بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 22 يناير 2010

الجريمة الأميركية المنظمة في العراق (الكتاب الثالث - الفصل الثاني)

الفصل الثاني
الإدارة الأميركية والحكومة البريطانية والهيئة الأممية أمام محكمة جرائم الحرب

مقدمة ملف الاتهام: المجرمون متَّهمون بالكذب
كوندوليزا رايس: «إننا نعلم أن صدام يعمل بنشاط لإعادة إحياء برنامجه النووي المسلَّح». (في 10/ 9/ 2002).
ديك تشيني: «في الواقع سيتم استقبالنا كمحررين... إن المسألة ستمر بسرعة نسبياً... فالمسألة ستُحسَم في مدة أسابيع، وليست أشهراً». كما «أننا على يقين أن صدام، في واقع الأمر، أعاد إحياء برنامجه للتسليح النووي». (في 16/ 3/ 2003).
دونالد رامسفيلد: «إننا نعلم أين هي أسلحة الدمار الشامل». (في 30/ 3/ 2003).
ووجد جورج بوش الكذبة أخيراً
جورج بوش: «لقد وجدنا أسلحة الدمار الشامل». (في 29/ 5/ 2003( ).
ومن فمهم أدينهم:
- وصف سكوت ريتر إعلان البيت الأبيض عن أن الولايات المتحدة ستنهي رسمياً عمليات البحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق بأنه وضع نهاية لأبشع شكل من أشكال الخداع الدولي في الأزمنة الحديثة. واعتبر غزو العراق بأنه أبشع جريمة ترتكب. وقال إذا علَّمنا التاريخ شيئاً منها فهو أن ندين الأفراد والدول التي ارتكبت الجريمة، والبلدان التي أغمضت أعينها وسدت آذانها أثناء ارتكابها( ).
أولاً: الاحتلال حالة مقيَّدة بالقوانين والشرائع الدولية
بداية، قيَّدت القوانين والشرائع الدولية، منذ ما قبل منتصف القرن العشرين، سلطة الاحتلال بأنظمة وشرائع إنسانية، سواءٌ أكانت تتناول ضوابط الحرب في ما له علاقة بأسرى الحرب، أم كانت ذات علاقة بالمدنيين. وللاطلاع على أهمها، يمكن القارئ أن يعود إليها في ملاحق الفصل، كما أوجزتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي(*).
يطلق البعض على القوات الأميركية – البريطانية ومن التحق بها، «قوات الائتلاف أو التحالف»، والبعض الآخر يطلق عليها تسمية «قوات الاحتلال». وحسماً للجدل حول طبيعة هذا الوجود والتسمية الحقيقية والواقعية التي تنطبق عليها، وصفته الأمم المتحدة في القرار (1483) بـ«قوة الاحتلال»، وأن السلطة الممارسة بفعل هذا التواجد هي سلطة احتلال. وبهذا الوصف تتحدد المراكز القانونية لكل إفرازاته على الصعد السياسية والعسكرية والأمنية. وطالما أن العراق واقع تحت الاحتلال، فإن تواجد قواته على أرض العراق تفتقر إلى سند قانوني وشرعي وبالتالي لا تكتسب أية سيادة على الأرض، سكاناً وموارد. وهذا ما أكدته المادة 43 من لائحة لاهاي سنة 1907، في المبدأين الأول والثاني، التي تحدد المبادئ الأساسية التالية:
1 -لا تكتسب قوة الاحتلال أية سيادة على الأرض.
2 - الاحتلال حالة مؤقتة بحكم التعريف.
وتضيف المادة 43 من اللائحة المذكورة: «تتعين على سلطة الاحتلال ألاَّ تمارس سلطتها لخدمة مصالحها الخاصة أو الوفاء بحاجة سكانها. ولا يجوز في حال من الأحوال استغلال سكان الأرض الواقعة تحت سيطرتها أو مواردها أو أصولها الأخرى لصالح أرضها وسكانها هي، ويرتبط بذلك مبدأ أنه على سلطة الاحتلال ألا تجبر الأرض المحتلة، بسكانها ومواردها، على المساهمة في جهود الحرب التي يقوم بها الاحتلال ضد الحكومة المعزولة وحلفائها أو المساعدة في ذلك بأية وسيلة».
إن قوات الاحتلال ومن التحق بها تخالف، في ممارساتها وسلوكاتها اليومية، ما ذهبت إلى تأكيده لائحة لاهاي وخاصة المادة 43. فالقوة المحتلة، لم تحترم القوانين القائمة وقواعد الإدارة، إذ أقدمت على إلغاء تشريعات دستورية وقانونية، وحلت أجهزة الدولة العسكرية والأمنية والإدارية وأحدثت فراغاً على مستوى إدارة الدولة. فمنذ اللحظة الأولى لوقوع العراق تحت الاحتلال، وقَّعت إدارة القوة المحتلة عقوداً نفطية واستثمارية للشركات الأميركية، وهذا يعني أن القوة المحتلة تعمل على استغلال موارد الأرض المحتلة وأصولها الأخرى لصالحها أرضاً وسكاناً( ).
في مقابلة نشرتها صحيفة (لفت هووك الأمريكية)، وصف نعوم تشومسكي الهجوم الأمريكي على الفلوجة بأنه يمثل «إحدى جرائم الحرب الكبرى»، وقال: «الرئيس جورج بوش مؤهل تماماً أن يكون عرضة لعقوبة الموت بموجب معاهدات جنيف والقانون الأمريكي بسبب تلك الجريمة وحدها». تمثَّلت خطوة الهجوم الأولى بالاستيلاء على مستشفى الفلوجة. ويضيف: «أنا شخصياً لا أعرف إذا كان النازيون قد عملوا أعمالاً مشابهة لتلك». وفي ذلك «خرق خطير لمعاهدات جنيف التي تقول من دون لبس إن المستشفيات وكادرها الطبي والمرضى ينبغي أن يكونوا جميعهم من دون استثناء محميين من قبل الأطراف المتحاربة في أي نزاع كان. ولا يمكننا أن نعثر على خرقٍ لمعاهدات جنيف أكثر خطورة من هذا الخرق». وأوضح أنه يوجد قانون في الولايات المتحدة خاص بجرائم الحرب أقرَّه الكونغرس، في العام 1996، جاء فيه: «إن عقوبة ارتكاب خروقات خطيرة لمعاهدات جنيف هي الإعدام».
وطبقاً لمبادئ محكمة نورمبرغ، التي أطلقتها الولايات المتحدة ، خلصت المحاكمات إلى أن الجريمة الدولية العظمى هي الغزو، والعدوان. التي تتضمن أيضاً كل الانتهاكات التي تعقب الغزو. وعليه فإن تضاعف معدلات سوء التغذية، وأعداد القتلى التي ربما تصل إلى 100.000 ضحية، وجرائم الحرب الخطيرة في الفلوجة، تعني أن أي عمل شرير أرتُكِبَ عقب الغزو يقع تحت طائلة الجريمة الدولية الكبرى( ).
وتساءلت صحيفة أميركية: هل حان وقت رحيل أمريكا من العراق؟ وكيف نرغب في أن ينظر إلينا الآخرون من النواحي العسكرية والدبلوماسية والسياسية والأخلاقية؟ لتجيب: من الناحية السياسية يتطلب اعترافاً بأن الأمر برمته كان خطأً منذ البداية. ويبدو أن الرئيس بوش غير قادر على هذا الاستنتاج ما لم يتم إجباره على ذلك بسخط شعبي يعيد إلى الذاكرة حقبة حرب فيتنام، ويقلص رغبة الشباب للانخراط في الخدمة العسكرية.
ويمكننا المجادلة بأن صدام حسين كان متسلطاً وطاغية وأن هزيمته ينبغي أن لا تستدر أي تعاطف منا، ولكن كان لديه بلد عامل: هنالك حكومة، والناس يذهبون إلى العمل، وإلى الأسواق والمدارس في أمن وسلامة، وهل يمكن لأي شخص أن يعتقد أن الفوضى التي أحدثتها الولايات المتحدة قد تركت الشعب العراقي أفضل حالاً؟.
دمرنا العراق فهل لدينا حق أخلاقي في مغادرته وترك الدمار منتشراً في كل مكان؟ لكن استمرار تواجدنا فيه لن يعمل على إصلاح ما دمرناه وإنما سيؤدي إلى ديمومته( ).
يقول الكاتب البريطاني نيكولاس وود: إن الوسائل التي استخدمها الجنود الأمريكيون: القسوة، والانتهاكات الجنسية، والتصرفات السادية، والإذلال، والتلذذ بتدمير بيوت العراقيين، وإهانة أطفالهم، هي عملية غير شرعية مشتركة بين اللاعبين الرئيسين: أمريكا وبريطانيا. وفي حالة انتهاء الاحتلال بسحب القوات أو نهاية العمليات، فإن جرائم الحرب التي ارتكبت فيها يجب أن تكون مسؤولية أي منهما أو مسئوليتهما معاً.
إن تدمير العراق، من خلال تدمير المؤسسات المدنية، وعمليات الاضطهاد السياسي، التي تبعت الغزو، تمثل عدداً من الحالات القانونية التي يمكن استخدامها في تحضير ملف إدانة بلير وبوش. إن تدمير البنية التحتية العراقية أثَّر على الخدمات الأساسية التي حرمت المواطنين العراقيين من الحياة الإنسانية الكريمة، بما في ذلك المستشفيات ومراكز العلاج الصحي. كما أن الغزو، دمر التراث الثقافي العراقي بواسطة النهب والسرقة والتدمير التي تعرضت لها المتاحف والمؤسسات الثقافية العراقية، خاصة المتحف العراقي الذي يحتوي على معظم تراث العراق الإنساني. ومثلما فشل الغزاة في حماية المؤسسات المدنية، فقد فشلوا في حماية المعالم التاريخية، بما في ذلك المتاحف والمكتبات. وإن البريطانيين شجعوا على النهب في البصرة، الذي نجم عنه عمليات سرقة وتدمير كبيرة، وهذه الأفعال تعتبر خرقاً لعدد من المواثيق التي تلزم المحتل والغازي بحماية واحترام السكان الذين وقع عليهم الاحتلال والغزو.
كما أن أمريكا وبريطانيا، من خلال السيطرة على موارد العراق وأرصدته، قد انتهكتا قوانين محكمة جرائم الحرب الدولية.
وأسرى الحرب يُربطون بأسلاك بلاستيكية. وهذا التصرف يعتبر خرقاً لميثاق جنيف. وتكميم الأسرى بأكياس بلاستيكية تحرمهم من الهواء النقي، لهو من مظاهر التعذيب وخرق واضح لمواثيق دولية تدعو لمعاملة إنسانية للأسرى. واستخدام الكلاب لترويع الأسرى وتخويفهم. كما استخدمت الكلاب الضخمة في الدوريات البريطانية والأمريكية في الأحياء العراقية، الأمر الذي ترك أثراً على مشاعر العراقيين. وهناك حالات كثيرة عن معاملة الأسرى والمعتقلين التي استخدم فيها المحتلون أساليب عديدة لإذلالهم وتعذيبهم مثل الوقوف ساعات طويلة. وعاش العراقيون كذلك حالة من الحصار بسبب الإجراءات القاسية أثناء الدوريات وعمليات المداهمة والتفتيش الليلي التي لم تراع حرمة البيوت. وكان الجنود يقتادون الرجال والشباب العراقيين مقيدين معصوبة أعينهم. أما إطلاق النار العشوائي، فلم يأخذ بعين الاعتبار وجود مدنيين، ويجعل البريطانيين شركاء في تصرفاتهم. والأدلة كثيرة على تصرفاتهم العشوائية. وسجلت الكاميرات الكثير من الحالات التي لم يحترموا فيها حرمة الموتى العراقيين، حيث كانوا يدوسون على رؤوس الجثث ويلتقطون الصور أمامها. كما استخدم البريطانيون والأمريكيون علامات حبر لتعليم المعتقلين على صدورهم أو رؤوسهم، أي مثل تعليم الحيوانات. هذا ناهيك عن حالات القتل العشوائي، مثل عملية القصف الأمريكي لعرس في الصحراء، وقتل أطفال يلعبون في شارع حيفا. واستخدام القنابل العنقودية وأثر إشعاع اليورانيوم علي حياة العراقيين. كما جلب الأمريكيون جيشاً من المتعهدين جنود الحراسة الأمنية «المرتزقة». واستبعادهم من العقوبات عندما تخرق القوانين. أما عن عملية احتلال الفلوجة في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2004 فهي عملية انتقام. وينقل الكاتب العديد من شهادات جنود المارينز الذي دخلوا المدينة بنية الانتقام لهزيمتهم في نيسان/ أبريل 2004، حيث قال أحدهم: «العدو له وجه، اسمه الشيطان، ويعيش في الفلوجة، وسنقوم بتحطيمه». ويقول آخر: «فتحنا باب جهنم وأخرجنا منها الكلاب، وأطلقناها عليهم، لا يعرفون ما ينتظرهم، جهنم قادمة، وإذا تواجد مدنيون هناك فهم في المكان الخطأ». وحسب عبارات تومي فرانكس، قائد القيادة المركزية الذي منحه بوش وسام الحرية: «نحن لا نعد الجثث يعني جثث القتلى العراقيين مدنيين ومقاتلين»( ).

ثانياً: في استخدام الأسلحة المحرَّمة دولياً
صعَّدت منظمات حقوق الإنسان الأوروبية، وبشكل خاص في بريطانيا، من حملتها لفضح جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الأمريكية والبريطانية خلال حرب احتلال العراق. وقام فريق من خبراء القانون من بريطانيا وايرلندا وفرنسا وكندا بتقديم طلب إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لإجراء تحقيق حول ارتكاب القوات البريطانية لجرائم حرب في العراق، وبشكل خاص الاستخدام الواسع للقنابل العنقودية.
وشددت على وجوب إجراء تحقيق كامل ومعمق، وإعطاء انتباه خاص إلى أولئك الذين يتحملون المسؤولية الأخيرة. وأكدت أنه لا يوجد أي سبب كي لا يلاحق رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ووزيري الخارجية جاك سترو والدفاع جيف هون أمام المحكمة الجنائية الدولية. وتشير إلى أن المعارك في العراق تسببت بمقتل أكثر من ثمانية آلاف مدني، وإصابة عشرين ألفاً على الأقل من المدنيين بجروح. وشددت على أنه «من المهم جداً بالنسبة للذين فقدوا حياتهم في هذا النزاع، والأجيال المقبلة التي ستواجه حروباً أخرى، أن يتحمل مسئولو الحكومات التي شنت نزاعاً كامل المسؤولية عن جرائم الحرب التي ارتكبت»( ).
بدأت مجموعة من المحامين البريطانيين المختصين بقضايا حقوق الإنسان جمع المعلومات اللازمة لرفع دعوى قضائية ضد الرئيس الأمريكي جورج بوش كمجرم حرب بسبب ما اقترفته القوات الأمريكية من جرائم في العراق. ووفقاً لشبكة سكاي نيوز أشار المحامي بيتر استون، الذي يقوم بتأسيس لجنة الادعاء ضد بوش، إلى أن الأدلة على ارتكابه جرائم حرب كبيرة وعديدة، وأن محاولات كل من لندن وواشنطن وضع حصانة لجنودهما من المحاكمة لن يؤثر على تحرك هيئة الادعاء التي سيشترك فيها محامون من كل دول العالم الغربي بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية نفسها. وأوضح أن لجنة المحامين لن تتوقف عن مساعيها لتقديم بوش للمحاكمة. وأن اتصالات بهذا الشأن ستجري مع مسئولين في محكمة جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة للتوصل إلى الصيغة المثلى لتحقيق الهدف من إدانة السياسة الأميركية خاصة تلك المتعلقة بشن الحروب( ).
خلال مؤتمر نظمه نشطاء قانونيون عراقيون، عُقد في بغداد بتاريخ 22/ 3/ 2005، تحت شعار (جرائم الحرب في الفلوجة)، طالب المشاركون بتقديم الرئيس الأمريكي جورج بوش وتوني بلير رئيس وزراء بريطانيا للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمتهما على ما اقترفوه من جرائم بحق الشعب العراقي( ).
واعتبر صباح ناجي العلواني، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، وكمال حمدون، نقيب المحامين في مدينة الفلوجة، الهجوم على المدينة انتهاكاً صارخاً «لاتفاقيات جنيف الدولية وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تحرِّم وتجرِّم قتل الجرحى والأسرى والمدنيين». وأشار إلى أن «مثل تلك الأعمال الوحشية التي ارتكبت في العراق تعتبر جرائم لا تسقط بالتقادم ويتحمل مسئوليتها القتلة الأمريكان ومن عاونهم، وفي مقدمتهم بوش وبلير اللذان يجب تقديمها للمحكمة الجنائية الدولية». وطالب المشاركون في بيانهم الختامي بتشكيل «لجنة تقصي حقائق دولية تقوم بإجراء تحقيقات تتسم بالشفافية والنزاهة». ودعا إلى «إلغاء قرار مجلس الأمن الدولي الذي يعفي قوات الاحتلال من المسئولية عن الحوادث وحالات القتل وانتهاكات حقوق الإنسان»( ).
تنديداً بقتل الصحافيين في العراق، وجَّه الاتحاد الدولي للصحفيين خطابًا مفتوحًا للرئيس الأمريكي طالب فيه بإجراء تحقيقات مستفيضة على أعلى مستوى بشأن الحوادث التي أودت بحياة 14 صحفيًا منذ بداية غزو العراق. واتهم الأمين العام للاتحاد الولايات المتحدة بعدم الوفاء بالتزاماتها بالنسبة للقضاء والمعاملة بالمثل فيما يتعلق بضحايا عنف قواتها. واعتبر الاتحاد الدولي للصحفيين أن 8 نيسان/ إبريل يعد بمثابة «رمز للحصانة من العقوبة»، ذلك المبدأ الذي يتم بسببه اغتيال الكثير من الصحفيين في «أعمال متعمدة» كل عام، منددًا بأن تقارير واشنطن بشأن الاغتيالات غير منطقية أو مقنعة( ).

ثالثاً: نقل المعتقلين إلى خارج العراق احتيال على القانون الدولي:
استخدمت الـ«سي آي إيه» مذكرة سرية أصدرتها وزارة العدل، في آذار/ مارس 2004، كغطاء قانوني لنقل نحو 12 معتقلاً إلى خارج العراق. كما أنها أخفتهم عن أعين لجنة الصليب الأحمر، ولجان المراقبة بالكونجرس، ووزارة الدفاع، ومحققي الـ(سي أي إيه) الذين يشرفون على سياسة الاعتقال. وتسمح المذكرة، التي كتبها مكتب المستشار القانوني في وزارة العدل الأمريكية، في 19 آذار/ مارس 2004، لوكالة الاستخبارات المركزية بنقل العراقيين إلى خارج العراق من أجل الاستجواب «لفترة قصيرة، ولكن ليس لفترة غير محددة». وذكرت صحيفة أوبزرفر البريطانية، في 13/6/2004، أن السلطات الأمريكية تنقل متهمين بالإرهاب إلى دول حليفة، منها بلاد عربية، للتحقيق معهم. وإن تلك الوقائع جرت خلال عمليات سرية للالتفاف على قوانين تسليم المطلوبين.
اعتبر بعض المختصين في القانون الدولي المذكرة انتهاكاً لأحد الحقوق الرئيسة التي يقرها البند رقم 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تمنع «النقل القسري الفردي أو الجماعي، وأيضًا ترحيل الأشخاص المتمتعين بالحماية من أراضٍ محتلة». وتعتبر معاهدة جنيف أن انتهاك هذا البند «خرق خطير» للاتفاقية. كما يعتبرها القانون الفيدرالي الأمريكي «جريمة حرب». وتعتبر الأعضاء السابقين في القوات المسلحة العراقية وحزب البعث والمتمردين والمدنيين العراقيين مشمولون بهذه المعاهدة.
وقال سكوت سليمان، وهو مدعٍ عسكري سابق، والمدير التنفيذي لمركز القانون والأخلاق والأمن القومي بجامعة دويك الأمريكية: «لب الاتفاقية (جنيف) هو حماية الأشخاص من النقل خارج البلد». ورأى أن المذكرة تسعى إلى توفير غطاء شرعي يبرر إجراءً يعتبره المجتمع الدولي انتهاكًا لا لبس فيه للقانون الدولي وللمعاهدة ( ).
في بيان صحفي أعلنت منظمة العفو الدولية، بتاريخ 16/ 11/ 2004، أن القوات الأمريكية والعراقية ملزمة بموجب القانون الدولي بحماية المتمردين الجرحى الذين لم يعودوا يشكلون خطراً عليها وبتقديم الرعاية الطبية اللازمة لهم، هذا فضلاً عن المدنيين. كما أن إطلاق النار بشكل متعمد على المقاتلين العزّل أو الجرحى الذين لا يشكلون خطراً مباشراً يعتبر جريمة حرب بمقتضى القانون الدولي( ).
رابعاً: تواطؤ الأمم المتحدة
1-برنامج النفط مقابل الغذاء:
منذ العام 1991 حتى العام 1996، كانت الخلافات بين بغداد وواشنطن، في ما يتعلق بتطبيق آلية تصدير كميات محدودة من النفط العراقي، تنحصر في حدود الإشراف على صرف المبالغ المترتبة عن تصدير النفط العراقي. وأصرت الولايات المتحدة من خلال مندوبها في مجلس الأمن، على الإشراف الدقيق وعدم السماح بالتلاعب بالمبالغ الخاصة بالمشتريات العراقية. وطيلة تلك السنوات، كانت أجوبة المسؤولين الأميركيين، تتركز على أن واشنطن مصرة على حماية تلك المبالغ، وأنها تريد أن يتم صرفها على العراقيين، وأن لا تتلاعب بها أية جهة مهما كانت. وتم تشكيل لجنة (661) الخاصة بالإشراف على «برنامج النفط مقابل الغذاء»، وكان أبرز عضوين فيها الأميركي والبريطاني. وللتلاعب الذي كان يحصل، والذي كانت الحكومة العراقية تعرفه، وجَّهت اتهامات إعلامية متواصلة، بينما كانت الإدارة الأميركية تتباهى بأنها حريصة على أموال العراقيين. وتبيَّن لاحقاً أن المسؤولين عن الإشراف كانوا يمارسون خروقات وعمولات وفضائح( ).
كشفت اللجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات التابعة لمجلس الشيوخ عن تجاوزات «برنامج النفط مقابل الغذاء» في العراق عن ان بينون سيفان، مدير البرنامج الدولي السابق، ربما حصل على عقود كبيرة حققت أرباحاً بقيمة مليون و500 ألف دولار، فيما تلقى مفتش متعاقد مع الأمم المتحدة رشوة من أجل السماح للعراق بتصدير شحنات نفط سرية. كما أشارت إلى احتمال وجود تعارض في المصالح استفاد منه كوجو عنان نجل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان. وقال السناتور الجمهوري نورمان كوليمان، رئيس اللجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات التابعة لمجلس الشيوخ «إن مشاكل البرنامج كانت أعمق وأخطر بكثير مما كنا نعتقد حتى الآن»( ).
2-تشريع حكومة عراقية بواسطة انتخابات تجري تحت وصاية سلطات الاحتلال:
يمكننا هنا مناقشة افتراضات ثلاثة لأهداف الانتخابات في العراق:
الأول: إن إجراء الانتخابات سيساعد على إيجاد حل ديمقراطي لمشكلة السلطة ومن يمارسها في العراق، وهي مشكلة حساسة وخطيرة.
الثاني: إن الانتخابات ستجنب العراق حرباً أهلية ستقع إذا لم تجر الانتخابات.
الثالث: إن الخيار الوحيد المتاح للشعب العراقي، للخروج من محنة الاحتلال، هو إجراء انتخابات، لأن ذلك سيسهل انسحاب قوات الاحتلال بطلب من سلطة شرعية.
أما الأهداف الحقيقية فهي تنصيب حكومة عراقية يمكن وصفها بالشرعية، من قبل الولايات المتحدة، وتقديمها لـ «المجتمع الدولي» على أنها حكومة شرعية تشكلت نتيجة لانتخابات حرة، ومن ثم فلها صلاحية قانونية كاملة لاتخاذ أي قرار، وتوقيع أي اتفاقية عسكرية أو اقتصادية، ذات طبيعة قانونية ملزمة طبقاً للقانون الدولي.
ومن أهم الاتفاقيات العسكرية، التي تعوِّل عليها الإدارة الأميركية، اتفاقية توافق بموجبها الحكومة الجديدة على إقامة قواعد عسكرية أمريكية في العراق، يقدر عددها بـ(14)، وتتوزع على مناطق إستراتيجية، تؤمن لأمريكا السيطرة على منابع النفط، وإيصال ذراعها العسكرية إلى أي مكان في المنطقة، انطلاقاً من العراق.
أما أهم الاتفاقيات الاقتصادية، فهي اتفاقيات تمنح، الحكومة العراقية بموجبها الشركات الأمريكية امتيازات طويلة الأمد لاستثمار النفط العراقي، وعلى الأرجح بعد خصخصة الصناعة النفطية العراقية.
وتضع الإدارة الأميركية في حسابها أنها لن تستطيع الصمود أمنياً في العراق. لهذا تضع في أهدافها تسليم حكومة عراقية تعمل على تشريعها بانتخابات موهومة، من أجل توقيع تلك الاتفاقيات. ولكي تضمن استمرارية الاتفاقيات فهي تعمل على خطين:
-خط إضعاف العراق من خلال تأسيس نظام فيدرالي ينشغل بصراعات طائفية دينية وعرقية: رغم أن الاحتلال الأمريكي في العراق قد شرع، منذ بدايته، بمحاولة تفتيت العراق، إلا أنه كان يدرك، أن إعادة وحدته ودولته المركزية أمران ممكنان، بمجرد رحيله. لذلك كان ضرورياً أن يكبِّل العراق بضمانات داخلية، أهمها إقامة نظام فدرالي، يكون فيه المركز ضعيفاً. فإقامة فدراليات ثلاث يتطلب وجود سلطة شرعية ودستور شرعي يسمحان بذلك. وتثبيت هذا التغيير ليس من صلاحيات المحتل. من هنا أصبح إجراء الانتخابات ضرورة لا غنى عنها لتوليد العراق المكبَّل والمرتَهن.
-وخط بناء قوات أمنية عراقية تحمي قوات الاحتلال من جهة وتحمي استمرارية حكومة مؤتمرة بأوامر الاحتلال من جهة أخرى: إن أي حل عسكري أمريكي لمشكلة المقاومة، يتوفَّر بفرض اللجوء إلى خيار الاعتماد على درع عراقي، يحمي القوات الأمريكية من الهجمات، ويقصد بالدرع العراقي تشكيل جيش وشرطة تابعين للاحتلال، من عراقيين ينتمون للأحزاب العميلة، خصوصاً من التنظيمات الكردية المسلحة والأحزاب الموالية لإيران. ولكي يشكل الدرع العراقي بصورة فعالة ينبغي أن يكتسب الصفة الشرعية، لا أن يوصف بأنه صنيعة الاحتلال، وهو وصف يعزله عن الأغلبية الساحقة من العراقيين. من هنا فإحدى أهم وظائف الانتخابات هي إضفاء الشرعية على القوات العراقية( ).
كما شارك الأمين العام السابق الدكتور بطرس غالي والأمين العام الحالي كوفي عنان على إطالة أمد الحصار على العراق من أجل استمرار جريمة سرقة أمواله. وأن ما ارتكب ضده جريمة إبادة جماعية ضد شعبه. وكل ما أصاب شعب العراق من دمار كان لقاء سكوتهما كأمينين عامين للأمم المتحدة. وقد كان بإمكانهما أن يطعنا في شرعية الحصار المفروض على العراق طبقاً لميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف لعام 1949 الخاصة بحماية المدنيين في المنازعات المسلحة، ومنع استخدام الغذاء والدواء كوسيلة من وسائل الحرب. وان يطلبا من محكمة العدل الدولية بيان رأيها الاستفتائي لكي توضح لمجلس الأمن بأن فرض الحصار في الغذاء والدواء أمر مخالف لميثاق الأمم المتحدة، وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان والبروتوكولين الصادرين بموجبه، ولاتفاقيات جنيف لعام 1949.
وبدلاً من أن يعملا على إشعار الدول بعدم شرعية قرارات الحصار قاما باستغلال نفوذهما وسرقة أموال العراق. وما ظهر من تحقيقات كان فاجعة كبيرة لمؤسسة كبيرة كالأمم المتحدة. إن القرارات التي تصدر عن مجلس الأمن تمر من خلال الأمين العام ويستشار بمضمونها، وكان بإمكانه أن يقول كلمة حق بأن مثل هذه القرارات غير شرعية.
إن إهمال عنان وغالي وتواطؤهما إنما يشكلان جريمة إبادة جماعية. فالضرورة تقتضي أن يحالا إلى محكمة الجرائم الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد أطفال العراق بقطعهم الغذاء والدواء عنهم. وهو ما نصت عليه الفقرة 25 من المادة الثامنة من نظام روما لمحكمة الجنايات الدولية: «تعني جرائم الحرب: تعمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لحياتهم بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغذائية والدوائية على النحو المنصوص في اتفاقية جنيف».
إن الولايات المتحدة الأمريكية متواطئة مع كل من بطرس غالي وكوفي عنان، فهي تعلم علم اليقين بهذه الجريمة ولكنها تكتمت عليهما مقابل تمرير القرارات غير القانونية وضمان سكوتهما لخدمة أهداف الولايات المتحدة( ).
ويأتي تواطؤ الأمم المتحدة من خلال تمرير ما تريده الولايات المتحدة في القرارات الأممية. فجاء القرار (1546)، في 8/ 6/ 2004، ليوفِّر تغطية دولية لقيام ما يُسمى بـ«حكومة عراقية شرعية». وعن ذلك نصت ديباجة القرار المذكور: «إذ يرحب ببدء مرحلة جديدة على طريق انتقال العراق إلى حكومة منتخبة انتخاباً ديمقراطياً، وإذ يتطلع تحقيقا لهذه الغاية إلى إنهاء الاحتلال وتولي حكومة عراقية مؤقتة مستقلة وتامة السيادة لكامل المسؤولية والسلطة بحلول 30 حزيران/ يونيه 200». وهو قرار يتواطأ مع الولايات المتحدة الأميركية على حساب القوانين والشرائع الدولية. فالانتخابات التي نص القرار على إجرائها في المادة الرابعة الفقرة (ج)(*)، لا تتوخى العدالة بل هي تغطية على جريمة الاحتلال، ولهذا جاءت لتضمن المصالح الأميركية دون غيرها من المصالح. فواضح أن الانتخابات تشكل فرصة ذهبية للاحتلال، إذ أنها تطوي صفحة لا شرعية العدوان على العراق. وبهذا تكون الانتخابات الوحيدة في التاريخ وفي الجغرافيا التي يفصلّها احتلال أجنبي، لأن كل القوانين الدولية لا تسمح لقوات غزو واحتلال بأن تغير في بُنى السلطة، وفي قوانين الدولة الواقعة تحت الاحتلال( ).
كانت الإدارة الأمريكية سعيدة بإتمام الانتخابات التي شهدها العراق، وانطلقت التصريحات على ألسنة رؤساء الحكومات الصديقة لواشنطن تعبر عن الرضا بعد إجرائها. كما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بأنه سعيد لكونها خطوة نحو «الديمقراطية».
وبمقارنة مع ما حصل للولايات المتحدة الأمريكية في المستنقع الفيتنامي؛ إذ ذاك سعت إدارة الرئيس الأمريكي جونسون، في 4/ 9/ 1967، للترويج لفكرة أن إجراء الانتخابات الرئاسية الفيتنامية سيمثل نقطة تحول لصالح الولايات المتحدة في صراعها للبقاء داخل فيتنام. وأعرب عن سعادته بمستوى إقبال الناخبين من أبناء الشعب الفيتنامي على الانتخابات الرئاسية، التي زعم أن نسبتهم بلغت الـ 83%. جرت الانتخابات الفييتنامية حينذاك في ظل الاحتلال الأمريكي، ووسط محاولات «الفيتكونج» عرقلة عمليات التصويت. وقد سارعت إدارة جونسون بالترويج لقدرتها على بداية سياسة جديدة في فيتنام أكثر اتزانًا وإحكامًا بالسعي نحو وضع دستور جديد لفيتنام. لكن في حقيقة الأمر لم تهدف الإدارة، من وراء الانتخابات، سوى إلى إضفاء شرعية مزعومة على حكومة يتم تنصيبها تكون متوافقة مع الأطماع الأمريكية. وهدف الإدارة من الانتخابات في العراق إنما ينبع من الرغبة في تجهيز «حكومة شرعية» تتحدث باسم العراقيين في حين أنها لن تفكر في مطالبة قوات الاحتلال بالرحيل ولن تعمل على تحرير الإرادة العراقية.
لا تزال مشاهد القوات الأمريكية، وهي تخرج مندحرة من فيتنام بعد أن منيت بأثقل هزائمها العسكرية، ماثلة في الأذهان. حتى بعد إجراء انتخابات فيتنامية رحبت بها الإدارة الأمريكية وبنت عليها الآمال، ظلت ضربات الجماعات الفيتنامية المسلحة الرافضة للاحتلال تتوالى وتتصاعد إلى أن قضت على الطموح الأمريكي.
بإجراء الانتخابات العراقية حظي بوش بدعم وتأييد بعض الرؤساء في العالم حتى الذين عارضوا غزو العراق واحتلاله على أمل أن تكون ذات تأثير محبط للمقاومة العراقية التي تكسب كل يوم رصيدًا جديدًا وأرضًا جديدة في صراعها مع الاحتلال( ).

خامساًً: محاكمة سلطات الاحتلال الأميركي بجريمة «خطف العراقيين» كإحدى الجرائم ضد الإنسانية:
جريمة الخطف تعريفاً: «إن الخطف والإخفاء والعزل عن العالم ، بحسب إعلان الأمم المتحدة الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة سنة 1992، هو وضع يقع عندما «يتم الاعتقال أو الحجز أو الاختطاف لهؤلاء الأشخاص رغماً عن إرادتهم حيث يحرمهم مسؤولون تابعون لأجهزة حكومة ما من حرياتهم، ويرفضون الإفصاح عن مصائرهم أو أماكن وجودهم، الأمر الذي يحرم هؤلاء الأشخاص من أية حماية قانونية». وقد قررت الجمعية العمومية للأمم المتحدة أن هذا العمل يشكل اعتداء صارخاً على حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وانتهاكاً لأحكام القانون الدولي، وبحسب ميثاق روما لمحكمة الجنايات الدولية فإن ممارسة هذه العملية على نطاق واسع تشكل جريمة ضد الإنسانية».
بل إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد حددت في بيان 30/8/2003 الموسوم بعنوان «يجب وقف الإخفاء الجبري»: إنه بغض النظر عن مدى مشروعية أسباب اعتقال أشخاص، فإنه ليس لأي كان الحق في أن يبقي مصير معتقل أو مكان وجوده سرياً، لأن هذه الأعمال تناقض المقاصد الرئيسية للقانون الإنساني ولقانون حقوق الإنسان».
كما أن ميثاق منظمة الدول الأمريكية حول الإخفـاء الجبـري سنة 1994 عرفه في المادة الثانية بشكل شبيه بما سبق من حيث أنه «حرمان شخص من حريته بأية طريقة مهما كانت على أيدي عملاء دولة ما أو أشخاص أو مجموعات يعملون بتفويض أو دعم أو موافقة حكومة ما، ويتبع ذلك تغييب المعلومات بشأن مكان وجود الشخص المعني بما يمنع وصوله إلى مربع قانوني نافذ أو الحصول على أية ضمانات إجرائية قانونية».
أما العزل عن العالم الخارجي، الحجز الانفرادي، فيعتبر جريمة مكملة للاختطاف والإخفاء حتى لو تم بغير إخفـاء جبـري تام (منظمة حقوق الإنسان) وان بيان معهد القانون الأمريكي بشأن قانون تنظيم علاقات الولايات المتحدة الذي يشكل مرجعاً قانونياً رسمياً للعلاقات الأمريكية الدولية يحدد الأفعال التي تشكل انتهاكاً للقانون الدولي، وفي القسم 702 من القانون نجد أن «أية دولة تكون قد انتهكت القانون الدولي، إذا مارست كدولة أو شجعت أو تساهلت مع ممارسة :(أ) الإبادة الجماعية،(ج) القتل أو التسبب في اختفاء الأفراد،(د) التعذيب وغيره من أشكال الفظاظة والحط من الكرامة الإنسانية، (هـ ) الاعتقال العشوائي طويل المدة ،(ز) أو دأبت على ممارسة انتهاكات شاملة لحقوق الإنسان المعترف بها دولياً.
ووفق شهادة صحيفة النيويورك تايمز ( 15/3/2004 ) تقوم قوات الاحتلال بانتهاكات منهجية ومنظمة وتمثل جزءً لا يتجزأ من أساليب عمل البنتاغون في العراق الذي تم تحويله إلى معتقل غوانتانامو كبير يحتجز فيه شعب العراق بلا أية حماية. فهي ترتكب جرائم خطف موصوفة بحق العراقيين.
وقررت الجمعية العمومية للأمم المتحدة أن هذا العمل يشكل اعتداء صارخاً على حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وانتهاكاً لأحكام القانون الدولي، وبحسب ميثاق محكمة الجنايات الدولية تشكل ممارسة هذه العملية على نطاق واسع جريمة ضد الإنسانية.
إن ما يعقب الاختطاف والإخفاء من جرائم لا تقل عنه بشاعة تتدرج «حسب وصف النيويورك تايمز» من منع الزيارات العائلية إلى المنع من الوصول إلى محامٍ، إلى عدم التقديم إلى أية محكمة من أي نوع، إلى التعذيب الذي يشمل استخدام القوة القاتلة من دون مبرر. وتقرر منظمة حقوق الإنسان أن ما يحصل في غالبية حالات الإخفاء الجبري أن يتم تعذيب المعتقل إلى أن يتم قتله بشكل سري (تقرير تشرين الأول 2004).
فهل تمارس الإدارة الأمريكية هذا الخرق الفاضح على «نطاق ضيق» عندما تعتقل حوالي خمسة آلف إنسان شهرياً ؟
وبموجب الميثاق الدولي بشان الحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه الولايات المتحدة فإنه «يجب أن يعامل كل السجناء بإنسانية وباحترام لكرامتهم الإنسانية الموروثة، وعلى الدول واجب القيام بإجراءات فعالة للحد من احتمالات وقوع التعذيب».
وتقرر لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة: «يجب ضمان وضع المعتقلين في أماكن معروفة رسمياً على أنها أماكن اعتقال، وان يتم تسجيل أسمائهم وأماكنهم والمسئولين عن اعتقالهم، وأن تكون معلومات السجل جاهزة وسهلة الوصول إليها من قبل المعنيين بها بمن فيهم أقارب وأصدقاء المعتقلين، كما يجب حظر الحبس الانفرادي»( ).

سادساً: مشاركة الاحتلال لدولة عدوة، حسب قوانين الدولة العراقية، في التدخل السافر في شؤون العراق
علماً أن العراق في حالة حرب مع الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة فقد تغلغل نفوذه في العراق بحماية سلطات الاحتلال الأميركي. فبعد أن ظفرت الولايات المتحدة الأميركية بعقود إعمار العراق وأخذت في تقسيم ثرواته عليها وعلى من ساندها في حربها التي شنتها لاحتلال العراق، كان من الطبيعي أن تلتفت الإدارة الأميركية الحالية إلى طفلها المدلل «إسرائيل» لتتقاسم معه (الكعكة العراقية) خصوصاً وأن من قام بتدبير موضوع احتلال العراق هم من الموالين لـ«إسرائيل» حيث كان أحد دوافعهم الرئيسية لتلك الحرب تعزيز أمن الكيان الصهيوني وإنعاش اقتصاده المتدهور وذلك من خلال إشراكه بعملية إعمار العراق التي أشرفت عليها الولايات المتحدة( ).
مناقشات حادة جرت بين أعضاء مجلس الحكم الانتقالي العراقي خلال اجتماع لهم، حيث تمحور النقاش حول بنود في الدستور العراقي المؤقت، ولا سيما حول بند يجيز لليهود من أصل عراقي العودة إلى العراق، مع حق التملك واسترجاع الأملاك والمطالبة بالتعويض. على الرغم من المداولات الحادة حول هذا الموضوع، إلا أن هذا البند قد تمّت الموافقة عليه بأغلبية ساحقة، وسيتم تنفيذه اعتباراً من مطلع شهر تموز العام 2004.
ومن المتوقع أن تُحدث الموافقة على عودة اليهود انقساماً واستياءً في الشارع العراقي، الذي تختلف وجهات نظره عن مواقف مجلس الحكم الانتقالي فيما يتعلق باليهود. وعلى صعيد آخر، يرى العراقيون أن حرب سيطرة على عصب الاقتصاد العراقي بدأت فعلياً من جانب اليهود العراقيين، وذلك من خلال شراء مراكز تجارية مهمة وسط بغداد مقابل مبالغ مالية خيالية. كما أن ثلاثة حاخامات من إسرائيل يقومون بالإشراف على عملية بحث وتنقيب في آثار بابل، وذلك بتغطية وحماية وحدات الجيش البولوني العاملة ضمن قوات التحالف، والتي تقع منطقة بابل تحت إشرافها( ).

سابعاً: قتل الصحافيين أكثر الوسائل ردعاً من إنزال عقوبة مدنية بهم
من أجل التعتيم على ما يجري في العراق، ولكي ترتكب قوات الاحتلال جرائمها بعيداً عن كاميرات الصحافة، لأن الصورة أفضل شاهد لا يمكن التشكيك في صدقيتها، أصدر بول بريمر قراراً يحمل الرقم (14)، تاريخ 10/ 6/ 2003، تحت عنوان «النشاطات الإعلامية المحظورة في العراق»، وفيه يفرض جزاءات شديدة على المخالفين، ومنها: أن كل منظمة إعلامية يتبين أنها تبث، أو تنشر، أو تحاول أن تبث أو تنشر، مواد محظورة بما يخرق هذا الأمر، يمكن أن تحتجز، وتعتقل، وتحاكم. كما يمكن للحاكم الإداري، وفق تقديره للأمور، أن يسحب ترخيص، أو يوقف عمل، أو يصادر ممتلكات، ويغلق مقار, أي منظمة إعلامية يتبين أنها تخرق هذا الأمر( ).
ولأن قوات الاحتلال مُصمِّمة على ارتكاب كل جريمة توفِّر لها الإمساك بالعراق، ولأنها لا ترغب في تصوير الجريمة، ولأنها في نصب محاكمات مدنية للصحفيين ما يُضيع وقتها، وجدت أن أفضل علاج وأكثره ردعاً للصحافة، هو القتل. لذا حكمت على كل صحفي مخالف بالإعدام رمياً بالرصاص الطائش. ‏ومن الأمثلة على ذلك، قال ثلاثة جنود أمريكيين شهدوا في تحقيق رسمي أن قائد المجموعة الذي قتل مصور رويترز مازن دعنا في العراق ربما كانت رؤيته غير واضحة بسبب قطرات العرق التي تجمعت في نظارته العسكرية. كما شكك بيان برج حراسة قريب فيما خلص إليه التحقيق الذي وجد تبريراً لتصرف الضابط الأمريكي الذي قتل المصور المذكور. وجاء فيه: أنه كان مبرراً للضابط حين فتح النار بعد أن ظن خطأ أن الكاميرا التي يحملها دعنا هي مدفع لإطلاق القذائف الصاروخية (آر.بي.جيه). وتابع الشاهد قائلاً: كان بوسع الضابط أن يعرف أن دعنا كان يحمل آلة تصوير على الرغم من أنه كان يتابع الموقف من مسافة أبعد تحت وهج الشمس ومن نظارة مقربة. وتابع: «كان يمكنني أن أعرف إنها كاميرا من على بعد نحو 150 متراً وكانت الدبابات على بعد 25 متراً على الأكثر من الصحفيين. وكنت أواجه الشمس».
قتل مصور رويترز الأوكراني الجنسية تاراس بروتسيوك، في 9/ 4/ 2003، بنيران دبابة أمريكية على فندق فلسطين الذي ينزل فيه الصحفيون في الساعات الأخيرة من الحرب. كما قتل في الهجوم خوسيه كوسو من التلفزيون الإسباني تيليثينكو ( ).

ثامناً: دلائل فظاعة الجرائم تدل عليها شهاداتهم
1- انتحار جنود الاحتلال وإصاباتهم النفسية دليل إثبات على فظاعة جرائمهم:
‏ إذا كانت تأثيرات وحشية الجرائم تنعكس على وضع المجرم، كما وصفها التقرير اللاحق، فكم هي تلك التأثيرات مأساوية على الضحية؟
كشفت صحيفة أمريكية عن انتشار الصدمات الدماغية والارتجاجات المخية بين الجنود الأمريكيين المصابين في العراق بشكل كبير بلغ 60% من أعداد المصابين.
وقالت صحيفة «يو إس توداي» الأمريكية: إن عددًا كبيرًا من الجنود الأمريكيين الذين نجوا من الموت بسبب الصدور الواقية لم ينجوا من إصابات خطيرة بالدماغ جراء الانفجارات التي تعرضوا لها، وتشير الصحيفة إلى انتشار هذا النوع من الإصابات لدرجة أن بعض الأطباء العسكريين يعتبرونه العلامة المميزة لحرب العراق.
وتقول الصحيفة: إن هذه الإصابة أو هذا المرض يعرف باسم (تي بي آي) أي ارتجاج المخ، وهذا النوع من الإصابات لم يعش من أصيب به في الحروب السابقة مددًا طويلة في الحياة فضلاً عن الألم والمعاناة التي كانوا يواجهونها، وسبب ذلك أن هذه الانفجارات التي يتعرض لها الجنود الأمريكيون تلحق تلفًا وضررًا بالغًا بالدماغ. ويقول طبيب أمريكي: قد تكون الدروع الواقية أنقذت حياتهم إلا إن هناك آثارًا جانبية كثيرة.
وتوضح الصحيفة أن الأطباء قد لا يستطيعون أن يكشفوا المصابين بهذه الإصابات، لأنه قد يبدو عليهم التعافي الكامل من الأمراض بعد عدة أشهر إلا إن وظائف المخ في حقيقة الأمر تكون قد أجهدت بشكل واضح.
وقد كشفت الصحيفة عن أن 60 % من الجنود الأمريكيين الذين عولجوا في مركز (والتر ريد) مصابون بهذه الإصابات, وفي الفترة من يناير 2003 إلى يناير 2005 بلغ عدد المصابين بهذا المرض 437 كان أكثر من نصفهم مصابون بضرر حاد ودائم في الدماغ.
ويقول الأطباء الأمريكيون: إن الانفجارات التي يتعرض لها الجنود الأمريكيون في العراق تسبب ارتجاجًا للدماغ داخل الجمجمة، وتتفاوت أعراض هذه الإصابات ما بين الصداع، والحساسية للأضواء أو الأشعة إضافة إلى تغييرات سلوكية وضعف في الذاكرة، وفي الحالات الحادة فإن المصابين قد يحتاجون لإعادة تعليمهم كيفية المشي والكلام، حيث يكون المصاب مثل طفل صغير( ).
كما أكدت صحيفة الهيرالد تربيون أن الحالة النفسية والصحية للجنود البريطانيين العائدين من العراق مزرية للغاية وان بعضاً منهم مصاب بالصرع والجنون وأن آخرين مصابون بالاكتئاب الحاد والإقدام على الانتحار. والسبب يعود إلى تكرار مشاهدة الصور المزعجة التي أدت إلى حالة من الصراع الداخلي غير القابل للتوفيق. وكشفت الصحيفة عن أن مستشفى «بريور» الذي وقع عقداً مع وزارة الدفاع البريطانية لمعالجة الأمراض النفسية والاكتئاب والصرع طالب بتحسين شروط العقد بسبب وجود أمراض نفسية معقدة لم يشملها في السابق، الأمر الذي دفع وزير الدفاع البريطاني ايفور كابلين لتجديده فوراً. وقالت زوجة ستيفن اوسبورت أحد الجنود السبعة الذين انتحروا في العراق، إن مهمة زوجها كانت استعادة جثث القتلى، فأصيب بصدمة جراء رؤيته اليومية لجثث زملائه، كان يقول إنها حرب رهيبة لا تصدق( ).
2-ومن فم المرتزقة تصدر الإدانة
مجموعة من الحراس الأمنيين الأمريكان في العراق اتهموا المارينز باعتقالهم وتعذيبهم وخلع ملابسهم وتهديدهم بكلب شرس. وكان ذلك حين اعتقل هؤلاء بتهمة إطلاق النار خارج الفلوجة في أيار 2005. يقول أحد المقاولين وهو ريك بلانشارد وهو جندي سابق من ولاية فلوريدا في رسالة إلكترونية إلى لوس انجيليس تايمز: «لم أعامل طوال قيام بعملي أي شخص بمثل هذه اللاإنسانية. لقد عاملونا كما يعاملون المتمردين، ضربونا وصورونا وشتمونا»( ).

تاسعاً: منظمات الضمير العالمي تتحرك من أجل محاكمة مجرمي الحرب
أصدرت الهيئة الشعبية العربية لنصرة العراق بياناً جاء فيه: يدينون جرائم الاحتلال، المتعددة الأوجه، وجرائم الإبادة الجماعية التي كانت العديد من المدن العراقية مسرحاً لها بتنسيق بين الاحتلال وعملائه، كما الشأن بالنسبة لما تعرضت له مدينة الفلوجة ومدينة القائم اللتين أعطى سكانهما، كما سكان النجف والصدر وغيرهما، درساً بليغاً للمعتدين في المقاومة. كما يدينون العمليات الإرهابية ضد المدنيين وضد القيادات الدينية ودور العبادة والتي تحمل بصمات واضحة للمخابرات الأمريكية والصهيونية، والهادفة إلى زرع الفتنة وخلق بذور الحرب الطائفية والعرقية وتشويه المقاومة الباسلة.
- ينبه المؤتمرون إلى خطورة التغلغل الصهيوني في العراق، ويدينون بشدة هذا التغلغل والقائمين والمتسترين عليه، وكل الأدوار القذرة التي يضطلع بها الصهاينة في العراق، من محاولة لطمس هويته واغتيال علمائه وزرع الفتنة بين أبنائه وتنظيم عمليات تستهدف المدنيين وعلماء الدين ودور العبادة فيه، مما يؤكد تلازم المشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة، وبالتالي تلازم المواجهة في فلسطين والعراق .
- يعلن المؤتمرون تبنيهم للقرار الصادر عن المؤتمر السادس عشر للمؤتمر القومي العربي المنعقد بالجزائر، باعتماد قائمة للإرهاب الدولي تتصدرها الإدارة الأمريكية والحكومة البريطانية والكيان الصهيوني العنصري، ويدعون المؤتمر القومي العربي إلى استكمال القائمة، سواء بالنسبة للدول أو المنظمات أو الأشخاص الضالعين في الإرهاب الدولي، وإلى طرحها على هيئة الأمم المتحدة وعلى المنظمات الدولية والإقليمية والوطنية المعنية بحقوق الإنسان قصد اعتمادها والعمل على محاكمة الإرهابيين طبقا للمعايير وبنود القانون الدولي والإنساني، كما يدعون كل المتضررين إلى تقديم شكاوى ضدهم لدى المحاكم الوطنية والدولية، قصد محاكمتهم وإنزال العقوبات المناسبة لجرائمهم، مع مطالبتهم بالتعويض عن جميع الأضرار الفردية والجماعية الناجمة عن أعمالهم الإرهابية( ).
دعا تجمع لجان نصرة العراق في سورية إلى «تزويد أمانة السر بالمعلومات المتوفرة عن المعتقلين في سجون الاحتلال الأمريكي وخصوصاً حملة الجنسية السورية للبحث عن سبل الدفاع عنهم. وأكدت ضرورة الإفراج عن المناضلين العرب الذين اعتقلوا عند محاولتهم الدخول إلى العراق للمساهمة في واجب المقاومة، وعدم تسليمهم إلى حكوماتهم ومنحهم حق خيار الأمكنة التي سيذهبون إليها، واستغربت إعلان بعض المسؤولين في سورية عن وجود المئات من المعتقلين من المواطنين العرب في سجونها لهذه الأسباب وأبدت خشيتها من سوء معاملتهم في بلدانهم في حال تسليمهم لها، وترى أن الضغوط الخارجية الشديدة على سورية لا تبرر مثل هذا الأجراء»( ).
تأتي تقارير المنظمة الإسلامية لحقوق الإنسان الأكثر تنظيماً ووضوحاً، وهي تقوم بتوثيق الشهادات والحالات الميدانية. ونلحق هنا تقريرها الرقم (12)، أيار 2005، الذي يوثِّق للمرحلة الممتدة بين تشرين الثاني 2004 ولغاية نيسان 2005(*).
بعد شهر من إنشاء المحكمة الجنائية الدولية تقدم «اتحاد المحامين اليونانيين» بدعوى ضد المسؤولين البريطانيين الذين شاركوا في اتخاذ قرار الحرب على العراق. وتقول المحامية ماريا كريتيكوبولو عضو الاتحاد وعضو اللجنة السداسية التي تقدمت بالدعوى، عندما شاهدنا الانتهاكات التي ترتكب بحق الإنسان العراقي منذ بداية الحرب عام 2003 ، تحركنا للدفاع عن حقوق المدنيين من خلال ساحات المحاكم. كما أن فكرة اللجوء للقضاء نبعت من اقتناع الاتحاد بأن مهمة المحامين تكمن في حماية الإنسان وكرامته. وأشارت إلى أن المحامين اليونانيين عملوا بجد حوالي ستة أشهر لتجميع المواد التي تدعم دعواهم، وتقدموا في 27 يوليو/ تموز 2003، بملف قوي جداً يتضمن 15 شريط فيديو، كل منها مدته 4 ساعات، تظهر المناظر الرهيبة لانتهاكات حقوق الإنسان خلال الحرب على العراق ، إضافة لمواد أخرى من الصحافة العالمية.
وأشارت المحامية اليونانية إلى أن الاتحاد لم يستطع التقدم بطلب محاكمة أي مسؤول أميركي رغم أن الولايات المتحدة هي التي قادت الحرب على العراق، وذلك لكون الولايات المتحدة الأميركية ليست من ضمن الدول الموقعة على معاهدة جنيف الدولية المتعلقة بالمحاسبة على جرائم الحرب. وأضافت «لدينا أدلة قوية جداً حول التورط البريطاني في الحرب، والقوانين الدولية واضحة بهذا الشأن».
ويرى مراقبون أنه رغم الثقة الكبيرة التي يبديها رافعو القضية، فإنها ربما تنتهي بعكس توقعاتهم، أو يتم الالتفاف عليها بقرار سياسي مصحوب بضغوط دولية، لتنضم إلى الكثير من القضايا والدعاوى التي حاولت أن تساوي بين كبار المسؤولين الدوليين وصغارهم الذي انتهى بهم الأمر إلى سجون العدالة الدولية( ).
على خلفية ما يجري في العراق تشكلت «المحكمة الدولية حول العراق (دبليو تي آي) » كمبادرة عالمية ولدت خارج الضجّة العالمية ضدّ الحرب في العراق. و تسعى إلى تحدي الصمت السائد في زماننا بشأن العدوان عليه، وتبحث عن الحقائق المتعلقة بالحرب ضده واحتلاله. وقد عقدت المحكمة جلسة في استنبول، في أواخر شهر شباط/ فبراير 2005، أما القضايا التي تناولتها الجلسات المتعددة فتتضمن: لا شرعية ولا مشروعية الحرب ضد العراق واحتلاله، الطبيعة الإجرامية للحرب ضد العراق واحتلاله، فشل المؤسسات السياسية، الوطنية والعالمية في وقف تلك الحرب، تواطؤ الإعلام والهيئات المعلوماتية في كل من الجرائم سالفة الذكر، المسئولية الخطيرة التي يتحملها المشروع السياسي والاقتصادي الذي شنت من أجله الحرب والتهديدات المستقبلية التي يحملها. كذلك تم في تلك الجلسات إبراز القضايا التالية: لا شرعية ونتائج استخدام الأسلحة التي يمتد تأثيرها القاتل عبر الأجيال مثل اليورانيوم المنضّب والقنابل العنقودية، لا مشروعية ونتائج العقوبات التي فرضت على العراق واستمرت لمدة 12 عاماً، دور ومسئولية «مشروع القرن الأمريكي الجديد» في هذا العدوان، التحقيق في دور الولايات المتحدة عالميا وفضحه فيما يتعلق بلا شرعيته ولا مشروعيته، إضافة إلى خلفيته الأيديولوجية وما تحمله من نتائج بالنسبة لمستقبل العالم، السياق الأوسع لمذاهب «الحرب الاستباقية»، و«الحرب الوقائية»، وكلّ مات ترتب على تلك المذاهب: «الهيمنة الخيّرة»، «الهيمنة الشاملة»، و«الحروب المسرحية المتزامنة»( ).
وأمام سفارة أمريكا في 17/5/2005 صرَّح ليفن دي كوتيه من محكمة بروكسل، المتحدث باسم «المحكمة الدولية عن العراق»(*):« طالما أن الإدارة الأمريكية لا تعترف بالمحكمة الجنائية الدولية فإن مواطني العالم قد أخذوا على عاتقهم القيام بهذه المبادرة للمطالبة بالعدالة. إن العالم يدعو إلى إدانة بوش بالجرائم التي ترتكب في العراق»( ).
وفي رسالة مفتوحة إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش، قالت منظمة العفو الدولية إن الانتهاكات التي زُعم أن عناصر من القوات الأمريكية ارتكبتها في سجن أبو غريب في بغداد تمثل جرائم حرب، ودعت المنظمة إلى إجراء تحقيق واف في هذه الانتهاكات بما يكفل ألا يفلت من العقاب أي شخص تثبت مسؤوليته عنها بغض النظر عن رتبته. وعرضت منظمة العفو الدولية ادعاءات متسقة عن الوحشية والقسوة ضد المعتقلين على أيدي عناصر أمريكية، وذلك على أعلى مستويات الحكومة الأمريكية، بما في ذلك البيت الأبيض ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية، على مدار العامين الماضيين. ففي يوليو/تموز من العام 2003، عرضت المنظمة ادعاءات عن تعذيب المعتقلين العراقيين وإساءة معاملتهم على أيدي القوات الأمريكية وقوات التحالف، في مذكرة إلى الحكومة الأمريكية وسلطة التحالف المؤقتة في العراق. وكان من بين هذه الادعاءات الضرب والصعق بالصدمات الكهربائية والحرمان من النوم وتغطية الرأس والإجبار على الوقوف والركوع لفترات طويلة. ولم تتلق المنظمة أي رد من الإدارة الأمريكية أو سلطة التحالف المؤقتة، ولا أية إشارة على أن ثمة تحقيقاً قد أُجري. وبالرغم من الطلبات المتكررة التي قدمتها منظمة العفو الدولية، فقد مُنعت من زيارة جميع مراكز الاعتقال الأمريكية.
وقالت إيرين خان، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، تقول «لقد أظهرت الإدارة الأمريكية على الدوام استخفافاً باتفاقيات جنيف والمبادئ الأساسية للقانون وحقوق الإنسان وقواعد اللياقة. وكان من شأن ذلك أن يخلق مناخاً يشعر فيه الجنود الأمريكيون بأن بوسعهم إهدار إنسانية السجناء والحط من كرامتهم، وأن يظلوا بمنأى عن العقاب والمساءلة». وترى منظمة العفو الدولية أن المسؤولين عما وصفه تاغوبا بأنه «إيذاء ثابت... تعرض له المعتقلون» يجب أن يُقدموا إلى ساحة العدالة بما يتماشى مع التزامات الولايات المتحدة بموجب القانون الدولي والقانون الأمريكي. كما ينبغي أن تشمل التحقيقات المستويات الأعلى من المسؤولية في التسلسل القيادي بالإضافة إلى الجناة المباشرين( ).

المحكمة العالمية حول العراق
في ختام ثلاثة أيام من جلسات الاستماع في مدينة اسطنبول التركية، دانت «المحكمة العالمية حول العراق»(*) الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا ضد العراق، ومن ثم احتلاله. وأوصت بإجراء «تحقيق شامل» حول «المسؤولين عن جرائم العدوان والجرائم ضد البشرية في العراق، بدءاً بالرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير وكل المسؤولين الحكوميين من التحالف العسكري». وطالب «الحكم» الذي تلته ناطقة باسم المحكمة «بانسحاب فوري وغير مشروط لكل قوات التحالف المنتشرة في العراق»( ).
قامت الرابطة العراقية بالتعاون مع المنظمة الاسلامية لحقوق الانسان بزيارة عوائل ضحايا مجزرة كسرة وعطش في المدائن حيث استمعت لمعاناتهم والتقطت صورا للمجني عليهم. كما خولت تلك العوائل هيئات محاماة بريطانية للنظر في محاكمة الحكومة العراقية في محكمة العدل الدولية لارتكابها جرائم حرب بحق المدنيين، أو لتواطئها في هذه الحوادث أو لتقصيرها في منع وقوعها.
وقد نشرت صحيفة الغارديان البريطانية خبرا يتعلق بطلب عوائل ضحايا مجزرة كسرة وعطش الترافع القانوني في المملكة المتحدة، وقبول إحدى هيئات المحاماة الترافع نيابة عنهم ضد الحكومة العراقية.
وبهذا الصدد تدعو الرابطة العراقية كل من تعرض إلى تعذيب أو إساءة معاملة أو احتجاز غير قانوني إلى الكتابة مباشرة إلى موقع الرابطة العراقية على البريد التالي: info@iraqirabita.org. أو زيارة قسم حقوق الإنسان التابع لهيئة علماء المسلمين في جامع أم القرى، أو قسم حقوق الإنسان التابع للحزب الإسلامي العراقي، لأجل تدوين إفادته وفضح القائمين على هذه الممارسات والعمل على إحالتهم إلى العدالة الدولية.
وندعو المواطنين للاهتمام بالتوثيق الدقيق قدر المستطاع لحوادث الانتهاكات كما يلي:
1-اليوم والتاريخ ووقت حصول الحادث
2-المدينة والحي والشارع والعلامات الدالة
3-هيئات وأوصاف الأشخاص الذين نفذوا المداهمة أو الاعتقال
4-رتب وسيارات وبزات القوة المداهمة
5-أسماء وإفادات الشهود، أكثر من شاهد
6-الاهتمام بتصوير المنزل أو الموقع بعد المداهمة
7-إذا تعرض أشخاص للتعذيب في المعتقل: وضع إفادة متكاملة. وتصوير آثار التعذيب.
8-رفع تقرير مكتوب، إن أمكن، إلى وزارة حقوق الإنسان مع الاحتفاظ بنسخة. وان وجدت جثث أشخاص مقتولين فاحرص على توثيق التالي:
أ-اليوم والتاريخ ووقت حصول الحادث
ب-المدينة والحي والشارع والعلامات الدالة
ج-أسماء وإفادات الشهود، أكثر من شاهد
د-تصوير الجثث قبل الدفن (مهم جداً).
هـ-محاولة الحصول على تقرير مفصل للطبيب الجنائي.
ولمساعدتكم في التوثيق ورفع الانتهاكات إلى الجهات المسئولة يمكنكم الاتصال بأحد أو جميع المؤسسات التالية:
1-الرابطة العراقية في بريطانيا: info@iraqirabita.org
2-المنظمة الإسلامية لحقوق الإنسان في بغداد: iraqi_baghdad84@yahoo.com
3-قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين: جامع أم القرى
4-قسم حقوق الإنسان في الحزب الإسلامي العراقي: المقر الرئيسي/اليرموك
5-في الديوانية وما جاورها: الرابطة الإنسانية العراقية لحقوق الإنسان:ihlhrad@yahoo.com
6-في البصرة: فرع هيئة علماء المسلمين: جامع البصرة الكبير، أو فرع الحزب الإسلامي العراقي
وان أحبت منظمات أخرى لحقوق الإنسان أن تضيف اسمها وعنوانها إلى قائمتنا فنرجو الكتابة إلى: info@iraqirabita.org( ).

ملاحق الفصل الثاني من الكتاب الثالث
الوثيقة الرقم (1)
النشاطات الإعلامية المحظورة في العراق : نص الأمر رقم 14 لسلطة التحالف المؤقتة
فيما يلي نص الأمر الذي أصدره الحاكم الإداري في العراق بول بريمر تحت رقم 14 ووقعه بتاريخ 10 يونيو 2003, ويحدد فيه الأنشطة الإعلامية المحظورة وجزاءات من يخالفها :
عملا بموجب سلطتي كرئيس لسلطة التحالف المؤقتة (سي بي إيه)، وبموجب قوانين وممارسات الحرب، وبالتوافق مع القرارات ذات الصلة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بما في ذلك القرار 1483 (2003)،
وأخذا في الاعتبار السلطات الاستثنائية الواسعة الممنوحة لسلطة التحالف المؤقتة، بموجب القوانين وقواعد الحرب، في السيطرة على كل الوسائل والأجهزة، سواء كانت على الأرض أو في البحر، أو في الجو، المهيأة لبث المعلومات، سواء كانت مملوكة للدولة أو ملكية خاصة، واعترافاَ بأهمية توفير معلومات دقيقة للشعب العراقي، والتزاما بخلق بيئة تحترم فيها حرية التعبير ويتم فيها تبادل المعلومات بحرية وصراحة،
وترحيبا بضرورة وجود إعلام حر ومستقل في العراق، وإصرارا على منع إساءة استخدام الإعلام لإذكاء العنف أو تعكير صفو الأمن العام بصفة عامة، أصدر ما يلي:
القسم 1: تعريف
المنظمة الإعلامية تشمل الأفراد أو المجموعات، والهيئات الخاصة أو ذات الصفة العامة, على المستوى المحلي أو العالمي، المنشأة بغرض بث المعلومات بأية وسيلة من الوسائل.
القسم 2: النشاطات المحظورة
يحظر على المنظمات الإعلامية إذاعة أو نشر مواد، أصلية أو معادة، مذاعة أو مطبوعة، أو منشورة بالاشتراك، من شأنها أن:
أ- تحرض على العنف ضد أي فرد أو جماعة، بما في ذلك الجماعات العرقية والإثنية أو الدينية، أو النساء.
ب- تحرض على العصيان المدني، أو الاضطرابات أو إلحاق الضرر بالممتلكات.
ج- تحرض على العنف ضد قوات التحالف أو العاملين في سلطة التحالف المؤقتة.
د- تدعو لتعديل الحدود العراقية باستخدام العنف.
هـ- تدعو لعودة حزب البعث العراقي إلى السلطة، أو تصدر تصريحات يشتم منها أنها نيابة عن حزب البعث العراقي.
القسم 3: رصد النشاطات المحظورة
1- ستكون للحاكم الإداري سلطة استخدام كل الإمكانات المتاحة لسلطة التحالف المؤقتة بغرض ضبط النشاطات المحظورة بموجب هذا الأمر.
2- يمكن للحاكم الإداري أن يأمر بتفتيش مقار منظمات الإعلام العراقية، دون إخطار مسبق، للتحقق من الإذعان لهذا الأمر، وأن يستولي على آية مواد محظورة ومعدات إنتاج ويغلق أية مقار مستخدمة في التشغيل. ولن يسمح بدفع أية تعويضات مقابل مصادرة هذه المواد أو المعدات، أو إغلاق المقار.
القسم 4: إجراءات الطوارئ الأمنية
1- حيثما يشكّل النشاط الإعلامي تهديدا وشيكاَ لأمن قوات التحالف أو العاملين في سلطة التحالف المؤقتة،أو تهديداَ خطراَ وعاجلاَ على النظام العام، يمكن لقائد قوات التحالف أن يتخذ إجراءات مباشرة لمنع وقوع ذلك التهديد أو القضاء عليه. ويحاط الحاكم الإداري، وعلى الفور، بأي إجراء اتخذ بموجب هذا القسم من الأمر.
2- ليس في هذا الأمر ما يحد من سلطة قائد قوات التحالف في تنفيذ عمليات عسكرية بموجب قواعد الاشتباك العسكري الملائمة.
القسم 5: الجزاءات
1- كل منظمة إعلامية يتبين أنها تبث، أو تنشر، أو تحاول أن تبث أو تنشر، مواد محظورة بما يخرق هذا الأمر، يمكن أن تحتجز، وتعتقل، وتحاكم. وفي حالة إدانتها, تصدر السلطات المعنية ضدها، حكما بالسجن، حده الأقصى سنة واحدة، أو بغرامة حدها الأقصى 1000 دولار أمريكي.
2- يمكن للحاكم الإداري - ووفق تقديره للأمور - أن يسحب ترخيص، أو يوقف عمل، أو يصادر ممتلكات، ويغلق مقار, أي منظمة إعلامية يتبين أنها تخرق هذا الأمر.
القسم 6: الاستئناف من جانب المنظمة الإعلامية
كل منظمة إعلامية سحب ترخيصها، أو صودرت ممتلكاتها، أو أوقف عملها أو أغلقت، يمكنها أن تتقدم خطياَ إلى الحاكم الإداري بالأدلة التي تؤيد ضرورة التراجع عن الإجراء المتخذ.
القسم 7: سريان الأمر
يسري هذا الأمر في نفس يوم توقيعه. بول بريمر
***
الوثيقة الرقم (2)
القرار 1483 (2003)
الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته 4761 المعقودة في 22 أيار / مايو 2003
إن مجلس الأمن،
إذ يذكر بجميع قراراته ذات الصلة السابقة،
وإذ يؤكد من جديد سيادة العراق وسلامته الإقليمية،
وإذ يؤكد من جديد أيضاً أهمية نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية وتأكيد نزع سلاح العراق في نهاية المطاف،
وإذ يشدد على حق الشعب العراقي في تحديد مستقبله السياسي بحرية والسيطرة على موارده الطبيعية، وإذ يرحب بالتزام كافة الأطراف المعنية بدعم تهيئة بيئة تمكنه من القيام بذلك في أقرب وقت ممكن، وإذ يعرب عن تصميمه على ضرورة أن يحل اليوم الذي يحكم فيه العراقيون أنفسهم على وجه السرعة،
وإذ يشجع الجهود الق يبذلها شعب العراق من أجل تشكيل حكومة تمثله استناداً إلى مبدأ سيادة القانون الذي يكفل المساواة في الحقوق وأمام العدالة لجميع المواطنين العراقيين دونما اعتبار للأصل العرقي أو الدين أو نوع الجنس، وإذ يذكر، في هذا الصدد، بالقرار 1325 (2000) المؤرخ 31 تشرين الأول / أكتوبر 2000،
وإذ يرحب بالخطوات الأول التي اتخذها الشعب العراقي في هذا الشأن، ويلاحظ في هذا الصدد بيان الناصرية الصادر في 15 نيسان / أبريل 2003وبيان بغداد الصادر في 28 نيسان / أبريل 2003،
وقد عقد العزم على أن تقوم الأمم المتحدة بدور حيوي في توفير الإغاثة الإنسانية، وإعادة بناء العراق وإعادة إنشاء مؤسسات وطنية وكلية للحكم الممثل للشعب،
وإذ يلاحظ البيان الصادر في 12 نيسان / أبريل 03 20 عن وزراء المالية ومحافظي المصارف المركزية في مجموعة الدول الصناعية السبع الذي يسلم فيه أعضاؤها بضرورة بذل جهود متعددة الأطراف للمساعدة في إعادة بناء العراق وتنميته، وبضرورة أن يقدم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المساعدة في هذه الجهود.
وإذ يرحب أيضاً باستئناف المساعدات الإنسانية ومواصلة جهود الأمين العام والوكالات المتخصصة الرامية لتوفير الغذاء والدواء لشعب العراق،
وإذ يرحب بتعيين الأمين العام لمستشاره الخاص بشأن العراق،
وإذ يؤكد ضرورة المحاسبة على الجرائم والفظائع التي ارتكبها النظام العراقي السابق،
وإذ يشدد على ضرورة احترام التراث الأثري والتاريخي والثقافي والدين للعراق، ومواصلة حماية مواقع الآثار والمواقع التاريخية والثقافية والدينية، والمتاحف والمكتبات والآثار،
وإذ يلاحظ الرسالة المؤرخة 8 أيار / مايو 2003 الموجهة إلى رئيس مجلس الأمن من الممثلين الدائمين للولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية (S/2003/538) وإذ يسلم بالصلاحيات والمسؤوليات والالتزامات المحددة بموجب القانون الدولي المنطبق على هاتين الدولتين، بوصفهما دولتين قائمتين بالاحتلال تحت قيادة موحدة (السلطة)،
وإذ يلاحظ كذلك أن دولا أخرى ليست دولا قائمة بالاحتلال تعمل الآن أو قد نعمل في المستقبل تحت السلطة،
وإذ يرحب كذلك برغبة الدول الأعضاء في المساهمة في الاستقرار والأمن في العراق عن طريق المساهمة بأفراد ومعدات وموارد أخرى تحت السلطة،
وإذ يساوره القلق لأن كثيراً من الرعايا الكويتيين والرعايا التابعين لدول ثالثة لا يزال مصيرهم غير معروف منذ 2 آب / أغسطس 1990،
وإذ يقرر أن الوضع في العراق لا يزال رغم تحسنه يشكل تهديداً للسلم والأمن الدولتين
وإذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة،
1- يناشد الدول الأعضاء والمنظمات المعنية أن تقدم المساعدة لشعب العراق في جهوده الرامية لإصلاح مؤسساته وإعادة بناء بلده، وأن تساهم في تهيئة ظروف الاستقرار . الأمن في العراق وفقاً لهذا القرار؛
2- يطلب إلى جميع الدول الأعضاء التي هي في وضع يسمح لها بتلبية النداءات الإنسانية التي توجهها الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية من أجل العراق والمساعدة في تلبية الاحتياجات الإنسانية وغيرها للشعب العراقي، أن تقوم بذلك على الفور من خلال توفير الغذاء واللوازم الطبية والموارد اللازمة لإعادة بناء وإصلاح الهياكل الأمامية الاقتصادية في العراق.
3- يناشد الدول الأعضاء على منح ملاذ آمن لأعضاء النظام العراقي السابق الذين يزعم أنهم يتحملون المسؤولية عن ارتكاب جرائم وفظائع ودعم الإجراءات الرامية إلى تقديمهم للعدالة .
4- يطلب من السلطة أن تعمل، بما يتسق مع ميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية الأخرى ذات الصلة، على تحقيق رفاه الشعب العراقي عن طريق الإدارة الفعالة للإقليم، بما في ذلك بصفة خاصة العمل على استعادة الأحوال التي يتوافر فيها الأمن والاستقرار، وتهيئة الظروف التي يمكن فيها للشعب العراقي أن يقرر بحرية مستقبله السياسي.
5- يطلب من جميع المعنيين أن يتقيدوا تقيدا تاماً بالتزاماتها بموجب القانون الدولي بما في ذلك بصفة خاصة اتفاقيات جنيف لعام 1949 وقواعد لاهاي لعام 1907 .
6- يطلب إلى السلطة والمنظمات والأفراد ذوي الصلة مواصلة بذل الجهود من أجل القيام بما لم يقم به النظام العراقي السابق، من تحديد لأماكن جميع الرعايا الكويتيين والرعايا التابعين لدول ثالثة الذين كانوا موجودين في العراق في 2 آب / أغسطس 1990 أو بعده، والتعرف عليهم وإعادتهم إلى أوطانهم، أو تحديد أماكن رفاتهم والتعرف عليها وإعادتها إلى أوطان أصحابها، وكذلك المحفوظات الكويتية، ويوعز، في هذا الصدد، إلى المنسق الرفيع المستوى أن يتخذ، بالتشاور مع لجنة الصليب الأحمر الدولية واللجنة الثلاثية وبدعم مناصب من شعب العراق وبالتنسيق مع السلطة، الخطوات اللازمة للوفاء بولايته فيما يتعلق بمصير المفقودين من الرعايا الكويتيين والرعايا التابعين لدول ثالثة وممتلكاتهم .
7- يقرر أن تتخذ جميع الدول الأعضاء الخطوات المناسبة لتيسير أن تعود بسلام إلى المؤسسات العراقية تلك الممتلكات الثقافية العراقية والأشياء الأخرى ذات الأهمية الأثرية والتاريخية والثقافية وذات الأهمية العلمية النادرة وذات الأهمية الدينية، التي أخذت بصورة غير قانونية من المتحف الوطن العراقي والمكتبة الوطنية ومن مواقع أخرى في العراق منذ اتخاذ القرار 661 (1990) المؤرخ 6 آب / أغسطس 1990، بما في ذلك عن طريق فرض حظر على الاتجار بهذه الأشياء أو نقلها وكذلك الأشياء التي من المعقول الاشتباه في أنها أخذت بصورة غير قانونية، ويطلب إلى المنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول )، والمنظمات الدولية الأخرى، حسب الاقتضاء، المساعدة في تنفيذ هذه الفقرة .
8- يطلب إلى الأمين العام تعيين ممثل خاص للعراق تشمل مسؤولياته المستقلة تقديم تقارير منتظمة إلى المجلس عن أنشطته بموجب هذا القرار وتنسيق أنشطة الأمم المتحدة في عمليات ما بعد انتهاء الصراع في العراق، والتنسيق فيما بين وكالات الأمم المتحدة والوكالات الدولية المشاركة في أنشطة المساعدة الإنسانية وأنشطة إعادة البناء في العراق وتقدم المساعدة لشعب العراق، بالتنسيق مع السلطة، عن طريق ما يلي:
(أ) تنسيق المساعدات المقدمة للأغراض الإنسانية وأغراض إعادة البناء من جانب وكالات الأمم المتحدة وبين وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية .
(ب) وتشجيع العودة الآمنة والمنظمة والطوعية للاجئين والمشردين .
(ج) والعمل بصورة مكثفة مع السلطة ومع شعب العراق، والجهات المعنية الأخرى لتعزيز الجهود المبذولة لاستعادة وإنشاء المؤسسات الوطنية والمحلية اللازمة للحكم الممثل للشعب، بما في ذلك العمل الجماعي من أجل تيسير العملية التي تفضي إلى قيام حكومة عراقية ممثلة للشعب معترف بها دوليا.
(د) وتيسير إعادة بناء العناصر الرئيسية للهياكل الأمامية، بالتعاون مع المنظمات الدولية الأخرى.
(هـ) وتشجيع عملية إعادة بناء الاقتصاد وتهيئة الظروف اللازمة للتنمية المستدامة، بما في ذلك عن طريق التنسيق مع المنظمات الوطنية والإقليمية، حسب الاقتضاء، ومع المجتمع المدني، والجهات المانحة، والمؤسسات المالية الدولية .
(و) وتشجيع الجهود الدولية الرامية إلى المساهمة في المهام الأمامية للإدارة المدنية.
(ز) وتعزيز حماية حقوق الإنسان .
(ح) وتشجيع الجهود الدولية الرامية إلى إعادة بناء قدرات قوة الشرطة المدنية العراقية؛
(ط) وتشجيع الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الإصلاح القانون والقضائي.
9- يؤيد قيام شعب العراق، بمساعدة السلطة وبالعمل مع الممثل الخاص، بتكوين إدارة عراقية مؤقتة بوصفها إدارة انتقالية يسيرها العراقيون، إلى أن ينشئ شعب العراق حكومة ممثلة له معترف بها دولياً وتتولى مسؤوليات السلطة .
10- يقرر ألا تسري بعد الآن جميع تدابير الحظر المتصلة بالتجارة مع العراق وبتقدم الموارد المالية أو الاقتصادية للعراق، والمفروضة بموجب القرار 661 (1990) والقرارات اللاحقة ذات الصلة بما فيها القرار 778 (1992) المؤرخ 2 تشرين الأول / أكتوبر 1992، وذلك باستثناء تدابير الحظر المتصلة ببيع الأسلحة أو الأعتدة ذات الصلة إلى العراق أو تزويده بها، فيما عدا الأسلحة والأعتدة ذات الصلة الق تحتاجها السلطة لخدمة أغراض هذا القرار والقرارات الأخرى ذات الصلة .
11- يؤكد من جديد ضرورة أن يلبي العراق التزاماته بشأن نزع السلاح، ويصبح المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية على إبقاء المجلس على علم بأنشطتهما في هذا الشأن، ويشدد على اعتزام المجلس العودة إلى النظر في ولايات لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش والوكالة الدولية للطاقة الذرية كما ترد في القرارات 687 (1991) المؤرخ 3 نيسان / أبريل 1991 و 1284 (1999) المؤرخ 17 كانون الأول / ديسمبر 1999 و 1441 (02 20) المؤرخ 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 02 20.
12- يشير إلى إنشاء صندوق تنمية للعراق يوضع في عهدة المصرف المركزي للعراق، ويقوم بمراجعة حساباته محاسبون عموميون مستقلون يقرهم المجلس الدولي للمشورة والمراقبة لصندوق التنمية للعراق ويتطلع إلى عقد اجتماع مبكر للمجلس الدولي للمشورة والمراقبة، الذي سيكون من بين أعضائه ممثلون مؤهلون على النحو الواجب للأمين العام، وللمدير الإداري لصندوق النقد الدولي، وللمدير العام للصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، ولرئيس البنك الدولي .
13- يشير إلى أن أموال صندوق التنمية للعراق سوف تصرف بتوجيه من السلطة، بالتشاور مع الإدارة العراقية المؤقتة، للأغراض المبينة في الفقرة 14 أدناه .
14- يشدد على وجوب استخدام صندوق التنمية للعراق على نحو شفاف لتلبية الاحتياجات الإنسانية للشعب العراقي، ومن أجل إعادة بناء الاقتصاد وإصلاح الهياكل الأمامية للعراق، ومواصلة نزع ملاح العراق، وتغطية تكاليف الإدارة العراقية المدنية، وللأغراض الأخرى التي تعود بالفائدة على شعب العراق .
15- يطلب إلى المؤسسات المالية الدولية مساعدة شعب العراق في إعادة بناء اقتصاده وتنميته وتيسير تقدم المساعدة من جانب مجتمع المانحين بنطاقه الأوسع، ويرحب باستعداد الدائنين بما في ذلك نادي باريس، التماس التوصل إلى حل لمشاكل الديون السيادية للعراق .
16- يطلب أيضاً إلى الأمين العام أن يواصل، بالتنسيق مع السلطة، مباشرة المسؤوليات المنوطة به بموجب قراري مجلس الأمن 1472 (03 20) المؤرخ 28 آذار / مارس 03 20 و 1476 (03 20) المؤرخ 24 نيسان / أبريل 03 20، لفترة ستة أشهر عقب اتخاذ هذا القرار، وأن ينهي، في غضون هذه الفترة الزمنية، على أكثر نحو فعال من حيث التكاليف، العمليات الجارية لبرنامج النفط مقابل الغذاء (البرنامج)، على كل من صعيد المقر وفي الميدان، مع نقل المسؤولية عن إدارة أي نشاط متبق في إطار البرنامج إلى السلطة، بما في ذلك اتخاذ التدابير اللازمة التالية :
(أ) تيسير القيام في أقرب وقت ممكن بالشحن والتسليم الموثق للسلع المدنية ذات الأولوية، كما يحددها الأمين العام والممثلون الذين يعينهم بالتنسيق مع السلطة الإدارية العراقية المؤقتة، بموجب عقود تمت الموافقة عليها وممولة سبق أن أبرمتها حكومة العراق السابقة، للإغاثة الإنسانية لشعب العراق، بما في ذلك، حسب الضرورة، التفاوض على إجراء تعديلات من حيث شروط هذه العقود وخطابات أثمان كل منها كما يرد في الفقرة 4 (د) من القرار 1472 (2003).
(ب) القيام، في ضوء الظروف المتغيرة، بالتنسيق مع السلطة والإدارة العراقية المؤقتة، باستعراض الفائدة النسبية لكل عقد تمت الموافقة عليه وتمويله بغية تحديد ما إذا كانت هذه العقود تتضمن أصنافاً تلزم لتلبية احتياجات شعب العراق الآن وأثناء إعادة البناء، وإرجاء اتخاذ أي إجراء بشأن العقود التي يتقرر أن فائدتها موضع تساؤل وخطابات الأثمان المعنية حق تصبح هناك حكومة للعراق ممثلة للشعب ومعترف بها دوليا في وضع يتيح لها أن تقرر بنفسها ما إذا كان ينبغي الوفاء هذه العقود.
(ج) تقدم ميزانية تشغيل تقديرية إلى مجلس الأمن في غضون 21 يوماً من اتخاذ هذا القرار، كي يستعرضها مجلس الأمن وينظر فيها، وذلك على أساس الأموال المجنبة بالفعل في الحساب المنشأ عملا بالفقرة 8 (د) من القرار 986 (1995 ) المؤرخ 14 نيسان / أبريل 1995، تحدد:
1- جميع التكاليف المعروفة والمتوقعة للأمم المتحدة اللازمة لكفالة مواصلة الاضطلاع بالأنشطة المرتبطة بتنفيذ هذا القرار، بما في ذلك مصاريف التشغيل والمصاريف الإدارية المرتبطة بوكالات وبرامج الأمم المتحدة ذات الصلة المسؤولة عن تنفيذ البرنامج في المقر وفي الميدان على السواء؛
2- وجميع التكاليف المعروفة والمتوقعة المرتبطة بإنهاء البرنامج .
3- وجميع التكاليف المعروفة والمتوقعة المرتبطة باستعادة أموال حكومة العراق التي قدمتها دول أعضاء إلى الأمين العام كما طلب في الفقرة 1 من القرار 778 (1992)؛
4- وجميع التكاليف المعروفة والمتوقعة المرتبطة بالممثل الخاص والممثل المؤهل للأمين العام المختار لعمل في المجلس الدول للمشورة والمراقبة، لمدة الأشهر الستة المحددة أعلاه، على إذ تتحمل الأمم المتحدة هذه التكاليف بعد ذلك .
(د) دمج الحسابات المنشأة عملا بالفقرتين 8 (أ) و 8 (ب ) من القرار 986 (1995) في حساب واحد؛
(هـ) الوفاء بجميع الالتزامات المتبقية المتصلة بإنهاء البرنامج، بما في ذلك التفاوض، بأكثر الطرق فعالية من حيث التكاليف، على أي مدفوعات تسوية يلزم دفعها من حسابات الضمان المنشأة عملا بالفقرتين 8 (أ) و 8 (ب) من القرار 986 (1995)، مع الأطراف التي دخلت من قبل في التزامات تعاقدية مع الأمين العام في إطار البرنامج، والقيام، بالتنسيق مع السلطة والإدارة العراقية المؤقتة، بتحديد الوضع المستقبلي للعقود التي أبرمتها الأمم المتحدة ووكالات الأمم المتحدة ذات الصلة في إطار الحسابات التي أنشئت عملا بالفقرتين 9 (ب ) و 9 (د) من القرار 986 (1995).
(و) تقدم استراتيجية شاملاً لمجلس الأمن ء في غضون 30 يوما من إنهاء البرنامج، توضع بالتنسيق الوثيق مع السلطة والإدارة العراقية المؤقتة تؤدي إلى تسليم بيع الوثائق ذات الصلة ونقل كل مسؤولية تشغيلية عن البرنامج للسلطة .
17- يطلب كذلك إلى الأمين العام أن يحول في أقرب وقت ممكن إلى صندوق التنمية للعراق بليون دولار من دولارات الولايات المتحدة من الأموال غير المرتبط بها في الحسابات المنشأة عملا بالفقرتين 8 (أ) و 8 (ب) من القرار 986 (1995 )، وأن يعيد أموال حكومة العراق التي قدمتها دول أعضاء إلى الأمين العام على نحو ما تقتضيه الفقرة من القرار 778 (1992)، ويقرر أن تحول إلى صندوق التنمية للعراق في أقرب وقت عن بيع الأموال الفائضة في حسابات الضمان المنشأة عملا بالفقرتين 8 (أ) و 8 (ب) و 8 (د) و 8 (و) من القرار 986 (1995)، بعد خصم بيع مصاريف الأمم المتحدة ذات الصلة المرتبطة بشحن العقود المأذون بها، والتكاليف التي تحملها البرنامج المجملة في الفقرة 16 (ج) أعلاه، بما في ذلك الالتزامات المتبقية.
18- يقرر أن ينهي اعتبارا من اعتماد هذا القرار المهام المرتبطة بأنشطة المراقبة والرصد التي يضطلع بها الأمين العام في إطار البرنامج، بما في ذلك رصد تصدير النفط والمنتجات النفطية من العراق.
19 - يقرر إنهاء اللجنة المنشأة عملا بالفقرة 6من القرار 661 (1990) في ختام فترة الأشهر الستة المطلوبة في الفقرة 16 أعلاه ويقرر كذلك أن تحدد اللجنة الأفراد والكيانات المشار إليهم في الفقرة 23أدناه.
20- يقرر أن تكون بيع صادرات العراق من مبيعات النفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي عقب تاريخ اتخاذ هذا القرار متفقة مع أفضل ممارسات السوق الدولية السائدة، وأن يتولى مراجعة حساباتها محاسبون عموميون مستقلون مسؤولون أمام المجلس الدول للمشورة والمراقبة المشار إليه في الفقرة 12 أعلاه من أجل كفالة الشفافية، ويقرر كذلك أن تودع بيع العائدات الآتية من تلك المبيعات، باستثناء ما هو منصوص عليه في الفقرة 21 أدناه، في صندوق التنمية للعراق إلى أن يتم حسب الأصول تشكيل حكومة عراقية ممثلة للشعب معترف بها.
21- يقرر كذلك أن تودع نسبة 5 في المائة من العائدات المشار إليها في الفقرة 20 أعلاه في صندوق التعويضات المنشأ وفقا للقرار 687 (1991) والقرارات اللاحقة ذات الصلة، وأن يكون هذا المطلب ملزماً لحكومة العراق الممثلة للشعب المعترف بها دولياً المشكلة حسب الأصول وأي خلف لها، ما لم تقرر خلاف ذلك حكومة العراق الممثلة للشعب المعترف بها دوليا، ومجلس إدارة صندوق الأمم المتحدة للتعويضات، عارمة منه لسلطته على طرق كفالة تسديد المدفوعات في صندوق التعويضات .
22 – يلاحظ أهمية إنشاء حكومة عراقية ممثلة للشعب معترف بها دوليا واستصواب الإنجاز العاجل لإعادة هيكلة ديون العراق المشار إليها في الفقرة 15 أعلاه، ويقرر كذلك أنه حق 31 كانون الأول / ديسمبر 2007، ما لم يقرر المجلس خلاف ذلك، تتمتع كميات النفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي التي منشؤها العراق، إلى أن تنتقل ملكيتها إلى المشتري الأصلي، بالحصانة من الدعاوى القانونية ضدها ولا تخضع لأي شكل من أشكال الحجز أو التحفظ أو التنفيذ وأن تتخذ بيع الدول ما يلزم من خطوات في إطار النظام القانون المحلي لكل منها لضمان هذه الحماية وأن تتمتع العائدات والالتزامات الناشة من بيعها، فضلاً عن صندوق التنمية للعراق، بامتيازات وحصانات تعادل ما تتمتع به الأمم المتحدة عدا أن الامتيازات والحصانات المذكورة أعلاه لن تنطبق فيما يتعلق بأي إجراء قانون يلزم فيه اللجوء إلى هذه العائدات أو الالتزامات للوفاء بمسؤوليته عن أضرار تفرض فيما يتصل بحادث بيئي يحدث بعد تاريخ اتخاذ هذا القرار، بما في ذلك الانسكاب النفطي؛
23 – يقرر أن تقوم جميع الدول الأعضاء التي يوجد بها:
(أ) أموال أو أصول مالية أخرى أو موارد اقتصادية ملك لحكومة العراق السابقة أو الهيئات الحكومية أو المؤسسات أو الوكالات التابعة لها، الموجودة خارج العراق في تاريخ اتخاذ هذا القرار، أو:
(ب) أموال أو أصول مالية أخرى أو موارد اقتصادية أخرجت من العراق أو حصل عليها صدام حسين أو مسؤولون كبار غيره في النظام العراقي السابق وأفراد أسرهم الأقربون، بما في ذلك الكيانات التي يمتلكها أو يسيطر عليها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، هؤلاء الأشخاص أو أشخاص يتصرفون بالنيابة عنهم أو بتوجيه منهم،
بتجميد تلك الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، دون إبطاء، وأن تعمل على الفور على نقلها إلى صندوق التنمية للعراق، ما لم تكن تلك الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية هي ذاتها موضوع حجز أو قرار قضائي أو إداري أو تحكيمي، على أن يكون مفهوماً أنه يجوز توجيه المطالبات التي يقدمها أفراد أو الكيانات غير الحكومية بشأن تلك أموال أو أصول المالية أخرى إلى حكومة العراق أصلة للشعب اعترف بها دولياً، ما لم تعالج بطريقة أخرى، ويقرر كذلك أن تتمتع جميع تلك أموال أو أصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية بنفس الامتيازات والحصانات وأشكال الحماية المنصوص عليها في الفقرة 22؛
24- يطلب إلى الأمين العام أن يقدم تقريراً إلى المجلس على فترات منتظمة من عمل الممثل الخاص فيما يتعلق تنفيذ هذا القرار وعن عمل المجلس الدولي للمشورة والمراقبة ويشجع المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية على إبلاغ المجلس على فترات منتظمة بجهودهما المبذولة بموجب هذا القرار؛
25- يقرر أن يستعرض تنفيذ هذا القرار في غضون أثنى عشر شهراً من اتخاذه وان ينظر في الخطوات الأخرى التي قد يلزم اتخاذها،
26 - يطلب إلى جميع الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية أن تساهم في تنفيذ هذا القرار،
27- يقرر أن يبقي هذه المسألة قيد نظره.
***
الملحق الرقم (3)
قراءة أولية في قرار مجلس الامن الدولي 1483
27/5/2003 صالح ياسر
في مساء الخميس 22/05/2003 وافق مجلس الأمن على القرار 1483 بأغلبية 14 عشر صوتاً وتغيب ممثل سوريا عن التصويت ( لكنها اعلنت لاحقا موافقتها على القرار)، واضعا بذلك نهاية لثلاثة عشر عاما من العقوبات التجارية الدولية المفروضة على العراق، لكنه أبقى على العقوبات العسكرية.
وبعيدا عن النزعة الاقتصادوية في قراءة وتحليل وثائق من هذا النوع، ومنعا لأي التباس قد يقود إلى الوقوع في مطب تفسير هذه القراءة في غير سياقها، لا يمكن للمرء الا أن يبارك أي جهد يقلل من معاناة بنات وأبناء شعبنا الذين عانوا كثيرا من أثار الحصار الجائر والمدمر، إضافة إلى معاناتهم المستديمة من النظام الدكتاتوري قرابة الثلاثة عقود ونصف. ومن هنا تبرز أهمية القرار في أنه رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراق بموجب قرارات سابقة لمجلس الامن الدولي عشية غزو قوات النظام الدكتاتوري المقبور للكويت في الثاني من أب عام 1990. ومن المفيد التذكير بأن الحزب الشيوعي العراقي دعا، منذ وقت مبكر، إلى رفع الحصار الاقتصادي عن شعبنا، وخاض أثناء فترة النظام الدكتاتوري المقبور نضالا سياسيا وفكريا دؤوبا للدفاع عن رؤيته هذه ومن أجل تحقيق شعاره المعروف بصدد رفع الحصار الاقتصادي عن شعبنا وتشديد الحصار السياسي والعسكري والدبلوماسي على النظام المذكور. ومن باب أولى أن يفرح المرء وقد تحقق الشعار في ظروف جديدة تمثلت برحيل النظام الدكتاتوري. ولكن هذا يمثل نصف الحقيقة وليس كلها لأن القرار تم إقراره في ظروف جديدة هي ظروف وجود بلادنا تحت سلطة الاحتلال، بإعتراف مهندسي مشروع القرار. كما لا يمكن عزل أثاره الاقتصادية عن الأثار والديناميكيات السياسية الجديدة التي أطلقها في ظل سلطة الاحتلال والمرتبطة بتحقيق أهداف جيوسياسية اساسا تتجاوز العراق، وهذا سياق مهم لفهم الاهداف والمغازي الفعلية للقرار، بعيدا عن مشاعر المديح أو الهجاء.
هذا مع العلم أن القرار نص على تخفيض نسبة التعويضات المستقطعة من العوائد النفطية إلى خمسة بالمائة بدلا من النسبة السابقة وهي 25% وذلك عندما أشار إلى أن تودع نسبة 5 في المئة من العائدات ..... في صندوق التعويضات المنشأ وفقا للقرار687 (1991)، ويعد هذا التخفيض أمر إيجابي على أية حال. وبمقابل ذلك نص القرار على بقاء قوات الاحتلال التي أطلق عليها اسم (السلطة العليا وسنطلق عليها لاحقا أسم السلطة) في البلاد لحين تشكيل حكومة معترف بها دوليا. علما بأن القرار صيغ ونوقش وأقرّ بلا أي مشاركة عراقية من أي نوع، على رغم ان هدفه ، بحسب ديباجته، رفع المعاناة عن الشعب العراقي !
قراءة أولية للقرار 1483
من ناحية المضمون، يمكن القول أن القرار يثير طائفة من الملاحظات والاشكاليات التي تتجاوز البعد الاقتصادي المباشر. فمن جهة، ديباجة القرار تشير إلى أن تطبيقه سيفتح الأفق لأوضاع جديدة تخرج العراق بلدا وشعبا من الأوضاع المأساوية الناجمة عن سيطرة النظام الدكتاتوري لفترة طويلة، وتفتح الطريق إلى بناء عراق ديمقراطي حر. ولكن القرار، من جهة أخرى، فرض الاحتلال على العراق ولفترة مفتوحة في الزمن لا تحتاج إلى تجديد، بعكس ما التزمت به الولايات المتحدة إزاء (المعارضة العراقية) والشعب العراقي ، كما شكل سلطة عليا تمثل دولتي الاحتلال وقوات التحالف في العراق تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية وتمتلك شرعية مجلس الأمن الدولي, بخلاف شن الحرب على العراق.
تتيح القراءة الأولية للقرار تسجيل الملاحظات التالية :
1. بموجب القرار يوافق مجلس الأمن على مشروعية الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق، مشيرا لهاتين الدولتين بصفتهما دولتين قائمتين بالاحتلال تحت قيادة موحدة (السلطة)، وهو إجراء غير مسبوق في تاريخ الأمم المتحدة، هذه المؤسسة التي تشكلت وكان من أهم أولوياتها تصفية النظام الاستعماري ومخلفاته ارتباطا بتناسبات القوى الدولية التي نشأت عشية الحرب العالمية الثانية. هذا مع العلم أن الحرب على العراق التي انتهت باحتلاله لم تكن مشروعة من وجهة نظر القانون الدولي، ولم تحظ حتى بموافقة مجلس الأمن؛ في حين تضفي الشرعية بموجب القرار 1483على الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق. ويعني ذلك اعتبار القرار بمثابة تشريع من قبل المنظمة الدولية لترسيخ الاحتلال الأمريكي والبريطاني للعراق، ولكنه بمقابل ذلك لابد من الإشارة إلى أن هذا القرار يضعف الأمم المتحدة ويعطيها دورا هامشيا ضعيفا. ويشكل هذا الامر سابقة خطيرة في العلاقات الدولية متمثلة بشرعنة الاحتلال.
2. وفي الوقت الذي يضفي القرار الشرعية على الاحتلال فإنه يحصر الأمر، في هذه المرحلة، في تكوين إدارة عراقية انتقالية مؤقتة تشكل تحت إشراف سلطة الاحتلال وتكون قراراتها استشارية، في حين أن قرارات سلطة الاحتلال ملزمة وللتنفيذ. في هذا المجال يؤكد القرار على أن مجلس الأمن « يؤيد قيام شعب العراق بمساعدة السلطة وبالعمل مع الممثل الخاص بتكوين ادارة موقتة عراقية بصفتها ادارة انتقالية يسيرها العراقيون إلى ان ينشىء شعب العراق حكومة تمثيلية معترف بها دولياً وتتولى مسؤوليات السلطة» ( كل الاقتباسات الواردة بين القويسات هنا ولاحقا هي مقاطع من القرار 1483). وإذا دفعنا هذه الفقرة إلى نهايتها المنطقية أمكننا أن نستنتج بأن الهدف الأني لسلطة الاحتلال هو تثبيت سلطتها على الارض وبما يمكنها من تكوين إدارة عراقية مؤقتة، في حين سيظل قيام «حكومة تمثيلية معترف بها» هدفا بعيد المدى ! ويبدو من كل هذا أن المرحلة الانتقالية ستكون مديدة وليست قصيرة. علما بأن انبثاق الحكومة الائتلافية الديمقراطية العراقية بأسرع وقت ممكن ضروري اليوم أكثر من أي وقت مضى، بل هي مهمة أنية لا تقبل التأجيل ولا المناورات المتعرجة والحسابات التكتيكية قصيرة النظر، إذ عليها يتوقف مستقبل التحولات الراهنة وطبيعتها. ومن هنا أهمية تركيز الجهود من قبل جميع الاحزاب والقوى السياسية العراقية لتذليل كل العوائق أمام التوصل إلى قواسم مشاركة تتيح الاتفاق على الشروط المطلوبة لعقد المؤتمر الوطني العام الذي ينبغي أن يضم كل ألوان الطيف السياسي العراقي، ومن ثم تجاوز العقبات التي تعترض تشكيل الحكومة المؤقتة الوطنية الديمقراطية الائتلافية العريضة، التي تكون من بين مهماتها التفاوض مع سلطة الاحتلال حول كافة القضايا المتعلقة بفترة تواجد هذه السلطة والأجندة الزمنية لتحقيق رحيلها.
3. بحسب كوفي عنان الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، فقد عبّر القرار 1483، عن (تسوية) بين «الدولتين القائمتين بالاحتلال» على حد وصف القرار لهما، وبين المنظمة الدولية المعنية بحماية القانون الدولي وتطبيقه، مؤكدا على (إنها تسوية، وفي التسوية لا أحد يحصل على كل ما يريد). واستنادا إلى المعلومات التي تسربت عن مناورات الكواليس، فقد تركزت إشكالية التسوية وعقدتها الرئيسية، حول الدور المنوط بالأمم المتحدة في العراق المحتل، وهل سيكون دوراً مركزياً كما طرح المحور الفرنسي-الألماني- الروسي أم دوراً حيوياً كما طرحته الولايات المتحدة في مشروع القرار وأصرت عليه حتى النهاية وتم لها ما أرادت . ومقابل ذلك تم رفع مرتبة ممثل الأمم المتحدة من (منسق) إلى «مبعوث خاص» مستقل عن «السلطة»، غير أنه يعمل معها بشكلٍ إيجابيٍ نشط، ويقدم تقاريره المستقلة إلى مجلس الأمن الدولي. ولكن لا ينبغي استخلاص استنتاج متعجل من ذلك كله، إذ أن القرار يعطي الأمم المتحدة الدور الحيوي في مجال محدد هو المجال الإنساني أولا عندما دعا إلى أن تقوم الامم المتحدة بدور حيوي في توفير الاغاثة الانسانية واعادة بناء العراق واعادة انشاء مؤسسات وطنية ومحلية للحكم التمثيلي ، وليس في مجال المشاركة الفعلية مع سلطة الاحتلال في تسيير المرحلة الراهنة فلا مجال لازدواجية السلطة، على الصعيد السياسي.
4. ليس هناك في القرار ما يشير إلى الفترة الزمنية التي ستقضيها قوات الاحتلال سوى أن السلطة سوف تقدم تقريرا عن أعمالها لمجلس الأمن في غضون 12 شهرا، مما يتيح الاستنتاج بأنه احتلال مفتوح، الأمر الذي لن يتح للأمم المتحدة لاحقا مساءلة سلطة الاحتلال عما تفعله وعن مبررات بقائها ووفقاً لأي قوانين دولية تمارس سلطتها. ومن المفيد الاشارة إلى أن هذا القرار يختلف عن جميع قرارات الامم المتحدة الخاصة بإرسال قواتها إلى البلدان الأخرى والتي تكون عادة مقترنة بتحديد فترة زمنية لا يجوز تمديدها إلا بقرار جديد يصدر عن مجلس الامن الدولي، في حين أن هذا القرار يعتبر ساري المفعول إلا بعد أن يصدر قرار بإنهائه، وهذا أمر منوط بالولايات المتحدة فقط.
5. إستنادا إلى الفراغ الناجم عن عدم وجود سلطة عراقية محددة، ناهيك عن عدم وجود حكومة عراقية ذات شرعية وصلاحية كاملة فإن هذه (السلطة العليا) ستمارس مهام متعددة من بينها إبقاء أي اتصال مع العراق من جانب الدول الأخرى خاضعا ومارا بسلطة الاحتلال، وهو ما يعد تكريسا للهيمنة الأمريكية /البريطانية على العراق.
6. يقضي القرار بتحكم «السلطة العليا» في تقرير حجم النفط الذي يبيعه العراق وكيفية تحديد أسعاره ووضع إيراداته في صندوق يسمى « صندوق تنمية العراق»، « على أن أموال صندوق التنمية هذا تصرف بتوجيه من السلطة بالتشاور مع الادارة الموقتة العراقية»، في محاولة لإضفاء الطابع الموضوعي على القرار، وتمويه السيطرة الأمريكية الإنجليزية على الاقتصاد العراقي وتغليفها بمظلة دولية. ويعني ذلك أن سلطة اتخاذ القرار ستكون في أيدي قوات الاحتلال لأنها هي التي تبادر و«تتشاور» مع السلطة الانتقالية العراقية. ويعني ذلك أن تحديد اتجاهات تطور الاقتصاد العراقي سيكون من مهمة سلطة الاحتلال وليس مهمة العراقيين أنفسهم الذين سيكون لهم دور استشاري، من خلال السلطة الانتقالية العراقية ، وهو بالضرورة ليس ملزما لسلطة الاحتلال ذاتها. هذا مع العلم أنه لا أحد يعرف لحد الآن طبيعة هذه السلطة الانتقالية ومضمونها، ولكن القراءة المدققة للقرار تتيح الاستنتاج بأنها سلطة تنفيذية ذات صلاحيات محدودة وليست مقررة، والأمر كله بيد السلطة الفعلية صاحبة «المبادرة » وهي «السلطة العليا»، أي قوات الاحتلال. ويطرح هذا الأمر مشاعر قلق مشروع متمثلة بالخشية من استخدام الولايات المتحدة لأموال «صندوق تنمية العراق» في أغراض أخرى من بينها تغطية نفقات الحرب وتحميل الجانب العراقي هذه النفقات، هذا إضافة حجم المديونية الخارجية الكبيرة على العراق والالتزامات المحددة المترتبة بشأنها، مما يقلل من حجم الموارد المالية الضرورية التي ينبغي أن توجه لعمليات إعمار البلاد وتحسين مستويات معيشة السكان المتدهورة أصلا. من المفيد التذكير هنا بضرورة المطالبة بتأجيل دفع التعويضات وجدولة الديون لحلها في فترة لاحقة بعد أن يستقر الوضع الاقتصادي للعراق, إضافة إلى اعتبارها مسالة سياسية يفترض التفكير بإلغاء تلك الديون, خاصة وأن أغلبها كانت لأغراض التسلح والحرب ضد إيران.
7. وفي الوقت الذي نص القرار 1483 على أن يحصل صندوق التنمية، المشار اليه في الفقرة السابقة، على عائدات النفط العراقي في إطار الأسعار الدولية وقت البيع، غير أنه لم يحدد الكميات أو السياسات النفطية للعراق، تلك التي تركها بيد «السلطة»؛ وهو ما يعني أن واشنطن حصلت على النفط العراقي خارج إطار منظمة أوبك التي ينتمي إليها العراق، وبالتالي يمكن لـ«السلطة» إن أرادت أن تقرر خروج العراق من المنظمة، وإغراق السوق الدولية بالنفط العراقي عند الحاجة لخفض سعره، ولا يقيدها في هذا الموضوع سوى بيع النفط بالأسعار الدولية السائدة في حينه فقط.
8. غير أن الأخطر من ذلك كله هو أن القرار ترك لـ«السلطة» وحدها تقرير مستقبل النفط العراقي من حيث شكل الملكية. وقارئ القرار المذكور من أوله إلى أخره لا يعثر على ذكر لإشكالية الملكية في القطاع النفطي لا من قريب ولا من بعيد، بل ترك ذلك لـ«السلطة». و يعني ذلك أن القرار ترك الباب مفتوحاً أمام الولايات المتحدة لتنفيذ ما أعلنت عنه في الأسابيع السابقة، وهو نيتها خصخصة قطاع النفط العراقي بتحويله إلى الملكية الخاصة المحلية والأجنبية.
9. القرار ينقل برنامج النفط مقابل الغذاء إلى يد واشنطن ولندن بعد أن كان في أيدي الأمم المتحدة حيث نص هنا على نقل المسؤولية عن إدارة أي نشاط متبق في إطار البرنامج إلى السلطة. ولم يكتف القرار بذلك بل أكد ضرورة «تقديم استراتيجية شاملة لمجلس الأمن في غضون 30 يوما من إنهاء البرنامج، توضع بالتنسيق الوثيق مع السلطة والادارة الموقته العراقية تؤدي إلى تسليم كل الوثائق ذات الصلة ونقل كل مسؤولية تشغيلية عن البرنامج إلى السلطة ». لكن بمقابل ذلك تعمدت الولايات المتحدة تأكيد استمرار العمل بـ«برنامج النفط مقابل الغذاء» لمدة 6 أشهر حتى تتمكن خلال هذه الفترة من تحديد كيفية إنتاج النفط العراقي والشركات التي ستشتريه وغيرها من الأمور المرتبطة بذلك.
10.ومن جانب آخر فقد صاغت الإدارة الأمريكية مسودة القرار بشكل ذكي، وأصرت على ذلك حتى النهاية، حيث إنه تجاهل أمر عودة مفتشي الأمم المتحدة الدوليين الذي كانت فرنسا وروسيا تتمسك به. إذ تم صياغة هذه النقطة بعمومية عندما جرت الإشارة إلى «أن التفتيش على أسلحة الدمار الشامل العراقية سيكون دائماً». هذا وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا قد أوضحتا أمام مجلس الأمن أنهما ستقدمان تقارير للمجلس عن إدارتهما للعراق، وعن نتائج البحث عن الأسلحة المحظورة كل 3 أشهر. ولعل هذا يفسر إصرار الولايات المتحدة على عدم عودة مفتشي الأمم المتحدة المكلفين بالكشف عن أسلحة الدمار الشامل، ذلك لأن عودة هؤلاء كانت ستضر بالموقف الأمريكي فيما لو أثبت هؤلاء أنه لا وجود لأسلحة الدمار الشامل في العراق؛ الأمر الذي يعد إدانة كاملة للعمل العسكري الأمريكي في العراق، ويعتبره عدواناً صارخاً لأن أحد أهداف الحملة العسكرية كان الكشف على أسلحة الدمار الشامل العراقية.
11.من جهة اخرى يعاني القرار من تناقض لن يستطع مهندسوه من الاجابة عنه وقوامه أن رفع العقوبات عن العراق بموجب هذا القرار لا يستند وفقاً للقانون الدولي إلى حجج مقنعة إذا ما ربطناه بمبررات القرارات التي فرضها مجلس الامن عام 1990. فكما هو معروف فإن قرارات فرض العقوبات تمت ضد العراق منذ أكثر من 13 عاماً استناداً إلى حجج عديدة من بينها أن العراق لديه أسلحة دمار شامل، في حين تم رفع العقوبات -حسب القرار 1483 - من دون أن يقدم المفتشون الدوليون أي تصريح أو إعلان عن كشف ومن ثم نزع أسلحته!.
12.يعد تمرير القرار نصرا امريكيا بريطانيا على أوربا ممثلة بفرنسا التي يبدو أنها قدمت قراءة سياسية جديدة لمواقفها من البلدوزر الامريكية عبرت عنه بموافقتها على مشروع القرار بعد أن فهمت فرنسا جيداً أنها لم يعد بمقدورها أن تعارض واشنطن ، خصوصا وأن معارضتها السابقة أدت إلى تدهور علاقاتها بواشنطن. وبموافقتها هذه تكون فرنسا قد ذللت إحدى العقبات أمام عودة العلاقات الأمريكية – الفرنسية إلى " دفئها " النسبي المعهود. وبالمقابل فإن إعلان فرنسا وروسيا وألمانيا موافقتها على مشروع القرار هذا، واستنادا إلى بعض التسريبات، قد جاء على ما يبدو بعد مفاوضات سرية أجريت بين هذه الدول والولايات المتحدة، لوحت خلالها واشنطن ببعض المنافع المادية إذا صوتوا لصالح مشروع القرار مثل استعادة مستحقاتها وديونها لدى العراق، أو منح شركات هذه الدول عقود إعمار جديدة، إضافة إلى منحها حصصًا من نفط العراق.
بعيدا عن المقاربة الاقتصادوية في فهم المغازي الفعلية للقرار 1483
الخلاصة التي يمكن استخلاصها من القراءة السابقة هي أن القرار بعكس بشكل صارخ موازين القوى السائدة على المسرح العالمي، والتي تسير بشكل حاسم لصالح الولايات المتحدة، وأن الكلمة الفاصلة في العراق ستكون في المرحلة الحالية على الأقل للولايات المتحدة.
ويعني ذلك أن نظام الأمم المتحدة الذي عمّر لعدة عقود لم يعد فاعلاً، وهذا ما ظهر سابقاً في أكثر من نزاع دولي تولت الأمم المتحدة بنجاح حلها، كما أن الشرعية الدولية بمجملها صارت موضع تساؤل. ويبدو أن أحد أهداف الرؤية الأمريكية الجديدة للعالم هي إضعاف الصيغة الراهنة للمؤسسة الدولية التي هي نتاج ميزان القوى الدولي الذي نشأ عشية الحرب العالمية الثانية والذي تفكك بانهيار نظام القطبية الثنائية وتفكك الاتحاد السوفيتي وحلف وارشو.
وإذا قلبنا الأمور على محمل الجد، بعيدا عن مظاهر الأشياء والقراءات المتعجلة التي تستخلص استنتاجاتها من مظاهر الاشياء، أمكننا أن نقول أن جوهر القضية ذا صلة وثيقة بمسعى أمريكي حثيث إلى إجراء ترتيبات سياسية جديدة في النظام العالمي، تترجم مجمل الحقائق المستجدة التي أسفرت عنها حقبة ما بعد الحرب الباردة وأحداث 11 سبتمبر 2001 وتداعياتها. وفي قلب تلك الحقائق المسعى الحثيث لضمان انفراد المركز الأمريكي بإدارة الشؤون العالمية على مقتضى احتكار القوة والهيمنة في الأوضاع الإستراتيجية الجديدة، واستخدام أطراف محلية أو إقليمية لتحقيق أهدافه العالمية. ويبدو أن من أعرض عناوين هذه الترتيبات هي :
أولا : إعادة بناء وصوغ مفهوم (الشرعية الدولية) على النحو الذي يتناسب وحقيقة ما حصل من تغيرات في المشهد السياسي الدولي منذ مطلع العقد السابق، والذي تعزز بأحداث 11 أيلول 2001 وما تركته ولا تزال من تداعيات تقوم الولايات المتحدة بتوظيفها لصالح فرض استراتيجيتها الكونية الجديدة.
وكما هو معلوم فقد خرجت الشرعية الدولية السابقة من رحم نتائج الحرب العالمية الثانية، وكانت شرعية المنتصرين في هذه الحرب ضد المحور النازي - الفاشي، وجاءت - بسبب ذلك - تعبر عن مصالح القوى التي كسرت شوكة تحالف دول المحور، ثم اقتضى حالها أن تجد لنفسها تعبيراً مسيساً في تنظيم دولي جديد هو : منظمة الأمم المتحدة. ومع أن هذه الشرعية الدولية تعرضت لصدع سياسي في أكثر من مناسبة بعد اندلاع الحرب الباردة بين العالميين إلا أنها ظلت قادرة على تأمين شروط البقاء، بالنظر لوجود حاجة دولية إلى تنظيم التوافق بين القوى العظمى على وجوب السيطرة على تناقضاتها، ومنعها من الإفصاح عن نفسها في صراعات مسلحة ذات طبيعة مدمرة بسبب الطبيعة التدميرية الهائلة للاسلحة التي بحوزة القطبين/المعسكرين.
ولكن بانهيار جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفيتي، القطب الثاني في معادلة توازن الرعب النووي الذي استندت إليه الحرب الباردة، والذي توج بتفكك المعسكر الاشتراكي وحل حلف وارسو، تكون هذه الأحداث كلها مقدمات لحصول تحولات جذرية في المشهد السياسي العالمي. وارتباطا بذلك فإن مفهوم (الشرعية الدولية) الذي كان يمثل محصلة لعلاقات القوة السائدة آنذاك لا يمكن أن يشتغل في الظروف الجديدة، بل يتعين إعادة صياغته ليتناسب ويعكس علاقات القوة والاستقطاب السائدة، على المستوى العالمي، في اللحظة الراهنة، أي يعكس مصالح (المنتصرين الجدد) وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية.

ثانيا : إنجاز عملية واسعة لنقل (الشرعية الدولية) من مؤسساتها الدولية الراهنة إلى أخرى تعرض نفسها بوصفها ممثلة لحقبة المنتصرين فقط.
لقد انتهت اليوم على ما يبدو - بقوة المعطيات والحقائق المادية الجديدة - أسباب استمرار أحكام ومفاعيل تلك (الشرعية الدولية) ومؤسساتها. أسفرت نهاية حقبة الحرب الباردة عن غالب ومغلوب ! وللحروب الساخنة استحقاقاتها أيضاً والتي يتعين على المهزومين دفعها. حرب الخليج الثانية كانت (تمريناً دولياً واسعاً وبالذخيرة الحية) لفرض أسس ما سمي، آنذاك، بـ (النظام العالمي الجديد) ، والذي حقق انتصاراً عسكرياً مدفوع الأجر للولايات المتحدة وحلفائها. كما أن حرب البلقان التي اندلعت في 24/03/99 مثلت كذلك تمريناً أخر بالذخيرة الحية جرى فيه وبالملموس وتحت حراب العسكر، نقل الشرعية من الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى حلف شمال الأطلسي أو قل من النظام الدولي السابق إلى النظام الدولي الجديد .غير أن هذا كله لا يمثل سوى نصراً تكتيكياً فقط، إذ يبدو أن المطلوب، كما يبدو، هو تحقيق نصر إستراتيجي يتمثل بنقل (الشرعية الدولية) من نيويورك وبروكسل إلى واشنطن !
وطبيعي أنه لا يمكن فهم ذلك كله بمعزل عن التطور العاصف لعمليات العولمة، وتفاقم رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في توظيف هذه العمليات الموضوعية من خلال عسكرة هذه العمليات وفرض سياستها العولمية المرتبطة عضوياً باللبرالية الجديدة والمحافظين الجدد وهيمنة الصقور على قيادة وسياسة الإدارة الأمريكية.
والخلاصة إن قرار مجلس الأمن 1483 في الوقت الذي أقر رفع العقوبات الاقتصادية على العراق، وهذا شيئ ايجابي ، فإنه في الوقت نفسه أضفى الشرعية على قوات الاحتلال بتفويض من (الشرعية الدولية) الراهنة ممثلة بالأمم المتحدة وهيئة أركانها مجلس الأمن. وهذه مفارقة مثيرة وذات أثار بعيدة المدى على مضمون واليات التغيير المطلوب في العراق، الطامح إلى الحرية والديمقراطية بعد أربعة عقود من العسف والإرهاب والقمع المنظم، ناهيك عن أن هذا القرار يدشن سابقة دولية خطيرة في العلاقات الدولية ممثلة بشرعنته احتلال دولة عضو في الأمم المتحدة من طرف مجموعة دول أعضاء في نفس المنظمة كذلك، علما بأن الهدف المعلن للقرار هو : رفع العقوبات الاقتصادية على العراق .
***
الملحق الرقم (4)
القرار 1511 (2003)
الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته 4844 المعقودة يوم 16 تشرين الأول / أكتوبر 2003
إن مجلس الأمن،
إذ يعيد تأكيد قراراته السابقة بشأن العراق، بما فيها القرار 1483 (2007) المؤرخ 22أيارم مايو 2003 والقرار 1500 (2003) المؤرخ 14 آب / أغسطس 2003، وبشأن الأخطار التي تهدد السلام والأمن بسبب الأعمال الإرهابية، بما فيها القرار 1373 (2001) المؤرخ 28أيلول / سبتمبر 2001وغيرها من القرارات ذات الصلة،
وإذ يشدد على أن سيادة العراق تكمن في دولة العراق، وإذ يعيد تأكيد حق الشعب العراقي في أن يقرر بحرية مستقبله السياسي وأن يتحكم في ثرواته الطبيعية، وإذ يؤكد من جديد عزمه على ضرورة التعجيل بحلول اليوم الذي يتولى فيه العراقيون حكم أنفسهم بأنفسهم، وإذ يسلم بأهمية الدعم الدولي، لا سيما من بلدان المنطقة جيران العراق والمنظمات الإقليمية، من أجل السير قدما بهذه العملية بسرعة،
وإدراكا منه لكون الدعم الدولي لاستعادة أوضاع الاستقرار والأمن أمرا أساسياً لرفاق شعب العراق وكذلك لقدرة جميع الأطراف المعنية على أداء عملها باسم شعب العراق، وإذ يرحب بمساهمات الدول الأعضاء في هذا المضمار بموجب القرار 1483 (2003).
وإذ يرحب بقرار مجلس الحكم في العراق تشكيل لجنة دستورية تحضيرية من أجل الإعداد لعقد مؤتمر دستوري يقوم بوضع دستور يجسد طموحات الشعب العراقي، وإذ يحثه على إتمام هذه العملية بسرعة،
وإذ يؤكد أن التفجيرات الإرهابية التي طالت سفارة الأردن في 7 آب / أغسطس 2003، ومقر الأمم المتحدة في بغداد في 19 آب/ أغسطس 2003، ومسجد الإمام علي في النجف في 29 آب / أغسطس 2003، ومغادرة تركيا في 14 تشرين الأول / أكتوبر 2003، ومقتل دبلوماسي إسباني في 9 تشرين الأول / أكتوبر 2003، إنما هي اعتداءات على شعب العراق والأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وإذ يشجب اغتيال الدكتورة عقيلة الهاشمي، التي توفيت في 25 أيلول / سبتمبر 2003، ويعتبره اعتداء موجها ضد مستقبل العراق،
وفي هذا السياق، إذ يشير ويعيد تأكيد البيان الذي أدلى به رئيسه في 20 آب / أغسطس 2003 (S/PRST/2003/13) والقرار 1502 (03 20) المؤرخ 26 آب / أغسطس 2003،
وإذ يقرر أن الحالة في العراق، رغم تحسنها، ما زالت تشكل خطراً على السلام والأمن الدوليين،
وإذ يتصرف في إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة،
1- يعيد تأكيد سيادة العراق وسلامة أراضيه، ويشدد في هذا الصدد، على الطابع المؤقت لاضطلاع سلطة التحالف المؤقتة (السلطة) بالمسؤوليات والسلطات والالتزامات المحددة بموجب القانون الدولي والمعترف بها والمنصوص عليها في القرار 1483 (2003) والتي ستنتهي عندما يقيم شعب العراق حكومة ممثلة للشعب معترف بها دولياً تقسم اليمين الدستورية وتتولى المسؤوليات المنوطة بالسلطة، بخطوات منها تلك الواردة في الفقرات من 4 إلى 7 والفقرة 10 أدناه؛
2- يرحب باستجابة المجتمع الدولي، في محافل من قبيل جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والجمعية العامة للأمم المتحدة، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية، العلم والثقافة، لإنشاء مجلس الحكم الممثل للشعب على نطاق واسع كخطوة هامة نحو إنشاء حكومة ممثلة للشعب معترف بها دولياً؛
3- يؤيد الجهود التي يبذلها مجلس الحكم من أجل تعبئة الشعب العراقي، بما في ذلك عن طريق تعيين مجلس للوزراء ولجنة دستورية تحضيرية تتولى قيادة عملية ستمكن شعب العراق من أن يتولى تدريجياً إدارة شؤونه بنفسه؛
4- يقرر أن مجلس الحكم ووزراءه هم الأجهزة الرئيسية للإدارة المؤقتة العراقية التي، دونما مساس بما ستشهده من المزيد من التطور، تجسد سيادة دولة العراق خلال الفترة الانتقالية إلى أن يتم إنشاء حكومة ممثلة للشعب ومعترف بها دولياً وتتحمل المسؤوليات المنوطة بالسلطة؛
5- يؤكد أن إدارة شؤون العراق ستتم تدريجياً على يد الهياكل الناشة التي تقيمها الإدارة العراقية المؤقتة،
6- يدعو، في هذا السياق، السلطة إلى أن تعيد مسؤوليات الحكم وسلطاته إلى شعب العراق، بأسرع ما يمكن عملياً، ويطلب إلى السلطة أن تقدم، بالتعاون، بما يقتضيه الحال، مع مجلس الحكم والأمين العام، تقريراً بشأن التقدم الذي يجري إحرازه؛
7- يدعو مجلس الحكم إلى أن يقدم إلى مجلس الأمن، بغرض الاستعراض، وفي أجل أقصاه 15 كانون الأول / ديسمبر 2003، وبالتعاون مع السلطة، وبالتعاون مع الممثل الخاص للأمين العام حسبما تسمح به الظروف، جدولاً زمنياً وبرنامجاً لصياغة دستور جديد للعراق ولإجراء انتخابات ديمقراطية في ظل ذلك الدستور؛
8- يقرر أن الأمم المتحدة، التي تتصرف من خلال الأمين العام وممثله الخاص وبعثة الأمم المتحدة لتقدم المساعدة إلى العراق، ينبغي أن تعزز دورها الحيوي في العراق، بأمور منها تقدم الإغاثة الإنسانية، وتعزيز الإعمار الاقتصادي للعراق وتهيئة الظروف المؤاتية لتنميته المستدامة، ودعم جهود إعادة وإنشاء المؤسسات الوطنية والمحلية للحكومة الممثلة للشعب؛
9- يطلب أن يقوم الأمين العام، حسبما تسمح به الظروف، بمواصلة مسار العمل المبين في الفقرتين 98و 99 من تقرير الأمين العام المؤرخ 17 تموز / يوليو 2003 (S/2003/715)؛
10- يحيط علماً باعتزام مجلس الحكم عقد مؤتمر دستوري، وإقرارا منه بأن عقد المؤتمر سيشكل معلمة في الانتقال إلى الممارسة الكاملة للسيادة، يدعو إلى إعداده عن طريق الحوار الوطني وبناء توافق الآراء في أقرب وقت ممكن عملياً ويطلب إلى الممثل الخاص للأمين العام، بأن يقدم، عند عقد المؤتمر، أو حسبما تسمح به الظروف، الخبرة الفريدة المتوفرة لدى الأمم المتحدة إلى الشعب العراقي في عملية الانتقال السياسي هذه، بما في ذلك إنشاء عمليات انتخابية؛
11- يطلب إلى الأمين العام كفالة إتاحة موارد الأمم المتحدة والمنظمات المرتبطة بها للمساعدة، إن طلب مجلس الحكم العراقي ذلك، وسمحت به الظروف، دعماً للبرنامج الذي يقدمه مجلس الحكم بموجب الفقرة 7 أعلاه، ويشجع المنظمات الأخرى ذات الخبرة في هذا المجال على تقدم الدعم إلى مجلس الحكم العراقي، إن طلب منها ذلك؛
12- يطلب إلى الأمين العام أن يقدم إلى مجلس الأمن تقريراً عن مسؤولياته بموجب هذا القرار ووضع جدول زمني وبرنامج وتنفيذهما بموجب الفقرة 7 أعلاه؛
13- يقرر أن توفير الأمن والاستقرار أمر أمامي لإتمام العملية السياسية بنجاح وفقا لما نصت عليه الفقرة 7 أعلاه ولتتمكن الأمم المتحدة من المساهمة بفعالية في تلك العملية وتنفيذ القرار 1483 (2003)، ويأذن بتشكيل قوة متعددة الجنسيات تكون تحت قيادة موحدة باتخاذ جميع التدابير اللازمة من أجل الإسهام في صون الأمن والاستقرار في العراق، بما في ذلك لتأمين الظروف الضرورية لتنفيذ الجدول الزمني والبرنامج، فضلاً عن الإسهام في كفالة أمن بعثة الأمم المتحدة لتقدم المساعدة إلى العراق، ومجلس الحكم في العراق والمؤسسات الأخرى التابعة للإدارة العراقية المؤقتة، والهياكل الإنسانية والاقتصادية الرئيسية؛
14- يحث الدول الأعضاء على تقدم مساعدتها بموجب ولاية الأمم المتحدة هذه، بما في ذلك توفير القوات العسكرية، للقوة المتعددة الجنسيات المشار إليها في الفقرة 13 آنفا؛
15- يقرر أن يستعرض المجلس احتياجات ومهمة القوة المتعددة الجنسيات المشار إليها في الفقرة 13 أعلاه في أجل أقصاه سنة واحدة من تاريخ هذا القرار، وأنه في جميع الأحوال تنتهي ولاية القوة بانتهاء العملية السياسية المبينة في الفقرات من 4 إلى 7 والفقرة 10 أعلاه، ويعرب عن استعداده للنظر في تلك المناسبة في أي حاجة مستقبلاً إلى استمرار القوة المتعددة الجنسيات، مراعياً آراء حكومة للعراق معترف بها دولياً وممثلة للشعب؛
16- يؤكد على أهمية إنشاء قوات عراقية للشرطة والأمن تكون فعالة للحفاظ على القانون والنظام والأمن ومحاربة الإرهاب وفقاً للفقرة 4 من القرار 1483 (2003)، ويهيب بالدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية المساهمة في تدريب قوات الشرطة والأمن العراقية وتزويدها بالمعدات؛
17- يعرب عن عميق تعاطفه وخالص تعازيه للشعب العراقي وللأمم المتحدة لما تكبداه من خسائر في الأرواح ولأمر موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من الضحايا الأبرياء الذين قتلوا أو أصيبوا في هذه الهجمات المفجعة .
18- يدين إدانة قاطعة التفجيرات الإرهابية التي طالت سفارة الأردن في 7 آب / أغسطس 2003، ومقر الأمم المتحدة في بغداد في 19 آب / أغسطس 2003، ومسجد الإمام علي في النجف في 29 آب / أغسطس 2003، وسفارة تركيا في 14 تشرين الأول / أكتوبر 2003، ومقتل دبلوماسي إسباني في 9 تشرين الأول / أكتوبر 2003، واغتيال الدكتورة عقيلة الهاشمي التي توفيت في 25 أيلول / سبتمبر 2003، ويشدد على وجوب تقدم المسؤولين عن تلك التفجيرات إلى العدالة؛
19- يدعو الدول الأعضاء إلى منع عبور الإرهابيين إلى العراق، وحصولهم على الأسلحة، ومنع التمويل الذي من شأنه أن يدعم الإرهابيين، ويؤكد أهمية تعزيز تعاون بلدان المنطقة ولا سيما جيران العراق، في هذا الصدد.
20- يناشد الدول الأعضاء والمؤسسات المالية الدولية أن تعزز ما تبذله من جهود لمساعدة الشعب العراقي على التعمير وتنمية اقتصاده، ويحث تلك المؤسسات على اتخاذ خطوات فورية من أجل تقديم مختلف ما لديها من أنواع القروض وغيرها من المساعدات المالية إلى العراق، على أن تعمل في ذلك مع مجلس الحكم والوزارات العراقية المعنية،
21- يحث الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية على دعم مجهود إعمار العراق الذي بدأ خلال المشاورات الفنية التي أجرتها الأمم المتحدة يوم 24حزيران / يونيو 2003، بما في ذلك من خلال التبرعات الكبيرة التي ستعلن في المؤتمر الدولي للمانحين المقرر عقده في مدريد يومي 23و 24 تشرين الأول / أكتوبر 2003،
22- يدعو الدول الأعضاء والمنظمات المعنية إلى المساعدة في تلبية احتياجات الشعب العراقي عن طريق توفير الموارد اللازمة لإصلاح الهياكل الأساسية لاقتصاد العراق وإعمارها؛
23- يؤكد ضرورة القيام، على سبيل الأولوية، بإنشاء المجلس الدولي للمشورة والمراقبة المشار إليه في الفقرة 12 من القرار 1483 (2003)، ويعيد التأكيد وجوب استخدام صندوق التنمية للعراق بطريقة شفافة على النحو المنصوص عليه في الفقرة 14 من القرار1483 (2003)؛
24- يذكر جميع الدول الأعضاء بالتزاماتها بموجب الفقرتين 19 و 23من القرار 1483 (2003)، ولا سيما الالتزام بالعمل فوراً على نقل الأموال وغيرها من الأصول والموارد الاقتصادية إلى صندوق التنمية للعراق من أجل مصلحة الشعب العراقي،
25- يطلب إلى الولايات المتحدة أن تقوم، نيابة عن القوة المتعددة الجنسيات المبينة في الفقرة 13 أعلاه، بتقديم تقرير إلى مجلس الأمن عن جهود هذه القوة وما تحرزه من تقدم، حسب الاقتضاء، وذلك مرة كل ستة أشهر على الأقل،
26- يقرر أن يبقي هذه المسألة قيد نظره.
***
الملحق الرقم (5)
القرار 1546
الذي اتخــذه مجلـــس الأمـن فــي جلستــه 4987 المعقودة في 8 حزيران/ يونيه 2004
إن مجلس الأمن،
إذ يرحب ببدء مرحلة جديدة على طريق انتقال العراق إلى حكومة منتخبة انتخابا ديمقراطيا، وإذ يتطلع تحقيقا لهذه الغاية إلى إنهاء الاحتلال وتولي حكومة عراقية مؤقتة مستقلة وتامة السيادة لكامل المسؤولية والسلطة بحلول 30 حزيران/يونيه 2004،
وإذ يشير إلى جميع قراراته السابقة ذات الصلة بشأن العراق،
وإذ يعيد تأكيد استقلال العراق وسيادته ووحدته وسلامته الإقليمية،
وإذ يعيد أيضا تأكيد حق الشعب العراقي في أن يقرر بحرية مستقبله السياسي وفي السيطرة على موارده الطبيعية،
وإذ يسلم بأهمية الدعم الدولي، لا سيما الدعم المقدم من بلدان المنطقة والبلدان المجاورة للعراق والمنظمات الإقليمية، لشعب العراق في الجهود التي يبذلها لتحقيق الأمن والازدهار، وإذ يشير إلى أن التنفيذ الناجح لهذا القرار سيسهم في تحقيق الاستقرار الإقليمي،
وإذ يرحب بجهود المستشار الخاص للأمين العام الرامية إلى مساعدة شعب العراق على التوصل إلى تشكيل الحكومة المؤقتة للعراق، على النحو المبين في رسالة الأمين العام المؤرخة 7 حزيران/يونيه 2004 (S/2004/461)،
وإذ يحيط علما بحل مجلس الحكم العراقي، وإذ يرحب بالتقدم المحرز في تنفيذ ترتيبات الانتقال السياسي للعراق، المشار إليها في القرار 1511 (2003) المؤرخ 16 تشرين الأول/أكتوبر 2003،
وإذ يرحب بالتزام الحكومة المؤقتة للعراق بالعمل على إقامة عراق اتحادي ديمقراطي تعددي موحّد، يتوافر فيه كامل الاحترام للحقوق السياسية وحقوق الإنسان،
وإذ يشدد على ضرورة أن تحترم جميع الأطراف تراث العراق الأثري والتاريخي والثقافي والديني وأن تحمي هذا التراث،
وإذ يؤكد أهمية سيادة القانون، والمصالحة الوطنية، واحترام حقوق الإنسان بما فيها حقوق المرأة، والحريات الأساسية، والديمقراطية، بما في ذلك الانتخابات الحرة والنـزيهة،
إذ يشير إلى إنشاء بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق في 14 آب/ أغسطس 2003، وإذ يؤكد أن الأمم المتحدة ينبغي أن تؤدي دورا رئيسيا في مساعدة الشعب العراقي والحكومة العراقية في تكوين المؤسسات اللازمة للحكم التمثيلي،
وإذ يسلم بأن الدعم الدولي لاستعادة الاستقرار والأمن أمر ضروري لرفاه شعب العراق، فضلا عن تمكين جميع المعنيين من الاضطلاع بعملهم لصالح شعب العراق، وإذ يرحب بإسهامات الدول الأعضاء في هذا الصدد في إطار القرار 1483 (2003) المؤرخ 22 أيار/مايو 2003 والقرار 1511 (2003)،
وإذ يشير إلى التقرير المقدم من الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن في 16 نيسان/ أبريل 2004 بشأن جهود القوة المتعددة الجنسيات وما أحرزته من تقدم،
وإذ يقر بتلقي الطلب الوارد في الرسالة المؤرخة 5 حزيران/ يونيه 2004 الموجهة إلى رئيس المجلس من رئيس وزراء الحكومة المؤقتة للعراق، والمرفقة بهذا القرار، بالإبقاء على وجود القوة المتعددة الجنسيات،
وإذ يقر أيضا بأهمية موافقة حكومة العراق ذات السيادة فيما يتعلق بوجود القوة المتعددة الجنسيات وأهمية التنسيق الوثيق بين القوة المتعددة الجنسيات وتلك الحكومة،
وإذ يرحب باستعداد القوة المتعددة الجنسيات لمواصلة الجهود الرامية إلى المساهمة في صون الأمن والاستقرار في العراق دعما للانتقال السياسي، لا سيما فيما يتعلق بالانتخابات المقبلة، ولتوفير الأمن لوجود الأمم المتحدة في العراق، على النحو المبين في الرسالة المؤرخة 5 حزيران/يونيه 2004 الموجهة إلى رئيس المجلس من وزير خارجية الولايات المتحدة، والمرفقة بهذا القرار ،
وإذ يحيط علما بالتزام جميع القوات العاملة على صون الأمن والاستقرار في العراق بالتصرف وفقا للقانون الدولي، بما في ذلك الالتزامات المقررة بموجب القانون الإنساني الدولي، وبالتعاون مع المنظمات الدولية ذات الصلة،
وإذ يؤكد أهمية المساعدة الدولية في إعادة بناء الاقتصاد العراقي وتنميته،
وإذ يسلم بالفوائد التي تعود على العراق من الحصانات والامتيازات التي تتمتع بها الإيرادات النفطية العراقية وصندوق التنمية للعراق، وإذ يشير إلى أهمية كفالة استمرار الإنفاق من هذا الصندوق من جانب الحكومة المؤقتة للعراق والحكومات التي تخلفها، بعد حل سلطة الائتلاف المؤقتة،
وإذ يقرر أن الحالة في العراق لا تزال تشكل تهديدا للسلام والأمن الدوليين،
وإذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة،
1-يقر تشكيل حكومة ذات سيادة للعراق، على النحو الذي عُرض به في 1 حزيران/يونيه 2004، تتولى كامل المسؤولية والسلطة بحلول 30 حزيران/يونيه 2004 لحكم العراق مع الامتناع عن اتخاذ أي إجراءات تؤثر على مصير العراق فيما يتجاوز الفترة المؤقتة المحدودة، إلى أن تتولى حكومة انتقالية منتخبة مقاليد الحكم على النحو المتوخى في الفقرة الرابعة أدناه؛
2-يرحب بأنه سيتم، بحلول 30 حزيران/يونيه 2004 أيضا، انتهاء الاحتلال، وانتهاء وجود سلطة الائتلاف المؤقتة، وبأن العراق سيؤكد من جديد سيادته الكاملة؛
3-يعيد تأكيد حق الشعب العراقي في تقرير مستقبله السياسي بحرية وفي ممارسة كامل السلطة والسيطرة على موارده المالية والطبيعية؛
4-يقر الجدول الزمني المقترح للانتقال السياسي للعراق إلى الحكم الديمقراطي، ويشمل ما يلي:
أ-تشكيل حكومة مؤقتة ذات سيادة للعراق تتولى مسؤولية الحكم والسلطة بحلول 30 حزيران/يونيه 2004؛
ب-وعقد مؤتمر وطني يعكس تنوع المجتمع العراقي؛
ج-وإجراء انتخابات ديمقراطية مباشرة بحلول 31 كانون الأول/ديسمبر 2004، إذا أمكن ذلك، أو في موعد لا يتجاوز بأي حال من الأحوال 31 كانون الثاني/يناير 2005، لتشكيل جمعية وطنية انتقالية، تتولى جملة مسؤوليات منها تشكيل حكومة انتقالية للعراق وصياغة دستور دائم للعراق تمهيدا لقيام حكومة منتخبة انتخابا دستوريا بحلول 31 كانون الأول/ديسمبر 2005؛
5-يدعو حكومة العراق إلى أن تنظر في مسألة كيف يمكن لعقد اجتماع دولي أن يدعم العملية المذكورة أعلاه، ويشير إلى أنه سيرحب بعقد اجتماع من هذا القبيل لدعم الانتقال السياسي العراقي والانتعاش العراقي لفائدة شعب العراق، ولصالح الاستقرار في المنطقة؛
6-يهيب بالعراقيين كافة أن ينفذوا جميع هذه الترتيبات تنفيذا سلميا وكاملا، ويهيب بجميع الدول والمنظمات ذات الصلة أن تدعم هذا التنفيذ؛
7-يقرر أن يقوم الممثل الخاص للأمين العام وبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق، في سياق تنفيذ ولايتهما، وفقا لما تسمح به الظروف، لمساعدة الشعب العراقي والحكومة العراقية، بما يلي، وفقا لما تطلبه حكومة العراق:
أ-أداء دور رئيسي فيما يلي:
(1)-المساعدة في عقد مؤتمر وطني، خلال شهر تموز/يوليه 2004، لاختيار مجلس استشاري؛
(2)-تقديم المشورة والدعم إلى اللجنة الانتخابية المستقلة للعراق، فضلا عن الحكومة المؤقتة للعراق، والجمعية الوطنية الانتقالية بشأن عملية إجراء الانتخابات؛
(3)-تشجيع الحوار وبناء التوافق في الآراء على الصعيد الوطني بشأن صياغة شعب العراق لدستور وطني؛
ب-وأيضا:
(1)-تقديم المشورة إلى حكومة العراق في مجال توفير الخدمات المدنية والاجتماعية الفعالة؛
(2)-والمساهمـــة في تنسيق وإيصال مساعدات التعمير والتنمية والمساعدات الإنسانية؛
(3)-وتعزيز حماية حقوق الإنسان والمصالحة الوطنية والإصلاح القضائي والقانوني من أجل تعزيز سيادة القانون في العراق؛
(4)-وتقديم المشورة والمساعدة إلى حكومة العراق فيما يتعلق بالتخطيط الأولي لإجراء تعداد سكاني شامل في نهاية المطاف؛
8-يرحب بالجهود الجارية التي تبذلها الحكومة المؤقتة المقبلة للعراق لتكوين القوات الأمنية العراقية بما فيها القوات المسلحة العراقية (المشار إليها فيما يلي باسم ”القوات الأمنية العراقية“) التي تعمل تحت سلطة الحكومة المؤقتة للعراق والحكومات التي تخلفها، والتي ستؤدي دورا متزايدا بصورة تدريجية وستتولى في نهاية المطاف المسؤولية الكاملة عن صون الأمن والاستقرار في العراق؛
9-يشير إلى أن وجود القوة المتعددة الجنسيات في العراق هو بناء على طلب الحكومة المؤقتة المقبلة للعراق، ولذا فإنه يعيد تأكيد التفويض الممنوح للقوة المتعددة الجنسيات المنشأة تحت قيادة موحدة بموجب القرار 1511 (2003) مع إيلاء الاعتبار للرسالتين المرفقتين بهذا القرار ؛
10-يقرر أن تكون للقوة المتعددة الجنسيات سلطة اتخاذ جميع التدابير اللازمة للمساهمة في صون الأمن والاستقرار في العراق وفقا للرسالتين المرفقتين بهذا القرار اللتين تتضمنان، في جملة أمور، الإعراب عن طلب العراق استمرار وجود القوة المتعددة الجنسيات وتبينان مهامها، بما في ذلك عن طريق منع الإرهاب وردعه، بحيث تتمكن الأمم المتحدة، ضمن أمور أخرى، من إنجاز دورها في مساعدة الشعب العراقي على النحو المجمل في الفقرة السابعة أعلاه، وبحيث يستطيع الشعب العراقي أن ينفذ بحرية ودون تعرض للتخويف جدول العملية السياسية الزمني وبرنامجها وأن يستفيد من أنشطة التعمير والإصلاح؛
11-يرحب في هذا الصدد بالرسالتين المرفقتين بهذا القرار واللتين تقرران، في جملة أمور، أنه يجري إنشاء ترتيبات لإقامة شراكة أمنية بين حكومة العراق ذات السيادة والقوة المتعددة الجنسيات ولكفالة تحقيق التنسيق بينهما، ويشير أيضا في هذا الصدد إلى أن القوات الأمنية العراقية مسؤولة أمام الوزراء العراقيين المختصين، وأن حكومة العراق لديها السلطة لإلحاق قوات أمنية عراقية بالقوة المتعددة الجنسيات للاضطلاع بعمليات معها، وأن الهياكل الأمنية المذكورة في الرسالتين ستكون بمثابة محافل لحكومة العراق والقوة المتعددة الجنسيات للتوصل إلى اتفاق بشأن كامل نطاق المسائل الأمنية والمسائل المتعلقة بالسياسات، بما في ذلك السياسة المتصلة بالعمليات الهجومية الحساسة، وستكفل تحقيق شراكة كاملة بين القوات الأمنية العراقية والقوة المتعددة الجنسيات، من خلال التنسيق والتشاور على نحو وثيق؛
12-يقرر كذلك استعراض ولاية القوة المتعددة الجنسيات بناء على طلب حكومة العراق أو بعد مضي إثنى عشر شهرا من تاريخ اتخاذ هذا القرار ، على أن تنتهي هذه الولاية لدى اكتمال العملية السياسية المبينة في الفقرة 4 أعلاه، ويعلن أنه سينهي هذه الولاية قبل ذلك إذا طلبت حكومة العراق إنهاءها؛
13-يحيط علما بالنية المبينة في الرسالة المرفقة الواردة من وزير خارجية الولايات المتحدة لإنشاء كيان قائم بذاته في إطار القيادة الموحدة للقوة المتعددة الجنسيات تقتصر مهمته على توفير الأمن لوجود الأمم المتحدة في العراق، ويسلِّم بأن تنفيذ التدابير التي تهدف إلى توفير الأمن لموظفي منظومة الأمم المتحدة العاملين في العراق سيتطلب قدرا كبيرا من الموارد، ويطلب إلى الدول الأعضاء والمنظمات ذات الصلة تقديم هذه الموارد، بما في ذلك المساهمة في ذلك الكيان؛
14-يسلم بأن القوة المتعددة الجنسيات سوف تساعد أيضا في بناء قدرة القوات والمؤسسات الأمنية العراقية، من خلال برنامج للتجنيد والتدريب والتجهيز بالمعدات والتوجيه والرصد؛
15-يطلب إلى الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية تقديم المساعدة للقوة المتعددة الجنسيات، بما فيها القوات العسكرية، حسبما يتفق عليه مع حكومة العراق، للعمل على تلبية احتياجات الشعب العراقي إلى الأمن والاستقرار، وتقديم المساعدات الإنسانية ومساعدات التعمير، ودعم جهود بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق؛
16-يؤكد أهمية إنشاء شرطة عراقية فعالة، وإنفاذ مراقبة الحدود، وإنشاء هيئة لحماية المرافق تخضع لسيطرة وزارة الداخلية العراقية، وتخضع أيضا، في حالة هيئة حماية المرافق، لوزارات عراقية أخرى، من أجل صون القانون والنظام والأمن، بما في ذلك مكافحة الإرهاب، ويطلب إلى الدول الأعضاء والمنظمات الدولية مساعدة حكومة العراق على بناء قدرة هذه المؤسسات العراقية؛
17-يدين كافة أعمال الإرهاب في العراق ويؤكد من جديد التزامات الدول الأعضاء بموجب القرارات 1373 (2001) المؤرخ 28 أيلول/سبتمبر 2001، و 1267 (1999) المؤرخ 15 تشرين الأول/أكتوبر 1999، و 1333 (2000) المؤرخ 19 كانون الأول/ديسمبر 2000 و 1390 (2002) المؤرخ 16 كانون الثاني/يناير 2002، و 1455 (2003) المؤرخ 17 كانون الثاني/يناير 2003، و 1526 (2004) المؤرخ 30 كانون الثاني/يناير 2004، وغيرها من الالتزامات الدولية ذات الصلة، المتعلقة، في جملة أمور، بالأنشطة الإرهابية في العراق أو الناشئة من العراق أو ضد مواطنيه، ويؤكد مجددا، على وجه التحديد، دعوته إلى الدول الأعضاء أن تمنع عبور الإرهابيين إلى العراق ومنه، وتزويد الإرهابيين بالأسلحة، وتوفير التمويل لهم مما من شأنه دعم الإرهابيين، ويؤكد من جديد أهمية تعزيز تعاون بلدان المنطقة، ولا سيما البلدان المجاورة للعراق، في هذا الصدد؛
18-يسلِّم بأن الحكومة المؤقتة للعراق ستضطلع بالدور الرئيسي في تنسيق المساعدات الدولية المقدمة إلى العراق؛
19-يرحب بجهود الدول الأعضاء والمنظمات الدولية الرامية إلى دعم طلبات الحكومة المؤقتة للعراق لتوفير مساعدات تقنية وخبراء أثناء قيام العراق بإعادة بناء قدراته الإدارية؛
20-يكرر طلبه إلى الدول الأعضاء والمؤسسات المالية الدولية وغيرها من المنظمات تعزيز جهودها الرامية إلى مساعدة شعب العراق في التعمير وفي تنمية الاقتصاد العراقي، بما في ذلك توفير الخبراء الدوليين والموارد الضرورية عن طريق برنامج لتنسيق مساعدات الجهات المانحة؛
21-يقرر ألا يسري الحظر المتعلق ببيع أو توريد الأسلحة والأعتدة المتصلة بها إلى العراق بموجب القرارات السابقة على الأسلحة أو الأعتدة المتصلة بها اللازمة لحكومة العراق أو للقوة المتعددة الجنسيات لخدمة أغراض هذا القرار ، ويشدد على أهمية تقيد جميع الدول بها تقيدا صارما، ويشير إلى أهمية الدول المجاورة للعراق في هذا الصدد، ويطلب إلى حكومة العراق والقوة المتعددة الجنسيات ضمان وضع إجراءات تنفيذ ملائمة؛
22-يشير إلى أنه لا يوجد في الفقرة السابقة ما يمس الحظر المفروض على الدول أو التزاماتها فيما يتعلق بالبنود المحددة في الفقرتين 8 و 12 من القرار 687 (1991) المؤرخ 3 نيسان/أبريل 1991 أو الأنشطة الوارد وصفها في الفقرة 3 (و) من القرار 707 (1991) المؤرخ 15 آب/أغسطس 1991، ويؤكد من جديد اعتزامه إعادة النظر في ولايتي لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش والوكالة الدولية للطاقة الذرية؛
23-يطلب إلى الدول الأعضاء والمنظمات الدولية أن تستجيب لطلبات العراق للمساعدة في الجهود التي يبذلها العراق لإدماج قدامى المحاربين وأفراد الميليشيات السابقين في المجتمع العراقي؛
24-ينوه بأنه يلزم، بعد حل سلطة التحالف المؤقتة، أن يكون التصرف في أموال صندوق التنمية للعراق مرهونا على وجه الحصر بتوجيهات حكومة العراق، ويقرر أن يستخدم صندوق التنمية للعراق بطريقة شفافة ومنصفة ومن خلال الميزانية العراقية بما في ذلك لأغراض الوفاء بالالتزامات المستحقة على صندوق التنمية للعراق، وأن يستمر نفاذ ترتيبات إيداع عائدات صادرات النفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي، المنصوص عليها في الفقرة 20 من القرار 1483 (2003)، وأن يواصل المجلس الدولي للمشورة والرصد أنشطته في رصد صندوق التنمية للعراق وأن يضم فردا مؤهلا حسب الأصول تسميه حكومة العراق ليكون عضوا إضافيا به يتمتع بكامل حق التصويت، وأن تتخذ الترتيبات الملائمة لمواصلة إيداع العائدات المشار إليها في الفقرة 21 من القرار 1483 (2003)؛
25-يقرر كذلك أن يتم استعراض أحكام الفقرة السالفة الذكر المتعلقة بإيداع العائدات في صندوق التنمية للعراق والمتعلقة بدور المجلس الدولي للمشورة والرصد بناء على طلب الحكومة الانتقالية للعراق أو بعد مضي إثنى عشر شهرا من تاريخ اتخاذ هذا القرار ، وأن ينتهي العمل بتلك الأحكام لدى إنجاز العملية السياسية المبينة في الفقرة الرابعة أعلاه؛
26-يقرر، فيما يتصل بحل سلطة التحالف المؤقتة، أن تضطلع الحكومة المؤقتة للعراق وما يخلفها من الحكومات بالحقوق والمسؤوليات والالتزامات المتعلقة ببرنامج النفط مقابل الغذاء التي نقلت إلى السلطة، بما فيها كامل المسؤولية التشغيلية للبرنامج وأي التزامات تضطلع بها السلطة بصدد تلك المسؤولية، ومسؤولية ضمان التأكيد الموثق من جهة مستقلة لتسليم السلع، ويقرر كذلك أن تضطلع الحكومة المؤقتة للعراق وما يخلفها من حكومات، بعد فترة انتقالية مدتها 120 يوما من تاريخ اتخاذ هذا القرار ، بمسؤولية التصديق على تسليم السلع بموجب عقود سبق تحديد أولويتها، وأن يعتبر ذلك التصديق بمثابة التوثيق المستقل اللازم للإفراج عن الأموال المرتبطة بهذه العقود، مع التشاور، حسب الاقتضاء، لضمان سلاسة تنفيذ هذه الترتيبات؛
27-يقرر كذلك أن تظل أحكام الفقرة 22 من القرار 1483 (2003) سارية، فيما عدا أن الامتيازات والحصانات المنصوص عليها في تلك الفقرة لا تسري فيما يتعلق بأي حكم نهائي ناشيء عن التزام تعاقدي يدخل فيه العراق بعد 30 حزيران/ يونيه 2004؛
28-يرحب بالتزامات عديد من الدائنين، بمن فيهم المنتمون إلى نادي باريس، بتحديد سبل تخفيض الديون السيادية على العراق تخفيضا جوهريا، ويطلب إلى الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية دعم جهود العراق للتعمير، ويحث المؤسسات المالية الدولية والمانحين الثنائيين على اتخاذ إجراءات فورية لتوفير مجموعة كاملة من القروض والمساعدات المالية الأخرى للعراق، ويسلم بأن للحكومة المؤقتة للعراق سلطة إبرام وتنفيذ ما قد يلزم من اتفاقات وترتيبات أخرى في هذا الصدد، ويطلب إلى الدائنين والمؤسسات والمانحين أن يتناولوا هذه المسائل على سبيل الأولوية مع الحكومة المؤقتة للعراق وما يخلفها من حكومات؛
29-يذكّر باستمرار التزامات الدول الأعضاء بتجميد وتحويل أموال وأصول وموارد اقتصادية معينة إلى صندوق التنمية للعراق وفقا للفقرتين 19 و 23 من القرار 1483 (2003) والقرار 1518 (2003) المؤرخ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2003؛
30-يطلب إلى الأمين العام أن يقدم إلى المجلس في غضون ثلاثة أشهر من تاريخ اتخاذ هذا القرار تقريرا عن عمليات بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق، وتقريرا كل ثلاثة أشهر بعد ذلك عن التقدم المحرز نحو إجراء انتخابات وطنية والاضطلاع بكافة مسؤوليات البعثة؛
31-يطلب إلى الولايات المتحدة أن تقدم إلى المجلس، باسم القوة المتعددة الجنسيات، تقريرا في غضون ثلاثة أشهر من تاريخ اتخاذ هذا القرار عن الجهود التي تضطلع بها هذه القوة وما تحرزه من تقدم، وتقريرا كل ثلاثة أشهر بعد ذلك؛
32-يقرر أن يبقي المسألة قيد نظره الفعلي.
المرفق
نص الرسالتين الموجهتين إلى رئيس مجلس الأمن من رئيس وزراء الحكومة المؤقتــة للعــراق، الدكتور إيـاد علاوي، ووزير خارجية الولايات المتحدة، كولن ل. باول
5 حزيران/ يونيه 2004جمهورية العراق - مكتب رئيس الوزراء
صاحب السعادة،
بعد تعييني رئيسا لوزراء الحكومة المؤقتة للعراق، أكتب إليكم لأعرب عن التزام شعب العراق بإكمال عملية الانتقال السياسي وإقامة عراق حر وديمقراطي يكون شريكا في منع الإرهاب ومكافحته. وإننا، ونحن ندخل مرحلة جديدة حرجة ونسترجع سيادتنا الكاملة ونقترب من تنظيم انتخابات، سنكون بحاجة إلى مساعدة المجتمع الدولي.
وستبذل الحكومة المؤقتة للعراق قصاراها لتكون تلك الانتخابات ديمقراطية وحرة ونزيهة تماما. وسيظل الأمن والاستقرار عنصرين أساسيين في انتقالنا السياسي. بيد أنه لا تزال هناك في العراق قوات، من بينها عناصر أجنبية، تُعارض انتقالنا إلى السلم والديمقراطية والأمن. والحكومة مقرة العزم على التغلب على تلك القوات وإنشاء قوات أمن قادرة على توفير الأمن الكافي للشعب العراقي. وإلى أن نتمكن من توفير الأمن بأنفسنا، بما في ذلك الدفاع عن أرض العراق، وبحره وفضائه الجوي، نطلب دعم مجلس الأمن والمجتمع الدولي لسعينا هذا. إننا نطلب قرارا جديدا بشأن ولاية القوة المتعددة الجنسيات يسهم في حفظ الأمن في العراق، بما في ذلك عن طريق المهام والترتيبات الواردة في الرسالة التي وجهها وزير الخارجية كولن باول إلى رئيس مجلس الأمن للأمم المتحدة. وتطلب الحكومة أن يستعرض مجلس الأمن ولاية القوة المتعددة الجنسيات، بطلب من الحكومة الانتقالية للعراق، أو بعد إثني عشر شهراً من تاريخ اتخاذ ذلك القرار.
صاحب السعادة السيد لاورو ل. باخا، الإبن
رئيس مجلس الأمن/ الأمم المتحدة، -نيويورك
وللوفاء بمسؤولية الحكومة العراقية فيما يتصل بالأمن، أعتزم إنشاء هياكل أمنية مناسبة تسمح لحكومتي ولقوات الأمن العراقية بتولي تلك المسؤولية تدريجيا. ومن بين تلك الهياكل اللجنة الوزارية للأمن الوطني المؤلفة مني، رئيسا، ومن نائب رئيس الوزراء، ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل والمالية. وتضم اللجنة مستشار الأمن الوطني ومدير دائرة الاستعلامات الوطنية العراقية كعضوين استشاريين دائمين. وسيضع هذا المحفل الإطار العام للسياسة الأمنية العراقية. وإني أعتزم أن أدعو، حسب الاقتضاء، قائد القوة المتعددة الجنسيات، ونائبه، أو من يعينه قائد تلك القوة، وغيرهم من الأفراد المناسبين، إلى الحضور والاشتراك، وسنكون مستعدين لمناقشة آليات التنسيق والتعاون مع القوة. وستكون القوات العراقية المسلحة مسؤولة أمام رئيس الأركان ووزير الدفاع. وستكون القوات الأمنية الأخرى (الشرطة العراقية وحرس الحدود ودائرة حماية المرافق) مسؤولة أمام وزير الداخلية ووزراء آخرين في الحكومة.
وسيضع الوزراء ذوو الصلة أيضا آليات أخرى للتنسيق مع القوة المتعددة الجنسيات. وإني أعتزم أن أنشئ بالتعاون مع القوة المتعددة الجنسيات هيئات على الصُعد الوطني والإقليمي والمحلي تضم قادة القوات الأمنية وزعماء مدنيين لكفالة التنسيق بين القوات الأمنية العراقية والقوة المتعددة الجنسيات بشأن جميع السياسات والعمليات الأمنية، سعيا إلى تحقيق وحدة القيادة للعمليات العسكرية التي تشترك فيها القوات العراقية مع القوة المتعددة الجنسيات. وسيقوم كل من قادة القوة المتعددة الجنسيات والحكومة العراقية بإطلاع الجانب الآخر على أنشطتهم وبالتشاور بانتظام لكفالة تخصيص واستخدام الأفراد والموارد والمرافق بشكل فعال، وبتبادل المعلومات، وإحالة المسائل المدروسة إلى قادة الجانبين عند الاقتضاء. ومع تحسن القدرات العراقية، ستتولى القوات الأمنية العراقية المزيد من المسؤوليات تدريجيا.
وستكون الهياكل التي وصفتها في رسالتي هذه المجال الذي تتوصل فيه القوة المتعددة الجنسيات والحكومة العراقية إلى اتفاق بشأن جميع المسائل الأساسية المتعلقة بالأمن والسياسة العامة، بما في ذلك السياسات المتصلة بالعمليات الهجومية الحساسة، وستكفل شراكة كاملة بين القوات العراقية والقوة المتعددة الجنسيات، عن طريق التنسيق والتشاور الوثيقين. وبما أنه توجد مسائل حساسة بالنسبة لعدد من الحكومات ذات السيادة، بما فيها العراق والولايات المتحدة، فإنه ينبغي حلها في إطار من التفاهم بشأن شراكتنا الاستراتيجية. وسنتعاون عن كثب مع قيادة القوة المتعددة الجنسيات خلال الأسابيع القادمة لكفالة أن يكون لنا ذلك الإطار الاستراتيجي المتفق عليه.
إننا مستعدون لتولي المسؤولية السيادية لحكم العراق بحلول 30 حزيران/يونيه. وإننا مدركون تماما للصعوبات التي تواجهنا ولمسؤولياتنا إزاء الشعب العراقي. إن المسؤولية كبيرة وإننا بحاجة إلى دعم المجتمع الدولي لكي ننجح. وإننا نطلب من مجلس الأمن مساعدتنا فورا باتخاذ قرار لمجلس الأمن يعطينا الدعم اللازم.
إني أفهم أن المشتركين في تقديم مشروع القرار يعتزمون إرفاق هذه الرسالة بنص القرار المتعلق بالعراق، والذي يجري النظر فيه حاليا. وأرجوكم، في انتظار ذلك، أن تقدموا نسخا من هذه الرسالة إلى أعضاء المجلس في أقرب وقت ممكن.
توقيع الدكتور أياد علاوي

وزارة الخارجية واشنطن / 5 حزيران/ يونيه 2004
صاحب السعادة،
استجابة لطلب حكومة العراق استمرار وجود القوة المتعددة الجنسيات في العراق، وفي أعقاب المشاورات مع رئيس وزراء الحكومة المؤقتة العراقية أياد علاوي، أكتب إليكم لأؤكد أن القوة المتعددة الجنسيات مستعدة، تحت قيادة موحدة، أن تواصل الإسهام في حفظ الأمن في العراق، بما في ذلك عن طريق منع الإرهاب وردعه، وحماية إقليم العراق. وهدف القوة المتعددة الجنسيات هو مساعدة الشعب العراقي على إتمام الانتقال السياسي والسماح للأمم المتحدة وللمجتمع الدولي بالعمل لتيسير تعمير العراق.
وستتأثر قدرة الشعب العراقي على تحقيق أهدافه تأثرا كبيرا بالحالة الأمنية في العراق. ومثلما أثبتت الأحداث التي جدت مؤخرا، فإن استمرار الهجمات التي يشنها المتمردون، بمن فيهم عناصر من النظام السابق، ومحاربون أجانب، وميليشيات غير قانونية يُمثل تحديا لجميع من يعملون من أجل تحسين الحالة في العراق.
إن إقامة شراكة أمنية تتسم بالفعالية والتعاون بين القوة المتعددة الجنسيات وحكومة العراق ذات السيادة أمر أساسي في استقرار العراق. وسيعمل قائد القوة المتعددة الجنسيات في شراكة مع حكومة العراق ذات السيادة للمساعدة على توفير الأمن مع الاعتراف بسيادتها واحترامها. وتحقيقا لذلك، فإن القوة المتعددة الجنسيات مستعدة للمشاركة في مناقشات مع اللجنة الوزارية للأمن الوطني بشأن إطار واسع للسياسات الأمنية، مثلما أشير إلى ذلك في رسالة السيد علاوي، رئيس وزراء الحكومة المؤقتة للعراق، المؤرخة 5 حزيران/يونيه 2004. وفيما يتعلق بتنفيذ هذه السياسة، ستقوم القوة المتعددة الجنسيات، تسليما منها بأن القوات الأمنية العراقية مسؤولة أمام الوزراء العراقيين المناسبين، بالتنسيق مع القوات الأمنية العراقية على جميع الصُعد الوطني والإقليمي والمحلي سعيا إلى تحقيق وحدة القيـادة.
صاحب السعادة السيد لاورو ل. باخا، الإبن
رئيس مجلس الأمن - الأمم المتحدة، -نيويورك
العمليات العسكرية التي تشترك فيها القوات العراقية مع القوة المتعددة الجنسيات. وإضافة إلى ذلك، سيقـوم كـل من قادة القوة المتعددة الجنسيات والحكومة العراقية بإطلاع الجانب الآخر على أنشطتهم وبالتشاور بانتظام لكفالة تخصيص واستخدام الأفراد والموارد والمرافق بشكل فعال، وبتبادل المعلومات، وإحالة المسائل المدروسة إلى قادة الجانبين عن الاقتضاء. وسنعمل في الأطر التي وصفها رئيس الوزراء علاوي في رسالته المؤرخة 5 حزيران/يونيه للتوصل إلى اتفاق بشأن جميع المسائل الأساسية المتعلقة بالأمن والسياسة العامة، بما في ذلك السياسات المتصلة بالعمليات الهجومية الحساسة، وسنكفل شراكة كاملة بين القوة المتعددة الجنسيات والقوات العراقية عن طريق التنسيق والتشاور الوثيقين.
والقوة المتعددة الجنسيات مستعدة، في إطار الترتيبات المتفق عليها، لمواصلة مجموعة كاملة من المهام للإسهام في صون الأمن وكفالة حماية القوة. ويشمل ذلك الأنشطة اللازمة للتصدي للمخاطر الأمنية القائمة التي تمثلها قوات تسعى إلى التأثير على مستقبل العراق السياسي عن طريق العنف. وستتضمن تلك الأنشطة عمليات قتالية ضد أفراد تلك الجماعات، واحتجاز أشخاص عندما تتطلب مقتضيات الأمن ذلك، واستمرار البحث عن الأسلحة التي تهدد أمن العراق وتأمينها. ومن الأهداف الأخرى تدريب وتجهيز قوات الأمن العراقية التي ستتولى مسؤولية متزايدة في صون أمن العراق. والقوة المتعددة الجنسيات مستعدة أيضا، عند الاقتضاء، للاشتراك في تقديم المساعدة الإنسانية، وتقديم الدعم في مجال الشؤون المدنية والمساعدة على الإنعاش والتعمير التي طلبتها الحكومة المؤقتة العراقية ووفقا لقرارات مجلس الأمن السابقة.
والقوة المتعددة الجنسيات مستعدة أيضا لإنشاء أو دعم قوة داخل القوة المتعددة الجنسيات توفر الأمن لأفراد الأمم المتحدة ومرافقها. وقد تشاورنا عن كثب مع موظفي الأمم المتحدة بشأن احتياجات الأمم المتحدة الأمنية وإننا نعتقد أن دعم الجهود الأمنية التي تبذلها الأمم المتحدة يتطلب قوة بحجم لواء. وستكون هذه القوة تحت قيادة ومراقبة قائد القوة المتعددة الجنسيات وستشمل مهامها الأمن الموقعي والمحيطي في مرافق الأمم المتحدة، ومهام مرافقة القوافل التي يتطلبها سفر أفراد بعثات الأمم المتحدة.
ولكي تواصل القوة المتعددة الجنسيات الإسهام في توفير الأمن ينبغي لها أن تظل تعمل في إطار يعطيها وأفرادها المركز الذي يمكِّنها من الوفاء بمهمتها، وتكون فيه الدول المساهمة مسؤولة عن ممارسة الولاية على الأفراد التابعين لها، ويكفل الترتيبات لتوفير الإمكانيات واستخدام القوة المتعددة الجنسيات لها. والإطار القائم حاليا الذي يحكم هذه المسائل يكفي لهذه الأغراض. كما أن القوات التي تتألف منها القوة المتعددة الجنسيات ملتزمة وستبقى كذلك في جميع الأوقات بالتصرف وفقا لالتزاماتها بموجب قانون المنازعات المسلحة، بما فيها اتفاقيات جنيف.
والقوة المتعددة الجنسيات مستعدة لمواصلة جهودها الحالية للمساعدة على توفير بيئة تسمح للمجتمع الدولي بأكمله بالقيام بدوره الهام في تيسير تعمير العراق. وإننا إذ نفي بهذه المسؤوليات في الفترة القادمة، فإننا نتصرف في ظل الاعتراف الكامل بسيادة العراق واحترامها. وإننا نتطلع إلى رؤية بقية الدول والمنظمات الدولية والإقليمية تساعد شعب العراق والحكومة العراقية ذات السيادة للتغلب على التحديات التي ستواجههما في بناء بلد ديمقراطي وآمن ومزدهر.
ويعتزم المشتركون في تقديم مشروع القرار إرفاق هذه الرسالة بنص القرار المتعلق بالعراق والذي يجري النظر فيه حاليا. وأرجوكم، في انتظار ذلك، أن تقدموا نسخا من هذه الرسالة إلى أعضاء المجلس في أقرب وقت ممكن.
توقيع كولن ل. باول
***
الملحق الرقم (6)
قرار مجلس الأمن 1546 تدوير لزوايا الاحتلال وتشريع دولي للموقف الأميركي
شبكة البصرة / بقلم المحامي حسن بيان - لبنان
صحت التسريبات أم لم تصح عن تقديم الأخضر الإبراهيمي لاستقالته من مهمته كمبعوث للأمين العام للأمم المتحدة، فأن كلامه الذي أطلقه في بغداد وقبل أن يجف حبر التوقيع على قرار تشكيل الحكومة العراقية الجديدة ووصفه للحاكم الأميركي - بريمر بأنه ديكتاتور لأنه يحوز على سلطتي المال والتوقيع يختصر الوضع السياسي في مرحلة ما قبل إعلان ولادة الحكومة الجديدة وأثناء الاتصالات لتشكيلها وامتداداً إلى مرحلة ما بعد الثلاثين من حزيران.
إن الإبراهيمي أدلى بموقفه المختصر والمعبر، لأنه عايش على الأرض، آلية العملية السياسية لإدارة العراق على كافة الصعد وفي كافة الميادين والمجالات. فهو عندما جاء إلى العراق كمبعوث خاص للأمين العام، قال أنه يملك رؤية متكاملة لإدارة العملية السياسية، وأن دوره ليس استشارياً بل يرتقي إلى حد التقرير.
لكن بعد شهر ونيف، ثبت بالوقائع، أن دور الإبراهيمي كان هامشياً في تحديد الاتجاهات الأساسية لإدارة العملية السياسية، ولم يتجاوز دوره الصفة الاستشارية، بحيث لم يؤخذ برأيه ولا بوجهه نظره حول آلية نقل السلطة وحول أسس التشكيلة السياسية.
وإذا كان الأخضر الإبراهيمي، قد فوجئ بالنتيجة التي تمخضت عنها مهمته في العراق لجهة هامشية التأثير والفعالية، والتي يمكن أن تكون السبب وراء تسريب الخبر عن الاستقالة، إلا أن المتابع تطورت الوضع على ساحة العراق قبل بدء العدوان عليه ومنذ لحظة وقوعه تحت الاحتلال وحتى هذه اللحظة لا يفاجأ بما آلت إليه مهمة الإبراهيمي.
فالأمم المتحدة التي لم تستطع أن تردع أميركا عن شن الحرب على العراق، والتي ليست في الموقع الذي يجعلها مرجعية على صعيد اتخاذ القرار سياسياً وعسكرياً، لا يمكن أن يتجاوز دورها حدود الاستشارة وحدود الاتكاء الأميركي عليها لتجاوز التعثر الذي أصاب الآليات التنفيذية للخطة الأميركية، حيال العراق وبسبب المقاومة بالدرجة الأولى.
لو كان الأخضر الإبراهيمي قدم استقالة، أو طلب إعفاءه من مهمته قبل إعلان ولادة الحكومة العراقية الجديدة وقبيل عرض أميركا وبريطانيا لمشروعهما على مجلس الأمن، لكان الموقف أحدث صدى سياسياً أفعل وأقوى. أما أن يأتي وقد صدر قرار مجلس الأمن رقم 1546، فلم يعد للاستقالة أو للإعفاء نفس الوهج السياسي الذي كان يمكن أن يحصل، إلا لجهة تقديم أدلة ثبوتية على ترجيح وجهة النظر التي تقول بأنه لم يحدث تعديل جوهري على الاستراتيجية الأميركية.
إن قرار مجلس الأمن الرقم 1546 الذي صدر بعد مشاورات وتعديلات من هنا وهناك هو ولا شك محطة سياسية في سياق التعاطي مع موضوع العراق. وأن النظر إليه يختلف باختلاف الارضية السياسية التي يقف عليها المتعاطون بالشأن العراقي والمعنيون بتداعيات الوضع وتأثيراته على العراق كياناً ودوراً وعلى المنطقة العربية برمتها.
إن الذين ينظرون إلى القرار الدولي الجديد بإيجابية مفرطة عراقيون كانوا أم غير عراقيين هم الذين يقفون على أرضية الموقف الأميركي، ويروجون لوجهة النظر الأميركية، سواء في رؤيتها للوضع العراقي أو لما يتجاوز حدود العراق. وهؤلاء كانوا سيتخذون الموقف نفسه، أياً كانت الصياغة اللفظية للقرار لأنهم مقطورين بعجلة الموقف الأميركي ومحكومة تصرفاتهم بالاملاءات الأميركية.
أما الذين ينظرون إلى القرار من موقع وسطي معتبرين أن أميركا أدخلت تعديلاً جدياً على مشروعها في العراق، فهؤلاء وإن كانوا يحاولون التصرف وكأنهم وعلى قدر من الاستقلالية في تحديد خياراتهم السياسية في داخل العراق كانوا أم من خارجه، فهم في مواقفهم إنما يسعون لمسك العصا من نصفها ويضعون رجلاً في بور المرحلة الحالية ورجلاً في فلاحة المرحلة السابقة ممنين النفس بدور مستقبلي على قاعدة هذه الوسطية.
أما الفئة الثالثة التي لا ترى في القرار تحولاً جوهرياً في طبيعة المشروع الأميركي فهؤلاء لا يبنون وقفهم على أرضية الموقف المعارض والمقاوم للنهج الأميركي وحسب بل لأن القراءة السياسية الموضوعية جداً لهذا القرار توصل إلى نتيجة مفادها أن ليس ثمة تعديلاً جوهرياً طرأ على الخطة الأميركية. وأن ما يعتبره البعض تنازلات قدمتها أميركا للذين ابدوا تحفظات في البداية على القرار، إنما يندرج تحت عنوان إعادة صياغة الفقرات التي يرى فيها كل طرف استجابة لمطالبه.
إن ما يعتبره البعض تنازلات وتراجعات أميركية لا يعدو كونه مندرجاً في اطار الشكليات دون المساس بالجوهر والدليل على ذلك ما يأتي:
أولاً : البند الأول يسقط البندين 2 و 3 : ينص القرار في بنده الثاني على ما يأتي: يرحب (أي مجلس الأمن) بأنه سيتم بحلول 30 حزيران 2004 انتهاء الاحتلال، وانتهاء وجود سلطة الائتلاف المؤقتة، وبأن العراق سيؤكد من جديد سيادته الكاملة وفي البند (3) / يعيد تأكيد حق الشعب العراقي في تقرير مستقبله السياسي بحرية وفي ممارسة كامـل السلطة والسيطرة على موارده الطبيعية.
هذان البندان يشيران إلى انتهاء الاحتلال وإلى تأكيد حق الشعب العراقي في تقرير مستقبله السياسي بحرية لكن البند الأول ينص على أن الحكومة ذات السيادة تتولى المسؤولية والسلطة بحلول 30 حزيران / 2004 مع الامتناع عن اتخاذ أية إجراءات تؤثر على مصير العراق فيما يتجاوز الفترة المؤقتة المحدودة، إلى أن تتولى حكومة انتقالية منتخبة تقاليد الحكم على النحو المبين في الفقرة الرابعة.
إذاً، كيف يمكن أن يكون قد وضُع حدٌ لاحتلال العراق في 30/4/2004 وتكون الحكومة ذات مسؤولية وسلطة، ويمنع عليها وهي التي سميت حكومة ذات سيادة أن تتخذ اجراء يؤثر على مصير العراق فيما يتجاوز الفترة المؤقتة المحددة..
إن الإشارة إلى منع الحكومة التي سميت حكومة ذات سيادة عن اتخاذ أية اجراءات تؤثر على مصير العراق. يدل على مسألتين لا ثالث لهما: الأولى أن هذه الحكومة ليست ذات سيادة، والثانية أن مصير العراق ما يزال بيد الجهة التي تدير العراق عبر صيغ واجهية. وبالتالي فإن القول بأن الحكومة هي حكومة ذات سيادة للعراق مع الضوابط وعبارات المنع يعني، أن هذه الحكومة لا تملك من سلطة القرار إلا ما تخوله لها سلطة الاحتلال التي أصبحت في التسمية الجديدة وبوصف الأمم المتحدة سلطة الائتلاف أو القوة المتعددة الجنسية.
ثانياً : في اقتصار دور الأمم المتحدة على الصفة الاستشارية : من الرجوع إلى نص القرار 1546 وخاصة البند 7 وما يليه، يتبين أن هذا القرار يقصر دور الأمم المتحدة على المساعدة والصفة الاستشارية في الجوانب الخدماتية وذات الطابع المدني، ولا يتطرق لدور الأمم المتحدة فيما يتعلق بالشأنين الأمني العسكري وإدارة العملية السياسية. وهذا الدور الذي يعطيه القرار للهيئة الدولية لم يضف شيئاً على أسلوب التعامل السابق عبر حصر دور الأمم المتحدة بالجانب الخدماتي والمدني دون تناول الوضعين السياسي والعسكري.
الثلاثاء 27 ربيع الثاني 1425 / 15 حزيران 2004
***

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق