بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 22 يناير 2010

الجريمة الأميركية المنظمة في العراق (الكتاب الثالث - الفصل الأول)

محتويات الكتاب الثالث
الجريمة الأميركية أمام المحكمة الجنائية الدولية
الفصل الأول: الدفاع عن صدام حسين دفاع عن العراق
أولاً:بين الدفاع أمام محكمة غير شرعية، ورفضه، مسافة إثبات لا شرعية الاحتلال.................. 5
ثانياً: المتطوعون للدفاع عن الرئيس صدام حسين.................................................. 5
ثالثاً: لائحة اتهام الرئيس صدام حسين................................................................. 5
1-إعتقال الرئيس وطريقة التعامل معه بعد الاعتقال مخالف للقوانين الدولية......... 5
2-أية محكمة يمكن أن تحاكم الرئيس العراقي؟.....................................................5
3-إجراءات المحاكمة غير قانونية........................................................................ 5
أ-مبدأ لا شرعية الاحتلال ينقض كل ما يصدر عن الاحتلال:
ب-محاكمته أمام محكمة عراقية غير قانوني.
ج-لا قانونية القاضي المكلف برئاسة المحكمة: القاضي عميل وقاتل، والمحكمة ينخرها الفساد والسرقة.
د-السلطات العراقية المعيَّنة من قبل سلطات الاحتلال تهدد المحامين عن الأسرى بالقتل، وتحل بديلاً عن المحاكم وتحكم على المتهم بالإعدام، ومؤسسات عربية تعرقل مساعي الهيئات التي تطوعت للدفاع والإسناد.
هـ:سلطات الاحتلال الأميركي تتجاهل اتفاقيات جنيف المتعلقة بحقوق أسرى الحرب.
رابعاً:الرئيس صدام حسين أمام محاكمة صورية..................................................... 5

الفصل الثاني:
الإدارة الأميركية والحكومة البريطانية والأمم المتحدة
أمام محكمة جرائم الحرب الدولية
أولاً: الاحتلال حالة مقيَّدة بالقوانين والشرائع الدولية.................................................. 5
ثانياً: في استخدام الأسلحة المحرَّمة دولياً............................................................... 5
ثالثاً: نقل المعتقلين إلى خارج العراق احتيال على القانون الدولي............................ 6
رابعاً: تواطؤ الأمم المتحدة.................................................................................. 6
خامساًً: محاكمة سلطات الاحتلال الأميركي بجريمة «خطف العراقيين» كإحدى
الجرائم ضد الإنسانية............................................................................... 6
سادساً: مشاركة الاحتلال لدولة عدوة، حسب قوانين الدولة العراقية، في التدخل
السافر في شؤون العراق........................................................................... 6
سابعاً: قتل الصحافيين أكثر الوسائل ردعاً من إنزال عقوبة مدنية بهم..................... 6
ثامناً: دلائل فظاعة الجرائم تدل عليها شهاداتهم.................................................. 6
تاسعاً: منظمات الضمير العالمي تتحرك من أجل محاكمة مجرمي الحرب.................... 6

ملاحق الكتاب الثالث

ملاحق الفصل الأول
1- بيان قيادة قطر العراق بتاريخ 15/ 12/ 2003............................................... 7

2- مجموعة مراسلات لهيئة الدفاع من تاريخ 15/ 12/ 2003 حتى 10/ 11/ 2004.............. 7

3- بيان دوري صادر عن هيئة المحامين الموكلين بالدفاع عن سيادة الرئيس صدام حسين.......... 7

4- نص البيان الذي أصدرته هيئة الدفاع عن الرئيس صدام حسين................................... 7

5- 47 محاميا عراقيا يتطوعون للدفاع عن لرئيس صدام حسين............................. 7

6- محامو صدام يطلبون مقابلته................................................................. 7

7- نظرة قانونية في محاكمة الرئيس صدام حسين............................................. 7

8- أسماء 745 محاميا تطوعوا للدفاع عن الرئيس صدام..................................... 7

9- أسماء دفعة جديدة من المحامين المتطوعين للدفاع عن الرئيس العراقي....................... 7

10- تشكيل لجنة فلسطينية للدفاع عن صدام برئاسة الشكعة............................... 7

11- في الندوة الدولية: خطة للتحرّك استعدادا للمحاكمة.. وبن بلا وآخرون على الخط......... 7

12-أعضاء لجنة الدفاع عن صدام حسين بتونس............................................. 7

13- إعلان ونداء من هيئة الإسناد.............................................................. 7

14- بيان صحفي صادر عن هيئة الإسناد ..................................................... 7

15 رغد صدام: لم أزر قطر ولم ألتق والدي أو والدتي.......................................... 7

16- رد وتوضيح من هيئة الإسناد للدفاع عن الرئيس العراقي صدام حسين ورفاقه: ... 7

17- رسالة من هيئة الإسناد للدفاع عن الرئيس صدام حسين ورفاقه والأسرى والمعتقلين7

18- تصريح صحفي لهيئـة الإسناد للدفاع عـن الرئيس صدام حسين ورفاقه في العراق... 7

19- المحاضرة التي ألقاها المحامي زياد الخصاونة في تجمع لأحزاب المعارضة في عمان.. 7

20- بيان لجنة الدفاع عن صدّام حسين بتونس................................................. 8

21- المحكمة الدولية حول العراق: إطار عمل جلسة اسطنبول................................. 8

22- رسالة موجَّهة من المحامي خليل الدليمي .................................................. 8

23- بيان لجنة الدفاع عن صدّام حسين بتونس................................................. 8

24-ما جرى من محاكمة للسيد رئيس جمهورية العراق مسرحية لا علاقة لها بالقانون......... 8

25- محاكمة صدام .. آراء خبراء القانون الدولي الغربيين................................... 8


ملاحق الفصل الثاني
1- النشاطات الإعلامية المحظورة في العراق : نص الأمر رقم 14 لسلطة التحالف المؤقتة8

2- القرار 1483 (2003) في 22 أيار / مايو 2003............................................ 8

3- قراءة أولية في قرار مجلس الامن الدولي 1483............................................. 8

4- القرار 1511 (2003) في 16 / 10/ 2003................................................. 8

5- القرار 1546 في 8 حزيران/ يونيه 2004..................................................... 8

6- قرار مجلس الأمن 1546 تدوير لزوايا الاحتلال وتشريع دولي للموقف الأميركي....... 8


الملاحق الوثائقية العامة
1- قواعد معلومات القانون الدولي الإنساني الخاصة باللجنة الدولية........................ 8

2- القانون الدولي الإنساني: قواعد الحرب: تطوّر القانون: الأسلحة: تجنُّب الأسوأ........ 8

3- الأسئلة الشائعة: هل القانون الدولي الإنساني مازال مناسبا في منازعات اليوم؟....... 8

4- الأسئلة الشائعة عن دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر................................... 8

5- نصوص من اتفاقية جنيف الثالثة (بشأن معاملة أسرى الحرب): ....................... 8

6- استخدام المرتزقة كوسيلة لانتهاك حقوق الإنسان.......................................... 8

7- قرار رقم 3103 (الدورة 28) بتاريخ 12 كانون الأول (ديسمبر) 1973............... 8

8- مدخل إلى المحكمة الجنائية الدولية: رقم الوثيقة: IOR 40/001/2004............. 8

9-المحكمة الجنائية الدولية: مقدمة تاريخية..................................................... 8

10- المحكمة الجنائية الدولية: إرشادات للتنفيذ الفعال لنظام روما الأساسي.............. 8

11- المحكمة الجنائية الدولية: أركان الجرائم................................................... 8

12-الإعلان العالمي لحقوق الإنسان............................................................. 8


الفصل الأول
الدفاع عن صدام حسين دفاع عن العراق

أولاً:بين الدفاع أمام محكمة غير شرعية، ورفضه، مسافة إثبات لا شرعية الاحتلال
إن محكمة يعينها الاحتلال لتحاكم الرئيس صدام حسين، غير شرعية لأن الاحتلال الذي عيَّنها غير شرعي، هذا السبب الذي انقسم حوله المحامون العرب إلى فريقين:
-فريق يرفض المرافعة عنه خوفاً من الاعتراف بشرعية الاحتلال(*).
-وفريق دعا إلى الدفاع عنه كفرصة للكشف عن أن الاحتلال غير شرعي( ).
فالجامع المشترك بين الفريقين هو إثبات «لا شرعية الاحتلال»، التي على ضوء توضيحها يكون الدفاع عنه دفاعاً عن العراق. وهو ما يصبح أكثر وضوحاً فيما يلي:
1-الصعوبات ذات العلاقة بجرائم الإدارة الأميركية: ستثير محاكمة الرئيس، بالضرورة، جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات الاحتلال وهي ظاهرة وموثقة.
إن طبيعة المحكمة سيتم تشكيلها بما يتضمنه من خروج على قاعدة مستقرة في شأن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية حيث تختص بالنظر فيها محاكم خاصة تشكل بقرار من الأمم المتحدة. وهذه الجرائم محددة بشيء كبير من الوضوح في القانون الدولي ابتداءً بقواعد لاهاي 1907 حتى اتفاقيات جنيف سنة 1949، ومن الصعوبة أن توجه للرئيس صدام إحدى هذه التهم لأنه يحارب على أرضه عدواناً يحق له مقاومته وفقاً لحق الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من الميثاق.
وهي لا تستطيع أيضاً محاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية لأن أمـريكا سحبت توقيعها على النظام الأساسي للمحكمة.
كما أن المحاكم الدولية التي تنشأ بقرار من الأمم المتحدة مستبعدة لأن الولايات المتحدة لن تسمح لمجلس الأمن بإنشائها خشية أن يمتد اختصاصها إلى ضباطها وجنودها.
2-أن تترك محاكمته لمحكمة عراقية(*) أحكامها معروفة النتائج سلفاً: وعليه كلفت سلطة الاحتلال الأميركي «مجلس الحكم»، الذي عيَّنته، بالإعداد لتلك المحاكمة من حيث الموضوع والتشكيل والإجراءات والمكان. لكن هذا يثير أكثر من عائق:
الأول: إن صدام حسين هو الرئيس الشرعي للعراق(**). وهو يخضع، كرئيس للدولة، لأحكام الدستور العراقي وقانون العقوبات العراقي، وليس فيهما نصوص لتجــريم أعمال يقوم بها رئيس الدولة في ممارسته لسلطاته.
الثاني: وجود مبدأ قانوني عريق وقديم ومستقر في جميع أنحاء العالم وهو أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بمقتضى نص سابق على وقوع الجريمة.
الثالث: مدى مشروعية الحكومة المؤقتة، التي نشأت تحت ظل الاحتلال، فهي لا تكتسب قدراً كافياً من المشروعية يخولها القيام بتلك المحاكمة. كذلك فلا يفيد الاستناد إلى القرار 1546 لأنه يفتقد بدوره جوانب المشروعية، ذلك أن مجلس الأمن قد تجاوز فيه صلاحياته بشكل فاضح: فقد أجاز احتلالاً باطلاً، وهو ليس مفوضاً بحماية وتكريس احتلال غير مشروع قائم. وهو غير مخول بنقل أو منح سيادة. ومارس إجراءات لا تدخل في اختصاصه بفرض وصاية دولية عليه وهو أمر محظور بموجب المادة 78 من الميثاق( ).
ووفقا لمبادئ القانون الدولي وللاتفاقيات الدولية ولحقوق الإنسان، وللتراث القانوني لكل الشعوب والحضارات، يُمنع، وعلى نحو مطلق، أن يكون الاحتلال، «الخصم والحكم في آن معاً». ويترتب على هذا المبدأ عدم جواز محاكمة الرئيس صدام ورفاقه. وينطبق هذا الوصف على «مجلس الحكم» المصنوع أمريكياً( ).
الرابع: تلتزم قوات الاحتلال، بموجب اتفاقية جنيف، بإطلاق سراح الأسرى بمجرد انتهاء الحرب، وحيث استصدرت الولايات المتحدة من مجلس الأمن قراراً يعلن انتهاءها، فإن على قوات الاحتلال أن تفرج عن الأسرى أولاً. كما أنه يُحرَّم تسليم شخص يتعرض لعقوبة الإعدام في الدولة التي يسلم إليها( ).

ثانياً: المتطوعون للدفاع عن الرئيس صدام حسين
‏في 22/ 12/ 2003، وقَّع 65 عضواً في البرلمان الأردني مذكرة طالبت الحكومة الأردنية بتبني سياسة واضحة لإنهاء الاحتلال الأمريكي ـ البريطاني للعراق، وأدانت بشدة تصرفات القوات الأمريكية أثناء اعتقال الرئيس صدام حسين، معتبرة أنها إهانة لكل شعوب المنطقة. وجاء فيها أن هناك تآمراً وصمتاً عربياً يثير الشكوك والتساؤلات عن الموقف العربي الرسمي، خاصة أن احتلال العراق تم خارج إطار الشرعية الدولية، وخارج القوانين والمواثيق والأعراف الدولية والدبلوماسية. كما أن اعتقال الرئيس العراقي أمر مستغرب ومستهجن، وهو أمر مذل ومهين للامتين العربية والإسلامية، وترى المذكرة بأن نشر صور مهينة لرئيس عربي سابق، يشكل إهانة لشعوب المنطقة ودولها. وحمَّل النواب الإدارة الأمريكية مسؤولية الحفاظ على حياة الرئيس العراقي المعتقل( ).
وأكد السيد حسين مجلى نقيب المحامين الأردنيين أن اتحاد المحامين العرب يضع اللمسات الأخيرة على تشكيلة الهيئة الدولية العربية القانونية التي ستتولى الدفاع عن الرئيس العراقي، بحيث تضم عدداً من كبار القانونيين والمحامين على المستويين العالمي والعربي. وتم الاتصال مع بعضهم، مؤكداً أن هناك إقبالاً واضحاً من قبل القانونيين والمحامين من أصحاب الخبرات القانونية على الصعيد الدولي للانضمام لهذه الهيئة( ).
بعد أقل من أسبوعين، من أسره، تطوَّع أكثر من 600 محامٍ للدفاع عنه. وتدارس المتطوعون إمكانية تشكيل لجنة عليا مكونة من محامين مختلفين من شتي الدول للدفاع عنه. وطلبت نقابة المحامين الأردنيين من سكرتير الأمم المتحدة كوفي أنان، وأمين عام جامعة الدول العربية، عمرو موسى، تقديم ضمانات كافية للرئيس العراقي طبقاً للقانون الدولي. ومنها ترحيله إلى بلد محايد، أو تسليمه إلى محكمة العدل الدولية لأنه رئيس دولة له حصانة قضائية طبقاً للدستور العراقي والقانون الدولي( ).
عكف محامون يمنيون للإعلان عن تشكيل هيئة عربية للدفاع عن الرئيس العراقي الأسير صدام حسين، بالتعاون مع اتحاد المحامين العرب. وقال المحامي اليمني جمال الجعبي: إن الهدف من تشكيل الهيئة الوصول إلى إيجاد فريق قانوني كبير ومتمرس في اليمن، ليقوم بالتنسيق مع اتحاد المحامين العرب لبحث الخطوات الإجرائية لتوفير محاكمة عادلة للرئيس الأسير، تقديم مرافعة قانونية سليمة تتحول إلى محاكمة للمحتلين( ).
واعتبرت اللجنة التونسية للدفاع(*) عن الرئيس العراقي تصنيفه كأسير حرب ليس له أي سند قانوني، واعتقاله يمثِّل خرقاً كاملاً للأعراف والقوانين الدولية، كما يعتبر عملاً عدوانياً على السيادة العراقية. وأكدت اللجنة أن تصنيفه كأسير حرب يقتضي بموجب معاهدات جنيف الحفاظ على سلامته الجسدية والمعنوية، وتمكينه من تلقي الرسائل ومقابلة عائلته وأقاربه، وإعلان مكان اعتقاله والسماح للهيئات الدولية المتخصصة بزيارته والاطمئنان على صحته والاطلاع على ظروف اعتقاله. كما أن نشر صورة صدام حسين وهو مطروح أرضاً يؤكد أنه عومل بوحشية وتم تخديره، مطالباً قوات الاحتلال الأمريكي والبريطاني بإطلاق سراحه فوراً وكذلك إخلاء سبيل كل المعتقلين من أعضاء الحكومة العراقية ورجال المقاومة( ).
وقال الأستاذ فوزي بن مراد رئيس اللجنة إن اتصالات مكثفة تجري مع هيئة الدفاع عنه في الأردن، وقال إن أكثر من ألف محام تونسي مستعدون للدفاع عن حقه في محاكمة قانونية وعادلة. كما أعرب العميد عبد الستار بن موسى، الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين، عن دعمه ومساندته اللا مشروطة لكل المحامين الذين سيدافعون عنه. وتبنّت الجلسة العامة، للفرع الجهوي للمحامين بتونس، وهي أعلى سلطة، لائحة للدفاع عن الرئيس صدام حسين وكل الأسرى العراقيين لدى قوات الاحتلال الأمريكي ( ). وإنّ تقديمه ومجموعة من معاونيه للمحاكمة هي من أعمال العدوان المنافية للشرعيّة الدوليّة، ويؤكّد افتقاد هذه المحاكمة لأدنى شروط المحاكمة العادلة وفقا للمعايير الدوليّة( ).
وفي شهر شباط/ فبراير 2004، تطوَّع أكثر من 745 محامياً أردنياً للدفاع عنه حسب خطة ترمي إلى توفير الحماية القانونية له. وباشرت نقابة المحامين الأردنيين بتوجيه الرسائل إلى أمين عام جامعة الدول العربية والأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس الاتحاد السويسري، ورئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سويسرا. كما ارتأت أن اتحاد المحامين العرب هو الهيئة المؤهلة للقيام بتوفير الحماية القانونية له باعتباره الرئيس الشرعي للعراق. ونظم اتحاد المحامين العرب، ندوة قانونية موضوعها «الرئيس صدام حسين في ظل قواعد القانون الدولي» لتكون الأساس العلمي والقانوني لتحركه( ).
وقررت نقابة المحامين الأردنيين التنسيق مع اتحاد المحامين العرب من أجل عقد لقاءات في كل من القاهرة ودمشق وعمان، وذلك بالتنسيق مع نقابات المحامين في الدول العربية. ومن أهدافها مشاركة المختصين في القانون الدولي العام، والقانون الدولي الإنساني، وحقوق الإنسان، واتفاقيات جنيف، وغيرها من الاتفاقيات والمواثيق الدولية، من كل النقابات العربية، كخطوة أولى تعقبها مشاركة المحامين العرب في الحقول القانونية التي لها صلة بالقواعد القانونية الدولية، وتحضير الدراسات المتعلقة بكل جزئية من جزئيات الموضوع لتكون بين أيدي المترافعين من المحامين العرب عن الرئيس صدام حسين، ورفاقه، وسائر المواطنين العراقيين الرهائن في سجون الاحتلال الأمريكي.
وكانت حماية الرئيس صدام حسين، ورفاقه، وكل المعتقلين الآخرين، القانونية تشكل خطوة أولى في اهتمامات نقابة المحامين الأردنيين. لذا بدأ التنسيق مع هيئة الصليب الأحمر لتمكين الفريق القانوني من زيارتهم كخطوة أولى لتوفير الحماية القانونية المطلوبة. وأن يتم تسليمهم للصليب الأحمر أولاً، وأن تكون محاكمتهم من قبل قضاة ينتمون إلى شعوب وحضارات عرف عنها وعن قضاتها الحيدة والنزاهة والصدق، لأن سلطات الاحتلال وعملاءَها، لا يمكن أن يكونوا محايدين لأنهم المعتدون على سيادة الشعب العراقي والدولة العراقية( ).
وشكل العشرات من المحامين العراقيين «هيئة الدفاع عن صدام حسين»، وصل عدد أعضائها إلى (90) محامياً، رافضين الكشف عن أسماء أعضائها، لأنهم تلقوا تهديدات إذا أعلنوا تشكيل الهيئة. وقال د. عباس العنبكي رئيس رابطة القضاء العراقي :«إن حق الدفاع عن أي متهم كفله القانون»، والرابطة مستعدة للتعاون مع هيئة الدفاع عنه. وأكد نقيب المحامين العراقيين كمال حمدون أن العديد من المحامين، منفردين أو على شكل تجمعات، قدموا إلى نقابته طلبات للتوكيل عن الرئيس صدام حسين( ).
قال المحامي عبد الفتاح السهيل إن لديه كل الأوراق الرسمية والثبوتية والقانونية التي سيعرضها على الجهات التي تحتجز الرئيس صدام. ويفضل الذهاب بنفسه إلى العراق لمطالبة السلطات بتنظيم لقاء بينه كمحام عراقي وبين موكله. ويعمل من أجل الحصول على وكالة قانونية موقعة منه، وأشار السهيل إلى أنه المحامي الوحيد المسجل في سجلات نقابة المحامين في بغداد. وأوضح أن السلطات التي تحتجزه لابد لها من السماح له بتوقيع وكالات مباشرة لمحامين عراقيين إذا أرادت محاكمة عراقية منسجمة مع القانون( ).
قال المحامي مجيد السعدون، عضو لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في نقابة المحامين العراقيين، إن عدداً من المحامين العراقيين شكلوا لجاناً في مدن الفلوجة والموصل والرمادي للدفاع عن العراقيين المعتقلين كافة، ومن بينهم رموز النظام السابق. وطلبوا من المحكمة الخاصة الاطلاع على ملفات المتهمين، إلا أن عقبات كثيرة واجهتهم من قبل المسئولين في المحكمة، ومنعوا من مقابلتهم. مشيراً إلى إجراء تنسيق بين المحامين العراقيين مع نظرائهم العرب لتوحيد جهودهم بما يضمن سلامة المرافعة عن المتهمين( ).
إنضم محامون من دولة الكويت والمملكة العربية السعودية إلى هيئة الدفاع. ولم يُكشف عن أسمائهم «حفاظاً على أمنهم الشخصي». وينتمون إلى قبائل شمّر العربية. وكان اتحاد المحامين الكويتيين قد أصدر بياناً أدان فيه المحامين الذين قرروا الدفاع عن صدام حسين. كما أن اتحاد المحامين الكويتيين ومحامين سعوديين شكلوا لوبي ضغط عبر اتحاد المحامين العرب لثني عدد كبير من المحامين عن الدفاع عنه( ).
وأعرب مكتب الشمري القانوني في السعودية عن استعداده للانضمام تطوعاً لهيئة الدفاع عن الرئيس العراقي، ووجَّه رسالة إلى هيئة الدفاع جاء فيها بأنه مستعد لتقديم خبراته وخدماته للهيئة، كما جاء بأن المكتب يعرب عن أمله في أن ينضم للجهود الخاصة بضمان محاكمة عادلة وشرعية( ).
قال محمد رضا بو حسين، المحامي البحريني إنه يسعى مع مجموعة من المحامين من مصر والأردن ودول عربية أخرى لتشكيل هيئة للدفاع( ).
قال إبراهيم السملالي، الأمين العام الجديد لاتحاد المحامين العرب، خلفاً للأمين العام السابق فاروق أبو عيسى: إن تنسيقاً يتم مع عدد من المحامين في الأقطار العربية، وأوروبا والولايات المتحدة لتشكيل لجنة للدفاع عن الرئيس العراقي في حال تقديمه أمام محكمة عراقية أو دولية. وتضم محامين معروفين مثل المحامي الفرنسي فيرجس. وطالب الاتحاد بأن تتم محاكمته أمام محكمة دولية. وأبدى اعتراضه مع عدد كبير من المحامين في العالم على الطريقة التي اعتقل بها، وعرضه في وسائل الإعلام بطريقة غير إنسانية تهدف إلى إذلال الشعب العربي والحكام العرب. وانتقد محاكمته أمام محكمة عراقية ستكون في ظاهرها ذات طابع عراقي ولكنها في الحقيقة محكمة أمريكية لأن واشنطن ستختار من القضاة من ينفذون أهدافها( ).
وتشكلت في مناطق السلطة الفلسطينية لجنة فلسطينية للدفاع عن الرئيس صدام حسين برئاسة بسام الشكعة رئيس بلدية نابلس الأسبق( ).
وقال محمد العلاقي، نقيب المحامين الليبيين السابق، الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب، إن الدكتورة عائشة معمر القذافي أعربت عن سعادتها بموافقة اللجنة على انضمامها لها، وأصبحت رسميًا العضو 21 فيها. وإنها ستقوم بتشكيل فريق من القانونيين الليبيين لدعم اللجنة. إن الدكتورة عائشة رئيسة جمعية «واعتصموا» التي تعنى بالأعمال الخيرية وحقوق الإنسان، وأنه جرى انضمامها إلى لجنة الدفاع بصفتها القانونية( ).
‏بدأ المحامي عبد الحليم مندور(*)، رئيس هيئة الدفاع عن القضايا السياسية بمصر، تشكيل لجنة من كبار المحامين المصريين والعرب للدفاع عن الرئيس العراقي. وبدأ في إجراء اتصالات مع عدد من المحامين العرب ومنهم المحامي جواد يونس الذي يتولى الدفاع عن مروان البرغوثي. وأشار إلى أن لجنته تواجه عقبتين رئيستين هما: الحصول على موافقة الحكومة المصرية بالسفر للعراق, وموافقة نقابة المحامين العراقيين على حضور محامين من الخارج لهذه المحاكمة. وكشف مندور أنه وفريق من المحامين يعدون حاليًا لإقامة دعوى عاجلة أمام القضاء الأمريكي ضد الرئيس جورج بوش ووزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين بتهمة قتل عدي وقصي صدام حسين. وأكد أن محاكمة الرئيس العراقي لا يعترف بها القانون الدولي, لأنه ليس هناك أي نص قانوني يسمح للرئيس الأمريكي أن يتدخل في شؤون دولة أخرى ذات سيادة ويحاكم رئيس دولة, خاصة وأنه قد ثبت كذب ادعاء امتلاك نظام صدام لأسلحة دمار شامل( ).
وأبدى المدعي العام الأمريكي الأسبق، رامسي كلارك(*)، رغبته في تقديم المشورة القانونية إلى الرئيس العراقي. كما شنَّ هجوماً على أسلوب تعامل الجيش الأمريكي مع عملية اعتقاله. ورهن كلارك في مقابلة مع وكالة الإسوشيتد برس المساعدة في حال مناشدة الأخير لذلك، أو في حالة شعوره بأن لا أحد يرغب في تقديم المساعدة، أو عدم وجود من يقوم بذلك أفضل منه. وأضاف قائلاً: «سأسارع للمساعدة، عملي يحتم عليَّ حماية الحقوق، وحقوقه في حاجة إلى حماية»( ). وبعد أكثر من سنة صرَّح قائلاً: إن حقوق صدام حسين تنتهك «في كل لحظة», فهو «لم يلتق محامياً ولم ير أسرته، وهو معزول تماماً, ومن الضروري في أزمة من هذا النوع بذل جهود أكبر من أجل حقوق الإنسان»( ).
أعلن المحامي الفرنسي جاك فيرجيس، في كانون الأول/ ديسمبر 2003 استعداده للدفاع عن الرئيس العراقي السابق بعد وقت قصير على اعتقاله( ).
وأعلن المحامى الأردني زايد الروايدة عضو هيئة الدفاع أن رولان دوما، وزير خارجية فرنسا الأسبق، الذي يشغل منصب رئيس المجلس الدستوري الفرنسي أعلى سلطة دستورية في فرنسا، والمحامي الفرنسي أندرو شاى، قرَّرا الانضمام إلى الهيئة( ).
وفي حزيران/ يونيو 2004، وكَّلت زوجة الرئيس العراقي لجنة من المحامين(*) مجتمعين ومنفردين، ومنحهم الحق بإضافة أي محام آخر من أي جنسية، لتحريك أي دعوة تتعلق به، أو ناتجة عن عمله كرئيس لجمهورية العراق، أو عن القبض عليه من قبل القوات الأمريكية، أو اعتباره أسير حرب أو عن معاملته كأسير حرب، وبصفته رئيساً لجمهورية العراق، وقائداً عاماً للقوات العراقية، وبرتبته العسكرية. كما وكلت الهيئة بتمثيلها لدي أي محكمة في الداخل والخارج، وفي إقامة الدعاوى في جميع دول العالم بمواجهة أي كان فيما يتعلق بموضوع القبض عليه، وأية تهديدات يتعرض لها من أي كان.
وفي غضون ذلك تسارعت الاتصالات الخاصة بالدفاع عنه، بعدة أطراف قانونية وسياسية داخل الولايات المتحدة لها علاقة بالحزب الديمقراطي، وتم الاتفاق معها على تفعيل ورفع بعض الدعاوي في أميركا، واستغلال الهوامش التي يسمح بها النظام القضائي الأمريكي بهذا الصدد( ).
كما صرحت هيئة الإسناد، أن سبعة محامين يابانيين انضموا إلى الهيئة. وصرح منسق الوفد (ايكوجومي) أنهم يمثلون حركة من المحامين في اليابان تعارض وجود القوات اليابانية في السماوة نظرًا لتعارض ذلك مع الدستور الياباني، وقد نظمت الحركة عدة تظاهرات في اليابان تدعو الولايات المتحدة وبريطانيا لإنهاء الاحتلال غير الشرعي للعراق والانسحاب منه( ).
قرر المشاركون في الندوة الدولية التي نظمتها هيئة الإسناد(*)، في عمان، تكوين لجان عالمية. واعتبار لجنة الدفاع بتونس، جزءًا لا يتجزأ من هيئة الإسناد. كما تم تسمية المحامي خليل الدليمي، نائباً لرئيس هيئة الإسناد السيد زياد الخصاونة. وأقرت مشروعاً تقدمت به لجنة الدفاع عن صدام حسين بتونس. وقد تضمن تصوراً للمهام المطلوب إنجازها خلال المرحة القادمة، وتخطيطاً لهيكلة نشاط الهيئة وتوزيعاً للمهام بين أعضائها في كل أنحاء العالم. كما تم إقرار خطة للتحرك. وإنشاء موقع الكتروني لهيئة الإسناد. كما تم تشكيل لجنة إعلامية، ولجنة سياسية، فضلاً عن اللجنة القانونية( ).
بعد أن غيَّرت هيئة الدفاع اسمها ليصبح هيئة الإسناد، بناء لطلب الرئيس صدام حسين بعد أول مقابلة له مع محاميه(* *)، لتشمل كل المعتقلين العراقيين وليس صدام حسين فقط(** *)، باشرت عملها على القواعد التالية:
أ-رفع طلب «رأي استشاري» من محكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال الأمريكي والبريطاني للعراق.
ب-تم تكليف بعض أعضاء الهيئة لإعداد الدراسات القانونية الوافية والشاملة للقرارين 1483 و1546 الصادرين عن مجلس الأمن, والذي قصد من إصدارهما إضفاء الشرعية على الاحتلال الأمريكي وهو ما يخالف المواثيق والأعراف الدولية.
ج-عقدت الهيئة، في أواخر كانون الثاني/ يناير 2005، اجتماعات مكثفة حضرها المحامي فوزي بن مراد, والدكتور أحمد صديق, والمحامي الأمريكي كردس دوبلار, والمحامي الفرنسي أندريه شامي، والمحامي البلجيكي دومونيك كرزاي, والمحامي العراقي خليل الدليمي، بالإضافة إلى رئيس وأعضاء لجنة الدفاع، نتج عنها بحث معمق في الدراسات القانونية وتحديد مهام الأعضاء, وتم إسناد مهمة قانونية لكل عضو من أعضاء اللجنة. كما أسفرت الاجتماعات عن تشكيل لجنتين إعلامية وأخرى سياسية, وذلك تطبيقًا لرغبة الرئيس صدام حسين القاضية بأن ترتكز هيئة الدفاع على ثلاث لجان: اللجنة القانونية, واللجنتين السياسية والإعلامية( ).
كما قررت اللجنة القيام بالمهمات التالية:
1-جمع المعلومات من العراقيين عن ذويهم أو أبنائهم أو أهاليهم الذين اعتقلوا أو فقدوا .
2-محاولة التحقق من أماكن وجود المعتقلين .
3-تكليف المحامين لزياراتهم وتقديم النصح لهم .
4-اتخاذ الإجراءات القانونية أمام محاكم دول الاحتلال لحمايتهم وفق قوانين تلك الدول.
5-رفع الدعاوى في قضايا القتل والعدوان والتعذيب وفق قوانين دول الاحتلال والقانون الدولي.
6-رفع الدعاوى في قضايا الحجز غير القانوني والتعذيب وإلزام دول الاحتلال إما بإطلاق سراح المعتقل أو محاكمته وفق القانون( ).
وقامت اللجنة بتوجيه رسالة إلى عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، تذكِّره فيها بأن المعاهدات العربية «تتيح للجامعة التدخل كمنظمة إقليمية فاعلة تشكل ملاذاً آمناً لأهل العراق، بمنطق القانون الإنساني الدولي، وقوة حامية بمنطق معاهدات جنيف». كما أن الفرصة التاريخية سانحة «لاستعادة دورها القومي والإقليمي والإنساني والحفاظ على نفسها، مؤسسة ودوراً، في وجه تعبيرات إقليمية تحاول أن تلغي دورها»( ).
صرح المحامي زياد الخصاونة، رئيس الهيئة بأن: «الهيئة تعتزم تحريك دعوى قضائية ضد إدارة الصليب الأحمر الدولي لدى المحاكم الفرنسية المختصة، إثر عدم تعاونها مع الهيئة بتمكينها من زيارة صدام حسين». وأوضح بأن: «إدارة الصليب الأحمر الدولي في جنيف رفضت لقاء أي عضو من الهيئة سواءٌ أكان من المحامين الأجانب أم العرب»، والى:«عدم قبولها بتحديد موعد لعقد لقاء بين الهيئة وإدارة الصليب». وطالب «الإدارة الأميركية والصليب الأحمر الدولي بالسماح للهيئة بإرسال فريق طبي لإجراء فحوصات للاطمئنان على صحته» وحملهما مسؤولية أي تقصير أو إهمال. وأشار إلى أن: «لدى الهيئة معلومات تفيد بأنه يعيش في ظروف صعبة تجاوزت المخالفات المنصوص عليها في اتفاقات جنيف للتعامل مع أسرى الحرب»( ).
وقد انضم إلى الهيئة محامون إيطاليون، ليرتفع عدد أعضائها إلى 1530 محامياً( ).
والهيئة تعاني من أزمة مالية، والسبب فشلها في فتح حساب مصرفي في أي بنك في العالم تحت اسم التبرع لصالح صدام حسين من جانب، وإصرار أعضائها على تجنب استلام أي مبالغ أو مساعدات مالية مباشرة حرصاً على الشفافية المالية أيضاً( ). ولكن الهيئة استطاعت فيما بعد فتح حساب مصرفي، وأعلنت عنه في نداء خاص( ).
ومنذ أول زيارة قام بها موكله بدأت تتكشف أحواله الواقعية في المعتقل، ومنها أن الصليب الأحمر الدولي لم يقم بزيارته إلاَّ أربع مرات. كما أن رسائله إلى عائلته كانت منقوصة ومقصوصة بقلم الرقيب الأميركي. وفي ملاحق الفصل أنموذج عن ذلك( ).
ثالثاً: لائحة اتهام الرئيس صدام حسين
تضمنت لائحة الاتهام سبع تهم هي التالية:
1-استخدام الغاز ضد الأكراد في حلبجة في العام 1988.
2-قمع التمرد الشيعي في العام 1991.
3-المقابر الجماعية 1991.
4-الحرب ضد إيران بين العامين 1980 و 1988.
5-غزو الكويت بين العامين 1990 و 1991.
6-قتل رجال دين شيعة بين العامين 1980 و 1999.
7-قتل عشيرة البارزاني في الثمانينات.
وغير هذه التهم تقدَّم أفراد بتهم شخصية( ). وأضاف آخرون تهماً أخرى، كمثل التي تقدَّم بها موفق الربيعي مدَّعياً أن الملف يجب أن يشمل تلك التي ارتكبت ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وضد دولة الكويت، والجرائم المرتكبة ضد أبناء الشعب العراقي، للفترة من السابع عشر من تموز (يوليو) من عام 1968 ولغاية الأول من أيار (مايو) من العام 2003. كما أعلن وزير العدل الكويتي أحمد يعقوب باقر أن بلاده أعدت مئتي ملف اتهام ضد الرئيس العراقي، وكبار أعوانه في جرائم القتل والاغتصاب والسرقة والتشريد بالإضافة إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية( ).
ومن الرجوع إلى لائحة الاتهام يتبين أن بعض التهم تدخل أساساً في إطار النزاع الدولي كمثل تهمة الحرب ضد إيران وتهمة غزو الكويت. وأن هذين العملين أدرجا تحت عنوان جرائم ضد الإنسانية. ولم يتخلَّف عن الاتهام إلاَّ العدو الصهيوني، ربما لأسباب أميركية، فقد قصف العراق الكيان الصهيوني، في العام 1991. ومشاركة الجيش العراقي في حرب تشرين عام 1973. ومساندته لشعب فلسطين ومقاومته وانتفاضته!!!.
فإذا كان المقصود محاكمة صدام حسين، عن حروب خاضها، أياً كانت مبررات الموقف ومعطيات تكوين ملف الأزمات التي تفجرت حروباً ومسؤولية أطرافها، فإن قصف «إسرائيل» يجب أن يأتي في رأس لائحة الاتهام، لكون الأخيرة هي عضو في الأمم المتحدة وهي دولة مسالمة باعتراف أميركا وتحترم المواثيق والأعراف الدولية!! وبالتالي فإن قصفها والاشتراك في حرب ضدها، والتحريض السياسي عليها إنما يندرج حسب مفهوم لائحة الاتهام بجرائم الحرب ضد الإنسانية أيضاً( ).
بالإضافة إلى أن مسألة حلبجة، وما يُسمى بانتفاضة الشيعة، قمنا بتوثيقها في الفصل الرابع، فهذه «ارتكبت في فترة حرب، ومعلوم أن قوانين الحرب هي قوانين طوارئ، كما أنه لم تثبت عليه، فكذلك لا يوجد في القانون العراقي نص يمنع رئيس السلطة من حق استخدام القوة، عندما يشعر أن الدولة وكيانها مهددان»( ).

1-إعتقال الرئيس وطريقة التعامل معه بعد الاعتقال مخالف للقوانين الدولية:
وضع الرئيس صدام حسين وأعضاء حكومته ورفاقهم الرهائن من أبناء العراق تحكمه من الناحية القانونية قواعد ومبادئ دولية واضحة. فالعراق لم يعلن الحرب على أمريكا وإنما أمريكا هي التي شنت حرباً عدوانية عليه، وقامت باحتلاله وتدمير بنيته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية، استناداً إلى ذرائع غير مقبولة في القانون الدولي، فالعراق دولة مستقلة ذات سيادة ، وتعتبر أمريكا دولة معتدية بمنطق القانون الدولي.
وإن الذرائع التي تعللت بها القيادة الأمريكية لاحتلال العراق قد ثبت زيفها وكذبها، الأمر الذي يفضح السياسة الأمريكية على كل الأصعدة القانونية والأخلاقية، ويرتب على الولايات المتحدة الأمريكية كدولة معتدية ومحتلة، حتى وفقاً للقانون الأمريكي نفسه، المسؤولية الدولية الكاملة، بما في ذلك مسئوليتها عن تعويض العراق والعراقيين عن كل ما لحق بهم من أضرار مادية ومعنوية جراء العدوان ثم الاحتلال الأمريكي.
كما أن وضع الرئيس صدام حسين، وأعضاء حكومته، وباقي المواطنين المعتقلين تحكمه القوانين العراقية السارية المفعول حتى تاريخ الاحتلال. وبالنظر إلى أن قواعد القانون الدولي تعتبره الرئيس الشرعي للعراق، يجعل من اختطافه والتحقيق معه باطلاً وفقاً للدستور العراقي المذكور. كما أن قيام سلطات الاحتلال الأمريكي باختطاف الرهائن من أعضاء الحكومة العراقية والمواطنين العراقيين باطل وفقاً للقوانين العراقية، لأنها لا تبيح لسلطة احتلال أجنبي أن تدخل العراق وتلقي القبض على أبنائه ومواطنيه. وفي ضوء ذلك، فإن تقديمهم للمحاكمة يعتبر باطلاً ويشكل اعتداءً على حقوق الإنسان، فضلاً عن أنه يشكل اعتداءً على المجتمع العراقي والدولة العراقية وسيادتها( ).
أشار المحامي حسين مجلى، نقيب المحامين الأردنيين، إلى أن اتحاد المحامين العرب تبنى موقفاً يؤكد عدم محاكمة الرئيس العراقي أمام أية محكمة دولية أو محلية لأنه الرئيس الشرعي للدولة ويتمتع بكل الحقوق القانونية، بالإضافة إلى عدم جواز محاكمته من قبل سلطات الاحتلال على أفعال المقاومة، لأنه ليس من حق المعتدي أن يحاكم المعتدى عليه بموجب القانون الدولي ولا يجوز للمعتدي أو الغازي محاكمة المعتدى عليه( ).
فاعتقاله يُعد عملية اختطاف وخرق كامل للأعراف والقوانين الدولية وعملاً من أعمال العدوان على السيادة العراقية. كما تثبت الصور المنشورة له، وهو مطروح أرضاً، أنه عومل بوحشية، وتم تخديره، وتقديمه للإعلام بشكل مهين ومخالف لاتفاقيات جنيف حول أسرى الحرب( ).
وعن ذلك أوجبت المادة 75 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف معاملة كل شخص يقع في قبضة الطرف المقابل معاملة إنسانية كما منعت «انتهاك الكرامة الشخصية وبوجه خاص المعاملة المهينة للإنسان والحط من قدره». ولا شك أن بث المشهد المهين على عدة قنوات تلفزية، وهو أشعث هو انتهاك للكرامة الشخصية ومخالف لاتفاقيات جنيف وخاصة المادة 13 من الاتفاقية الثالثة التي تمنع كل أشكال العنف أو التخويف أو الشتم. كما أن الزيارات التي قام بها بعض الأشخاص له وهو رهين الاعتقال مخالفة أيضاً لاتفاقيات جنيف، لان العديد منهم ليست لهم أية صفة قانونية لزيارته، خاصة أن جلهم ألد خصومه السياسيين ومن نكد الدنيا على المرء أن يزوره عدوه غصباً عنه وهو مسلوب الحرية منهاراً ومنتهك الكرامة( ).
حول ذلك، ذكَّرت هيئة الدفاع اللجنة الدولية للصليب الأحمر بواجباتها بموجب المادة 126 من معاهدة جنيف الثالثة، وكذلك المادة 143 من معاهدة جنيف الرابعة، وطلبت من الصليب الأحمر أن يصل إلى كل المعتقلين وأماكن احتجازهم. وتنص الشروط على توثيق حالات المعتقلين وتوفير المعلومات عن أماكن وجودهم إلى عائلاتهم وذويهم( ).

2-أية محكمة يمكن أن تحاكم الرئيس العراقي؟
اختلفت الآراء حول تحديد المحكمة، وبرزت ثلاثة اتجاهات:
ظهر اتجاه أول يدعو إلى إنشاء محكمة دولية خاصة على غرار محكمة نورنبرغ التي تكونت في 8/ 8/ 1945 بعد الحرب العالمية الثانية، أو المحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى التي أحدثت في 19 / 1/ 1946 والمعروفة بمحكمة طوكيو لمحاكمة مجرمي الحرب في الشرق الأقصى، أو المحكمة الدولية لمقاضاة مجرمي الحرب في يوغسلافيا سابقاً المحدثة بموجب القرار الأممي الصادر في 25 / 5/ 1993، وأخيراً المحكمة الدولية الخاصة بجرائم الحرب المرتكبة في روانده. وإن الدعوة إلى إنشاء محكمة دولية خاصة مرده عدم إمكانية محاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية التي تكونت في 17/ 7/ 1998 لسببين:
أولهما سياسي وهو إن الولايات المتحدة الأمريكية لم تصادق على المعاهدة الخاصة بهذه المحكمة. وثانيهما قانوني لأن المحكمة الجنائية الدولية لا تنظر إلا في الجرائم المرتكبة قبل تموز/ يوليو 2002 بالإضافة إلى إن هذه المحاكمة لا تنظر إلا في الجرائم الأكثر خطورة ذات البعد الدولي وهي جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة الاعتداء.
ودعا البعض إلى إحداث محكمة مختلطة تضم قضاة عراقيين وأجانب وهذا الرأي غير وجيه فالهيئات القضائية إما إن تكون دولية أو وطنية، ويصعب الحديث عن محكمة مختلطة في النظام القانوني الدولي.
وأخيرا ظهر اتجاه ثالث يرى محاكمته أمام القضاء العراقي: إن هذا الاتجاه يراعي المادة الأولى من القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي أقرت أن المحكمة الجنائية مكملة للمحاكم الجنائية الوطنية خاصة وان الأفعال المنسوبة لصدام حسين ارتكبت في العراق، فضلاً عن ظهور فكرة الاختصاص الكوني أو الدولي للمحاكم الوطنية.
وللقائلين بهذا الاتجاه شرط توفير الضمانات الكافية حتى تكون المحاكمة عادلة فعلاً حسب المقاييس والمبادئ التي يقرها القانون الدولي، ومن أهمها ضمان محاكمة عادلة، واحترام حق الدفاع، ومناقشة الأدلة، وعلانية الجلسات، وبالخصوص استقلال القضاة، ومنعهم من أن يتلقوا تعليمات من أية جهة كانت. لكن لا يمكن أن تتوفر هذه الضمانات ما دام العراق محتلاً ومسلوب السيادة. ويكفي التذكير بما صرَّح به الرئيس بوش من إنزال أقصى العقوبات على صدام حسين، وما صرح به أحد المسؤولين في «مجلس الحكم الانتقالي» بأن الأفعال التي ارتكبها موجبة للإعدام، كما أعلن وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد بأنه كلف وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بإجراء الأبحاث في قضية صدام حسين، على الرغم من أنه لا صفة لهذا الجهاز للتحقيق في هذه القضية ولا دخل للسلطات الأمريكية فيها. بل مثل هذه التصريحات خطرة وتشكل تدخلاً في القضاء وتتنافى مع الفقرة (د) من المادة 75 من البروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف التي تنص على أنه «يعتبر المتهم بجريمة بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً»( ).
3-إجراءات المحاكمة غير قانونية:
وعن تحديد وضعية الرئيس صدام حسين: أسير حرب أم مختطف؟ أعلن المحامي الأميركي كيرتس دوبلر عضو هيئة الدفاع عن الرئيس صدام حسين، أن إجراءات محاكمته مخالفة للقوانين الأميركية التي تلزم الجهات التي حققت معه بتسليم وثائق التحقيق إلى هيئة الدفاع، وهي قاعدة قانونية معروفة في مختلف أنحاء العالم( ).
وعن أن الصليب الأحمر الدولي هي الجهة الحامية للأسرى العراقيين: قال منسق هيئة الدفاع، المحامي الأردني محمد الرشدان، إن الهيئة طلبت من اللجنة الدولية للصليب الأحمر الحصول على موافقة لمقابلة الرئيس العراقي الأسير. فالصليب الأحمر يقوم بمثابة الدولة الحامية لشؤون الأسرى والمعتقلين لأنه لم يتم تعيين دولة حامية لهم بين العراق والولايات المتحدة( ).
وأما عن وضعية الرئيس صدام فليست وضعية «أسير حرب» بل وضعية «المختطف»: أما باعتراف وضعه كـ«أسير حرب»، فهو غير قانوني. فليس الإدعاء الأميركي، بأن الرئيس صدام حسين «أسير حرب»، قانونياً(*). لأن إعلان الرئيس الأميركي، بتاريخ الأول من أيار 2003، عن انتهاء العمليات العسكرية الرئيسية، كان يحتم على الاحتلال الأميركي عدم خطف الرئيس. إذ كيف يكون أسير حرب لحرب كانت قد انتهت؟
وعلى الرغم من ذلك فهي لم تحفظ حقوقه كأسير حرب، وإن رفض السماح لمحاميه أو ذويه بمقابلته هو انتهاك للمعاهدات الدولية، ولمبادئ حقوق الإنسان، التي لا تبيح أن يظل إنسان من دون اتصال بعائلته وذويه ومحاميه طيلة سنة كاملة من الحجز الانفرادي المحظور أيضاً في ذات المواثيق والمعاهدات.
وأما وضعيته كـ«مختطف» فالإدارة الأميركية مُدانة بإحدى «الجرائم ضد الإنسانية»، استناداً إلى القوانين والشرائع الدولية، كما أنها مدانة أيضاً استناداً إلى القانون الأميركي.
إن ما سبق يؤكد أن الرئيس صدام قد تم اختطافه بالقوة المجردة ، وهي عملية إخفاء جبري وحجز انفرادي مرفوض في نصوص كل القوانين الدولية. فالإخفاء الجبري والعزل الانفرادي هو عمل وحشي اخترعه أدولف هتلر بـ«مرسوم الليل والضباب» الذي صدر عن هتلر في 7/2/1941، وكان الهدف منه نقل بعض قادة البلاد المحتلة إلى ألمانيا سراً ، حيث تختفي آثارهم بعد ذلك. ولم ينس هتلر أن يحظر على المسؤولين الألمان تقديم أية معلومات عن هؤلاء المختطفين أو أماكن وجودهم من أجل أن تحقق هذه الجريمة هدفها المتمثل في التخلص من رموز مكافحة النازية في دول العالم.
إن اختطاف الرئيس العراقي وإخفـاءه، عمل محظور بتقرير منظمة حقوق الإنسان، وكذلك استناداً إلى الإعلان العالمي لحماية الأفراد من الإخفاء الجبري، حيث جاء فيه: «إنه لا توجد أية ظروف مهما كانت سواءٌ أكان تهديداً بإعلان الحرب، أم حالة حرب فعلية ،يمكن أن تستخدم ذريعة لتبرير الاختطاف والإخفاء».
ووفق شهادة صحيفة النيويورك تايمز ( 15/3/2004 ) تقوم قوات الاحتلال بانتهاكات منهجية ومنظمة وتمثل جزءً لا يتجزأ من أساليب عمل البنتاغون في العراق الذي تم تحويله إلى معتقل غوانتانامو كبير يحتجز فيه شعب العراق بلا أية حماية( ).
أ-مبدأ لا شرعية الاحتلال ينقض كل ما يصدر عن الاحتلال:
تحوز كل دولة، عضو في الأمم المتحدة، عناصر الدولة الثلاثة: الإقليم والشعب والسيادة. فهل تكتمل عناصر الدولة في العراق، تحت الاحتلال؟
لم يعترف القانون الدولي بشرعية احتلال دولة لأخرى إلا بحكم الأمر الواقع الذي تفرضه القوة كما هو الحال في احتلال العراق. فهو دولة تم احتلالها من قبل دول أعضاء في الأسرة الدولية رغم أنف 90% من دولها. فداست السيادة وحكمت الإقليم ونكلت بالشعب أيما تنكيل وقتلته أيما تقتيل، وأعلنت على الأشهاد أنها قوات احتلال.
كما أن القول بوجود سلطة قضائية تحاكم الرئيس العراقي يستلزم وجود دولة تتمتع بالسيادة. ومظاهر السيادة ثلاثة: وضع القوانين، وتنفيذها، وحسم المنازعات. وتحت الاحتلال، وإن كان لا ينكر أحد وجود الشعب العراقي ووجود الإقليم العراقي، ولكنه لا يمكن القول بأن عنصر الدولة الثالث (السيادة) موجود. فمن الناحية العملية والواقعية لا يمكن أن تكون محاكمة رئيس دولة شرعي سابق، من قبل محكمة لا تنتمي إلى سلطة قضائية دستورية، إلاَّ تجاوزاً للسلطة التنفيذية، وهذا غير عادل وغير قانوني، بل هو عمل سياسي صرف( ).
صرَّحت ندى دوماني، المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بعد منح الولايات المتحدة وضع أسير حرب لصدام حسين(*)، قائلة: لا يمكنهم إحالته إلى القضاء العراقي إلا بعد أن يعيدوا السيادة إلى البلد الذي يحتلونه. وتنص المادة 12 من اتفاقية جنيف الثالثة على أن يخضع أسرى الحرب لسلطة القوة العدوة، ولا يمكن للسلطة الحاكمة إحالتهم إلا إلى سلطة صدقت على الاتفاقية، بشرط أن تتأكد من أنها قادرة على تطبيق الاتفاقية. لكن ليس في العراق سلطة تتبنى الاتفاقية لأنه تحت الاحتلال. وأوضحت أنه لا تمكن محاكمة صدام حسين إلا من قبل محكمة عسكرية تابعة لبلد سيد، أو محكمة دولية أنشئت لهذا الغرض بقرار من مجلس الأمن الدولي. وتنص المادة 84 على أن للمحاكم العسكرية وحدها حق محاكمة أسير الحرب وبالتالي يتعين محاكمته أمام محكمة عرفية أمريكية أو تابعة للتحالف الذي يحتل العراق( ).
وقبل النقل المزعوم للسلطة إلى العراقيين، بتاريخ 30/ 6/ 2004، طالب الصليب الأحمر الدولي بإطلاق سراح الرئيس العراقي, أو توجيه الاتهامات إليه بحلول نهاية الشهر, إذا كانت الحكومة العراقية الجديدة والولايات المتحدة ترغبان في الالتزام بالقانون الدولي واتفاقية جنيف. وأعلنت ندا دوماني, أن الولايات المتحدة اعتبرت صدام حسين أسير حرب, وأنه في نهاية مدة الاحتلال يتعين إطلاق سراح الأسرى في حال عدم توجيه اتهامات إليهم طبقًا لاتفاقية جنيف. كما طالبت بضرورة تحديد الوضع القانوني لكل أسير حرب وضرورة ضمان الحقوق القانونية لكل شخص( ).
ب-محاكمته أمام محكمة عراقية غير قانوني:
في العاشر من كانون الأول/ديسمبر 2003، قبل حله، أنشأ «مجلس الحكم الانتقالي» المحكمة الجنائية العراقية لمحاكمة المتهمين بجرائم ضد الإنسانية في النظام العراقي السابق. والمسؤولون العراقيون الكبار الـ11 هم: عبد حمود، على حسن المجيد، عزيز صالح النعمان، محمد حمزة الزبيدي، كمال مصطفى عبد الله، طه ياسين رمضان، طارق عزيز، سلطان هاشم احمد، وطبان إبراهيم الحسن، وبرزان إبراهيم الحسن التكريتي( ).
وقد حدد رئيس الوزراء العراقي أياد علاوي الوضع الذي سيكون عليه صدام حسين والمجموعة الأولى من كبار المعتقلين، موضحاً أنهم سيظلون تحت حراسة «القوات المتعددة الجنسيات»، على أن يمتلك العراق سيادة القرار على وضعهم القانوني. وقال ستستمر القوات باحتجازهم إلى أن يصبح جهاز الشرطة العراقي قادراً على توفير أمنهم. حينذاك ستقوم «القوات المتعددة الجنسيات» بتسليمهم إلى القضاء العراقي. فالقوات تحتفظ بهم نيابة عن العراق على أن يحتفظ بالسيادة الكاملة والقانونية على مصيرهم( ).
صرَّح مالك دوهان الحسن وزير العدل العراقي أن السيادة على مكان المحكمة العراقية المزعومة لم تحسم بعد. أي أن العراق والحكومة العراقية لا يملكان السيادة على المكان الذي جرى فيه استجواب الرئيس الأسير( ).
إن المحاكمة تصطدم بعقبات قانونية كثيرة، ربما كان من أبرزها أنها ستجري تحت ظل حكومة عراقية تفتقد للشرعية، لكونها معينة من قبل الاحتلال الأمريكي، وبالتالي فإن أحكامها لا بدَّ من أن تكون فاقدة للشرعية.
يقول المحامي العراقي خالد القيسي: تعد محاكمة الرئيس العراقي السابق محاكمة غير قانونية من ناحية القانون العراقي. فالقانون الجنائي العراقي ينص على أنه لا يحاكم أي شخص ما لم تقدم ضده دعوى قضائية قانونية عند القضاء العراقي، وكل ما في الأمر أن هناك شكاوى قدمت لإدارة الاحتلال الأمريكي في العراق، ولم يتم تسليم القضاء العراقي دعاوى من قبل أشخاص ضد الرئيس السابق.
كما أن هناك مادة في القانون العراقي تسمى «شخصية الجريمة»، وفيها حدد القانون الجنائي العراقي مجموعة مخالفات: فهي إما أن تكون جرائم جنح أو تكون جرائم جنائية، والجنح لا تزيد مدة الحكم فيها على خمس سنوات سجن، وأما الجنائية فإنها تكون من خمس سنوات فصاعداً، و«شخصية الجريمة» تؤكد أنه «لا جريمة إلا بنص»، ولا يوجد نص في قانون الجنايات العراقي يمكن الاستناد إليه لتوجيه تهمة إلى صدام حسين. كما أن هناك مسألة مهمة، وهي أنه تم إلقاء القبض عليه باعتباره أسير حرب، وفي ظل أجواء عسكرية، ومن قبل سلطة احتلال غير مشروع، فكيف يسلم إلى حكومة عراقية معينة، ويعامل على أنه مجرم؟( ).
دعت ندى دوماني، الناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، سلطة «الائتلاف» إلى الإفراج عن الرئيس العراقي أو اتهامه رسمياً قبل نقل السيادة إلى العراقيين المقرر في 30 حزيران/ يونيو. وقالت إن «الإبقاء على أسرى حرب ومحتجزين مدنيين أو معتقلين أمنيين في السجن بعد هذا التاريخ مخالف للقانون الدولي الإنساني إذا لم تكن هناك أي تهم منسوبة لهم أو كانوا لا يقضون عقوبة تقضي بحرمانهم من الحرية». وأوضحت أنها تستند في ذلك إلى البندين 118 و119 من معاهدة جنيف الثالثة والبند 133 من المعاهدة الرابعة.
وقال محمد الرشدان، رئيس هيئة الدفاع عن الرئيس العراقي، إن الحكومة العراقية الانتقالية التي يترأسها أياد علاوي «غير قانونية»، ولا يحق لها محاكمته. وأكد أن «علاوي ليس مؤهلاً أصلاً لمثل هذا الموضوع، وهو أيضاً جاء نتيجة العدوان على العراق ولا يختلف من الناحية القانونية عن مجلس الحكم الانتقالي». وأضاف: «لا يجوز نهائياً أن يسلم الأسرى إلى العراقيين». وأوضح أنه طلب من اللجنة الدولية للصليب الأحمر في عمان بضرورة الإفراج عن الرئيس صدام حسين بموجب اتفاقية جنيف التي تنص على الإفراج عن أسرى الحرب عند انتهاء العمليات الحربية( ).
أوضح المحامي الفرنسي ايمانويل لودو، العضو في مجموعة المحامين الذين كلفتهم عائلة الرئيس العراقي، أن المجموعة ستركز على المبادئ، يعني على عدم شرعية المحكمة الخاصة العراقية التي شكلتها حكومة غير شرعية، منبثقة عن حرب غير شرعية. كما أن القانون الجزائي الصادر في 1969، الذي ما زال نافذاً، لا ينص على وضع مثل وضعنا. إن حكم الإعدام كان معداً لجرائم الحق العام وهناك فراغ قانوني بشأن تطبيقه.
وبعد أن فقد وضعه كأسير حرب لم يعد يحظى بحماية القانون الدولي ولم يعد يحق للصليب الأحمر أن ينظر في شروط اعتقاله وزيارته من قبل عائلته. لكن جعله سجين الحق العام يجبر السلطات العراقية على إعطاء إطار شرعي لاعتقاله بإصدار مذكرة توقيف وتهم بحقه. لا شيء يمنع الآن أن نتسلم الملف لنتطلع على الأدلة المتراكمة ضده وان نضيف الوثائق التي جمعناها لإثبات عدم شرعية كل الإجراءات، إلى الملف( ).
قال د. عباس العنبكي رئيس رابطة القضاء العراقي: أن القاضي الذي وجه التهم للرئيس كان من قضاة الدرجة الثالثة في العراق، وهو الأمر الذي لا يجيزه القضاء في هذه المحاكمة، غير أن بريمر ولأمور خفية أعطاه درجة أعلى ليكون قاضياً من الدرجة الثانية( ).
وفي صنعاء قال المحامي جمال الجعبي للجزيرة نت إن «المحكمة مخالفة لاتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب، كما أنه لا يمكن للحكومة العراقية المنبثقة عن سلطة الاحتلال إجراء محاكمة لصدام لأنها في حالة ثأر معه ومع نظامه السابق الذي أسقطته الولايات المتحدة بالقوة العسكرية غير المشروعة»( ).
عزا المحامي إدمون نعيم لا قانونية المحكمة العراقية إلى أن «صدام انتخب رئيساً للعراق وفقاً لأصول الدستور العراقي, لكنه لم يخلع وفقاً لهذه الأصول. وبالتالي, بحسب تلك القوانين التي لا يزال معمولاً بها, فإنه رئيس للعراق ولا تمكن محاكمته إلا وفقاً للأصول التي يجب أن تتبع لمحاكمة الرئيس العراقي»، و«إن صدام لم يسقط وفقاً للقوانين العراقية. والدولة المحتلة هي التي, بجنودها, قبضت عليه وسلمته ولا تزال حتى الآن تحرسه»، وأوضح أن «القوانين الدولية تعطي نظرياً قوات الاحتلال اختصاصات لإجراء محاكمات تعتقد بأنه يجب أن تجريها لأشخاص, لكن ليس في حال إقدام سلطات الاحتلال على القبض على الرؤساء والشخصيات الكبار وتسليمهم إلى سلطات محلية لتقوم تحت سلاح الاحتلال بمحاكمتهم». كما لا يجوز محاكمة أي شخص ما لم يكن ممثلاً بمحام( ).
أكد نقيب المحامين الأردنيين السابق، صالح العرموطي، أن مجلس الحكم في العراق والإدارة الأميركية يواجهان مأزقاً قانونياً في مساعيهم الرامية لمحاكمة الرئيس العراقي سواءٌ أكان داخل العراق أم خارجه، خاصة أنه لا توجد جهة أو محكمة يمكن لها أن تحاكم الرئيس العراقي إلا إذا تم إنشاء محكمة خاصة من قبل مجلس الأمن( ).
إن تصريحات المدعو إياد علاوي عن منع المحامين الأجانب من الترافع عن الرئيس العراقي، تعبّر عن رغبة سياسية في جعل المحاكمة شأناً داخلياً للإفلات من أي مراقبة دولية لمدى توفر الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة. فقوات الاحتلال وما يسمى بالحكومة المؤقتة وكأنهم بصدد الإعداد لوسيلة تمكنهم من التخلص منه ومن مساعديه دون شهود لإدانتهم. إن صدام حسين في كل الحالات هو الرئيس الشرعي للعراق، لذلك يدخل استنطاقه أو أسره من قبل قضاة عراقيين معيّنين من قبل الاحتلال، ضمن تصفيته سياسياً، فهؤلاء هم خصومه وسجانوه وجلادوه وليسوا قضاة محايدين، إنها «نورمبارغ» ثانية تعاد بطريقة سيئة( ).
نظَّمت سلطات الاحتلال الأميركي دورة تأهيلية لعدد من القضاة العراقيين المكلفين بمحاكمة الرئيس العراقي, حاضر فيها مسؤولون كبار في سلك القضاء الأمريكي، ومن بينهم وزير العدل. وناقش المشاركون الدستور العراقي الذي كان يطبق في العراق حتى لحظة الغزو والاحتلال، وما تضمنه من قوانين وتشريعات جزائية ومدنية. فوجد المسؤولون في وزارة العدل الأمريكية أن الرئيس لا يتحمل أية مسؤولية جزائية عن «لجرائم التي ارتكبتها أجهزة نظامه بحق المواطنين العراقيين», لأن الدستور العراقي يعطي لرئيس الجمهورية صلاحيات واسعة, وان المسؤولين التنفيذيين هم الذين يتحملون مسؤوليتها. ولهذا يعتقد الأميركيون أنه من الصعب توفر القرائن والأدلة المادية التي تثبت تورطه في «جرائم القتل الجماعي أو استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد الأكراد», فليس هناك دليل مادي واحد أو وثيقة واحدة تُدين الرئيس أو تُجرمه( ).
وقدَّم قانونيون عراقيون براهين على أن المحكمة غير قانونية استناداً للقانون العراقي:
جاء في تقرير لمركز بغداد لدراسات الوحدة العربية: بغض النظر عن التهم الموجهة للرئيس صدام حسين وأسباب محاكمته وطبيعتها ووقتها فهذه المحاكمة غير قانونية وغير عادلة وتتناقض مع أصول المحاكمات المعروفة، وتشوه القضاء العراقي وتنتهك أبسط القواعد القانونية المتعارف عليها في جميع دول العالم بصورة عامة وفي العراق بصورة خاصة لما للعراق من إرث قضائي مشرف تطور خلال عقود عديدة من الزمن( ).
قال المحامي العراقي عبد الفتاح السهيل: إنه بموجب القانون والدستور فالرئيس العراقي غير مسئول عن الاتهامات التي يُسأل عنها ولا تجوز محاكمته داخل العراق والحل الشرعي الوحيد هو تقديمه لمحاكمة دولية( ).
قال أستاذ القانون مجيد هذال: إن محاكمة صدام غير شرعية من وجهة نظر القانون الدولي لأن القرار 3314 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974 أعطى تعريفًا للعدوان ينطبق في الوضع الحالي على الولايات المتحدة التي احتلت العراق دون سند قانوني دولي. واستشهد بالقانون العراقي وخاصة قانون إدارة الدولة العراقية الذي ينص في المادة 15 على عدم تشكيل محاكم استثنائية، مستخلصًا أن المحكمة التي يمثل أمامها صدام مخالفة لهذا النص القانوني. ومن الناحية الشكلية اعتبر أن الجلسة الأولى لمحاكمة صدام كانت مخالفة لنص المادة 123 من قانون أصول المحاكمات التي تنص على حضور محام مع المتهم وبالتالي فإن كل الإجراءات التي تمت هي باطلة.
ومن جانبه اعتبر المحامي عماد أحمد الفلاحي، عضو جمعية الحقوقيين العراقية، أن صدام يجب أن يمثل أمام المحكمة بصفته رئيسًا لجمهورية العراق، لأن الطريقة التي أُسقِط فيها كانت عن طريق غير مشروعة.
إلى ذلك استغربت القانونية العراقية لمياء محسن الجبوري القول بأن صدام ليس رئيسًا شرعيًا للعراق، قائلة: إن معظم القوانين التي يحاكم بها اليوم صيغت خلال ثلاثة عقود من حكمه وإذا كان حكمه باطلاً فإن القوانين التي يحاكم بها باطلة بموجب القاعدة التي تقول إن ما يبنى على الباطل باطل( ).
قال المحامي جاسم حمود كاظم: إن محاكمة صدام حسين ستكون محاكمة سياسية لا قانونية. وأوضح أن سن صدام حسين قد جاوز الستين, وبحسب القانون العراقي فإنه لن يجري عليه حكم الإعدام، لأن القانون العراقي لا يحاكم من بلغ الستين بالإعدام( ).
شهد مؤتمر قانوني عقد في بغداد للبحث في أعمال المحكمة العراقية الخاصة، التي أنشأتها سلطات الاحتلال، جدلاً عنيفاً بين محامين شككوا بصلاحياتها وآخرين مؤيدين للمحكمة. وقال أستاذ القانون الجزائي والدستوري في جامعة المستنصرية في بغداد عبد المجيد السبعاوي إن «المحاكم تحكم باسم الشعب فهل يتحدث (الحاكم المدني الأميركي السابق على العراق) بول بريمر باسم الشعب? ».ورأى أن هناك «تناقضات ضخمة» تنسف أساسات وأعمال المحكمة العراقية الخاصة( ).
قال المحامي الأردني محمد رشدان، عضو هيئة دفاع عن الرئيس العراقي، إنه لا يحق لمحكمة جرائم حرب محاكمة الرئيس لأن الغزو الذي قادته الولايات المتحدة والذي أطاح به كان في حد ذاته غير قانوني. وأردف قائلاً: «كان مسلكاً غير قانوني وكل خطوة أو قرار لاحق بما في ذلك تشكيل المحكمة التي ستحاكم صدام يعتبر بالتالي غير شرعي»( ).
قال الأمين العام لاتحاد المحامين العرب إبراهيم السملالي «أي حديث عن نقل السيادة في العراق في ظل وجود الاحتلال حديث مغلوط لأن سيادة الدولة تعني أن لها السلطة المطلقة في مواجهة رعاياها في العراق وأنها لا تخضع لسلطة أعلى منها في مجتمع الدول». وأضاف: «إذا نظرنا إلى حال الحكومة المؤقتة التي شكلتها قوات الاحتلال كما ورد في قرار مجلس الأمن رقم 1546 فسنجد أنها لن يكون بمقدورها إصدار أية قوانين أساسية أو تعديل قوانين قائمة، ولن يكون لها حق الاعتراض على العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات الاحتلال، بالإضافة إلى أنها حكومة أعلنت موافقتها على وجود الاحتلال وبالتالي فإنها حكومة غير شرعية ولا تعبر بحال عن الشعب العراقي». وفي هذا السياق حذر من مغبة تسليم المعتقلين إلى الحكومة المؤقتة بدعوى محاكمتهم، وذلك «في ظل غياب أية ضمانات قانونية لمحاكمتهم محاكمة عادلة وفي ظل الأحكام الجاهزة التي عدَّدها وزير العدل العراقي، وتهديده للمحامين الذين يتولون الدفاع عنهم»( ).
جاء في بيان هيئة المحامين اللبنانيين في لجان دعم المقاومة في فلسطين والعراق: طالما أن الحكومة التي سميت حكومة مؤقتة أنيطت بها السلطة قد شُكِّلت بقرار أميركي فهي إنما تستند في وجودها وقراراتها إلى قرار سلطة الاحتلال، وبالتالي فهي ستبقى حكومة غير شرعية، وكل ما يصدر عنها لا يتسم بأية مشروعية لأن ما بني على باطل فهو باطل. ومن ضمن ذلك تكون باطلة ما سمي بإجراءات محاكمة الرئيس صدام حسين( ).
أكدت منظمة حقوق الإنسان هيومان رايتس أن محاكمة الرئيس العراقي ومعاونيه خالية من أي شفافية لأن المنظمة لا تعرف ما الذي يجري فيها، وأشارت إلى أن سلطة الاحتلال منعت كل منظمات الأمم المتحدة من الاطلاع على تفاصيل عملية المحاكمة. وعلى الرغم من أن تلك السلطة تزعم أن العراقيين يتولون العملية هناك صعوبات في تصويرها على أنها مستقلة عن الولايات المتحدة( ).
دعت المفوضة الجديدة لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة لويز آربور المجتمع الدولي إلى متابعة مجريات محاكمة الرئيس العراقي صدام حسين لضمان نزاهتها( ).
أوضح المحامي الفرنسي إيمانويل لودو، العضو في مجموعة المحامين الذين كلفتهم عائلة الرئيس العراقي الدفاع عنه، أن هيئة الدفاع ستركز على عدم شرعية المحكمة الخاصة العراقية. وحول استراتيجية الدفاع التي تتوخاها المجموعة قال لودو: سنركز على المبادئ, يعني على عدم شرعية المحكمة الخاصة العراقية التي شكلتها حكومة غير شرعية, منبثقة هي الأخرى عن حرب غير شرعية( ). وتابع في مناسبة أخرى قائلاً: «سيكون عملنا هو التأكد من أن هذه المحكمة لن تعمل أي ستصبح مصابة بالشلل لأطول فترة ممكنة»، وأضاف: «من غير الوارد أن تصدر هذه المحكمة حكماً أو تعقد جلسات أو تعمل في ظل الأحوال التي أعدها الأمريكيون لكي تعمل في ظلها». وأكد أن محامي الدفاع «سيشككون في مدى ملائمة كل قاض في محكمة جرائم الحرب حتى ينسحب الواحد تلو الآخر». وقال إن حقيقة أنه سيتم اختيارهم بواسطة سالم الجلبي الذي وصفه بأنه رجل الأمريكيين سيجعلهم غير مقبولين لمحامي الدفاع( ).
قال أندريه تشامي المحامي الفرنسي، من فريق الدفاع عن الرئيس العراقي، في مقابلة مع صحيفة (لي ألاسك) الفرنسية: إن صدام حسين لا يزال الرئيس الشرعي للعراق، ولن يمكن لعملية إلقاء القبض عليه من قبل قوات الاحتلال الأجنبية، التي غزت العراق بدون أي سند قانوني دولي، أن تسبغ أي نوع من المشروعية على محاكمته. كما أن نصوص الدستور العراقي لم تعط الحق لأية جهة بأن تقوم بمحاكمة رئيس العراق إلا في حالة واحدة فقط وهي الخيانة العظمى، وحتى الآن لازالت بنود هذا الدستور قائمة، ولم يشكل أي برلمان عراقي حتى تلغى هذه النصوص الدستورية، وأضاف: إذا ما طبقنا معايير القانون الدولي بشكل حرفي فإن توقيفه باطل وكل الإجراءات التي اتخذت ضدّه غير قانونية على الإطلاق. وبالتالي فإن محاكمة صدام حسين لا يمكن النظر إليها إلا باعتبارها مهزلة قضائية كاملة( ).
طلب كيرتيس دوبلر، المحامي الأمريكي من فريق الدفاع عن الرئيس العراقي، من المحكمة العليا الأمريكية إعلان عدم دستورية اعتقاله. وقال: «حتى الأشخاص الذين لا نطيقهم لديهم الحق في محاكمة عادلة». وأضاف: «سواءٌ أكان موكلي رئيساً سابقاً أم لاجئاً، فإن الأفراد متساوون في حقوقهم الإنسانية الأساسية». وقدم عريضة إلى المحكمة العليا الأمريكية لقضية تحمل اسم «صدام حسين ضد جورج دبليو بوش»، طالباً الإذن له بتقديم استئناف ضد الاعتقال نيابة عن صدام. وقال إن المحكمة ملزمة بالموافقة على عريضته لأن موكله لا يمكنه التوقيع عليها، كما أن صدام لا يملك أرصدة تكفي لتغطية نفقات التقاضي أمام المحكمة العليا الأمريكية( ).
إن حكومة مؤقتة قام الاحتلال بتعيينها، ومعروف أن الدولة المحتلة لا يحق لها تعيين الحكومة المؤقتة. كما أنه وفق المفهوم القانوني الدولي واتفاقيات جنيف، تشير إلى أن الدولة المحتلة يجب أن تقوم بتعيين دولة حامية (دولة محايدة)، وإن تسليم البلاد إلى أيدي أشخاص يفتقرون إلى الشرعية والمشروعية به مخاطرة على حفظ واحترام حقوق الإنسان. وهذا ما تؤكده تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، حيث منع القضاة التابعون للمنظمات الدولية من حضور الدورة التدريبية التي عُقدت في لندن لتدريب قضاة عراقيين على إجراء محاكمة للرئيس صدام حسين ورفاقه الأسرى. فعلى الرغم من الدعوات التي وجهت إلى كبار المحامين والقضاة إلى محكمة جرائم الحرب في لاهاي التابعة للأمم المتحدة قد منعهم من المشاركة في الدورة، كما أبدى كوفي عنان مخاوف كبيرة بشأن المحكمة العراقية الخاصة عبر رسالة صادرة عن مكتبه قال فيها إن المحكمة العراقية الخاصة لا تستطيع تلبية المعايير الدولية الملائمة. وورد في مضمون الرسالة أيضاً أن المنظمة الدولية ليس لديها أي تفويض قانوني لمساعدة هذه المحكمة الخاصة. كما أن السيد ريتشارد ديكر مدير منظمة حقوق الإنسان قال: «لا تزال هناك إخفاقات فاضحة في مجال حقوق الإنسان ويؤكدها وضع المحكمة العراقية الخاصة، ومن ذلك،على سبيل المثال، جواز الأخذ بالاعترافات التي يتم انتزاعها قسراً كأدلة. كما أنه يجب في المحاكم المنصفة أن يتم احترام حقوق المتهم، ونرى أن المجموعة الأولى من المتهمين بمن فيهم الرئيس صدام حسين لم يتمكنوا من الوصول إلى محامي دفاع عند استجوابه في الأول من تموز/ يوليو 2004» ( ).
وأصدرت هيئة الإسناد بياناً أوضحت فيه أسباب لاشرعية المحكمة العراقية:
-شكلت المحكمة بناء على قرارات حاكم العراق الأمريكي المعين من قبل الاحتلال.
-تفتقر إلى القدرة على تأمين حماية من يحتمل أن يمثل أمامها أو يشارك فيها.
-عدم استقلالية المحكمة سياسيا ولا مالياً.
-عبرت رسالة صادرة عن مكتب عنان من مخاوف وشكوك عميقة من أن المحكمة العراقية الخاصة لن تستطيع تلبية المعايير الدولية الملائمة( ).

ج-لا قانونية القاضي المكلف برئاسة المحكمة: القاضي عميل وقاتل، والمحكمة ينخرها الفساد والسرقة:
فرئيسها سالم الجلبي: يتعامل مع العدو الصهيوني(*).
كما أنه متهم بجرائم قتل وسرقات(*)، وينتمي إلى حزب معاد للرئيس صدام حسين، وقد شارك في المؤتمر الذي عقد في الولايات المتحدة وقرر خلاله الإطاحة بالرئيس، فالقاضي لا يجوز أن يكون طرفاً لأنه من شروط المحاكمة حيادية القاضي، هذا بالإضافة إلى أنه وردت فقرة في كيفية تشكيل هيئة المحاكمة على أن يكون القاضي معادياً لحزب البعث، أي منذ البداية ينتفي شرط الحيادية بمحاكمة عدو البعث للبعثيين وبإسقاط هذه الفقرة التي ينص عليها مبدأ شروط القاضي تسقط المحاكمة لأن الشكل يسقط الأساس وهذا ينطبق على جميع دول العالم. هم يقولون إنهم سيطبقون قانون العقوبات العراقي، علماً أن القانون العراقي لا ينص على أي مادة من مواده على التهم الموجهة، هم في مأزق حالياً، فضلاً عن أن هناك حصانة لرئيس الجمهورية ولا يُساءل جزائياً إلا في حال الخيانة العظمى، لذلك تمكن محاكمة مسئولي الحكومة المؤقتة الذين تعاملوا مع أجهزة المخابرات الأجنبية وأيدوا حصار العراق واحتلاله، لأن القانون العراقي ينص على ذلك، وهذا القانون ينطبق على رئيس الحكومة المؤقتة إياد علاوي وغيره( ).
وصف المحامي محمد الرشدان اختيار القضاة العراقيين بأنه انتهاك للقانون الدولي. وقال إن الولايات المتحدة لا تملك بموجب القانون الدولي الحق في تعيين القضاة( ). كما كشف بيان للجنة، عن لا شرعية سالم الجلبي، رئيس المحكمة العراقية المعين( ).
وكشفت المحامية اللبنانية بشرى خليل عضو هيئة الدفاع عن صدام حسين عن إستراتيجية الدفاع عن صدام التي تتمثل في الطعن في شرعية المحكمة, وخاصة أنها شكلت بقرار من الحاكم المدني الأمريكي السابق بول بريمر, وهو ما يخالف اتفاقية جنيف في المادة رقم 54. كما تفقد المحكمة شرعيتها من خلال فقدان شرعية القاضي المعين سالم الجلبى الذي يحمل الجنسية الأمريكية. وأشارت إلى أن الجلبى محام, والقانون العراقي يمنع القاضي من مزاولة مهنة المحاماة, كما أنه عضو في حزب معاد لصدام حسين وهو ما يفقده الحيادية. وأضافت أن علاقاته مع الصهاينة تفقده الشرعية كذلك( ).
اتهم المحامي المغربي خالد السفياني، عضو اتحاد المحامين العرب، الجلبي بالعمالة للولايات المتحدة الأمريكية و«إسرائيل»، مشيرًا إلى أن هناك علاقة مريبة كانت تربطه بأجهزة مخابراتهما. فهو يتحرك وفق ما تمليه عليه، وأنه مسلوب الإرادة. وتساءل السفياني: كيف يمكن الادعاء بأن العراقيين هم من يحاكم صدام حسين في حين أن العالم كله لاحظ أنه لا يزال بقبضة الأمريكيين، فهم الذين يحرسونه، وهم الذين اقتادوه للمحكمة، وهم من التقط له الصور، وهم من اختار كذلك اللقطات التي أرادوا أن يشاهدها العالم، وحتى الكلام الذي قاله أذاعوا منه ما أرادوا فقط؟!( ).
أكدت المصادر العراقية المقربّة من حكومة الاحتلال المؤقتة، أن رائد جوحي، القاضي الذي وجه الأسئلة إلى الرئيس العراقي، قدم إلى دولة البحرين وخضع لدورة مكثفة من قبل المختصين من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وحتى الإسرائيليين بما يخص الملف «الإسرائيلي»... وكان من ضمن برامج الدورة التركيز على العوامل النفسية، وعدم التطرق للأمور الإستراتيجية التي تمس الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك الارتباط بشكل كامل مع قوات الاحتلال في العراق وتوجيهاتها( ).
وقرر مجلس الوزراء العراقي، فيما بعد، إقالة سالم الجلبي من مهامه كرئيس للمحكمة الخاصة وتعيين نائبه طالب الزبيدي. ويأتي القرار بعد دعوات لنقل المحاكمة إلى خارج العراق حيث كان سالم الجلبي من أشد المعارضين لنقــــلها. ويذكر أنه سبق أن صدرت مذكرة قبض بحق سالم لاتهامه بمحاولة الاشتراك بقتل مسؤول بوزارة المالية العراقية الأمر الذي نفاه الجلبي مؤكداً حضوره إلى العراق للدفاع عن نفسه بعد تغيير مذكرة القبض إلى استدعاء( ).كما أكد مصدر في وزارة العدل العراقية أن سالم الجلبى قد استبعد من مسئولية إدارة المحكمة الخاصة بمحاكمة صدام بسبب كونه متهماً بتهمة القتل العمد وإن هذه التهمة لم تحسم بعد من قبل القضاء ( ).
كشف موظفون في المحكمة الجنائية المختصة بمحاكمة الرئيس العراقي، وأركان نظامه، عن تفشي مظاهر الفساد في مفاصل المحكمة وأقسامها. وأكدوا أن عدد العاملين في المحكمة يبلغ 150 موظفاً، في حين تشير سجلات الرواتب إلى وجود 700 موظف بأسماء وهمية يتقاضون رواتب شهرية بمعدل 250 دولاراً شهرياً، تذهب إلى الموظفين الكبار المتنفذين في إدارة المحكمة، مشيرين إلى تفشي الرشوة والمحسوبية. وأضاف الموظفون أن قسماً منهم استبعد من وظيفته لرفعه تقارير إلى الجهات الرسمية العليا تثبت تورط مسئوليهم بتلقي الرشاوى من قبل عدد كبير من الأشخاص لغرض تعيينهم في المحكمة( ).
د-السلطات العراقية المعيَّنة من قبل سلطات الاحتلال تهدد المحامين عن الأسرى بالقتل، وتحل بديلاً عن المحاكم وتحكم على المتهم بالإعدام، ومؤسسات عربية تعرقل مساعي الهيئات التي تطوعت للدفاع والإسناد:
تحت زعم انتقال المسؤولية القانونية عنهم إلى العراقيين، تم تسليم الرئيس صدام حسين، وكبار الأسرى، إلى الحكومة العراقية الجديدة في 28/ 6/ 2004( ).
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية جورج سادة « استلمت الحكومة العراقية صدام حسين الرئيس العراقي السابق». وكانت المحكمة الجنائية العراقية الخاصة التي سيحاكم أمامها صدام حسين و11 من كبار معاونيه أعلنت أنها أصدرت مذكرات توقيف بحقهم، وهو إجراء ضروري لنقل هؤلاء إلى مسؤولية القضاء العراقي( ).
لا يسوغ قانونياً علاج موقف أي متهم كطرف في الرابطة الإجرائية الجنائية دون التطرق إلى المدافع عن المتهم .فالمتهم والمدافع عنه يمكن عدهما ازدواجاً بشرياً في موقف واحد ،إذ تجمع بينهما وحدة الهدف وهو درء التهمه عن المتهم، أو تخفيف مسؤولية المتهم في حالة ثبوت التهمة عليه. وإذا اختار المتهم محامياً أو عدة محامين فليس للمحكمة أن تعترض على اختياره. وحضور محام مع كل متهم بجناية تنظرفيها محكمة الجنايات قاعدة من النظام العام لأن الاتهام بجناية أمر له خطورته الخاصة، وتثير في النفس اضطراباً قد ينال من قدرة المتهم على الدفاع عن نفسه، وحق المتهم في اختيار محاميه مقدم على حق المحكمة في تعيينه (المواد :57 ،144 من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي). إلاَّ أن السلطات السياسية المعينة من قبل الاحتلال تمنع هذا الحق( ).
من جانبه قال وزير العدل العراقي مالك دوهان الحسن إن صدام قد يواجه عقوبة الإعدام في حال إدانته بالجرائم المنسوبة إليه, وقد أسقطت الحكومة العراقية صفة أسير الحرب عنه. وقد أعاد الرئيس العراقي غازي عجيل الياور العمل بعقوبة الإعدام فور استلام العراقيين السلطة, بعد أن تبنت سلطات الاحتلال في يوليو/حزيران 2003 القانون الجنائي العراقي الصادر عام 1969 وأبقى على قرار تعليق عقوبة الإعدام الذي أمر به قائد القيادة الوسطى السابق الجنرال تومي فرانكس في أبريل/نيسان 2003( ).
وانضم حازم الشعلان، وزير الدفاع، إلى الجوقة وأطلق تصريحات يقول فيها: «إن صدام سيحكم بالإعدام في ضوء الجرائم التي ارتكبها ضد أبناء شعبه». ورداً عليه قال الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب، عضو الهيئة زياد الخصاونة إن «تصريحات الشعلان تعتبر إضافة للإجراءات التي تتخذها الإدارة الأميركية والحكومة العراقية المؤقتة للحيلولة دون القيام بمحاكمة عادلة للرئيس العراقي السابق». وأضاف: لا يجوز لأي شخص كان أن يصدر حكماً مسبقاً على أي متهم تجري محاكمته( ).
وأعلنت هيئة الدفاع أنها تعرضت للتهديد بالقتل في حالة حضورها إلى العراق. وجاء التهديد من أعلى المستويات في الحكومة، وبالذات من وزير العدل الدكتور مالك دوهان الحسن. حتى لو كان التهديد موجهاً إلى المحامين غير العراقيين، فهو موجَّه ضمناً إلى أي محام عراقي. وحتى إن اختار الرئيس صدام حسين محامين عراقيين من قبله مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة ،فلا توجد أية ضمانه أنهم سوف لا يتعرضون للضغط والتهديد وكتم صوت الدفاع الحر والنزيه في مثل هذه الأجواء المشحونة ( ).
وقع خلاف بين وزير العدل العراقي مالك دوهان الحسن والمحامي الأردني عصام غزاوي، من وكلاء الدفاع عن صدام حسين حينما كان ينوي التوجه إلى العراق للقاء الرئيس الأسير. وكشف عن أن وزير العدل العراقي «تحدث معي هاتفياً، وقال: إذا كنتم تفكرون بالقدوم إلى العراق والدفاع عن صدام، فلن نقتلكم فحسب، بل سنقطعكم تقطيعاً بغض النظر عمن يدعمكم ومن يغطيكم»( ).
لم يستغرب المحامى الأردنى زياد خصاونة التهديد، كاشفاً أنه سمع كلاماً مماثلاً منه في السابق. وأوضح أن الحسن قال له بحدة خلال اجتماع المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب في بيروت، أواخر العام 2003: «هل ستدافعون عن هؤلاء الخونة والمجرمين الذين نفذوا مجزرة حلابجة شمال العراق، فمن يدافع عنهم سيقطعه العراقيون إرباً إرباً»( ).
وكان قد شهد مؤتمر قانوني، عقد في بغداد للبحث في أعمال المحكمة العراقية الخاصة، جدلاً عنيفاً بين محامين شككوا بصلاحيات المحكمة وآخرين مؤيدين لها، وصلت إلى تهديدات بالقتل. وهدد الشيخ غازي الوائلي قائلاً: إذا وطأ محامون أجانب أرض العراق للدفاع عن صدام، أقسم أمامكم بأن رجال عشيرتي سيقطعونهم إرباً( ).
من جهة أخرى تعهدت جماعة مجهولة تطلق على نفسها جماعة سيف الله المسلول بتتبع كل محام يحاول الدفاع عن الرئيس العراقي السابق الذي وصفته الجماعة في بيانها بفرعون العصر ومجرم العراق الأكبر. وأكد البيان أن العقوبة التي تنتظر المحامين الذين يريدون الدفاع عنه، ستكون قطع رؤوسهم بالسيف عقاباً لهم على فعلتهم( ).
كما أفاد المحامي زياد الخصاونة، رئيس هيئة الإسناد، أنه تسلم رسالة بتاريخ 24/ 1/ 2005 من المحامي خليل الدليمي تفيد أنه قد تم تشكيل ثلاثة فصائل انتحارية لتصفيته ليكون عبرة لجميع المحامين الذين تطوعوا للدفاع عن الرئيس صدام. وأفاد الخصاونة إن تعريض حياة الدليمي للخطر تشكل إضافة جديدة لحزمة المخالفات القانونية وانتهاكات اتفاقيات جنيف المرتكبة من قبل قوات الغزو المحتلة للعراق. وعليه حمَّلت هيئة الإسناد الإدارة الأمريكية والحكومة المؤقتة مسؤولية الحفاظ على حياة الدليمي وناشدت أحرار العالم الوقوف إلى جانبها لان الأمر أصبح بالغ الخطورة في ارتكاب المزيد من الانتهاكات لحرمة القانون وحق الدفاع المقدس( ).
تلقى كيرتيس دوبلر، المحامي الأمريكي ضمن فريق الدفاع عن الرئيس العراقي، تهديدات لتطوعه للدفاع عن الرئيس صدام، لكنه قال إنه لن يذعن لتلك التهديدات. ورفضت السلطات الأمريكية التي تحتل العراق لدوبلر وزملائه بمقابلة صدام( ).
وبدورها حلت الحكومة المؤقتة برئاسة أياد علاوي نقابة المحامين العراقيين، عازية السبب إلى موافقة النقابة على ترافع محامين عرب عن الرئيس صدام حسين. ويُذكر أن مجلس نقابة المحامين العراقيين وافق على طلبات تقدم بها 16 محامياً عربياً وخمسة محامين أجانب للسماح لهم بالترافع عن الرئيس صدام. وإن موافقة النقابة جاءت انسجاماً مع أحكام قانون المحاماة. أما بالنسبة للمحامين الأجانب فيتعذر إعطاؤهم الموافقة على الترافع ما لم يتقدم محام عراقي بطلب الشراكة معهم( ).
اعتبر اتحاد المحامين العرب أن قرار حل مجلس نقابة المحامين العراقيين يأتي «في سياق الرد على موقف النقابة الرافض لتجاوزات سلطة الاحتلال المنافية لحرية العمل النقابي، بالإضافة لدورها في تسهيل مهمة المحامين العرب والأجانب الذين يرغبون في الدفاع عن المعتقلين والمسجونين في سجون الاحتلال، وهو الأمر الذي تقاومه السلطات العراقية». كما رفض قرار الحكومة العراقية المؤقتة خاصة وأنه تم انتخابه تحت إشراف ورقابة من اتحاد المحامين العرب والأمم المتحدة والاتحاد الدولي للمحامين. وأكد أن القرار «عدوان صارخ على سيادة القانون وكل القواعد الدولية التي تنص على حرية العمل النقابي، وعدم جواز التدخل في الشئون الداخلية للنقابات ومنظمات المجتمع المدني، فضلاً عن أنه قرار منافٍ للمواثيق الدولية الخاصة باستقلال القضاء والمحاماة». وطالب «الحكومة المؤقتة في العراق» بإلغائه، وتمكين المجلس المنتخب من ممارسة صلاحياته لحين انتهاء مدته المنصوص عليها في القانون. وناشد كل «المنظمات الحقوقية الدولية والمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، بالإضافة إلى الأمم المتحدة لممارسة واجباتها في هذا الخصوص والتدخل الفوري لدفع الحكومة المؤقتة لإلغاء هذا القرار». وشدّد على أنه «لن يعترف بأي مجلس لإدارة شئون النقابة تعينه الحكومة المؤقتة أو لا يعبر عن إرادة المحامين العراقيين»، وطالب كافة النقابات العربية باتخاذ نفس الخطوة، وعدم الاعتراف بها( ).
واعتبر المحامي الأردني زياد الخصاونة حل الحكومة العراقية المؤقتة لنقابة المحامين العراقيين «جزءًا من المخالفات القانونية للحكومة المؤقتة التي تأتمر بأوامر سلطات الاحتلال». وفسر قرار الحل بأنه عائد لسماحها للمحامين الأردنيين والعرب بالترافع عن صدام ومعاونيه، وبرغبة الحكومة المؤقتة بتعيين محام عراقي للدفاع عنهم يوافق أهداف الحكومة المؤقتة والاحتلال( ).
ودخل رائد جوحي السعدي، قاضي التحقيق، حلبة الضغط، وأدلى بتصريح قال فيه: إنه حتى الآن لم يفلح في إيجاد محامين للدفاع عن صدام باستثناء محام أردني أبدى استعداده لذلك إلا أنه لم يعاود الاتصال( ).
وفي هذه الأثناء أفادت أوساط هيئة الإسناد بأن قوات الاحتلال والحكومة المؤقتة تجدان صعوبة في إيجاد قاض يقبل بمهمة الاستجواب القضائي للرئيس صدام حسين بعد القضايا التي أثيرت ضد القاضي سالم الجلبي، وبعد تعرض القضاة (لتهديدات مجهولة) بالاعتداء عليهم في حالها قبولهم بالمهمة في ظل الاحتلال( ).
قال مصدر مقرب من هيئة الدفاع إن الهيئة تلقت رسالة من عشائر محافظة الأنبار، غرب العراق، يتعهد فيها أكثر من 150 من شيوخ عشائر الدليم ووجهائها في مدن الرمادي والفلوجة وأبو غريب والصقلاوية وراوة وعانة والقائم والرطبة، بتوفير الحماية اللازمة للمحامين العرب والأجانب، الراغبين في الدفاع عن صدام حسين. وتنتشر عشائر الأنبار في مناطق واسعة غرب العراق، تمتد بين منطقة أبي غريب، غرب بغداد إلى مناطق الحدود العراقية - الأردنية. وأكدت الرسالة أنه مهما كان عدد أعضاء هيئة الدفاع عن الرئيس العراقي «ستكون في ضيافة عشائر الدليم، الذين سيوفرون لهم الإقامة والحماية والأموال اللازمة والغطاء الشعبي، الذي يتحركون من خلاله». وسيكون وفد كبير من أبناء العشائر العراقية في استقبال المحامين العرب والأجانب على نقطة الحدود الأردنية العراقية، وأنهم معنيون بتوفير كافة سبل الحماية اللازمة لهم( ).
صرح المحامي خليل الدليمي أن عدد المحامين العراقيين المنضمين للهيئة في العراق أصبح 1405 محامياً ومحامية. كما صرح بأن شيوخ عشائر الدليم قد اتصلوا به وأكدوا دعمهم وترحيبهم وحمايتهم للمحامين العرب والأجانب في حال قدومهم إلى العراق( ).
ومن العوائق التي وُضعت أن الإدارة الأميركية مارست ضغوطاً على المصارف في شتى أنحاء العالم كي لا تفتح حسابات لصالح الهيئات التي تدافع عن المعتقلين العراقيين. لذلك رفضت جميع البنوك الأردنية السماح بافتتاح حسابات بنكية، باسم تبرعات لمحاكمة صدام حسين، خوفاً من أي تأثيرات مستقبلية عليها جراء ذلك( ).

هـ:سلطات الاحتلال الأميركي تتجاهل اتفاقيات جنيف المتعلقة بحقوق أسرى الحرب:
في حديث مع إذاعة آر تي إل قال المحامي إمانويل لودوت: إن فريق الدفاع يريد أن يستغل كل فرصة متاحة بهدف إرغام فرنسا على ممارسة الضغط لإجبار واشنطن على تنفيذ بنود اتفاقيات جنيف التي تقضي بأن يتم السماح لأسرى الحرب بالتحدث إلى المحامين الذين يتولون الدفاع عنهم. وتشير وكالة الإسوشيتيد برس إلى أن فريق الدفاع يريد استغلال الاعتراف الذي كان قد صدر عن مستشارين قانونيين في وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون في وقت سابق من العام 2004، وجاء فيه أنه سوف يتم التعامل مع صدام حسين باعتباره أسير حرب متمتع بكافة بنود اتفاقية جنيف( ). وكشف عن أن الرئيس العراقي صدام حسين تقدَّم بالتماس أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورج يطلب فيه من فرنسا إلزام الولايات المتحدة باحترام حقوق أسرى الحرب عملاً باتفاقية جنيف، حسب ما أعلنه أحد محاميه الفرنسيين. ويستند الطلب إلى المادة الأولى للاتفاقية التي تفرض على البلدان الموقعة «احترام وفرض احترام الاتفاقية في كل الظروف»، ويؤكد فريق الدفاع أن «واشنطن لم تحترم إطلاقاً اتفاقية جنيف، خصوصاً في ما يتعلق بالبندين 85 و 105 المختصين بحق الدفاع عن أسرى الحرب»( ).
كما بذلت لجنة الدفاع عن الرئيس صدام حسين، جهوداً لمنع إي إجراء تقوم به سلطات الاحتلال الأميركي كتسليم الرئيس صدام إلى حكومة عراقية تزعم أنها ستكون شرعية بعد أن تنقل «السيادة» إليها في أواخر حزيران/ يونيو من العام 2004( ).
رابعاً:الرئيس صدام حسين أمام محاكمة صورية
بعد مماطلة طويلة، ووعود متكررة، قامت حكومة ابراهيم الجعفري بتقديم الرئيس صدام حسين إلى المحاكمة أمام محكمة عراقية، ادَّعى الأميركيون وعملاؤهم المعيَّنون في مواقع السلطة السياسية أن تلك المحكمة تكتسب شرعية قانونية. وللطعن بشرعية المحكمة يتم من خلال الطعن بالطريقة التي تشكَّلت على أساسها، ونوجزها بالتالي:
احتل الأميركيون العراق في التاسع من نيسان/ أبريل من العام 2003، وكان الاحتلال غير شرعي لأنه تجاوز قرارات الشرعية الدولية، بعد أن فشل في استصدار قرار عن مجلس الأمن الدولي يشكل تغطية دولية لما اعتبره حرباً ضد العراق.
ولكي يتخلَّص من عبء الاحتلال والآثار القانونية الناجمة عنه، احتال، بمساعدة من مجلس الأمن، في نقل السلطة إلى مجموعة من العراقيين كانوا بالأساس من عملائه، وهم من الذين ارتكبوا جريمة الخيانة العظمى عندما ساعدوا دولاً أجنبية على احتلال بلدهم بعد أن كانوا ضالعين بالتجسس عليه.
وفي سلسلة من الإجراءات الشكلية، وتحت ضغطه وإشرافه، قام بنقل صوري للسلطة إلى حكومة إياد علاوي في الثلاثين من حزيران/ يونيو من العام 2004. وكانت من إحدى مهماته أن يُشرف على انتخابات نيابية، جرت بالفعل في كانون الثاني/ يناير من العام 2005، وأنتجت سلطات الاحتلال عن تلك الانتخابات حكومة صورية أخرى، برئاسة ابراهيم الجعفري كعميل آخر.
وفي مسرحية خداع أخرى اعتبر الاحتلال الأميركي أن حكومة الجعفري اكتسبت شرعيتها تلك، لهذا قامت بإعداد مسرحية كانت متمثلَّة بصياغة دستور، كان مشبوهاً بأغراضه وأهدافه، وأُمِرت بإجراء استفتاء عليه، طبعاً بحماية قوات الاحتلال. ولكي تُضفي على إجراءاتها تلك صفة الشرعية، وضعت القانون الدولي أمام واقع أمر جديد، قاصدة منها تضليلاً آخر للرأي العام الأميركي خاصة، والرأي العام العالمي عامة، بتحضيرها مسرحاً لمحاكمة كانت مهزلة فقدَّمت رئيس العراق الشرعي أمام محكمة عراقية تفتقد إلى أدنى شروط الشرعية( ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق