بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 22 يناير 2010

الجريمة الأميركية المنظمة في العراق (الكتاب الأول) (الفصل الثالث)

الفصل الثالث
الاحتيال والخداع من وسائل الجريمة المنظَّمة
ورد في وثيقة خاصة صادرة في أيلول/ سبتمبر 2002 عن الرئاسة الأمريكية بشأن «استراتيجية الولايات المتحدة الأمنية في المرحلة المقبلة» ما يلي: «إن إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي لا بدَّ من أن تنبع من المعتقدات الأمريكية الراسخة في العدل والحرية. فتلك المعتقدات هي التي ستقود ممارسات الإدارة الأمريكية تجاه العالم بأسره. وبناء على هذا، ستتخذ الإدارة الأمريكية الخطوات التالية (ومنها): إدانة كل اختراق أو انتهاك يهدد وجود الكرامة الإنسانية، وذلك من خلال المؤسسات والمنظمات الدولية». ومن أجل ذلك ستتبع الإدارة الأمريكية خطة مدروسة للقضاء على الإرهاب؛ وذلك بالتركيز على المنظمات الإرهابية المنتشرة عالمياً؛ وعلى أي إرهابي أو أي دولة داعمة للإرهاب، وداعمة لاستخدام أسلحة الدمار الشامل. والتخلص من التهديد وإزاحته من قبل أن يصل إلى الأراضي الأمريكية. و شن «حرب الأفكار» من خلال تشبيه الإرهاب بالرق والاستعباد والقرصنة والقتل الجماعي. ونزع فتيل الصراعات الإقليمية(*). ومنع الدول الضعيفة من امتلاك أسلحة الدمار الشامل،والحد من انتشارها، ومنع الخطر قبل وصوله إلى الأراضي الأمريكية. فعلى الولايات المتحدة أن تؤهل نفسها للرد على ما ينتج عن استخدام تلك الأسلحة من آثار وعواقب، على قاعدة أنها لا تستطيع أن تنتظر العدو لكي يبدأ بالضرب أولاً، فالردع المعتمد فقط على التهديد بالانتقام، لم يعد ذا تأثير. وبناء على ذلك، يتحتم على الإدارة الأمريكية أن يكون لديها من الضربات الوقائية ما يدفع عنها تلك الهجمات الإرهابية. ولهذا فإن الجيوش الأمريكية،التي كانت في يوم من الأيام مبنية بهدف ردع جيوش الحرب الباردة، لا بدَّ من أن تتحول الآن فتركز أكثر على كيفية اعتداء العدو، بدلاً من التركيز على مكان وتوقيت الاعتداء. ومن أجل مواجهة تحديات الأمن الحالية، التي تولدت بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر من العام 2000، ستكون الإدارة الأمريكية في حاجة شديدة إلى قواعد ومحطات في أوربا الغربية وفي شمال شرق آسيا؛ بالإضافة إلى ترتيبات وقتية لنشر القوات الأمريكية على المدى البعيد، وهذا يقتضي توفير عدة اختيارات عسكرية للرئيس الأمريكي، ليختار منها ما يشاء؛ وهو ما يثبط من إمكانيات الهجوم على الولايات المتحدة أو على الدول الصديقة. وبذل الجهد في توصيل ثقافة عامة عن أمريكا لتتعرف كل شعوب الأرض عليها. فالحرب الدائرة الآن هي حرب أفكار؛ ولا بدَّ من أن تكون الغلبة للولايات المتحدة. ومن أجل توطيد العلاقات مع الجناح الآسيوي سعت الإدارة الأمريكية إلى تأهيل اليابان لأن تلعب دوراً رائداً في الشئون الإقليمية والعالمية. والعمل مع كوريا الجنوبية لأخذ حذرها من كوريا الشمالية؛ وإقامة تحالف أمريكي-أسترالي يمتد لمدة خمسين سنة. والاحتفاظ بالقوات الأمريكية في المنطقة، وهو ما يعكس الانتماء الأمريكي للحلفاء الآسيويين، وتطوير استراتيجيات إقليمية وثنائية لإحداث تغيير في هذه المنطقة الديناميكية ( ).
ولكي تنفِّذ الولايات المتحدة استراتيجيتها، بما يتوافق مع مبدئها في «حرب الأفكار» كان لا بدَّ من إضفاء صفات الأهداف الإنسانية عليها. فراحت تغلفها بأقنعة خادعة. وتنقسم وسائل الخداع والتضليل الأميركي في عدوانها على العراق إلى قسمين: أولهما الذرائع الأساسية التي روَّجت لها وسائل إعلام إدارة جورج بوش. وثانيهما الذرائع الاحتياط التي تتلطى بها إذا انكشف الكذب عن الذرائع الأساسية. أما الذرائع الأساسية فتشمل: أسلحة الدمار الشامل، والتعاون مع تنظيم القاعدة:

أولاً: أسلحة الدمار الشامل
أجهدت الولايات المتحدة نفسها في سبيل إثبات حصول العراق على أسلحة للدمار الشامل، كذريعة ساقتها من أجل إقناع أعضاء مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار يسمح لها بشن العدوان عليه. ولما لم تنجح في محاولاتها اتخذت قرار الحرب بمن وافقها الرأي أو انصاع لضغوطها. ولم يعد بخاف على المراقب أنها خططت، بعد احتلال العراق، لوضع الجميع أمام حقائق ووقائع جديدة ترغمهم على تناسي الأسباب المعلنة، خاصة من خلال مساومتهم على الاستفادة مما تسميه «كعكة العراق». وبإغرائهم يتناسون القانون الدولي، وهي بدورها تتجاوز مخالفته وتضعه من ورائها.
وانسجاماً مع خطتها الشاملة احتلت العراق. ولما حسبت أنها خلقت وقائع جديدة فيه، وما كادت تنتقل إلى مرحلة إغراء دول الرأسمال العالمي لدفعهم إلى التواطؤ معها لقاء إعطائهم حصة فيما تسميه «الكعكة العراقية»، على أن يغضوا الطرف عن تجاوزها قانونية أو عدم قانونية الأسباب التي خاضت الحرب على أساسها، أصيبت بانتكاسة فرضتها المقاومة العراقية عندما منعتها من تحقيق أهدافها في السيطرة السياسية والاقتصادية على ثرواته. وبها فقدت «الكعكة العراقية» بريقها وطعمها اللذيذ. ولأن الكعكة كانت مملوءة بالشوك فحالت المقاومة العراقية دون الإدارة الأميركية والتهامها. وإذا كان ابتلاعها صعباً على الإدارة الأميركية، فهي لم تعد تشكل الجاذب الذي يغري شركات الدول التي أسهمت في العدوان على العراق إلى جانب أميركا، وأراحت الدول التي مانعت الحرب لأن الإدارة الأميركية عاقبتها وحرمتها من الكعكة العراقية إلاَّ على قاعدة ابتزازها.
كان من الممكن أن تنصاع تلك الدول استجابة لمصالحها الخاصة لو كانت «الكعكة» حاضرة للأكل. أو لو استطاعت الولايات المتحدة أن تحصل على إثبات ما يؤكد امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل. ولما لم تحصل أميركا، من احتلال العراق، على هذه أو تلك، حُشرت في الزاوية لأن المقاومة جرَّدتها من السلاح الأول، ولأن مصداقية النظام السياسي السابق قد تأكَّدت بعد فشل الإدارة من الحصول على دليل واحد يكذبها.
ومنذ تلك اللحظة، تعزَّزت الأسباب أمام القوى المناهضة للعدوان الأميركي، لكي تشن حرباً إعلامية ضد الإدارة الأميركية، كاشفة كل يوم عن أسباب جديدة تندد فيه بكذب إدارة بوش حول هذا الجانب. ولأن مهمة التوثيق تتطلب منا حشد ما يمكن حشده من وقائع حول هذا الجانب، نرى من الأفضل أن نوثقها على الشكل التالي:
أكَّد العراقيون، قبل الاحتلال، أن البرنامج النووي العراقي قد توقَّف بعد العدوان الثلاثيني في العام 1991م. وحول ذلك أدلى الدكتور جعفر ضياء جعفر بمعلومات عن ذلك: إن تطور الأسلحة النووية في العراق توقف في العام 1991 بأمر من الرئيس صدام حسين نفسه. وصلت أوامر بتسليم المعدات إلى الحرس الجمهوري، وصدرت أوامر بإتلافها. كما أن العراق لم يكن ليحصل على المواد اللازمة للاستمرار في البرنامج النووي في ظل نظام العقوبات الذي كان مفروضاً على البلاد. ولم تكن هناك قدرات، ولم تكن هناك أسلحة كيمائية أو بيولوجية أو أي من تلك المسماة أسلحة الدمار الشامل( ).

1-محاولات الإدارة من أجل الحصول على أدلة تعطي لذرائعها بعض المصداقية:
-قبل العدوان: حاول كولن باول، وزير الخارجية الأميركية السابق، أن يُثبت للدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي أن العراق يمتلك تلك الأسلحة. وعرض أمامهم شرائط فيديو كدليل إثبات. ولكنه بعد أن وصل إلى حقيقة عدم وجود الأسلحة بعد احتلال العراق، صرَّح نقلاً عن المجلة الألمانية (ستيرن)، قائلاً إنه غضب جداً عندما اكتشف أنه ضُلل في المعلومات حول برنامج تطوير أسلحة الدمار الشامل في العراق، وأشار بشكل غير مباشر إلى أن ذلك شكّل بداية نهاية مسيرته السياسية( ).
-وبعد الاحتلال: كلَّفت الإدارة الأميركية، ديفيد كاي، بمهمة التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في العراق. وبعد انتهاء مهمته، استقال في 23 كانون الثاني/يناير من العام 2004م، معلناً أنه لا يعتقد بأن صدام حسين كان يملك أسلحة دمار شامل.
ولأن تقريره لا يخدم إدارة بوش، ويترتب عليه نتائج سياسية وخيمة عليها. قامت بتكليف لجنة أخرى يترأسها تشارلز دولفر، المستشار الخاص لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سى آى إيه). وصرَّح المذكور أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس أن «استراتيجيتي هي تحديد نوايا النظام لجميع الأنشطة التي ركز عليها فريق التفتيش في العراق»( ). .وأُعلنت نهاية مهمته بعد أن أقرَّ في تقرير قدَّمه في شهر أيلول/ سبتمبر من العام 2004م، وخلص فيه إلى أن العراق لم يكن لديه مخزونات من أسلحة الدمار الشامل قبل الحرب . كما أن برنامجه النووي كان قد أصابه الاضمحلال قبل الغزو، الذي قادته الولايات المتحدة في 2003 وذلك خلافاً لتأكيدات إدارة بوش قبل الحرب( ).
وهذا التقرير هو الملحق النهائي لتقرير قدمه المفتشون، في أيلول/ سبتمبر 2004، وخلص إلى أن العراق لم تكن لديه مخزونات أسلحة بيولوجية وكيماوية قبل الحرب. ولأن سياسة الإدارة الأميركية كانت تذهب من كذبة إلى كذبة أخرى، وبعد أن تأكَّدت كذبتها الأولى، راحت تلقي التهمة على سوريا مدَّعية أن العراق نقل أسلحته إلى سوريا، فجاء في التقرير الجديد الذي نشر على موقع المخابرات الأمريكية (السي.آي.إيه) على الإنترنت: «من غير المرجح استناداً للأدلة المتاحة... أن يكون قد حدث نقل على مستوى رسمي لمواد تتعلق بأسلحة الدمار الشامل من العراق إلى سوريا». وأضاف أن التحقيق المتعلق بأسلحة الدمار الشامل غطى كل الجوانب الممكنة عملياً، وأنه ما من سبب يدعو لاستمرار احتجاز كثير من العراقيين الذين اعتقلوا في إطار العملية. وجاء في التقرير: «إن التحقيق المتعلق بأسلحة الدمار الشامل إضافة إلى استخلاص المعلومات من المحتجزين في إطار هذا التحقيق قد تطرقا إلى كافة الجوانب بعد أكثر من 18 شهراً من بدئه»( ).
وتعليقاً على مهمة المذكور، أكَّد عالم أسترالي، شارك في عمليات التفتيش الأمريكية عن أسلحة الدمار الشامل المزعومة في العراق، أن وكالة المخابرات المركزية (سي أي إيه) تدخلت في تقريره عن هذه الأسلحة المزعومة من أجل إثبات وجودها في العراق( ).
في هذا الإطار، شغل التقرير الأمريكي عن فضيحة أسلحة الدمار الشامل في العراق، مكانة بارزة. وقالت الغارديان إن التقرير يلوم بشكل أساسي وكالة الاستخبارات الأمريكية، معتبراً أنها لفقت المعلومات من أجل تبرير الحرب على العراق. وقد أعدّت التقرير الذي ورد في 400 صفحة، لجنة رئاسية أجرت تحقيقات سرية لمدة 14 شهراً( ).
وبريطانيا، طوني بلير، الشريك الثاني في جريمة العدوان على العراق تحت ذريعة امتلاكه أسلحة الدمار الشامل، اهتمت بالتحقيق. فكلَّفت اللورد باتلر.
اعترف التقرير السنوي للجنة الاستخبارات والأمن التابعة للبرلمان أنها أخطأت بشأن أسلحة الدمار الشامل، التي يمتلكها العراق، والتي كانت ذريعة لشن الحرب عليه. وانتقدت اللجنة بشدة نقص الاتصال بين الوزراء ووكالة الاستخبارات السرية الخارجية. كما أشار إلى عدم وجود أدلة على ما زعمته لجنة الاستخبارات المشتركة في 2002، من أن العراق لديه حوالي 20 صاروخاً باليستياً. أما عن مزاعم احتفاظ العراق بمخزون من المواد الكيماوية، وقدرته على إنتاج كميات كبيرة من غاز الخردل في غضون أسابيع، وغاز السارين في غضون أشهر، فقد أقر التقرير برغم وجود القدرة على إنتاج بعض المواد أنه لا يوجد دليل مادي على ذلك. كما نفى ما ورد بشأن امتلاك العراق لعدد من المواد البيولوجية، وقدرته على إنتاج المزيد من تلك المواد في غضون أيام( ).

2-ردود الأفعال الأميركية وغير الأميركية حول كذب الإدارة في ذرائعها:
- قالت نانسي بيلوسي زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب الأمريكي، في أوائل العام 2005م: «بتذرعه باستمرار عمليات البحث لمجموعة مسح العراق فإن الرئيس بوش رفض التسليم بالشيء الذي بدا واضحاً منذ أشهر»( ) .
-يقول نعوم شومسكي: مبدئياً الولايات المتحدة لم تضع سابقة في التاريخ بما فعلته في العراق، فمبدأ الضربة الاستباقية متأصل تاريخياً. وكانت دائماً مبرراً وغطاء للعدوان، وكل من قام بالعدوان في التاريخ استعمل الحيلة نفسها. فالحالة الأمريكية ضد العراق هي حالة عدوان ظاهر لم يهدف إلي استباق أي خطر. وهو خرق النظام الدولي، وجريمة اقترفتها أميركا بسبب قوتها، وتبع ذلك كل ما نتج عن هذا العدوان من جرائم( ).
- وصف سكوت ريتر، الرئيس السابق لفرق التفتيش الدولية عن الأسلحة العراقية المحظورة، منذ العام 1991 حتى العام 1998، إعلان البيت الأبيض عن أن الولايات المتحدة ستنهي رسمياً عمليات البحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق بأنه وضع نهاية لأبشع شكل من أشكال الخداع الدولي في الأزمنة الحديثة. واعتبر غزو العراق بأنه أبشع جريمة ترتكب. وقال إذا علَّمنا التاريخ شيئاً منها فهو أن ندين الأفراد والدول التي ارتكبت الجريمة، والبلدان التي أغمضت أعينها وسدت آذانها أثناء ارتكابها( ).
-وبعد سبعة أشهر من توصل فريق المفتشين الأمريكيين عن أسلحة العراق لنتيجة فاشلة، أعرب تينيت، المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية (سي.آي.أيه)، عن ندمه بشأن إبلاغه البيت الأبيض أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل( ).
3-النتائج القانونية المترتبة على إثبات عدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق:
اعتبرت هيئة الدفاع عن الرئيس صدام حسين أن تقرير الكونغرس الأميركي بعدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق يخدم بشكل كبير قضية الدفاع عن الرئيس العراقي السابق وأركان نظامه. كما يُظهر أن الاحتلال الأميركي للعراق عملية باطلة لا تستند إلى أي أساس قانوني. وقررت الهيئة رفع دعوى ضد الولايات المتحدة في إحدى المحاكم الأميركية ببطلان العدوان الأميركي على العراق، وعدم الاعتراف بنتائجه، وبالتالي إعادة الأمور إلى نصابها قبل العدوان. وأوضحت اللجنة أن قرار الكونغرس بخلو العراق من أسلحة الدمار الشامل قد سحب البساط من تحت أقدام الإدارة الأميركية لتبرير عدوانها على العراق، واحتلاله، والإطاحة برئيسه الشرعي، والحكومة الشرعية التي كانت قائمة قبل الاحتلال. وأوضحت الهيئة أن القرار اتخذ بالتشاور مع عدد من المحامين المختصين بالقانون الدولي من بينهم المحامي الفرنسي ايمانويل لودو والمحامي الأميركي كيرتس دوبلير، مشيرة إلى أنه تم تكليف الأخير بإقامة الدعوى أمام المحاكم الأميركية. وقال زياد الخصاونة(•)إن تقرير الكونغرس الأميركي سيكون له أثر كبير أمام المحكمة فهو دليل كاف على بطلان الأسباب التي خاضت الإدارة الأميركية الحرب من أجلها، موضحاً أن فحوى الدعوى تقوم على إلغاء نتائج الحرب بعد ثبوت عدم شرعيتها، الأمر الذي يعني إطلاق سراح صدام حسين ومساعديه وإنهاء الاحتلال الأميركي للعراق( ).
هذا التقرير نشرته الواشنطن بوست الأمريكية قائلة: صدر تقرير أسلحة الدمار الشامل في العراق والذي طال انتظاره. العراق بلد يخلو من أية أسلحة محرمة، هذه البراءة لا تتعلق بالعراق وحده، بل ظهرت أيضا براءة سوريا التي لم تخف أسلحة الدمار الشامل هي الأخرى ولم تعمل في الخفاء كما زعمت الإدارة الأمريكية( ).
ثانياً: التعاون مع القاعدة
بينما زعم بوش، في أكتوبر 2002م، أن العراق درّب عناصر من تنظيم القاعدة على صنع القنابل، أكدت وثائق المخابرات الأمريكية عدم وجود معلومات تؤكد هذا الأمر، كما أن كثيرًا منها كانت مبنية على إشاعات( ).
وكشف السناتور الأمريكي الديمقراطي (كارل ليفين) أن المخابرات الأمريكية كانت تشكك بوجود علاقة بين نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وتنظيم القاعدة، برغم أن الإدارة الأمريكية استخدمت هذا الإدعاء في إطار تبريرها للعدوان على العراق. ونقلت وكالة (فرانس برس) عنه قوله: إن وثائق سرية حصل عليها تعتبر دليلاً مهمًا على أن المخابرات لم تكن تعتقد أن هناك علاقة تعاون بين العراق والقاعدة، على الرغم من تصريحات المسئولين الأمريكيين الكبار التي تخالف ذلك. وأضاف في بيان له: إن هذه الوثائق تنفي بشكل أساسي تأكيدات الإدارة الأمريكية أن العراق درّب عناصر من القاعدة، أو وجود لقاء بين (محمد عطا)، أحد منفذي هجمات 11 سبتمبر، ومسئول في المخابرات العراقية في براغ في نيسان/ أبريل 2001م.

ثالثاً:الذرائع الاحتياط وأهدافها التعتيم على الذرائع الأساسية ومسحها من الذاكرة
إنقسمت الذرائع الاحتياط إلى نوعين الأول منها سياسي ومن أهمها «تحرير العراق من الديكتاتورية». والثاني له صلة بمواصفات الإرهاب واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، وهما حالة حلبجة والمقابر الجماعية.

1-حالة حلبجة واستخدام الأسلحة الكيماوية:
كانت قضية حلبجة(*) واحدة من أخطر الاتهامات التي وجهت للقيادة العراقية، حيث قامت الإدارة بتوظيف عدد من شركات الدعاية الأمريكية والصهيونية المتخصصة لإصدار مجموعة من الوثائق والأفلام التي جرت إذاعتها على نطاق واسع. وفيها تبدو المأساة الإنسانية المفجعة التي تم تحميل مسئوليتها للرئيس صدام حسين وأركان نظامه( ).
إن الاتهام أساساً، لم يصدر سوى عن جماعتين من عشرات الجماعات التي أعطت تقارير مغايرة، هما منظمة حقوق الإنسان الأمريكية وجمعية أطباء تابعة لها، وهما محشوتان بأعضاء من المعارضة الكردية، وأعضاء ذوي صلة بالإدارات الأمريكية( ).
لقد كلفت وزارة الدفاع الأمريكية في العام 1990 لجنة من الخبراء والمتخصصين بمعهد الدراسات الإستراتيجية بكلية الحرب العسكرية الأمريكية في بنسلفانيا، وبعد دراسة الموضوع من جوانبه كافة قدم الخبراء تقريراً في 93 صفحة يحوي معلومات مهمة عن قدرات الجيش العراقي وتفاصيل ما جري في حلبجة يوم 16 آذار/ مارس .1988
نشرت جريدة نيويورك تايمز ملخصاً للتقرير، بتاريخ 19/ 3/ 1990، جاء فيه: «في شهر سبتمبر 1988، أي بعد شهر واحد من انتهاء الحرب، أدانت الولايات المتحدة فجأة وبشكل مثير للدهشة العراق بمزاعم استخدامه العوامل الكيماوية ضد مواطنيه الأكراد المدنيين». ولم تكن واشنطن وحدها صانعة الزيف، بل إن الجنرال الاحتياطي بالجيش الإسرائيلي (شلوموا براون) أفاد يوم 4 كانون الأول/ ديسمبر 2003 لإذاعة لندن أن «إسرائيل كانت شريكاً كاملاً في تزوير الحقائق عن تاريخ نظام صدام حسين»( ).
يذكر ميلتون فيورست، وهو من كبار مراسلي الشرق الأوسط في مجلة نيويوركر، ومؤلف العديد من الكتب ذات الأهمية الخاصة، بأنه كان قد زار مناطق الأكراد، عندما ظهرت على السطح ادعاءات استخدام الغاز في حلبجة عام 1988، ثم خلص في تقرير مطول، أودعه في كتاب عنوانه (قلاع من الرمال عام 1994)، قائلاً: وحدها واشنطن ظلت مصرة على استخدام الغازات السامة من قبل العراق. «لقد ادعى وزير الخارجية شولتز بأن المعلومات عن العراق صحيحة، كما آزرت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ادعاءه،دون إجراء أي تحقيقات ميدانية». وعلى الفور تم اقتراح مشروع قانون لفرض عقوبات مشددة ضد العراق. وأججّ اللوبي الموالي لـ«إسرائيل» حملة للموافقة على القانون. ومن أركان اللوبي: تشيني وجون بولتون ودوغلاس فيث وبيرل وبايبس، مع أصدقاء أمريكيين من أصول كردية: نجم الدين كريم، عمر حلمت، عثمان بابان، أسعد خيلاني، كندال نيزان، اسفنديار شكري، ومحمد خشناو ( ).
إن تلك التهمة حكماً كاذبة، ولن ينجو مطلقوها من الملاحقات القانونية، وإن سقوطها أو إسقاطها لن يحول دون ملاحقة المسؤولين عن صياغتها، وترويجها، سواءٌ أكانت لجهة الافتراء على الرئيس العراقي، أم لجهة استغلالها لغايات شخصية وفئوية( ).
أما حقيقة الأمر، كما جاء في تقرير مركز بغداد لدراسات الوحدة العربية، ففي العام 1988 قامت القوات الإيرانية باحتلال مدينة حلبجة. وأستخدم الإيرانيون أسلحة كيماوية من النوع المدمر الذي لا يملكه العراق، كما استخدم الإيرانيون بيوت المدينة للتخلص من قصف الطائرات العراقية. وهاجر أغلب سكان المدينة. وقام الجيش الإيراني بأسر أعداد كبيرة من الجنود العراقيين وقائد الفرقة العميد على العنبكي وأبنه. وقد وجه الجيش العراقي حملة عسكرية كبيرة لتحرير مدينة حلبجة من الجيش الإيراني. وتم قصف المواقع الإيرانية داخل المدينة بغاز الخردل لطرد الجنود الإيرانيين من البيوت التي كانوا فيها. وقام بمساعدة الجيش العراقي أعداد كبيرة من الأكراد تمكنوا من دخول المدينة بعملية عسكرية أطلق عليها اسم «الأنفال». وأثناء دخول القوات العراقية لتحرير المدينة حصل قصف متبادل من القوات العراقية والإيرانية على المدينة قتل فيها أعداد كبيرة من الأكراد والإيرانيين والجيش العراقي. وأشار قرار مجلس الأمن المرقم 598/1988 إلى أن الطرفين استخدموا الأسلحة الكيماوية في هذه المعارك. وبعد تحرير المدينة دُفنت جثث جميع الضحايا لعدم إمكان التمييز بينهم. وبعد أن تم تبادل القتلى بين العراق وإيران بعد وقف القتال بينهما لم تسلم رفات القتلى الإيرانيين في مقابر حلبجة لعدم إمكان التمييز بين القتلى. فالأكراد يقولون إنهم أكراد والإيرانيون يقولون إنهم إيرانيون.
لم يحصل أي نزاع عسكري بين الجيش العراقي والحركة الكردية في شمال العراق منذ بيان الحادي عشر من آذار العام 1973 وخاصة بعد اتفاقية الجزائر العام 1975.كما أن الجيش العراقي انسحب بعد العام 1991 من المنطقة الشمالية لتفادي الصراع المسلح مع الحركة. ولم تحصل معارك بين الطرفين عدا قيام الجيش العراقي بتحرير مدينة أربيل في العام 1998، وانسحب منها بعد أن تم تسليمها إلى مسعود البرزاني. فمشكلة حلبجة لم تكن بين الجيش العراقي والأكراد، وإنما كانت بين العراق وإيران( ).
وأكد تقرير كلية الحرب الأمريكية أن إيران هي التي بدأت بالهجوم، واستولت على المدينة، وقام العراقيون بهجوم مضاد استخدموا فيه غاز الخردل «غير المميت». ثم هجم الإيرانيون ثانية، وفي هذه المرة استخدموا عنصرا فتاكاً، ألا وهو كلوريد السيانوجين أو هيدروجين السيانيد واستولوا ثانية على المدينة وأحكمت إيران قبضتها عليها لعدة أشهر.
أما ستيفن بلتير، كبير المحللين السياسيين في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والمسئول فيها عن مكتب العراق أثناء الحرب العراقية الإيرانية، فقال: «إنني كنت في وضع يجعلني أعلم بكل صغيرة وكبيرة، لأنني كبير المحللين السياسيين في الشئون العراقية في وكالة الاستخبارات المركزية خلال الحرب الإيرانية العراقية، وكأستاذ في كلية الحرب منذ 1988- 2000». وأضاف: «إن ما يقال عن أن صدام شن حرب إبادة جماعية ضد الأكراد وقتل 5000 منهم خدعة تفتقد الوقائع»( ).
يضاف إلى الشاهدَيْن، ستيفن بيلتير وميلتون فيورست، شاهدان آخران من ذوي المواقع الحساسة في هذا المقام، وهما السيدان جود وانسكي مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان، وروجر تريبلنغ مراسل مجلة صوت القرية (فيلج فويس) وقد أفادا بأن ما زعمته منظمة حقوق الإنسان الأمريكية، عن آلاف الضحايا بالغاز العراقي، إنما هي مزاعم مفزعة، لأنها «حقاً كانت عارية بتمامها عن الصحة» ( ).
وقد نفى وزير العدل العراقي مالك دوهان الحسن، الوزير في الحكومة العراقية المعيَّنة، تلك الادعاءات، وقال: «إنه يوافق على عدم مسئولية صدام حسين في هذه القضية التي يثيرها معارضوه وخصومه». وهو حديث تنبع أهميته من أن قائله هو واحد من أعضاء الحكومة العميلة التي عينتها قوات الاحتلال الأمريكي برئاسة إياد علاوي، ومن ثم فهذه الأقوال تأتي على لسان واحد من خصوم وأعداء الرئيس صدام حسين، وليس من طرف واحد من الأنصار أو المحايدين. وخلال الشهور القليلة الماضية كانت المحكمة العراقية الخاصة والمعنية بمحاكمة الرئيس صدام قد أسقطت هي الأخرى تهمة ضرب حلبجة بالأسلحة الكيماوية من التهم السبع التي سبق أن وجهتها للرئيس صدام( ).
كما أن الخلاف في عديد الضحايا يبعث على الشبهة، وهذا الخلاف واقع في تضاربات فاحشة بين رقم وآخر، يبتدئ ببضعة آلاف (ما بين 3 و 4 آلاف) ثم يتصاعد في تقرير المنظمة الأمريكية إلى 50 ألفاً في العام 2002، ثم إلى مئة ألف في العام 2003، وهي كما يُشاهد أرقام قادمة من مخيلة انتقامية، لا من حقائق ميدانية( ).

2-المقابر الجماعية:
إن ضحايا المقابر الجماعية في العراق ليسوا من ضحايا الضمير أو التطهير العرقي أو السياسي أو الديني أو الطائفي كما صورتها الدعاية الأمريكية. بل إنهم ضحايا الحروب التي تعرض لها العراق. وكانت من أهم أسباب استخدامها: التغطية على عدم عثور القوات الأمريكية على أسلحة الدمار الشامل في العراق. ومحاولة إسقاط النظام السابق بصورة خاصة والحركة القومية بصورة عامة بلصق تهمة إنسانية. وعملت الشعوبية على تضخيم هذه الحالة، ووجدت فيها وسيلة للقضاء على الحركة القومية العربية، وتجريدها من الإنسانية. ومصادر المقابر الجماعية متنوعة سنذكرها جميعاً، وهي حصراً كما يأتي:
أ-ضحايا الحرب العراقية الإيرانية: ذهب ضحية هذه الحرب الملايين من العراقيين والإيرانيين. وفاق عدد القتلى من الجانبين كل الحروب الحديثة. إذ استخدمت إيران موجات بشرية في هجماتها على العراق بشكل لا يمكن وصفه. وكان من بين هذه الموجات أطفال وشيوخ قتلوا جميعهم في الأراضي العراقية كما قتل من بينهم الآلاف من الجنود العراقيين، وسكان القرى والمدن التي كانت مسرحاً للعمليات العسكرية. لهذا قامت القوات العراقية بدفن هؤلاء في شكل تجمعات لإمكان معرفة مكان وجودهم عند انتهاء الحرب وإعادتهم إلى إيران. وهذا النوع من المقابر يمتد على طول الحدود العراقية الإيرانية من حلبجة إلى الفاو على مساحة 1500 كيلو متراً.
ب- ضحايا حلبجة: ففي العام 1988 احتلت القوات الإيرانية مدينة حلبجة وأثناء دخول القوات العراقية لتحرير المدينة حصل قصف متبادل بين القوات العراقية والإيرانية، قتل فيها أعداد كبيرة من الأكراد والإيرانيين والجيش العراقي. وبعد قيام القوات العراقية بتحرير المدينة قامت بدفن جثث جميع الضحايا لعدم إمكان التمييز بينهم.
ج- ضحايا الجيش العراقي المنسحب من الكويت: بعد أن قامت القوات الأمريكية بضرب العراق في 17/1/1991، وصدور الأوامر بانسحاب الجيش العراقي من الكويت، لم يكن الانسحاب منظماً بسبب انقطاع الاتصالات بين القيادة والقوات العسكرية. وفي أثناء ذلك لاحقتهم الطائرات الأمريكية والكويتية والسعودية، وقامت بضرب تجمعاتهم على طول الطريق من الجهراء إلى الموصل. وقتل في هذا العمليات عشرات الآلاف من الجنود العراقيين. وبالنظر لتدمير الجسور وانعدام الوسائط لنقل هؤلاء الجنود إلى المستشفيات، أو دفنهم. وعدم معرفة سكان المناطق الواقعة على الطرق بهويتهم لإبلاغ ذويهم، فقد تبرع أصحاب الشيم وقاموا بدفنهم بشكل متقارب على جانبي الطرق لكي يسهل بعد ذلك معرفة منطقة دفنهم.
د- الضحايا من البعثيين: كلَّفت الحكومة العراقية الجهاز الحزبي بحماية المدن بسبب انشغال الجيش والشرطة والأمن بموضوع الكويت. وحصل انفلات أمني في العديد من المدن العراقية. فتعرضت مؤسسات الدولة للنهب والحرق وقتل العديد من البعثيين وعوائلهم، كما قتل العديد من المسؤولين من المدنيين والعسكريين. ودفن هؤلاء في مقابر قرب المدن التي يسكنون فيها. فهذه المقابر لا تضم سوى البعثيين والمسؤولين في الدولة.
هـ- الضحايا من المجموعات المسلحة: بعد أن تمكن الجيش العراقي من الدخول إلى المدن التي حصل فيها انفلات أمني، قتل العديد من الغوغاء. وكان معظمهم من حرس الثورة الإيرانية الذين دخلوا العراق بعد الهجوم العسكري الأمريكي. ومعهم بعض العراقيين الذين قاموا بقتل البعثيين وأفراد قوى الأمن الداخلي والمسؤولين في الدولة.
و- المقابر الجماعية في مطار صدام وقصر الرئاسة: في المدة المحصورة بين 4-6 من نيسان من العام 2003 حصلت معارك ضارية في منطقة مطار صدام الدولي وقصر الرئاسة. إذ تمكنت القوات العراقية من دحر القوات الأمريكية في تلك المنطقتين وقتل عدد كبير من الجنود الأمريكيين، على أثرها استخدمت القوات الأمريكية أسلحة مدمرة ويعتقد بأنها نترونية لها قوة تدميرية هائلة تذيب الأشخاص والآليات العسكرية. وقتل فيها أعداد كبيرة من الأمريكيين والعراقيين. فقامت القوات الأمريكية بحفر خنادق كبيرة ودفن الأمريكيين والعراقيين في مقابر جماعية في مناطق متعددة من المطار والقصر الجمهوري. وبعد أن احتلت القوات الأمريكية المطار والقصر الجمهوري واستخدمتهما كمقر للقوات المسلحة والإدارة المدنية، وجدت أنها أصبحت ملوثه بمخلفات الأسلحة التي استخدمتها بما يشكل خطراً على أفراد قواتها. ولهذا نقلت التراب من منطقة المعارك، بعمق مترين، مع الجثث إلى مناطق أخرى وجلب تراب غير ملوث( ).
وعلى العموم أكَّد المحامي الأردني محمد الرشدان أن لديهم أدلة وشهود على ذلك, وإنهم تلقوا ثلاثة اتصالات من ثلاث شخصيات لديهم معلومات مهمة جدًا حول عدم صحة كل الادعاءات, وسيتم تقديمها في الوقت المناسب بهدف المحافظة على حياة الشهود وبهدف عدم تسليط الضوء عليها من قبل الإعلام( ).
كما أكَّدت هيئة الدفاع عن الرئيس صدام حسين أنها تمتلك من الوثائق ما يسقط التهمة عنه بخصوص قضية حلبجة والمقابر الجماعية. أما عن مضمونها فقد رفضت الهيئة الإفصاح عنها حيث ستبقى سرية لحين إبرازها في الوقت المناسب( ).


ملاحق الثالث من الكتاب الأول

الوثيقة الرقم (1)
تقرير باتلر عن أسلحة الدمار الشامل العراقية
نشر تحقيق اللورد باتلر حكمه في المعلومات الاستخبارية التي استخدمت لتبرير الحرب على العراق، وفيما يلي النقاط الرئيسية:
مصداقية المعلومات
• ألقيت ظلال من الشك على نسبة كبيرة من المصادر الاستخبارية البشرية - وبالتالي على تقييم المعلومات التي قدمت للوزراء والمسؤولين.
• ترجع المشكلات جزئيا إلى أوجه قصور في الطريقة التي تحقق منها جهاز إم آي 6 الاستخباري البريطاني من المصادر
• تم نقل المعلومات حول وجود أسلحة كيماوية وبيولوجية عراقية من مصدر إلى مصدر قبل أن تصل إلى إم آي 6
• تحدث مصدر لإم آي 6 عن ثقة عن بعض المسائل غير أنه فيما يتعلق بمسائل أخرى كان ينقل ما سمعه في محيطه.
• تم سحب التقارير من مصدر رئيسي ثالث لإم آي 6 لعدم الاعتماد عليها
• كانت المعلومات التي قدمتها استخبارات دولة أخرى حول إنتاج العراق لعناصر بيولوجية وكيماوية معيبة بشكل خطير وانتفت الأسس التي بني عليها التقييم البريطاني بأن العراق أنتج مؤخرا كميات من تلك العناصر.
• لم يتم الاعتماد بشكل أكثر من اللازم على مصادر المنشقين العراقيين

الأسلحة العراقية
• من التعجل الآن الجزم بأنه لن يتم أبدا العثور على أدلة لبرامج أسلحة دمار شامل عراقية
• قبل الحرب أراد العراق الحصول على أسلحة محظورة، من بينها برامج نووية
• كان العراق يعمل على تطوير صواريخ ذاتية الدفع بمدى أطول من المدى المسموح به
• لم يملك العراق أي كميات يعتد بها من الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية في حالة مناسبة للاستخدام، كما لم يخطط لاستخدام تلك الأسلحة
قرار الحرب
• لم تكن هناك معلومات حديثة تقود إلى الاعتقاد بأن العراق يشكل قلقا آنيا أكثر من بلدان أخرى، رغم أن سجله عزز الاعتقاد بضرورة وجود تهديد بالقوة لضمان انصياع صدام حسين
• يعرب التحقيق عن دهشته لأن الوزراء والمسؤولين ووكالات الاستخبارات لم تعد تقييم نوعية المعلومات التي لديها بينما لم يعثر مفتشو الأمم المتحدة على ما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل في الشهور التي سبقت الحرب مباشرة
• لم تلعب المعلومات الاستخباراتية إلا دوراً محدوداً في تحديد مشروعية الحرب.
• لم يتم العثور على ما يدلل على أن بريطانيا خاضت الحرب لضمان استمرار الوصول إلى إمدادات النفط .

زعم الـ45 دقيقة
• ما كان ينبغي أن يجد الزعم بأن بإمكان العراق استخدام أسلحة دمار شامل في غضون 45 دقيقة، طريقه إلى ملف الحكومة الخاص بالأسلحة دون إيضاح السياق الذي كان الزعم يشير إليه
• يقول جهاز إم آي 6 الآن إن هذا الزعم "كان محل شك" مع وجود شكوك حول إحدى الصلات التي تم تناقل الزعم عنها

اليورانيوم من النيجر
• كانت معلومات الاستخبارات البريطانية حول الزعم بأن العراق سعى من قبل للحصول على يورانيوم من النيجر "جدير بالتصديق"، غير أنه لم تتوافر أدلة تجزم بأن العراق اشترى فعلا اليورانيوم، ولكن الحكومة البريطانية لم تزعم أيضا أنه وصل إلى حد الشراء
المعامل المتنقلة للأسلحة البيولوجية
• كان من المعقول أن يخرج مسئولو الاستخبارات بتقارير عن سعي العراق للحصول على مزيد من المعامل المتنقلة للأسلحة البيولوجية
• غير أن المعلومات من المصدر لم تظهر أن العراق لم ينتج مؤخرا كميات مخزونة من العناصر البيولوجية
• ما كان لهذا الدليل أن يوجد لو كان جهاز إم آي 6 قد تحدث للمصدر مباشرة من عام 2000 وبعد ذلك ملف الأسلحة.
• كان من النقائص الخطيرة أنه لم يتم إيضاح تحذيرات مسؤولي الاستخبارات حول محدودية أحكامهم إيضاحا كاملا ً.
• وصلت الأحكام التي تضمنها الملف إلى أبعد حدود المعلومات المتاحة (وإن لم تتجاوز تلك الحدود)
• تعزز الانطباع بوجود معلومات أقوى وأكثر شمولا تدعم الملف بتصريح بلير أمام النواب يوم نشر الملف بأن الصورة التي رسمتها أجهزة الاستخبارات واسعة ومفصلة وتحظى بمصداقية.

لجنة الاستخبارات المشتركة
• لم يتم العثور على أدلة على تحريف متعمد أو إهمال جنائي.
• عموما تم نقل المعلومات الأساسية نقلا صحيحا في تقييم لجنة الاستخبارات المشتركة، فيما عدا زعم الـ45 دقيقة
• كان ينبغي إطلاق خبراء رئيسيين في أركان استخبارات الدفاع على تقرير استخباري مهم في صياغة الملف، وكان هؤلاء الخبراء محقين في الشكوى من ذلك
• لا ينبغي أن ينسحب رئيس لجنة الاستخبارات المشتركة جون سكارليت من تولي وظيفته الجديدة كمدير لإم آي 6
• هناك ما يعزز كثيرا المقترحات بأن يكون من يتولى رئاسة لجنة الاستخبارات المركزية في المستقبل شخصا لديه خبرة في التعامل مع الوزراء في مناصب رفيعة وأن يكون هناك ما يعزز "بشكل واضح أنه خارج دائرة النفوذ" كأن تكون رئاسة اللجنة على الأرجح آخر منصب يتولاه قبل التقاعد
أساليب عمل الحكومة
• يعرب فريق التحقيق عن قلقه من الشكل غير الرسمي الذي تسير عليه المجريات الحكومية بما يقلل مدى إمكان التوصل إلى حكم سياسي جماعي مطلع - في إشارة إلى اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء .
البلدان الأخرى محل القلق
• كان الكشف عن برامج الأسلحة الليبية نجاحا استخباريا رئيسيا.
• يمثل القضاء على شبكة العالم النووي الباكستاني عبد القدير خان لبيع تقنيات نووية لدول تثير القلق، إشادة كبيرة لعمل وكالات الاستخبارات، مع وجود تعاون جيد بين الوكالات الأمريكية والبريطانية
• من الصعب الحصول على معلومات حول كوريا الشمالية غير أن الوسائل الذكية للوكالات سلطت ضوءا على صادرات أنظمة الصواريخ
• يظهر الجهد الاستخباري فيما يتعلق بإيران وكوريا الشمالية ووليبيا ومشكلة عبد القدير خان أهمية استغلال الصلات بين الموردين والمشترين في إطار مكافحة انتشار الأسلحة
• تظهر قصص النجاح تلك أيضا أنه يمكن تحقيق بعض الانفراج، ولكنه يأتي استنادا إلى أساس من المعرفة المتراكمة عبر السنين والتعاون الوثيق بين كافة الأطراف المعنية

الإرهاب
• تطور كافة وكالات الاستخبارات البريطانية أساليب جديدة وهناك أدلة واضحة على تعاونها على كافة المستويات
• أثبت مركز تحليل الإرهاب المشترك نجاحا مع مضي أكثر من عام على مزاولته العمل
• تحسن التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب بشكل كبير في السنوات الست أو السع الماضية
• يشعر فريق التحقيق بالقلق من أن الإجراءات التي تتخذها الاستخبارات مازالت غير متسقة بما يكفي لمجابهة التهديد" الإرهابي

أسامة بن لادن
• في يناير/كانون الثاني 2000، قالت لجنة الاستخبارات المشتركة إن لدى بن لادن بعض المواد الكيماوية أو البيولوجية السامة وفهما لكيفية استخدامها، غير أنه لم تتوافر معلومات موثوق بها عن امتلاكه مواد نووية فعلية.
• جاء في تقييم للجنة الاستخبارات المشتركة عام 1999 إن أحد أتباع بن لادن زعم أن بن لادن كانت لديه نية مهاجمة أهداف أمريكية وبريطانية في الهند وإندونيسيا والولايات المتحدة باستخدام وسائل لا يسع ولا الولايات المتحدة مواجهتها، فيما قد يكون المقصود منه استخدام أسلحة كيماوية أو بيولوجية.
www.bbcarabic.com
***
الوثيقة الرقم (2)
حقيقة المقابر الجماعية والتضليل الأمريكي
شبكة البصرة / إعداد مركز بغداد لدراسات الوحدة العربية
قبل البحث عن حقيقة المقابر الجماعية نقول مقدما إننا ضد قتل أي إنسان مهما كانت قوميته ودينه وفكره السياسي ومعتقداته. وان ما ننقله عن هذه الحقيقة إنما نبغي من وراء ذلك كشف الحقائق لكل من ضلل وخدع بالإعلام الأمريكي والشعوبية الحاقدة على الأمة العربية. لهذا فأننا سنوصف هذه المقابر وصفا علميا دقيقا ونذكر العديد بالحوادث التي أدت إلى المقابر الجماعية. ونقول مقدماً إن ضحايا المقابر الجماعية في العراق ليسوا من ضحايا الضمير أو التطهير العرقي أو السياسي أو الديني أو الطائفي كما صورتها الدعاية الأمريكية. بل أنهم ضحايا الحروب التي تعرض لها العراق.
ومصادر المقابر الجماعية متنوعة سنذكرها جميعا، وهي حصرا كما يأتي:
1- ضحايا الحرب العراقية الإيرانية: دامت الحرب بين العراق وإيران مدة ثماني سنوات. وبغض النظر عن أسباب قيام هذه الحرب وما سبق ذلك ظهور مبدأ تصدير الثورة الإيرانية وما لحقها من تدهور العلاقات العراقية الإيرانية. فقد ذهب ضحية هذه الحرب المدمرة الملايين من العراقيين والإيرانيين. وكان القتلى من قبل الجانبين فاق بوحشيته كل الحروب العصرية. إذ استخدمت إيران موجات بشرية في هجماتها على العراق بشكل لا يمكن وصفه. وكان من بين هذه الموجات أطفال وشيوخ قتلوا جميعهم في الأراضي العراقية كما قتل من بينهم الآلاف من الجنود العراقيين وسكان القرى والمدن التي كانت مسرحا للعمليات العسكرية. ولم تطبق اتفاقيات جنيف لعام 1949وخاصة اتفاقية جنيف الثانية الخاصة بجمع القتلى والموتى من قبل الطرفين ولم تعد الجثث إلى دولهم. لهذا قامت القوات العراقية بدفن هؤلاء في شكل تجمعات لإمكان معرفة مكان وجودهم عند انتهاء الحرب وإعادتهم إلى إيران. وهذه الحالة معروفة للعراقيين والإيرانيين ولكل من كان يتابع أخبار المعارك بين العراق وإيران.
وعملت إيران في مؤتمر القمة الإسلامي المنعقد في ماليزيا عام 2003 على تضمين القرارات الصادرة من المؤتمر التنديد بالنظام السابق بسبب ارتكابه المقابر الجماعية للإيرانيين في العراق. كما تشمل هذه المقابر العديد من الجنود العراقيين الذين قتلوا في الحرب في المناطق العراقية التي أحتلتها إيران، إذ قامت القوات الإيرانية بدفن بعضهم. وبعد تحرير مدينة الفاو وجد العديد من الجنود القتلى لم يدفنوا قرب المواقع الإيرانية.
وهذا النوع من المقابر يمتد على طول الحدود العراقية الإيرانية من حلبجة إلى الفاو على مساحة 1500 كيلو متراً. وتعد هذه المقابر أكثر المقابر الجماعية في العراق. كما توجد مقابر جماعية للجنود العراقيين في الأراضي الإيرانية. وبموجب الاتفاقيات المعقودة بين العراق وإيران بعد انتهاء الحرب قامت الدولتان بفتح بعض هذه المقابر وتبادل الرفاة للطرف الآخر. ولا يزال القسم الأكبر موجوداً منها لحد الآن. وهناك عشرات الآلاف من العراقيين في مقابر جماعية في إيران لم يكشف عنه لحد الآن. وأطلق على هؤلاء الضحايا بالمفقودين.
ونقول هذه الحقائق وشاهدنا في ذلك قرارات اللجنة الدولية للصليب الأحمر وكل إنسان منصف كان يتابع الحرب العراقية الإيرانية وقرارات مؤتمر القمة الإسلامي المنعقد في ماليزيا عام 2003. الذي ندد بالنظام العراقي بسبب المقابر الجماعية للإيرانيين. وجميع المقابر من هذا النوع تقع شمال نهر دجلة عدا المقابر الواقع في منطقة الفاو فإنه تقع غربي نهر شط العرب.
أما من هو المسؤول عن هذه المقابر الجماعية فإنها بالتأكيد نتيجة للحرب بين العراق وإيران. وفي تحديد مسؤولية مخالفة قواعد القانون الدولي في معاملة القتلى من كلا الجانبين فأن قرار مجلس الأمن المرقم 598 /1988 وضع المسؤولية على كل من العراق وإيران. أما تحديد من هو الذي بدأ بالحرب، فأن كلاً من الطرفين يرمي المسؤولية على الطرف الآخر. وان مجلس الأمن قرر تشكيل لجنة لمعرفة المتسبب في هذه الحرب بموجب قراره المذكور. غير أن كلاً من الطرفين لم يتابع الموضوع.
2- ضحايا حلبجة: استخدمت مشكلة ضحايا حلبجة كوسيلة للدعاية والبكاء والنحيب وضخمت بشكل كبير. ومشكلة حلبجة يعرفها أهلها والعراقيون بشكل خاص. وحلبجة قضاء تابع لمحافظة السليمانية تقع في الشمال الشرقي من العراق على خط 35 عرضا و45طولا. وهي مدينة سكانها من الأكراد جميعهم.
ففي عام 1988 قامت القوات الإيرانية باحتلال مدينة حلبجة وهي مدينة كردية تقع في الشمال الشرقي من العراق. وأستخدم الإيرانيون أسلحة كيماوية من النوع المدمر الذي لا يملكه العراق، وضربت بالصواريخ. ولعل القارئ الكريم يتذكر ما نقلته وسائل الإعلام في حينه عن عدد القتلى والجرحى من أهالي حلبجة الذين أصيبوا من جراء القصف. واستخدم الإيرانيون بيوت المدينة للتخلص من قصف الطائرات العراقية. وهاجر أغلب سكان المدينة. وقام الجيش الإيراني بأسر أعداد كبيرة من الجنود العراقيين وقائد الفرقة العميد على العنبكي وأبنه. وقد وجه الجيش العراقي حملة عسكرية كبيرة لتحرير مدينة حلبجة من الجيش الإيراني. وتم قصف المواقع الإيرانية داخل المدينة بغاز الخردل لطرد الجنود الإيرانيين من البيوت التي كانوا فيها. وقام بمساعدة الجيش العراقي أعداد كبيرة من الأكراد تمكنوا من دخول المدينة بعملية عسكرية أطلق عليها بالأنفال. وأثناء دخول القوات العراقية لتحرير المدينة حصل قصف متبادل من القوات العراقية والإيرانية على المدينة قتل فيها أعداد كبيرة من الأكراد والإيرانيين والجيش العراقي. وأشار قرار مجلس الأمن المرقم 598/1988 إلى أن الطرفين استخدموا الأسلحة الكيماوية في هذه المعارك. وبعد قيام القوات العراقية بتحرير المدينة قامت بدفن جثث جميع الضحايا لعدم إمكان التمييز بينهم. وبعد أن تم تبادل القتلى بين العراق وإيران بعد وقف القتال بينهما لم تسلم رفات القتلى الإيرانيين في مقابر حلبجة لعدم إمكان التمييز بين القتلى. فالأكراد يقولون إنهم أكراد والإيرانيون يقولون إنهم إيرانيون.
وهناك حقيقة يعرفها الجميع وهي انه لم يحصل أي نزاع عسكري بين الجيش العراقي والحركة الكردية في شمال العراق منذ بيان الحادي عشر من آذار عام 1973 وخاصة بعد اتفاقية الجزائر عام 1975. ولم تحصل معارك بين الجانبين. وان الجيش العراقي انسحب بعد عام 1991 من المنطقة الشمالية لتفادي الصراع المسلح مع الحركة. ولم تحصل معارك بين الطرفين عدا قيام الجيش العراقي باحتلال مدينة أربيل عام 1998 وتسليمها إلى السيد مسعود البرزاني. وانسحب الجيش العراقي من أربيل مباشرة. وبناء على ذلك فان مشكلة حلبجة لم تكن بين الجيش العراقي والأكراد، وإنما كانت بين العراق وإيران. واستخدمت مشكلة حلبجة إعلاميا من قبل العديد من الأطراف.
3- ضحايا الجيش العراقي المنسحب من الكويت: بعد ان قامت القوات الأمريكية بضرب العراق في 17/1/1991 والذي تسبب بانهيار الجيش العراقي وصدور الأوامر بانسحابه من الكويت والعودة إلى المواقع العسكرية الثابتة لم يكن هذا الانسحاب منظما بشكل عسكري بسبب انقطاع الاتصالات بين القيادة والقوات العسكرية المنتشرة في الكويت وجنوب العراق. وقامت القوات الأمريكية بضرب وسائط نقل الجنود والجسور المؤدية إلى بغداد والمحافظات الأخرى، الأمر الذي دفع الجنود السير على الأقدام من الكويت وجنوب العراق للوصول إلى أهلهم. واتخذ الجنود المنسحبون جوانب الطرق المؤدية إلى مدنهم. وفي أثناء ذلك لاحقتهم الطائرات الأمريكية والكويتية والسعودية وقامت بضرب تجمعاتهم على طول الطريق من الجهراء إلى الموصل. وقتل في هذا العمليات عشرات الآلاف من الجنود العراقيين.
وبالنظر لتدمير الجسور وانعدام وسائط النقل لنقل هؤلاء الجنود إلى المستشفيات أو دفنهم وعدم معرفة سكان المناطق الواقعة على الطرق بهوية هؤلاء الجنود لإبلاغ ذويهم فقد تبرع أصحاب الشيم وقاموا بدفنهم بشكل متقارب على جانبي الطرق لكي يسهل بعد ذلك معرفة منطقة دفنهم. ولم يدفن هؤلاء بمقابر موحدة وإنما دفنوا بشكل متقارب لإمكان التعرف عليهم عن السؤال عنهم. وعندما قامت القوات الأمريكية بفتح قبور هؤلاء لم يكونوا بمقابر جماعية وإنما بمقابر انفرادية ولكنها متقاربة. ويشهد على ذلك سكان المناطق الواقعة على جانبي الطريق كما يشهد على ذلك ان الشهداء الذين تم أخراجهم كانوا يرتدون ملابس عسكرية ومعهم جزمهم العسكرية. وشاهد الجميع من التلفاز هيئة الجثث التي أخرجت من هذه المقابر. وهي ليست في مجمع واحد وإنما أخذت مساحة واسعة بسبب دفنهم انفراديا.
وقد حصل بعض الجنود المنسحبين على سيارات عسكرية أو أهلية لنقلهم. وقد تابعتهم القوات الأمريكية والكويتية والسعودية وقامت بضربهم بشكل مكثف لدرجة ان بعضهم دفن مع السيارات التي تحملهم. وعندما قامت القوات الأمريكية بحفر هذه المقابر بهدف البحث عن أسلحة الدمار الشامل عثرت عليهم مع السيارات التي كانت تحملهم أو أجزاء منها. وبسبب وجود السيارات المدفونة مع الشهداء فقد تم رصدها عبر الأقمار الاصطناعية. وكان الحاكم المدني الأمريكي بريمر يعتقد بوجود أسلحة دمار شامل في هذه المناطق لهذا فقد أشرف عليها بصورة مباشرة كما هو واضح عند عرض هذه المقابر. ولم يسمح لوسائل الإعلام المحلية والأجنبية بتصوير هذه المقابر وإنما صورت من قبل المراسلين الحربيين الذين يرافقون الجيش الأمريكي.
4- الضحايا من البعثيين: اعتمدت الحكومة العراقية على الجهاز الحزبي بحماية المدن بسبب انشغال الجيش والشرطة والأمن بموضوع الكويت. كما شاركت العديد من فصائل الحزب في الكويت. وبعد ان قامت الولايات المتحدة بتدمير العراق عام 1991 وضرب المؤسسات العسكرية والأمنية والخدمية. حصل انفلات أمني في العديد من المدن العراقية بسبب ضعف المؤسسات الأمنية والحزبية وانشغالها في الكويت. فتعرضت مؤسسات الدولة للنهب والحرق وقتل العديد من البعثيين وعوائلهم كما قتل العديد من المسؤولين من المدنيين والعسكريين. وسيطر هؤلاء مدة أكثر من شهرين على المدن عدا بغداد والموصل والأنبار وتكريت. ودفن هؤلاء في مقابر قرب المدن التي يسكنوها. فهذه المقابر لا تضم سوى البعثيين والمسؤولين في الدولة.
5- الضحايا من المجموعات المسلحة: بعد ان تمكن الجيش العراقي من الدخول إلى المدن التي حصل فيها انفلات أمني من قبل ما أطلق عليهم بالغوغاء وتمكن الجيش العراقي من تحرير المدن منهم وقتل العديد منهم. وأغلب القتلى في هذه الحالة من حرس الثورة الإيرانية الذين دخلوا العراق بعد الهجوم العسكري الأمريكي. ومعهم بعض العراقيين الذين قاموا بقتل البعثيين وأفراد قوى الأمن الداخلي والمسؤولين في الدولة. وبالنظر إلى ان أفراد الجيش العراقي لم يكونوا من سكان المدن التي قاموا بتحريرها فانهم قتلوا عدداً من الأبرياء الذين لا علاقة لهم بما أطلق عليه بالغوغاء وبدون إجراء محاكمة بسبب الظروف التي كانت سائدة. ولم يكن لقواعد الحزب أي وجود في هذه المناطق بسبب هروبهم إلى مناطق أخرى من جراء ملاحقة الغوغاء لهم. وبناء على ذلك لم يكن للحزب أية علاقة في قتل هؤلاء الأبرياء. ويعرف العراقيون من هم الذين قاموا بقتلهم. وان عدد هذه المقابر قليل.
6- المقابر الجماعية في مطار صدام وقصر الرئاسة: في المدة المحصورة بين 4-6 من نيسان من عام 2003 حصلت معارك ضارية في منطقة مطار صدام الدولي وقصر الرئاسة. إذ تمكنت القوات العراقية من دحر القوات الأمريكية في تلك المنطقتين وقتل الآلاف من الأمريكيين، ثم قامت بعد ذلك القوات الأمريكية باستخدام أسلحة مدمرة ويعتقد بأنها نترونية لها قوة تدميرية هائلة لدرجة انها تذيب الأشخاص والآليات العسكرية. وقتل في هذه المعارك أعداد كبيرة من الأمريكيين والعراقيين. وبعد احتلال القوات الأمريكية المنطقة لم تتمكن من تسليم الجثث للصليب الأحمر. وكنا نشاهد جثث القتلى حول المطار والطرق المؤدية إليه فكيف يكون الأمر بالنسبة لداخل المطار والقصر الجمهوري وبقيت هذه الجثث فترة طويلة وكانت تنبعث منها ورائح كريهة عن بعد أدت إلى قلق المواطنين في منطقة العامرية وحي الجهاد والعامل ومنطقة كرادة مريم وجميع المناطق المحيطة بالمطار والقصر الجمهوري. وسكان هذه المناطق يعرفون هذه الحالة بشكل جيد. وقد قامت القوات الأمريكية بحفر خنادق كبيرة ودفن الأمريكيين والعراقيين في مقابر جماعية في مناطق متعددة من المطار والقصر الجمهوري. وتعد هذه المقابر من أكبر المقابر الجماعية في العراق. وبعد ان قامت القوات الأمريكية باحتلال المطار والقصر الجمهوري واستخدامهما كمقر لقوات المسلحة والإدارة المدنية وجدت انها أصبحت ملوثه بمخلفات الأسلحة التي استخدمتها وانها أصبحت خطرا على أفراد قواتها. ولهذا قامت القوات الأمريكية بنقل التراب من منطقة المطار والقصر الجمهوري وبعمق مترين ونقله مع الجثث إلى مناطق أخرى وجلب تراب غير ملوث واستخدمت آلاف السيارات لنقل التراب. ولا نزال نشاهد مئات السيارات في اليوم الواحد تقوم بنقل التراب من وإلى المطار والقصر الجمهوري.
ولم يحصل أي صراع عسكري مسلح بين الجيش العراقي وأية مدينة عراقية في شمال العراق وجنوبه عدا المشاكل التي حصلت في مدينة الرمادي بسبب إعدام أحد شيوخ العشائر. وما عدا ذلك لم تحصل أية معارك أخرى بين الجيش العراقي والمواطنين العراقيين.
هذه حقيقة المقابر الجماعية في العراق التي أصبحت حديث كل متحدث في جميع وسائل الإعلام العربية والعالمية وكأنها مشكلة يقوم عليها النظام السابق.
ومما يؤسف له ان الإعلام العربي أصبح أداة طيعة بيد الإعلام الأمريكي. وينساق وراءه بقصد أو بدونه وتبعه العديد من البسطاء الذين يجهلون الوضع السياسي والعسكري في العراق. فعندما أرادت الولايات المتحدة الأمريكية احتلال العراق وظفت إعلامها على تصوير العراق بأنه البلد الذي يهدد العالم بما يملكه من أسلحة الدمار الشامل. وبهذا التضليل استطاعت ان تختلق مبررا لاحتلال العراق. وبعد احتلاله وتدميره بالتعاون مع بعض الدول العربية أو بمباركتها بدأ العالم يسأل عن أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها العراق. ولم يكن الإعلام العربي يبحث عن هذه الحقيقة، بل متطلبات الانتخابات الأمريكية هي التي كانت تسعى للبحث عنها. وبعد ثبوت عدم امتلاك العراق لهذه الأسلحة، كان لابد للإدارة الأمريكية من أن تبحث عن ذرائع وحجج لتوهم العالم وتصرفه عن مسألة البحث عن أسلحة الدمار الشامل. وقبل ان تشن الإدارة الأمريكية حربها على العراق أعلنت مرارا بان سقوط تهمة أسلحة الدمار الشامل في العراق سوف يفتح ملف آخر وهو ملف حقوق الإنسان. لهذا لجأت إلى خديعة المقابر الجماعية لتظهر للعالم ان النظام السائد في العراق وحشي وقاس ويقتل المواطنين الأبرياء في مقابر جماعية وصوروها لأسباب سياسية أو دينية أو طائفية.
ومما يؤسف له ان العديد من الناس في مختلف أنحاء العالم وخاصة في الوطن العربي صدقوا ما رددته الدعاية الأمريكية وأخذوها على محمل الجد وانها حقيقة لا تقبل الجدل. ولم ينتبهوا إلى ان هذه الدعاية جزء من الحرب النفسية التي أتبعتها الولايات المتحدة لتضليل العالم وحشد الشعوب ضد العراق. وقد كان للإعلام في دول الخليج العربية وإيران الدور المؤثر في توظيف هذا التضليل من أجل تشويه مبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي وحشد الجماهير البريئة ضده للقضاء عليه أو اجتثاثه بوصفه آخر معقل من معاقل الفكر القومي العربي.
وعلى الرغم من فضح الكذب الأمريكي في جميع الاتجاهات من قبل الأمريكيين أنفسهم وخاصة في مسألة أسلحة الدمار الشامل والإرهاب وحقيقة الديمقراطية والحرية التي جاءت بها للعراق وما تم كشفه عن جرائم التعذيب الوحشية التي قام بها الجنود الأمريكيون في سجن أبي غريب والمعتقلات الأخرى والقواعد العسكرية في العراق، فأن مسألة المقابر الجماعية لا تزال ا لم يزح الستار عنها ولا تزال الأصوات مغلقة والأضواء معتمة. ذلك ان كشف هذه الخديعة قد يجمل نظام البعث في العراق وهذا أمر لا يريده أعداء الأمة العربية في المنطقة. فلا تزال الأصوات ترتفع متهمة النظام السابق بالمقابر الجماعية من قبل جهات عدة تعرف حقيقتها ولكنها استخدمتها كوسيلة لتضليل عفوية الجماهير. وقد استغلت العناصر الشعوبية والمعادية للأمة العربية هذا التضليل لتثبيت مواقعها والعمل على اجتثاث البعث من جذوره في العراق.
وقد أثرت هذه الدعاية خاصة على البسطاء من الناس ويعود أستخدمها والمغالاة بها للأسباب الآتية:
1- التغطية على عدم عثور القوات الأمريكية على أسلحة الدمار الشامل في العراق. فمن الأسباب المعلنة للحرب على العراق واحتلاله هو امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل. وبالنظر إلى عدم العثور على هذه الأسلحة فقد استخدمت مسألة المقابر الجماعية لإعطاء مبرر لإسقاط النظام السابق.
2- محاولة إسقاط النظام السابق بصورة خاصة والحركة القومية بصورة عامة بلصق تهمة إنسانية ينبذها الجميع لكونها ذات أبعاد تصور النظام السابق بدموية.
3- عملت الشعوبية على تضخيم هذه الحالة ووجدت فيها وسيلة للقضاء على الحركة القومية العربية وتجريدها من الإنسانية.
4- عدم العثور على أخطاء أخرى يمكن اتهام النظام السابق بها. ولهذا ستبقى هذه التهمة تدور على كل لسان معاد للعرب.
وأخيرا نقول ان المقابر الجماعية في العراق جميعا كانت نتيجة للحروب التي وقعت في العراق ولم تكن بأي حال من الأحوال نتيجة لتصفية سياسية أو دينية أو مذهبية أو قومية أو عرقية. وهذا لا يعني عدم وجود ضحايا في قضايا سياسية أو قومية ولكنها حالات محددة ولم تكن في مقابر جماعية. والمقابر الجماعية في جميع الأحوال ذريعة أمريكية كانت قد خططت لها قبل شن الحرب على العراق وأطلقت عليه بالملف الأمني أوقعت البسطاء من الناس. وسوف يأتي ذلك اليوم الذي تكشف الحقائق فيه للجميع كما كشفت خديعة أسلحة الدمار الشامل.
مركز بغداد لدراسات الوحدة العربية : نظرة قانونية في محاكمة الرئيس صدام حسين
شبكة البصرة / الثلاثاء 25 جماد الأول 1425 / 13 تموز 2004
***
الوثيقة الرقم (3)
براءة صدام من مذبحة حلبجة
وزير العدل العراقي يؤكد أن الأسلحة الكيماوية كانت إيرانية ولا علاقة لصدام بها
واشنطن تجاهلت تقارير أمريكية أكدت براءة صدام منذ العام 1990
في 13 شباط/ فبراير من العام 2004م، أدلى وزير العدل العراقي مالك دوهان الحسن بحديث صحفي إلى جريدة الشرق القطرية أكد فيه براءة الرئيس العراقي صدام حسين من تهمة ضرب منطقة حلبجة الكردية بالأسلحة الكيماوية.. وقد نفي الحسن وجود أية أدلة تدين الرئيس العراقي الأسير أو نائب رئيس الوزراء طارق عزيز في هذا الشأن، وقال الحسن في الحديث الذي نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط والعديد من وسائل الإعلام العربية والأجنبية: إنه يوافق على عدم مسئولية صدام حسين في هذه القضية التي يثيرها معارضوه وخصومه.
وأشار الحسن إلى موافقته في هذا الصدد على تقرير المخابرات الأمريكية حول الكارثة، التي تعرضت لها حلبجة والذي يؤكد أن الأسلحة الكيماوية التي أصابت سكانها كانت إيرانية وليست عراقية وأن صدام حسين وطارق عزيز لم يرتكبا هذه الجريمة.
حديث وزير العدل العراقي الحالي، تنبع أهميته من أن قائله هو واحد من أعضاء الحكومة العميلة التي عينتها قوات الاحتلال الأمريكي برئاسة إياد علاوي، ومن ثم فهذه الأقوال تأتي على لسان واحد من خصوم وأعداء الرئيس صدام حسين، وليس من طرف واحد من الأنصار أو المحايدين.
وخلال الشهور القليلة الماضية كانت المحكمة العراقية الخاصة بمحاكمة الرئيس صدام قد أسقطت هي الأخرى تهمة ضرب حلبجة بالأسلحة الكيماوية من التهم السبع التي سبق أن وجهتها للرئيس صدام.
وهكذا أصبحت حلقات مسلسل الأكاذيب الأمريكية في مواجهة الرئيس صدام تتساقط الواحدة تلو الأخرى. لتكشف زيف الادعاءات التي سخرت لها واشنطن وسائل الإعلام في أضخم حملة إعلامية تستهدف النيل من الرئيس صدام، وفتح الطريق أمام العدوان الأمريكي ضد العراق.
لم تكن تلك هي الكذبة الوحيدة التي تم الكشف عنها وفضح الادعاءات الزائفة من حولها، فقد سبقتها كذبة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وسبقتها أيضا كذبة الادعاء بوجود علاقة بين النظام العراقي وتنظيم القاعدة في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ثم الكذبة الكبرى التي زعمت أن الاحتلال الأمريكي للعراق جاء بهدف إحلال الديمقراطية وتخليص الشعب العراقي من نار الديكتاتورية.
لقد كانت قضية حلبجة واحدة من أخطر الاتهامات التي وجهت للقيادة العراقية، حيث قامت الإدارة بتوظيف عدد من شركات الدعاية الأمريكية والصهيونية المتخصصة لإصدار مجموعة من الوثائق والأفلام التي جرت إذاعتها على نطاق واسع وفيها تبدو المأساة الإنسانية المفجعة والتي تم تحميل مسئوليتها للرئيس صدام حسين وأركان نظامه.
والحقيقة التي سعت واشنطن إلى إخفائها والتعتيم عليها تقول: إنه مع بدايات العام 1988 نجحت القوات العراقية في تكبيد القوات الإيرانية خسائر كبيرة خاصة في المناطق الجنوبية من ساحة العمليات العسكرية، مما دفع بإيران إلى السعي لإحداث انتصارات في الشمال ترد بها على ما جري في الجنوب، خصوصا في منطقة الفاو، وقد حشدت إيران لهذا الغرض نحو 40 ألف جندي، وكانت منطقة حلبجة القريبة من الحدود هي من أهم أهداف التخطيط الإيراني لاحتلال مناطق الشمال، خاصة أن سقوطها كان سيؤدي بالتبعية إلى تمهيد الطريق لاحتلال مدينة السليمانية.
وقد بدأت القوات العراقية في هذا الوقت الاستعداد لمواجهة الخطر الزاحف من هذه المناطق، فبدأت في إجلاء سكان حلبجة إلى منطقة خورمال التي تبعد عن المدينة بنحو 25 كيلومترا. وأمام شراسة الهجمة الإيرانية اضطرت القوات العراقية إلى الانسحاب من المدينة في 10 مارس 1988 إلى منطقة شهر زور القريبة. وفي 13 مارس عاد عدد كبير من سكان حلبجة إلى مدينتهم مرة أخري دون علم القوات العراقية أو الإيرانية، وفي يوم 16 مارس راحت إيران تبلغ الأمم المتحدة بأن العراق قصف حلبجة بالأسلحة الكيماوية وجاءوا بالمصورين ووسائل الإعلام لتوثيق المذبحة الرهيبة.
في هذا الوقت راحت واشنطن تشن حملة إعلامية ضخمة، حملت فيها العراق المسئولية عن مذبحة حلبجة، وراحت تقدم الجريمة للرأي العام على أنها جرت بيد الجيش العراقي وبتعليمات مباشرة من الرئيس صدام حسين.. إلا أنه على الجانب الآخر كانت هناك معلومات وحقائق مناقضة.
لقد كلفت وزارة الدفاع الأمريكية في عام 1990 لجنة من عدد من الخبراء والمتخصصين بمعهد الدراسات الإستراتيجية بكلية الحرب العسكرية الأمريكية في بنسلفانيا، وبعد دراسة الموضوع من كافة جوانبه قدم الخبراء تقريرا في 93 صفحة يحوي معلومات هامة عن قدرات الجيش العراقي وتفاصيل ما جري في حلبجة يوم 16 مارس .1988
وقد نشرت جريدة نيويورك تايمز الأمريكية ملخصا لهذا التقرير بتاريخ 19/ 3/ 1990 قالت فيه: في شهر سبتمبر 1988، أي بعد شهر واحد من انتهاء الحرب، أدانت الولايات المتحدة فجأة وبشكل مثير للدهشة العراق بمزاعم استخدامه العوامل الكيماوية ضد مواطنيه الأكراد المدنيين.
وقال التقرير الأمريكي لقد ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية أن الجيش العراقي استخدم الغازات السامة مما أدي إلى وفاة أعداد كبيرة واصابة آخرين بجروح وحروق، كما أن وزير الخارجية جورج شولتز أصر على موقفه في إدانة العراق، الأمر الذي دفع بالكونجرس إلى المبادرة بفرض العقوبات الاقتصادية على بغداد لخرقه حقوق الإنسان للأكراد.
وقال التقرير: إنه بعد فحص وتدقيق الأدلة التي توفرت وجدت اللجنة أنه من المستحيل تأكيد اتهام وزارة الخارجية بشأن استخدام الغازات السامة خلال العمليات (الأنفال) بسبب عدم العثور على أية ضحية من ضحايا هذه الغازات. بالإضافة إلى ذلك فقد أجرت المنظمة الدولية للمساعدات الإنسانية فحوصات مكثفة على الأكراد الذين نزحوا إلى تركيا بعد العمليات، فلم تكتشف بينهم أي مصاب كما لم يثبت أنهم تعرضوا لمثل هذه الغازات، كذلك لم يعثر على أي مصاب أو ضحية من الأكراد داخل العراق، رغم البحث والتدقيق.
وقال التقرير الأمريكي الذي نشرته النيوزويك : لقد بني الاتهام برمته على ادعاءات الأكراد الذين نزحوا إلى تركيا والذين استجوبتهم لجنة الشئون الخارجية في الكونجرس، وهكذا فرض الكونجرس العقوبات الاقتصادية على العراق بسرعة قياسية لم تتجاوز 24 ساعة استنادا إلى تهمة افتراضية قائمة على ادعاءات لم تثبت صحتها.
لقد أكد تقرير كلية الحرب الأمريكية أن إيران هي التي بدأت بالهجوم واستولت على المدينة وقام العراقيون بهجوم مضاد باستخدام غاز الخردل غير المميت. ثم هجم الإيرانيون ثانية وفي هذه المرة استخدموا عنصرا فتاكا ألا وهو كلوريد السيانوجين أو هيدروجين السيانيد واستولوا ثانية على المدينة وأحكمت إيران قبضتها عليها لعدة أشهر.
أما ستيفن بلتير كبير المحللين السياسيين في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والمسئول فيها عن مكتب العراق أثناء الحرب العراقية الإيرانية فقد وصف في حديث صحفي للنيويورك تايمز النتائج التي توصل إليها فريق العمل لما حدث في حلبجة خلال الحرب العراقية الايرانية بالقول إن الغالبية العظمي للضحايا كما رأى المقررون والمراقبون الآخرون الذين شهدوا على الأحداث قد مثل بهم وارتكبت ضدهم فظائع وقتلوا بواسطة سلاح فتاك، ربما بواسطة غاز كلوريد السيانوجين أو هيدروجين السيانيد ولكن العراق لم يكن يستخدم تلك الأسلحة الكيماوية من قبل، بل كانت تنقصه القدرة على انتاج تلك الأسلحة الكيماوية في حين أنها كانت في حوزة الإيرانيين وهكذا يكون الإيرانيون هم قتلة الأكراد.
وقال بلتير إنني كنت في وضع يجعلني أعلم بكل صغيرة وكبيرة، لأنني كبير المحللين السياسيين في الشئون العراقية في وكالة الاستخبارات المركزية خلال الحرب الإيرانية العراقية، وكأستاذ في كلية الحرب منذ 1988- 2000، كما كنت مهتما بالاطلاع على الكثير من المعلومات المحظور نشرها والتي تسربت من واشنطن وكانت كلها معنية بحرب الخليج، بالإضافة إلى أنني كنت رئيسا لتحقيقات الجيش في عام 1991 فيما يتعلق بكيفية دخول العراق في حرب ضد أمريكا.
وقال بلتير: إن ما يقال عن أن صدام شن حرب إبادة جماعية ضد الأكراد وقتل 5000 منهم خدعة تفتقد الوقائع.
لقد أكد العديد من مراكز الأبحاث الأمريكية والدولية هذه الحقائق، إلا أن الإدارة الأمريكية صمت أذنيها عن سماع هذه الحقائق وراحت تقدم الوقائع الكاذبة والمزيفة إلى الرأي العام وتحمل العراق مسئولية هذه الأحداث.
ولم تكن واشنطن وحدها هي صانعة هذا الزيف، بل إن الجنرال الاحتياطي بالجيش الإسرائيلي (شلوموا براون) قد أفاد يوم 4 ديسمبر 2003 لمحطة إذاعة لندن الناطقة بالعربية بالقول «إن إسرائيل كانت شريكا كاملا في تزوير الحقائق عن تاريخ نظام صدام حسين».
إذن نحن أمام كذبة كبري تشبه تلك الكذبة التي جرت وقائعها بعد الغزو العراقي للكويت في عام 1990 عندما خرجت فتاة كويتية صغيرة تبكي وتتشنج أمام وسائل الإعلام الأمريكية وتدعي أن قوات الجيش العراقي التي احتلت الكويت سرقوا حضانات الأطفال من المستشفيات مما أدى لوفاة العديد من الأطفال الرضع الذين كانوا يعالجون فيها.
وما هي إلا فترة وجيزة حتى اتضح أن الفتاة التي صرحت بهذه الادعاءات في مؤتمر صحفي مشهود لم تكن إلا ابنة السفير الكويتي في واشنطن محمد أبو الحسن وهي أبدا لم تكن في الكويت في هذا الوقت، ثم اتضح بعد ذلك وفقا لما نشرته الصحافة الأمريكية أن هذه المسرحية السخيفة كانت من صناعة شركة أمريكية للدعاية والإعلان تسمى هيل ونولتن وأنها تقاضت في مقابل هذه الأكذوبة مبلغ عشرة ملايين دولار.
إذن هكذا تصنع الأكاذيب، والهدف هو تضليل الرأي العام، ترى بعد كل ذلك من يعيد لصدام حسين حقه؟
ومن يحاكم الكذابين الذين احتلوا وطنا وقتلوا ما يقارب الـ2مليون من أبناء هذا الوطن بفعل الحصار والقتل العمد من الجو والبر والبحر؟
بقي القول.. ماذا عن كذبة المقابر الجماعية التي روجوا لها في كل مكان؟.. غدا سيكشف التاريخ الحقائق التي تقول إن غالبية هؤلاء هم ضحايا العدوان الأمريكي والغربي أو بقايا متسللين دخلوا إلى البصرة وأشعلوا النار فيها وذبحوا الكثيرين من أهلها وسعوا إلى فصل الجنوب عن الوطن الأم، فكان طبيعيا أن يدافع الجيش العراقي عن جزء عزيز من كيان الوطن وان يتصدى للمتآمرين وأن يوقف تمردهم.
بعد كل ذلك من حقنا أن نسأل: من يستحق المحاكمة.. جورج بوش الأب وجورج بوش الابن وعملاؤهما، أم صدام حسن ورجاله الشرفاء؟
***

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق