاشتراكي، أنه لم يمد يديه للعدو الصهيوني، ولم يتنازل لمعتد جبان أمريكي أو بريطاني. ومن وقف ضد العراق وتآمر عليه لن ينعم على يد أميركا بالسلام.
تحية لكل مقاوم وكل مواطن عراقي شريف، ولكل امرأة وطفل وشيخ في عراقنا العظيم. اتحدوا يهرب منكم العدو ومن دخل معه من الخونة. واعلموا أن من جاءت قوات الغزو معه وطارت طائراته لقتلكم لن يرسل لكم إلا السم.
وسيأتي بإذن الله يوم التحرير والانتصار لأنفسنا والأمة والإسلام قبل كل شيء، وهذه المرة مثل كل مرة ينتصر فيها الحق، ستكون الأيام المقبلة أجمل.
حافظوا على ممتلكاتكم ودوائركم ومدارسكم، وقاطعوا المحتل، قاطعوه، فهذا واجب الإسلام، والدين والوطن.
عاش العراق العظيم وشعبه
عاشت فلسطين حرة عربية من النهر إلى البحر،
والله اكبر وليخسأ الخاسئون
صدام حسين 26 صفر 1424 28 / 4 / 2003
***
الملحق (2)
رسالة صدام حسين الثانية في 7 أيار 2003
بسم الله الرحمن الرحيم
قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى / قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى
من صدام حسين
إلى شعب العراق العظيم
حي على الجهاد.. حي على الجهاد.. حي على الجهاد.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد بدأ جهاد إخوانكم ليلحقوا كل يوم خسائر متلاحقة بالعدو المجرم الأمريكي والبريطاني، فكونوا معهم، لأن الله معهم.
واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها، كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون. وانتم ترون أن المحتل الجبان يقتل يومياً من إخوانكم وأخواتكم وأبنائكم برصاصه الحاقد، دون أن تدان جرائمه من قبل المتسترين بحقوق الإنسان.
وفي عهدكم، عهد العزة والوطن الواحد والآمن لم يكن هناك من يفتح الباب ليسرق بلدكم. وأقول إن الغزاة الأمريكان والبريطانيين قد سرقوا من ثروتكم الآثار ونفطكم، بل سرقوا من المصارف أموالاً تفوق ما يعلنون، وليعلم الجميع أن مصارفكم كانت مليئة بالأموال بمختلف العملات، لمودعين وللدولة، وقد سرقها الغزاة الذين سيسرقون نفطكم وثروتكم. وليس جديداً أن بوش أو بلير هما لصوص؛ فهم قتلة.
ولا اكشف سراً الآن إن ما أنفقته الدول المحيطة بالعراق منذ عام 1968 ولغاية الآن للإضرار بالعراق بسبب مواقفه القومية الشريفة ولمنع نهوضه ـ لو قدر وانفق على تحرير فلسطين وإعمارها لتم ذلك، بل كان يكفي لتحرير كل الأراضي العربية المحتلة من إسرائيل وغيرها.
وبينما احتضن بعض الأنظمة العربية معارضين وهم خونة، وسمح لهم بالتخابر مع CIA وبريطانيا لم تسمح لمقاومين بالبقاء أياماً، وكذلك فعل النظام الأردني الذي يسعى للترويج للمشروع الصهيوني بعد أن وقَّع عار وجريمة وادي عربة. أما النظام السعودي، الذي سمح للغزاة بتدنيس ارض الرسول (ص) فأنفق وحده ضد العراق القومي المسلم فوق ما يتصور العقل، خدمة للعدو الصهيوني وأمريكا.
وقد قالوا مرة إن الأمريكان لحمايتنا من إسرائيل، واتضح أن المقصود هو تسهيل العدوان على العراق المسلم العربي.
أما النظام الكويتي الفاجر والكذاب والخائن والبائع عرضه وأرضه وشرفه، فنقول إنهم علقمون ضد الأمة، مثلما كان هناك علقمي في بغداد من الخونة الأنجاس. ومارست الفئة الحاكمة في إيران النفاق والتآمر على العرب والإسلام بكل ما أوتيت من خباثة، فهي احتضنت جواسيس أمريكا ضد العراق، وساعدت في حصار العراق، وفضلا عن ذلك انهم المستفيدون الوحيدون مما يجري، فقد ساهموا في التآمر على طالبان، وفعلوا مع العراق، ولن يكون لهم دور الآن في التآمر إلا للأنظمة المعادية للإمبريالية الأمريكية. وتركيا طوال سنوات تسمح للطائرات الأمريكية والبريطانية، مثل آل سعود الجبناء الخونة بقتل اخوتكم وأبناء بلدكم.
وإذا كان العراق قد تعرض لحروب وحصار دام 13 عاماً وقصفاً متواصلاً ليدخله الغزاة، فان ما حدث له قد أصاب الجميع ممن يريدون العيش بكرامة، سواء كانوا أنظمة أو أحزابا أو حتى وسائل إعلام بالخوف. فخضع من خضع، واضطروا حتى لتغيير مفردات الجهاد والدين..
يا شعب العراق العظيم:
إن كثيراً من الأسرار لو كشفناها لتغيرت قناعات وحقائق بخصوص شخصيات وأحداث. لكن الحقيقة الآن التي يجب العمل بها هي مقاومة الاحتلال وطرده وسحقه. أقول ماذا استفاد الأردن من قيام نظامه بتسليم معلومات ضد العراق وقيادته للغزاة، وماذا استفادت ارض نجد والحجاز من دعم قوات الاحتلال لغاية الآن بالآلات والدبابات والطائرات والأكل والشرب؟
إنهم يكذبون ويحاولون التغطية على جرائمهم عندما يقولون نقدم مساعدات إنسانية. بعد كل جرائمهم بحق العراق والأمة يقولون مساعدات إنسانية. أما النظام الإيراني فاحذروا، فهم عنصريون وليس لهم علاقة بالنضال الإسلامي.
يا شعب العراق العظيم:
وحدهم من يقاومون الاحتلال هم من يفكرون بعراق واحد، أما من يمد يده للغزاة فهو لا يفكر بعراق واحد. اتحدوا وتراحموا وتعاونوا، فلا يطرد صاحب ملك المستأجر ولا تعتدوا على بعضكم. فأموال أي أحد منكم أمانة عند أخيه وجاره والعراقي عموماً. تذكروا أنكم، عرباً وأكراداً وتركماناً وباقي المواطنين، إخوة في الدين والوطن. وإنكم سنة وشيعة مسلمون وإخوة في الوطن.
وأريد أن أقول لكم إن من يدعون أنهم من ضحايا النظام لا تصدقوهم، فبعض ضعاف النفوس يريدون أن يجدوا عند المحتل مكاناً والبعض الآخر جاء مع المحتل أصلاً. أما العراقيون في الخارج فأطلب منهم مساعدة اخوتهم حالا ونصيحة، شجعوهم على مقاومة الاحتلال، ومن كان قادراً على مساعدة أخيه فليفعل.
وحافظوا جميعاً على الوطن واسعوا جميعا للمقاومة، وإياكم ثم إياكم ثم إياكم أن تمكنوهم من نفطكم وثرواتكم، قاوموا، قاوموا، قاوموا، وقاطعوا المحتل وأعوانه، هذا واجب ديني ووطني.
في معركة المطار شهد المتطوعون العرب نزالاً عنيداً جباراً مع اخوتهم أبناء العراق في الجيش والشعب حتى بلغت خسائر المجرمين الأمريكان أكثر من ألفي قتيل وأعداداً أكثر من الجرحى، ومعدات لو سمحوا للمصورين أن يلتقطوا فيها الصور لكانت صور محرقة قد تمت لهم، في هذه المنازلة. ولكن الخيانة من أناس هان عليهم دينهم ووطنهم وأمتهم وعرضهم ولقاء ثمن مهما كبر فهو بخس بحجم ما ألحقوا بالعراق والأمة من أذى. لقد قاتلنا برجولة وشرف وعزة وكرامة، ولم ننهزم طالما بقي الإيمان بالله في نفوسنا والجهاد خيارنا والمقاومة ردنا.
لقد أوجد الغزاة حالة من عدم الأمن في العراق، فالسرقة والقتل والاغتصاب والنهب، ممن قدم معهم، عار سيبقي عليهم ولن يمر دون حساب الله.
تصوروا أن من يطلقون على أنفسهم معارضة عراقية جاءوا يقدمون الدعم لمحتل ليسرقهم ويحتل بلدهم ويفصلهم عن أمتهم، ويعترف بالعدو الصهيوني. كلهم سواء كانوا قد لبسوا العمامة أو القبعة الأمريكية لا فرق بينهم طالما سببوا لشعبهم هذا الألم والاحتلال.
يا شعب العراق الواحد: إن كل المجتمعين لتقرير مصير حكمكم من الخونة سهلوا العدوان والاحتلال، ولن تجدوا بينهم شريفاً واحداً.
وأدعوكم يا أبناء العراق أن تجعلوا المساجد مراكز للمقاومة والانتصار للدين والإسلام والوطن، وأن تشعروا العدو أنكم تكرهونه فعلاً وقولاً.
فهذا العراق العظيم لكم جميعاً وليس لفرد، وهو للأمة وللمسلمين سنداً وجزءاً لا يتجزأ منها. وحين يكون هناك وقت ومكان لمراجعة التجربة سنفعل بروح ديمقراطية لا تخضع لأجنبي أو صهيوني.
انتصروا لدينكم وإخوتكم. وانصحوا بقية العرب والمسلمين حتى لا يحدث الخرق الذي ترونه. كونوا لامتكم حتى يكون شعب الأمة لكم. وإن رأيتم العدو يريد النيل من سورية أو الأردن أو السعودية أو إيران، فساعدوا في مقاومته، فهم ورغم الأنظمة إخوتكم في الدين أو العروبة. وساعدوا الكويت وبقية دول الخليج العربي ومصر والأردن وتركيا ليتخلصوا من العدو الأمريكي.
الله اكبر حي على الجهاد حي على الجهاد
عاش العراق الواحد المسلم العربي وعاشت فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر
الله اكبر وليخسأ الخاسئون
صدام حسين العراق في 6 ربيع الأول 1424 الموافق 7 أيار 2003
(الرسالة الخطية الثانية بعد رسالة خطية وصوتية)
***
الملحق (3)
رسالة صدام حسين الخطية الثالثة 9 أيار 2003م
لندن ـ بغداد ـ القدس العربي :في ما يلي نص الرسالة الخطية الثالثة التي تلقتها القدس العربي منسوبة إلى الرئيس العراقي صدام حسين، وتضمنت اتهامات وانتقادات لاذعة للحكومات العربية.
بسم الله الرحمن الرحيم
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
من صدام حسين
إلى الشعب العربي العظيم والشعب العراقي جزء لا يتجزأ من هذا الشعب.
إلى من بقيت غيرتهم على هذه الأمة
إليكم جميعاً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبعث برسالتي هذه إليكم في ظروف صعبة تمر بها الأمة. والعراق جزء من هذه الأمة، واكتب إليكم في هذا المساء الذي قارب فيه الليل ليخيم، وبدون كهرباء، والكتابة ليست عملية يسيرة في ظل الظلام. لكن النضال لن يتوقف، والمقاومة لن تنتهي، والليل لا بد أن يعقبه النهار.
يا شعبنا العربي العظيم
لقد عاهدت الله أن أموت شهيداً ولا أسلم للعدو الأمريكي والبريطاني الجبان والقاتل. وإذا كانت الجولة الأولى حفلت بالخيانة من قبل أناس باعوا دينهم وأمتهم ووطنهم وعرضهم، فان النهاية لا يكتبها إلا المؤمنون بالله والذين سيطردون الغزاة القتلة اللصوص. وأنا أودع شباباً وشابات للقيام بعملية ضد العدو الجبان القاتل، تذكرت كل لحظات التاريخ الإسلامي العربي الناصع. فالمستقبل يصنعه مثل هؤلاء، كما سيصنعه أبناء الشعب الفلسطيني المجاهد والعظيم.
لقد احتضنت الدول العربية المجاورة للعراق وغير المجاورة خونة أطلقوا على أنفسهم معارضة، وعندما بدأ العدوان كانوا من ضمن قوات الغزو، فقد سهلت هذه الدول إتصالات وتحركات هؤلاء الخونة مع CIA والموساد والمخابرات البريطانية.
كما سهلت إيران وتركيا مثل هذه الاتصالات. وليس بغريب أن من احتضنتهم إيران دخلوا بحماية القوات الأمريكية والبريطانية، مثلما فعلت تركيا والأردن وآل سعود الأنذال وبائعو أرضهم وعرضهم في نظام الكويت المحتلة. وأؤكد لكم أن الصف الأول من القادة لم يستسلموا أو يخونوا بل تم تسليمهم من قبل خونة، أو تم تسليمهم من قبل الأردن على الحدود. وأقول هذا حتى تعرفوا أن دخول بغداد لم يكن سهلاً حتى مع وجود الخيانة. فكنا نحارب ونحن تحت الحصار مدة 13 عاماً ونواجه أكثر من 500 ألف مجرم من الغزاة وأكثر من جهاز مخابرات كان يعمل ضدنا، بل إن كافة أجهزة المخابرات المحيطة بالعراق وغير المحيطة من العرب كانت تزود المخابرات الأمريكية بمعلومات مجانية وتحت باب إظهار الولاء.
فضلاً عن معدات ووسائل اتصال كنا محرومين منها. ومع ذلك لولا الخيانة لكنا صمدنا سنوات نستنزف فيها العدو دون ان يتمكن من دخول بغداد.
وبعد الذي حدث، أدعوكم يا من بقت الغيرة لديكم على أمتكم ودينكم، أدعوكم انتم ولا أدعو أنظمتكم للعمل تحت راية الجهاد، الله اكبر، وكل حسب مقدرته واستطاعته ودرجة إيمانه. ويبدأ هذا الجهاد بالنسبة للجميع بالتالي:
1ـ مقاطعة العدو الأمريكي والبريطاني والصهيوني.
2ـ عدم تقديم أية تسهيلات لأي من أفرادهم أو مؤسساتهم، وحتى لدرجة عدم نقلهم بواسطة سيارات الأجرة أو تأجير مساكن لهم.
3ـ عدم عقد مباحثات مع أي جهة منهم ما لم يكن شعارها لا للاحتلال الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي.
4ـ مقاطعة بضائع الدول هذه وكل من يؤيد العدوان.
5ـ عدم التعامل مع أي عراقي فرداً أو حزباً أو جهة إن كان يعبر عن المحتل المجرم أو كان موافقاً أو مؤيداً للاحتلال.
6ـ اسمعوا حكوماتكم صوتكم وليتذكروا وانتم معهم أنكم أبناء بلد واحد وأمة واحدة.
7ـ إن النضال الحقيقي يجب أن لا يتعرض لممتلكات عامة أو خاصة.
أما الذين يجاهدون بأرواحهم في سبيل الله والأمة فأسلوبهم ووسائلهم معروفة لنا جميعاً.
وكنت أثناء بدء العدوان أسمع صوتكم يا شعبنا العربي العظيم ومواقفكم المليئة بالرجولة والشرف، ولكن للأسف لم تكن الأنظمة العربية بمستوي فهمكم وإحساسكم.
فلم أطلب من رئيس مصر أن يحارب نيابة عني، لكن طلبنا إيقاف مرور أسلحة الغزاة عبر قناة السويس وعبر الأجواء المصرية. وقد مرت 95% من القوات والمعدات التي قتلت إخوتكم في العراق عبر قناة السويس. وكان تخاذل النظام المصري سبباً في هذه الأوضاع، فمنذ رحيل الزعيم التاريخي جمال عبد الناصر، رغم الخلاف في تقييم تجربته إلا أنه استطاع بنقائه وطهارته الشخصية استثمار ثقل مصر ليجعلها قائدة للشعب العربي ومحبي التحرر من الاحتلال. وأقول بصراحة إن الأمة الإسلامية والعربية لم تنجب أنظمة بمستوى الخيانة الذي شاهدناه في أنظمة مصر وآل سعود وآل صباح والنظام الأردني ونظام قطر، الذي عليه أن يغسل عار سماحه لمجرمي العدوان تخطيط جرائمهم وعدوانهم ضد العراق. كما لم تنجب الأمة الإسلامية بمستوى خيانة وخسة نظامي إيران وتركيا.
يا شعبنا العربي العظيم
ليكن شعاركم لا للاحتلال قولاً وفعلاً، وليبدأ ذلك من رجل الشارع وحتى وسائل الإعلام. افضحوا المعتدي ولا تروجوا لأكاذيبهم انهم جميعا قتلة. يا من كانت الكلمة سلاحكم ارفضوا الاحتلال والعدوان.
أنت مطالب أخي العربي مثقفاً كنت أو أديباً أو صحافياً أو مصوراً أو رساماً بفضح المحتل الجبان وجرائمه. ولا تسمحوا لمن يؤيد المحتل أو يبرره ان يكون بينكم. وارفضوا يا من الرياضة مجالكم المحتل وقاطعوه وقاطعوا فرقه وكل من يؤيده. ولتشمل المقاطعة كل المجالات ليكن صوتكم جميعاً ضد الاحتلال.
فأنتم الأمل، لا الأنظمة. وإذا كانت قيادة العراق تعرضت لكل ما تعرضت إليه بسبب مواقفها الوطنية والقومية ضد الإمبريالية والصهيونية، فإن طريق الجهاد سيستمر لهذه القيادة التي اختارت أن يكون شعارها شهداء في سبيل الله، أو الجهاد حتى النصر
الله اكبر ، وعاش الشعب العربي وعاش الشعب العراقي، الذي هو جزء لا يتجزأ من الشعب العربي. وعاشت فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر
وليخسأ الخاسئون
رسالة خطية ثالثة صدام حسين 8 ربيع الأول 1424 // 9 أيار 2003
***
الملحق (4)
رسالة صدام حسين الرابعة 14 حزيران 2003م
أيها الشعب العظيم,
أيها النشامى في قواتنا المسلحة الباسلة,
يا أبناء أمتنا المجيدة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نحن الآن في اليوم الرابع عشر من شهر ربيع الثاني 1424 هجرية/ الموافق 14 حزيران/ يونيو 2003 م. وقد وصلني ما يقوله العراقيون متسائلين: لماذا لم نسمع صوت صدام حسين منذ فترة من الزمن؟ ليتكلم إليهم.. وأقول ابتداء إنني مشتاق إليكم أيها الأحبة مع أنني بينكم وبين صفوفكم.
ولكنكم تعلمون أيها الإخوة والأبناء أيها الأحبة أن وصول الكلام المسجل صوتياً إليكم لا يسير بنفس اليسر الذي كنتم قد اعتدتم عليه سابقاً، وإننا بذلنا محاولات لإيصاله إليكم قبل الآن، ومع ذلك فإنكم محقون في ملاحظتكم وعلى هذا أخاطبكم اليوم.
لقد قلت لكم قبل المنازلة الأخيرة وأثناءها باسمي وباسم القيادة بأننا لن نخذلكم بعون الله. ولن نجعل الله يغضب علينا أو لا يرضى عنا تمام الرضا لو انصعنا ورضخنا للتهديدات الأميركية الصهيونية وقبلنا بأن يفرضوا على العراق ما يشاءون ويحتلوه من غير قتال فيذلون إرادته المؤمنة وحق شعبه في أن يعيش حراً، ويقرر بكرامة وإيمان ووطنية حقيقية ويسدوا عليه أبواب المستقبل مقابل أن نحتفظ بكراسي في الحكم تحت سيطرتهم الاستعمارية الكافرة لنكون مثل آخرين تعرفونهم.
خابوا وخاب ما يفعلونه، خاب الغزاة وخاب ما يفعلونه. وها قد وفينا بعهدنا ووعدنا لكم، وضحينا بما ضحينا به إلا المبادئ القائمة على الإيمان العظيم ومعاني الشرف الرفيع والشعب والأمة.
ضحينا بالحكم ولم نحنث بعهد الله ولم نطعن الشعب والأمة وكل الخيرين في الظهر, لا بالاستسلام ولا بالتخاذل.
أبشركم أيها الاخوة والأبناء الماجدات والنشامى, أبشركم بأن خلايا المقاومة والجهاد تشكلت على نطاق واسع فعلاً من المجاهدين والمجاهدات، وباشرت أعمالها المشرفة في منازلة العدو والعدوان. ولا بد أنكم تسمعون عنها وإن كان ما تسمعونه عنها، وبخاصة ما تلحقه من خسائر في صفوف الغزاة الكافرين، هو يسير نسبة لحقيقته الفعلية إذ لا يمر يوم من الأيام في الأسابيع الأخيرة إلا ويسيل دم الكافرين على أرضنا الطاهرة بفعل جهاد المجاهدين, وإن ما سيأتي في الأيام القادمة سيكون بإذن الله وبعونه وقدرته عسيراً على الغزاة الكفرة.
لذلك أدعوكم للتغطية على المجاهدين الأبطال وعدم إعطاء الكافرين الغزاة وأعوانهم أي معلومة عنهم، وعن نشاطهم، أثناء تنفيذهم العمليات الجهادية، وقبلها وبعدها؛ والكف عن الثرثرة بالأسماء أو أي معلومات حقيقية عنهم، لأن المجاهدين يقومون بعملهم وفق ما يرضي الله والشعب والأمة والوطن .. من حقهم حماية أنفسهم, ومن ذلك قد يوقعون العقاب بمن يؤذيهم بصورة مقصودة.
وعليه فإننا ندعو إلى احترام أمن المجاهدين والمشاركين في كل ما يجعله مضموناً بإذن الله, والإخبار عن كل جاسوس ومنحرف لعين لا يرعوي.
أود أن أبين للجميع بأن رفاقي وإخواني أعضاء القيادة موجودون في العراق الآن فعلاً. لذلك فإني أحييهم وأحييكم وأحيي المجاهدين في سجون الاحتلال وساحات القتال وأحيي صمودهم وجهادهم وتضحياتهم.
أدعو الله العزيز القدير أن يمنحهم الصبر ويلطف عليهم بما يجعلهم قدوة للعراقيين ولأبناء أمتهم وأن يكونوا عدولاً في تصرفهم وفي ما يفعلونه. والله أكبر وليخسأ الخاسئون.
(نص الرسالة الصوتية)
***
الملحق (5)
رسالة صدام حسين الخامسة تاريخ 12 / 6 / 2003
بسم الله الرحمن الرحيم
سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
إلى الشعب العراقي العظيم إلى أبناء الأمة العربية والإسلامية. إلى الشرفاء في كل مكان:
قد عاهدنا الله أن لا نجعل القوات الأمريكية والبريطانية المجرمة تهنأ وتسرق خيرات العراق العظيم، لهذا يخوض أبناء الشعب من رجال الجيش والحرس الجمهوري وكتائب الفاروق ومجموعة التحرير وأعضاء حزب البعث ومجاميع الحسين قتالاً حقيقياً هي معركة في سفر المنازلة الكبرى لطرد القوات الغازية الكافرة من العراق. ولقد أخذ العدو بقتل المدنيين، من ليس لهم علاقة بحمل السلاح، وهو أمر يستلزم نهوض أبناء الشعب بقواه المختلفة والمتفقة على هدف تحرير العراق من الاحتلال.
إنهضوا جميعاً وحولوا أيام العدو إلى جحيم، واجعلوا من المساجد والمدارس وضريح على والحسين والعباس رضوان الله عليهم وابو حنيفة والشيخ عبد القادر الجيلاني إلى نقاط لمقاومة المحتل وطرده، ولقد اتخذت المقاومة قراراً لا رجعة عنه لتوسيع عملياتها، لذا ننذر كل الرعايا الأجانب ومن قدم مع المحتل الجبان مهما كانت صفته ووظيفته، ومن الذين نبهناهم ببيان القيادة بضرورة مغادرة العراق قبل 17 من شهر حزيران (يونيو) المقاوم والمنتفض، ولن تتحمل ما ينتج بعد ذلك من آثار، وقد أُعذر من أنذر.
يا أبناء شعبنا العظيم:
يا أبناء الأمة العربية والإسلامية والشرفاء في كل مكان، لاحظوا بشاعة جرائم أمريكا في العراق، ولاحظوا جرائم المجرم شارون، إنهما في وقت واحد، فالمقصود هو الإسلام والعروبة والأوطان والإنسان.
ولن ندع المحتل ينعم بخيراتنا ونفطنا، ولن يهنأ من تصور أنه سيكسب من هذا الاحتلال من عرب الجنسية وأدعياء الإسلام والغرب الصامت عن هذه الجرائم.
نقول لكل دول العالم اسحبوا رعاياكم من العراق، فإننا في معركة تحرير، فإن لم تسمعوا فعليكم أن تكونوا مسؤولين عن أرواحهم. لا ترسلوا أي طائرة للعراق أو حافلة أو باخرة فهي أهداف لنا نحرم منها العدو لكي لا يستغلها في تركيز احتلاله.
لقد اقتربت ساعة التحرير والضربة الموجعة ولن يتاح لهم غير الهروب أو أن يقتلوا وسنبقي لهم فقط شخصاً واحداً ليروي لأمريكا المجرمة الكافرة وبريطانيا الحقد الصليبي كيف قتل بقية المحتلين الجبناء الذين اعدموا الأسرى واغتصبوا النساء والأطفال والذين لم يعرفوا الشرف والفضيلة.
وسيندم بوش المجرم الكافر اللص القذر ومعه تابعه الصغير الفاجر بلير شر ندم وستندم الحكومات التي أرسلت قوات لتبقي الاحتلال أطول مدة، وستندم بقية الحكومات العربية التي هادنت وساعدت المحتل. ما معنى أن يقتل المحتل اكثر من مئتي أسير، واكثر من مئة وخمسين مدنياً في 72 ساعة، ما معنى كل هذا يا أحرار العراق والعرب والإسلام والعالم.
إن هذه المرحلة الأولى من المقاومة التي ستشمل قوات الدنمارك وبولندا وغيرهم من الكفرة، وبعد هذه المرحلة إن بقي العدوان سيكون لكل حادث حديث.
فان انتهت هذه المرحلة دون أن يغادروا سيكون حقاً لنا أن ننقل دفاعنا إلى بلدانهم، وطائراتهم، مثلما يقتلون أبناء العراق، سنرد عليهم، وهذا عهدنا لله وشعبنا.
عاش العراق العظيم وعاشت فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر الله اكبر الله اكبر الله اكبر وليخسأ الخاسئون
صدام حسين فجر 12 ربيع الآخر 1424 12 / 6 / 2003
(الرسالة الخطية الخامسة)
***
الملحق الرقم (6)
رسالة صدام حسين في 25 تموز / يوليو 2003م
بسم الله الرحمن الرحيم
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً  صدق الله العظيم
أيها الشعب الكريم
أيها النشامى في قواتنا المسلحة الباسلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنعي إليكم أيها الأخوة والأبناء .. وأزف لكم النبأ الشاق وهو أمنية كل مؤمن مجاهد في سبيل الله، حيث ارتفعت أرواح كوكبة أخرى جديدة من الشهداء إلى بارئها .. طيورٌ خضرٌ .. في سماء وضيافة الرب الرحيم هناك حيث الجنة وفيها الصديقين والشهداء ومن رضي الله عنه فأرضاه.
لقد جاء موقف هذه الكوكبة مثلما هو موقف كل الشهداء الأبرار الذين يشدون النفس جهاداً في سبيل الله صادقين مؤمنين؛ جاء وفياً صادقاً أميناً للعهد والوعد الذي قطعوه على أنفسهم وقطعناه بعد الله أمامكم وجعلنا النفس والمال والولد فداء في حومة الجهاد المؤمن في سبيل الله والوطن والشعب والأمة، ووقف أبناؤكم وإخوانكم أيها الأحبة العراقيون، وقف إخوانكم عدي وقصي ومصطفى ابن قصي وقفة الإيمان التي ترضي الله وتسر الصديق وتغيظ العدى في ساحة الجهاد في أم الرماح الموصل الحدباء، وذلك بعد قتال باسل مع العدو استمر لمدة ست ساعات كاملة، ولم تستطع جيوش العدوان المحتشدة عليهم مع كل أنواع الأسلحة للقوات البرية أن تنال منهم إلا بعد أن استخدموا على البيت المتواجدين فيه الطائرات، وهكذا وقفوا الوقفة التي شرف الله بها هذه العائلة الحسينية ليتواصل الحاضر تواصل بهي أصيل مؤمن ومشرف معاً.
فالحمد لله على ما كتبه لنا سبحانه أن شرَّفنا باستشهادهم في سبيله، ونتورع عليه تعالى أن يرضيهم هم وكل الشهداء الأبرار بعد أن أرضوه بوقفة الجهاد المؤمن وحميته، ومرة أخرى أقول وأُشهد الله قبلكم أيها الأخوة والأبناء في شعبنا الوفي الأمين وأمتنا المجيدة، لأن النفس والمال فداء في سبيل الله وفداء للعراق ولأمتنا بعد أن افتدينا هذه العناوين والمعاني بالولد، ولو كان لصدام حسين مائة من الأولاد غير عدي وقصي لقدمهم صدام حسين على نفس الطريق، ولأن الواجب والحق يستأهلان هذا، وأن معاني الإيمان والحمية والحق المغتصب تناشد أهلها المؤمنين أهل المبادئ الصادقين في العهد والوعد، ولا يجوز إلا أن نكون منهم، ونحن ندعو إلى هذا ليرضى الله والناس والتاريخ عنا، فالحمد لله على ما كتبه لنا أن شرفنا باستشهادهم جميعاً وعوضنا بعد رضا الله في أبناء وشباب العراق الغيارى وأبناء أمتنا المجيدة وبالمبادئ التي تصان لتحيا مزهوة هي وبيرق الله أكبر بدماء الشهداء.
والله أكبر ومجد وعليين لشهداء الإيمان .. شهداء العراق والأمة
والله أكبر والمجد للشهداء.. وعاشت أمتنا المجيدة وعاش العراق.. عاش العراق
وعاشت فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر، ولتخسأ ولتسقط الصهيونية
وعاش الجهاد والمجاهدون، وليخسأ الكذابان وأعوانهم وأتباعهم وعملائهم
وان مبادئ الحق تزدهر ويعلو شأنها على مذبح الشهداء، فإن كنتم قد قتلتم عدي وقصي ومصطفى ورجل مجاهد معهم، فإن كل شباب أمتنا وشباب العراق هم عدي وقصي ومصطفى في ساحات الجهاد.
والله أكبر والعزة لله والمؤمنين، الله أكبر.. الله أكبر
25 تموز 2003 - جماد الأول 1424 للهجرة
***
الملحق (7)
رسالة صدام حسين السادسة تاريخ 27 تموز 2003-
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان إلى شعب العراق الوفي العظيم :السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أولاً في ظروف الكوارث والحروب يسعى المسؤولون المخلصون لشعبهم ولأمتهم إلى إنقاذ الأغلى والأثمن مما يمكن إنقاذه، واعتبار التضحيات والخسائر من المستوى والوصف الآخر مفهوماً بضوء وطبيعة كل كارثة وحالة صعبة، ولأن ما وقع على شعبنا وما أصابه من تضحيات وخسائر بسبب العدوان الأجنبي كبيرة وصعبة بقياس أمثالها ومنها ما مر بشعبنا بتاريخه الحديث قبل هذا فان مبدأ إنقاذ ما يمكن إنقاذه مما هو ثمين واجب من واجبات المسؤولين عن هذا الشعب، ولأن الإنسان هو أثمن وأغلى ما ينبغي أن تتوجه إليه العناية لإنقاذه من عدوه ومن نفسه، بعد السعي المؤمن لحوز رضا الله القادر العظيم فإن الموضوع الذي نحن بصدده أيها الأخوة و الأبناء وهو إنقاذ بعض العراقيين من أنفسهم ومن غيرهم.
لقد اختل توازن فئة من الناس في أيام الحرب التي حصلت بين كتل الجيوش على طرفيها وما بعد ذلك بزمن، فلم يتوقف اختلال التوازن و لن يوقفه إلا وقفة من وضع نفسه مجاهداً في خدمة المبادئ التي ترضي الأمة و الشعب بعد رضا الله، وأعني بالأمة والشعب هنا كحقيقة تاريخية على وفق وصف ضميرهما الواعي وتطلعاتهما وقياساتهما الأصيلة عندما يستقر لهما ظرف يتيح أمامهما التمعن والتبصر الصحيحين واستحضار الضمير الحي للقول والوقوف على أساس القول إن هذا حق وذاك باطل، وهذا صحيح ومقبول وهذا غير صحيح ومرفوض.
أقول لم ولن يوقف اختلال التوازن الذي أشرنا إليه إلا موقف وفعل المؤمنين المخلصين المجاهدين الذين عملوا وجاهدوا لمواجهة الاحتلال ولطرد الغزاة خارج العراق، ليعود العراق في وجهه المؤمن معافى بعد أن ابتلي ببلواه فأصابه ما أصابه، ومن بين ذلك اختلال نفوس ساقها الشعور بالإحباط أو اليأس أو القول، لأن ابن الشعب أحق وأولى من المحتلين بمال الدولة التي يسعى المحتلون إلى تدميره أو الاستيلاء عليه وتوظيفه لأغراضهم الدنيئة بما فيه تسخيره لأتباعهم الخونة الأشرار الذين رافقوا دباباتهم، فكانوا أذلاء أخساء على وطن الإيمان وأبناء جلدتهم.
تحت مثل هذا الشعور أو ما يترشح عن الإحباط.. من طمع استولى على عدد كثير من المواطنين على عجلات عائدة للدولة أو الحزب، والبعض الآخر منهم نقل العجلة المكلف عنها ومسجلة ذمة عليه، نقلها إلى داره تحت شعور الحرص وممارسة المسؤولية بتكليف له به من جهة أعلى ضمن دائرته، أو على وفق اجتهاده ومبادرته هو ليحافظ عليها إلى حين، وحتى يتبين أو تنشأ ظروف تتيح أمامه التعرف على رأي الجهة الرسمية المسؤولة عن هذا.
إن هذه القضية التي نتولى معالجتها الآن من القضايا الحساسة التي يتداخل، معها وفيها، ونحن نعالجها أو من قبل الناس جميعاً، الإحساس بالمرارة تجاه ما وقع مع الإصرار على تحمل المسؤولية بروح قيادية خاصة لإنقاذ أبنائنا وإخواننا، وحتى الجانحين منهم ما عدا من خان الشعب والوطن والأمة وتعاون مع المحتلين المجرمين، ولأننا نشعر بعمق أن عدم معالجة هذه القضية بالحكمة الواجبة تجعل المعنيين في هذا، إما أن يقفوا تحت شعور الحيرة وثقل المسؤولية، أو أن الشعور بالذنب والخوف من المستقبل لمن جنح قد يدفع البعض منهم إلى ارتكاب جريمة الخيانة بحق الوطن والمسيرة لا سمح الله، وهو ما لا يريده ولا يرغب فيه أساساً، فيكون عوناً للأجنبي تحت هذا الشعور المدمر، والخوف من المستقبل بدل أن يكون بندقية محشوة ضد الأجنبي المحتل ليكون جزءاً من المسيرة الظافرة، ولا يخاف من المستقبل، أمام كل هذا وما يمكن أن يضاف إليه قررنا:
اعتبار كل العجلات المفقودة أو المودعة أمانة لدى أصحابها، والعائدة ملكيتها لأجهزة الدولة والحزب، هدية إلى من حازها، له التصرف بها؛ وإن شاء اقتناها وإن شاء باعها، ملكاً صرفاً غير مثقل بأي التزام ومعفو صاحبه من أي مساءلة الآن وفي المستقبل.
أما من أراد أن يحتفظ بأي عجلة تطوعاً منه ليعيدها حسب ملكيتها إلى الحزب أو الدولة، عندما ترد الأمور ضمن مجاريها الصحيحة مستقبلاً إن شاء الله، فهو أمام الله والناس ذو حظ عظيم، وله ثواب ربنا الرحيم إن شاء سبحانه، وفخر المؤمن البار أمام نفسه وعياله وأصحابه وأمام الناس أجمعين، ومثله من يقرر بيع العجلة العائدة أصلاً إلى الدولة والحزب، ويقرر التبرع بجزء من ثمنها للجهاد والمجاهدين، إذا كان أصل ملكية العجلة للدولة، والتبرع للحزب في منطقته إذا كان أصل ملكية العجلة المعنية للحزب، وفي كل الأحوال نمنع المعنيين منعاً باتاً من تسليم العجلات التي في حوزتهم للمحتلين المجرمين وأعوانهم الخونة والأجهزة التي تولوا إدارتها، مع ملاحظة أن لا يستفيد من هذا القرار التالية عناوينهم: رئيس الجمهورية، رئيس مجلس قيادة الثورة، نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، أعضاء مجلس قيادة الثورة والقيادتين القومية والقطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي، ونواب رئيس الوزراء والوزراء ومن هم بدرجتهم، إذ لهم فقط أن يحتفظوا وينتفعوا بالعجلات التي في حوزتهم الآن، ويقدموا عنها بيان تفصيلي إلى رئيس الجهورية بعد عودة الأمور إلى مجاريها الصحيحة في المستقبل إن شاء الله.
ثانياً: أيها الأخوة والأبناء، إننا في معالجة الحال الذي عالجناه على وفق ما ورد في أوله، بعد الاتكال على الله الواحد الأحد، عالجنا واحدة من مشاكل الحاضر، ولأن إيماننا عظيم بأن الله ناصرنا وناصر شعبنا المؤمن الأمين، فإننا واثقون بأن اللحظة، التي ينهار فيها جيش الاحتلال، ويسلم المحتلون للحقيقة ولما يريده الله والشعب، قادمة وممكنة في أي لحظة من الزمن القادم أمام ضربات المجاهدين الموجعة للمحتلين وإصرار شعبنا الأبي على وقف الاحتلال والمحتلين، ولكي لا ندع الحال يفاجئنا فيسبق تحسبنا له بموقف واضح وصحيح، فإننا نناشدكم أيها الأخوة والأبناء الالتزام والانضباط المؤمن، وسوف يسجله الله إن شاء سبحانه ثواباً لكم، ومنا ومن الناس أجمعين التقدير الذي يستحقه الصابر المبتلي الذي ينجح في صبره إزاء بلواه، وعلى هذا أدعو كل من تضرر من أعمال النهب والعدوان السابقة، بل أدعو الجميع إلى الانضباط وعدم التصرف والثأر كرد فعل على حال النهب والقتل الذي مارسه الجانحون بتشجيع المحتلين، لما هو مماثل لفعلهم، عندما ينصركم الله على العدوان والعدوانيين المحتلين، وأدعوكم مع هذا أيضاً وبخاصة إلى احترام القانون الدولي واحترام مبادئ الأديان السماوية ودينكم الحنيف إزاء من يسلم نفسه إليكم من جيوش العدوان، وبذلك تضيفون أيها الشعب الكريم إلى تاريخكم المجيد، ما هو استحقاقكم واستحقاقه ويليق بتضحياتكم السخية في عراق الإيمان والموقف، ويعلي صفة وصف النفس بالمهمات والصعوبات.
سلام وتحية إلى العراقيين الأبرار والماجدات.
سلام إلى أصحاب السريرة النظيفة واليد النظيفة.
ونسأل الله تعالى الرحمة للخيرين، ونسأله أن يغفر، لو أراد، لمن جنح فأخطأ وتاب إنه بعباده بصير.
وعليين للشهداء.. عليين للشهداء
الله أكبر والعزة لله وللمؤمنين
سلامٌ.. سلام يا عراق
صدام حسين في 27 تموز 2003م الموافق 20 جماد الأول عام 1424 للهجرة
***
الملحق (8)
رسالة صدام حسين السابعة تاريخ 14/ 8/ 2003م
الدوحة – أ ف ب - إسلام أون لاين.نت/ 14-8-2003 دعا الرئيس العراقي السابق صدام حسين في رسالة خطية بثتها قناة "الجزيرة" الفضائية مساء الأربعاء 13-8-2003 الشيعة العراقيين إلى إعلان الجهاد ضد قوات الاحتلال الأنجلو- أمريكية في العراق، مشيداً في الوقت نفسه بمواقف آية الله على السيستاني أحد المراجع الشيعية الكبرى من مجلس الحكم الانتقالي في العراق ومن الاحتلال.
وجاء في الرسالة المنسوبة إلى صدام أن »موقف السيد السيستاني وعموم الحوزة العلمية في النجف مهم لجهاد العراقيين، ومثلما تعلمون فإن الحوزة لم تدعُ للجهاد لطرد الاحتلال حتى الآن«.
وقال: إن »الحوزة العلمية في وضع لا يتمنى مخلص وأمين له أن يستمر، وإنما ينتهي إلى إعلان الجهاد ليكون الشعب كله موحداً في موقفه ضد الاحتلال وعلى كل المستويات والتسميات والاتجاهات والقيادات«.
وأضاف إن »السيد السيستاني يحظى باحترامنا، والأساس عندنا في هذه المرحلة هو طرد الاحتلال الأجنبي، وتأمين الأمن والسلام للعراقيين«.
وأجاب صدام -في الرسالة المنسوبة إليه على أسئلة صحفي تتناول تصريحات نُسبت للسيستاني وقالها لإبراهيم الجعفري أول رئيس لمجلس الحكم الانتقالي في العراق- قائلا: »نعم سمعت أن السيد السيستاني قال (للجعفري) إن أي دستور يُوقَّع في ظل الاحتلال الأمريكي هو باطل؛ لأن العراق يحتاج إلى دستور نابع من الشريعة الإسلامية لأن أكثر من 95% من الشعب العراقي هم من المسلمين«.
وأضاف»نرحب بهذا التصريح؛ لأنه يتضمن عدم الاعتراف بالاحتلال، ويعتبر أن كل ما يصدر من قرارات في ظل الاحتلال باطل، إن المهم بالنسبة لنا في هذه المرحلة هو طرد المحتل الأجنبي، وتأمين الأمن والسلام للعراقيين«.
كان الجعفري قد عُيِّن في 30 يوليو 2003 أول رئيس دوري للمجلس لمدة شهر، وقد التقى آية الله السيستاني في 6 أغسطس 2003 في النجف ليطلعه على أعمال المجلس.
يُذكر أنه في يونيو 2003 أصدر آية الله السيستاني فتوى تعارض صياغة دستور جديد من قبل جمعية تعينها قوات الاحتلال معتبرا أنه لا بد أولا من إجراء انتخابات عامة. كما دعا السيستاني في الشهر نفسه العراقيين إلى ممارسة نوع من "الجهاد المدني" ضد الاحتلال الأمريكي.
***


الملحق (9)
رسالة صدام حسين الثامنة تاريخ 1/ 9/ 2003م
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ
أيها الشعب العظيم
أيها النشامى المجاهدون والمجاهدات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ربما سمع الكثير منكم فحيح الأفاعي، خدمة الغزاة المحتلين الكفرة، وكيف سارعوا وكأنهم، في حال من يحضِّر نفسه، ليتهموا من غير دليل بعد حادث مقتل الحكيم، ليتهموا من سموهم بأنصار صدام حسين في الحادث، وعلى هذا أعلق بالآتي:
إن صدام حسين ليس قائد القلة، أو مجموعة ضمن المجاميع ليعرفوا به أو يعرف بهم، وإنما قائد شعب العراق العظيم كله، عرباً وكرداً شيعة وسنة مسلمين وغير مسلمين.
وان هذا ما قرره شعب العراق العظيم بنفسه في انتخابات حرة على رؤوس الأشهاد. فبايع الشعب كعهد أمام الله، صدام حسين رئيساً للجمهورية وقائداً للشعب، وان العدوان واحتلال مدن العراق، ربما ما كانا ليحصلا لو أن صدام حسين كان يمثل مجموعة أو تياراً أو مجموعة أنصار ومناصرين فحسب، وإنما لأن الصهاينة ومن مثل السياستين الأميركية والبريطانية، ومن تبعهم بسوء، أدركوا حقيقة أن صدام حسين وشعبه حالة واحدة، والكل قرروا أن يتخلصوا من كل عوامل الضعف داخل النفس وخارجها، مما ورثوه عن ظروف التدهور والاحتلال الأجنبي السابق، وكل الأمراض التي أصابت المجتمع لأسباب معروفة، والتمسك بحقوقهم الإنسانية والدينية والوطنية والقومية والدفاع عنها ورفض ما يملى عليهم من الخارج، وكل ما يعاكس إرادة الشعب ودينه وحقوقه، وتراث الأمة الخالد، ولأن الأعداء أدركوا أن التصميم على هذا أكيد، وان الإعداد لمستلزماته جدي وصحيح.
وإن القاعدة التي تم بناؤها على هذا حقيقية، لذلك فان الهدف الأساسي، الذي قرره صدام حسين وإخوانه في القيادة وأعلنه وكرَّر وشدَّد عليه، قبل وأثناء دخول قوات الاحتلال والعدوان بغداد وبعد ذلك وحتى الآن، هو طرد العدو وقوات الاحتلال من العراق، وعلى هذا دعونا وندعو شعب العراق ونؤكد أن لا ينشغل بأي هدف أو مسلك يقود إلى غير هذا الهدف، أو يؤثر سلباً على الهدف المركزي.
إن من سمتهم أميركا سلطة تابعة، سارعوا بالاتهام قبل أن يتبينوا. فهل قاموا بهذا ليبعدوا التهمة عمن قاموا به فعلاً؟ أم انهم انطلقوا من معرفة أن شعب العراق يعتبر أن كل من يكون مطباً للأجنبي وألعوبة بيديه، بما سهل الاحتلال ويسهل بقاءه يعتبره شعب العراق، بل المؤمنون كلهم، ليس عدو الله وعدو الوطن فحسب وإنما عدو الشعب والأمة، بل وكأنه عدو كل واحد فيهم، يستوجب من يريد التقرب من الله التخلص من شرهم وتطهير الأرض، وإبراء ذمة التاريخ منهم.
إن العملاء الذين أسرعوا أو تسرعوا بالاتهام عليهم أن يجيبوا الشعب عن تفاصيل هذا الاتهام وعن حقيقة ما يعرفون. وإن الله يعرف ما يقع وما تكن الصدور. وفي كل الأحوال فان أي شيء غامض عندما يقع ويعتبره العراقيون المخلصون المؤمنون عملاً خاطئاً يمكن معرفته وكشف خيوطه في تحقيق نزيه في ظل السلطة الوطنية في المستقبل، بما في ذلك إجراء تحقيق تشترك فيه الجهة المعنية، إضافة إلى من يمثل القيادة والسلطة بعد طرد الغزاة المحتلين، وهو قريب إن شاء الله، لكي لا ينشغل أي عراقي مخلص بأمر يخطط المعتدون المحتلون له وأذنابهم. يخططون لإشغال الشعب بما يلهيه عن قضيته الرئيسة بعد فشلهم، بعدما فشلوا في أن يجعلوا العراق والعراقيين وقيادتهم، يستسلمون لما خططوا له، هم والصهيونية المجرمة وكيانها البغيض المحتل لفلسطين.
أيها العراقيون النشامى
أيتها الماجدات
لقد فشل العدوان بعون الله، وصار الاحتلال الذي خطط له المجرمون في مهب الريح والعواصف التي أرادها الله. وستكون هذه المرة نهايتهم عن طريق إرادة العراقيين ومقاومتهم البطولية وجهادهم العظيم، هم وإخوانهم المؤمنون من أبناء أمتنا. فشددوا أيها الأبطال الأماجد ضرباتكم الشجاعة على المعتدين الأجانب، من حيثما جاءوا ومهما تكن جنسياتهم، وحاصروا المجرمين الذين يتورطون فيتعاونون مع الأجنبي المجرم الكافر، واتخذوا عليهم الإجراءات التي لا تغضب الله وتعتبر ضرورية لحمايتكم والدفاع عن النفس، وليكن قياسكم في هذا دينكم الحنيف والشرع اليقين.
عليين والمجد للشهداء وعاش العراق، عاش العراق.
عاشت أمتنا المجيدة والخزي واللعنة والعار للصهيونية
وعاشت فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر
والله أكبر.. الله أكبر.. وليخسأ الخاسئون
***
الملحق (10)
الرئيس صدام حسين يطالب القوات الأمريكية بالانسحاب من العراق بدون شروط
17/9/2003م
بغداد: بثت قناة تلفزيون العربية الفضائية شريطاً مسجلاً نسبته للرئيس العراقي صدام حسين جاء فيه:
إليكم أيها المجاهدون وإليكم أيها العراقيون..
السلام عليكم ورحمة الله
عليكم أيها المجاهدون وأيها العراقيون والماجدات تشديد الخناق وزيادة ضرباتكم إلى أعدائكم لإفقادهم توازنهم بالهتاف والتظاهرات والخط على الجدران والمطالبة بحقوقكم حتى التفصيلية منها. وتاج كل هذا هو الجهاد المسلح والضربات الموجعة التي تجعل الرؤوس الفارغة تسلم.
وحثَّ صدام حسين العراقيين على تصعيد المقاومة ضد القوات الأمريكية وعلى الجهاد بكل الوسائل ضد الغزاة. مؤكداً »أننا شعب واحد ولدنا وعشنا ونجاهد كشعب واحد ونفرح يوم يأتي الله بنصره المبين، وحينئذ يفرح الشهداء والمؤمنون«.
وأضاف:إن الشعب العراقي كان في الماضي البعيد وفي الخمسة وثلاثين عاماً المنصرمة محارباً من يحارب الظلم ويقاوم الأطماع الأجنبية، ويساعد من يحتاج إلى مساعدة، وإن على من يريد أن يتذكر في أمتنا، سواء من الوسط الرسمي أو الشعبي، أن العراق جزء حي من أمته فليتذكر بقدر همته ونيته قبل أن تفوت على الفعل فرصته، ومن لا يستطيع فيكفينا منه الدعاء الصادق، ومن لا يستطيع أي موقف إيجابي فليكف الله شره عنا وحسبنا الله ونعم الوكيل.
كما أكد الرئيس العراقي على وحدة الشعب »وتآزره وعدم الإصغاء إلى صوت الصهيونية والاحتلال الذي ينفخ في نار الفرقة«,
كما دعا العراقيين إلى مقاومة الاحتلال بكل وسيلة, مؤكداً أن القوات الأميركية والبريطانية تتكبّد خسائر كبيرة في العراق, وإن »اليوم الذي لا يستطيعون فيه حتى إنقاذ تجهيزاتهم العسكرية, قريب«.
وأضاف مخاطباً جورج بوش: أقول باسم شعب العراق العظيم إنك كذبت على نفسك وشعبك والناس أجمعين، أنت ومن ورطته معك، أو هناك من كذب عليك. ومثلما ورطتك الصهيونية وورطت سياسة أميركا الخارجية في معاداة الأمتين الإسلامية والعربية والاستخفاف بالعالم، ورطتك في معاداة العراق والعدوان عليه.
وأضاف:إنه إزاء مأزق العدوان ومستوى الخسائر التي تلحق بجيشك الذي صار عجزه واضحاً لأنه بلا قضية مشرفة في مواجهة شعب الحضارات، فان الموقف دفاعاً عن كل ما هو شرف ومشرف يجعل إعلانكم الهزيمة بصورة رسمية وعلنية وانسحابكم من بلدنا لا مفر منه.
ولأنه لا يستوجب المزيد من الخسائر التي ستكون كارثية على أمريكا لو ركب مسئولوها رؤوسهم واستمروا في عدوانهم.. . قال: إذا أردتم بحث ترتيبات الانسحاب بعد أن تقرروه بلا قيد أو شرط علينا، والذي ينبغي أيضاً ألا يكون غطاء لخديعة، فإن قسماً من المسؤولين في القيادة معتقلون لدى جيشكم، أسرى حرب في العراق، وهم معروفون على المستوى العالمي وعند شعبهم والمجاهدين؛ وبإمكانكم –على هذا - الاتصال بهم، وإجراء الحوار المناسب بما يضمن توفير الأمن لجنودكم أثناء الانسحاب على وفق ما يتفق عليه الطرفان.
وأعرب صدام عن الأمل في ألا يقع أي من أعضاء مجلس الأمن في مهاوي السياسة الأميركية المظلمة» بعد أن تكشفت الحقائق كاملة لديكم مثل ما تكشفت لدى الرأي العام العالمي رغم محاولة الإدارة الأميركية التلاعب بالحقائق وإخفاء الأكيد الفاضح منها«.
وقال مخاطباً أعضاء مجلس الأمن »اعلموا أن شعب العراق وقيادته سيرفضان أي حل يجري في ظل الاحتلال بل إننا سنعتبر أي حل في ظل الاحتلال ما هو إلا مخادعة مكشوفة لتمرير جوهر ما أراده الاحتلال«.
وتابع: إن على من يريد للمنطقة الاستقرار والأمن ألا يتجاهل الحقائق الثابتة في المنطقة ومنها أن الشعوب فيها لا تقبل الظلم والمهانة وترفض أي احتلال. ودعا إلى عدم السكوت على »الابتزاز« الأمريكي والتصرف بما يرضي الله، معرباً عن أمله في أن تطور أوروبا في موقفها المتوازن تجاه العراق ليكون عادلاً وواضحاً بما فيه الكفاية.
وأكد أن من يمثل شعب العراق تمثيلاً أصيلاً حقيقياً هي قيادته وعلى رأسها رئيسه الذي اختاره بانتخاب حر مباشر في تشرين الأول/ أكتوبر 2002.
وأعرب عن سعادته لهتافات العراقيين المؤيدة له التي تقول »بالروح بالدم نفديك يا صدام«، وأنا أقول »بالروح بالدم -بعد رضا الله- أفدي العراق وأمتنا العربية«.
وختم تسجيله بعبارته الشهيرة »الله أكبر . الله أكبر. عاشت أمتنا المجيدة. وحي على الجهاد. عاش العراق. عاشت فلسطين حرة مستقلة من البحر إلى النهر«.
ملاحظة للقارئ:
لأننا قمنا بتنسيق النص من عدة وسائل إعلامية، قد يكون هناك بعض التغيير في فقرات الرسالة، فاقتضى التنويه.
***

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق